Skip to content

04/04/22

مَن زرع وسقى وحصد بمنطقتنا في زمن كوفيد ومَن لا

3
حقوق الصورة:Salah Elsadi/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • معظم بلدان الإقليم تعاني شح مياه لأسباب مختلفة
  • الأكثرية عانت مشكلات تتعلق بالأمن الغذائي بدرجات متفاوتة
  • الحرب والصراع والمناخ وكوفيد أثرت في الأمن الغذائي لدول المنطقة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

تمكنت دول بالمنطقة من تخفيف الآثار المباشرة المحتملة لوباء كوفيد-19 على إنتاج الغذاء، في حين لم تفلح بعض حكومات الإقليم في سد حاجة السكان؛ بسبب الصراعات والحروب التي صعَّبت إدارة الاستجابة للجائحة.

بعيدًا عن الغذاء المستورد من الخارج استطلعت شبكة SciDev.Net الوضع في ثلاث دول على اختلاف استقرارها السياسي والاقتصادي، للوقوف على قدراتها في توفير الغذاء للسكان إبَّان تفشِّي كوفيد-19 في عامي 2020-2021.

في الأردن أحد أفقر دول العالم مائيًّا، والذي يحتضن ثاني أكبر نسبة في العالم من اللاجئين مقارنةً بعدد المواطنين بعد لبنان، أمكنت إدارة الاستجابة للجائحة.

وعلى نحوٍ استباقي، أبقت الحكومة الأمن الغذائي بين الأسر الأردنية الضعيفة مستقرًّا إلى حدٍّ كبير، وفق تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو).

يتسق ما أعلنته المنظمة مع الأرقام الشهرية لصادرات الخضار والفاكهة التي ينشرها موقع سوق الجملة المركزي للخضار والفواكه بالعاصمة عمان، ملتقى الأردنيين، مزارعين منتجين ومواطنين مستهلكين.

يوضح ليث الواكد -المدير الفني لمشروع مبادرة الزراعة المائية في الأردن، الممول من قِبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية- أن المملكة عانت خلال الأشهر الأولى من الجائحة، وكان شغلها الشاغل السيطرة على الوباء ومحاولة وقف انتشاره، وبالتوازي مع ذلك كان التفكير بالدرجة ذاتها في استمرار تأمين السلاسل الغذائية وديمومة سير العمل، خاصةً في القطاع الزراعي.

يستشهد الواكد على استقرار ما يرد من المحاصيل الزراعية إلى السوق المركزية، وكفاية المنتجات الموردة، بأن يومًا واحدًا في شهر أبريل من عام 2020 (الأشهر الأولى للجائحة)، استقبل السوق 2637 طنًّا، وفي اليوم ذاته من الشهر الذي يليه، ارتفعت الكميات إلى 5000 طن، وحافظت الواردات إلى السوق على المستوى ذاته تقريبًا.

ويضيف الواكد لشبكة SciDev.Net: ”وصول هذه المنتجات الزراعية إلى السوق المركزية في بداية الإجراءات الحكومية الصعبة لمنع انتشار الجائحة مؤشر على استمرار العمل داخل المزارع دون أي مشكلات“.

كذلك يلفت الواكد إلى أن ”الجائحة فتحت آفاقًا كبيرة في تحول الزراعة إلى الرقمية“، مشيرًا الى أن بعض المزارعين بدأوا يفكرون جديًّا في تحويل مزارعهم إلى مزارع ذكية، بالتركيز على كفاءة شبكات الري وتشغيلها عن بُعد؛ تحسبًا لأي طارئ قد يحدث مستقبلًا.

وعلى الرغم من أن جائحة كورونا زادت الطلب على المياه بنسبة 10% في المملكة، إلا أن ذلك لم يؤثر على حصص مياه الري التي يتم تزويد المزارعين بها.

وفي مصر، ورغم اندلاع الجائحة مواكبًا للمرحلة الأولى من ملء سد النهضة مطلع عام 2020، إلا أن ذلك لم يؤثر على حصص مياه الري.

يوضح محمد الحجري -رئيس وحدة الري والصرف بمركز بحوث الصحراء في مصر- أنه لم تطرأ أي تغيُّرات تُذكر على أنماط استخدام المياه في الزراعة.

ويضيف الحجري لشبكة SciDev.Net: ”في أكثر مدد تفشِّي كوفيد-19 لم تتأثر مساحة الأراضي الزراعية في مصر، ولم يحدث أي نقص في إنتاجية المحاصيل، بل على العكس استطاعت الدولة في أوج تفشي الوباء تأمين احتياجات عدد كبير من البلدان العربية من بعض المحاصيل كالخضر والفاكهة، ومن هذه البلدان العراق والأردن والسعودية، فضلًا عن بعض بلدان أوروبا“.

يقول خالد غانم -أستاذ الزراعة العضوية، ورئيس قسم البيئة والزراعة الحيوية بكلية الزراعة بجامعة الأزهر في مصر- لشبكة SciDev.Net: ”العمالة الزراعية وأصحاب المزارع هم الذين تأثروا نتيجة الجائحة، خاصةً في الأوقات التي شهدت إجراءات حظر، بسبب صعوبة الوصول إلى مواقع العمل أو حين العودة، وللتغلُّب على هذا تم اختزال مدد العمل اليومي، ما أدى إلى زيادة العبء المادي على أصحاب المزارع“.

ويشير غانم إلى أنه وفقًا للتقرير الصادر عن المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، ارتفع إجمالي الكميات المُصدرة من القطاع الزراعي المصري خلال الفترة من سبتمبر 2020 إلى يونيو 2021 لتسجل نحو 3.971 ملايين طن في مقابل 3.755 ملايين طن خلال الفترة نفسها من 2020/2019 بنمو 5.7%.

ولفت غانم إلى أنه منذ أبريل 2020 قامت مصر بعدد من الإجراءات المهمة، مثل حصاد 9 ملايين طن قمح، كما زادت السعة التخزينية لصوامع القمح إلى الضِّعف، وهو مخطط تعمل عليه مصر منذ عام 2014.

نموذج الحرب أو الاحتراب يتمثل في سوريا، التي انتقلت بسبب الصراعات من الاكتفاء بالقمح الذي تزرعه على أراضيها وتصدير الفائض، إلى الاستيراد، فإن الوضع ازداد سوءًا مع الجائحة.

يوضح نزيه قداح -معاون وزير الإدارة المحلية والخدمات لشؤون الزراعة بالحكومة السورية المؤقتة- أن معاناة البلدان التي تواجه أزمات إنسانية زادت من جرَّاء هذه الجائحة التي أثرت بالفعل تأثيرًا مباشرًا على الأنظمة الغذائية.

 أثرت الجائحة على الإمدادات الغذائية والطلب عليها، بالإضافة إلى أثرها غير المباشر على انخفاض القوة الشرائية وضعف القدرة على إنتاج الأغذية وتوزيعها، ولكلٍّ من هذه العناصر آثارٌ متفاوتة، وبصفة خاصة على الفئات السكانية الأكثر تعرضًا للخطر.

ويضيف قداح للشبكة: ”أدت الإجراءات المتبعة حول العالم لاحتواء الجائحة إلى انخفاض حاد، لا في نقل البضائع والخدمات التي تعتمد على وسائل النقل فحسب، بل أدت كذلك إلى انخفاض حاد في معدلات الهجرة الداخلية والخارجية للأيدي العاملة، فلم تعد العمالة متوافرة“.

صُنفت سوريا عالميًّا في قائمة الدول العشر الأكثر تضررًا من الجائحة خلال عام 2020، إذ أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في نوفمبر من العام نفسه أن 12.4 مليون شخص في سوريا يعانون انعدام الأمن الغذائي، في زيادة كبيرة وصفها التقرير بأنها ”مقلقة“.

تأثر إنتاج القمح سلبًا بالحرب السورية، وتم تسجيل انهيار هائل في إنتاج القمح بسبب تسارُع الصراع بعد عام 2011.

في المقابل، في عام 2020 بلغ إنتاج القمح 2.8 مليون طن، ولا يزال أقل بكثير من مستوى ما قبل الأزمة (4.1 ملايين طن في الفترة 2002-2011)، وفق قداح.

لقد ​أثر الصراع السوري على المساحات المزروعة وإنتاج محاصيل أخرى غير القمح، كالقطن والزيتون.

يقول قداح: ”انخفضت المساحة المزروعة بالقمح والشعير في عام 2021 مقارنةً بعام 2020 إلى النصف تقريبًا“، مشيرًا إلى الاتجاه نحو زراعة المحاصيل البديلة كالطبية والعطرية التي تعود بالربح.

ورغم التوقعات بتراجُع أزمة الغذاء مع تراجُع الإصابات بكوفيد-19 وجهود الاحتواء العالمية، إلا أن حرب الروس والأوكران جاءت لتُفاقم الأزمة وتغلق ’دائرة النار‘ حول المنطقة.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا