Skip to content

19/11/23

’إيران تعد نقطة ساخنة لاستنزاف المياه الجوفية‘

4122773767_0e4f7c9ed3_c
تغذية الخزان الجوفي الإيراني تتراجع وتهدد الأمن المائي والبيئة والرفاه في البلاد حقوق الصورة:Debra Solomon. CC license: (CC BY-NC-ND 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • الإدارة غير المستدامة للموارد، والتغيرات المناخية يخفضان تغذية خزان المياه الجوفي الإيراني
  • تأثيرات سلبية تهدد الأمن المائي والبيئة والرفاه في إيران، يُتوقع أن تمتد آثارها إقليميًّا
  • تدارُك الوضع يتطلب إدارة مختلفة، في إطار حوكمة قوي واضح السياسات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] أظهرت دراسة حديثة انخفاضًا معتبرًا في تغذية الخزان الجوفي الإيراني، عزته إلى إدارة غير مستدامة للمياه والموارد البيئية، وتفاقم بفعل التغيرات المناخية.

واحتسب الانخفاض من عام 2002 إلى عام 2017 باستخدام قاعدة بيانات موسعة تشمل خلاصات من أكثر من مليون بئر للمياه الجوفية وينابيع وقنوات، بالبلد الذي يتجاوز عدد سكانه 80 مليون نسمة.

وفقًا لنتائج الدراسة التي نُشرت في دورية ’نيتشر كوميونيكيشنز‘ يوم 21 أكتوبر الماضي، يبلغ متوسط الانخفاض في تغذية المياه الجوفية العذبة على مستوى البلاد حوالي 3.8 ملم/عام.

”قد يبدو الرقم صغيرًا“ كما يعلق أمير أغاكوشاك، الباحث المشارك في الدراسة والأستاذ في قسم الهندسة المدنية والبيئية بجامعة كاليفورنيا، إرفين، بالولايات المتحدة.

لكن هذا الرقم ”يُترجم إلى أكثر من 62 كيلومترًا مكعبًا من المياه خلال عقد من الزمان، أي 12 ضعف حجم مياه بحيرة أرومية الإيرانية“، التي كانت كبرى البحيرات المالحة في إقليم الشرق الأوسط قبل انحسار مياهها في نهاية التسعينيات.

”توفر الطبقات الجوفية نحو 60% من الطلب على المياه في إيران، بل يصل دورها إلى توفير حوالي 90% من المياه للمناطق شبه القاحلة في البلاد“، وفق روح الله نوري، المؤلف الرئيس للدراسة والأستاذ المساعد في الهيدرولوجيا وجودة المياه بكلية البيئة في جامعة طهران.

يقول نوري لشبكة SciDev.Net: ”إيران تُعد نقطة ساخنة عالمية لاستنزاف المياه الجوفية“.

”تُظهر دراستنا كيف أن مستويات المياه لم تنخفض في الطبقات الجوفية في إيران فحسب، بل أن تغذية المياه الجوفية قد تضاءلت أيضًا، وهذه حقيقة من شأنها أن تمثل خطرًا مزدوجًا على موارد المياه في إيران وعلى الاقتصاد والرفاهية التي تعتمد عليها“.

هذا الانخفاض من شأنه أن يزيد أسعار المواد الغذائية ويَحُد من صادرات المنتجات الزراعية إلى الدول المجاورة [بلدان الخليج العربية]، وفق نوري.

يوافقه الرأي عصام حجي -المؤلف المشارك في الدراسة من جامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة– ويرى أن مخاطر نقص المياه الجوفية في إيران ستؤثر على إنتاجيتها الزراعية، بوصفها أكبر منتج في منطقة الخليج العربي، وهو ما قد يتبعه زيادة في أسعار المنتجات الزراعية.

مشكلة بيئية أخرى يتوقع حجي أن تنتج عن نقص المياه الجوفية، وتمتد تأثيراتها إلى المنطقة العربية أيضًا، ”تتمثل في تغير رطوبة التربة، واستمرار فترات الجفاف التي تزيد كميات الأتربة والعواصف الرملية التي تهب من إيران على منطقة الخليج العربي“.

ويستطرد حجي: ”ستمثل هذه المشكلة مخاطر صحية، فضلًا عن التأثيرات السلبية على قدرة الألواح الشمسية في المنطقة والتقليل من عمرها الافتراضي، في وقت تتوسع فيه بلدان الخليج العربي وشمال أفريقيا في مشروعات الطاقة الشمسية“، مؤكدًا ضرورة الحد من هذا الانخفاض والتعامل مع أسبابه على نحوٍ جاد.

تُظهر الدراسة أن الأنشطة والتدخلات البشرية كانت القوة الدافعة الرئيسة وراء الانخفاض الكبير في تغذية المياه الجوفية في إيران.

وتؤكد النتائج أن ممارسات من قبيل الإفراط في استخراج المياه من أجل الزراعة والاستخدامات الأخرى، وعدم كفاءة إدارة الموارد البيئية مثل إزالة الغابات، كان لها دور في هذا الانخفاض.

يعلق نوري بأن موارد المياه السطحية في إيران -باعتبارها المسهم الرئيس في تغذية المياه الجوفية- انخفضت إلى حدٍّ كبير خلال العقود الماضية.

يقول نوري: ”الانخفاض في تدفقات عائد الري -الذي يُعزى إلى التقدم التكنولوجي في الممارسات الزراعية والتحسينات في كفاءة استخدام مياه الري خلال العقدين الماضيين- يمكن أن يسهم أيضًا في انخفاض تغذية المياه الجوفية في البلاد“.

وتدفقات عائد الري هي المياه التي تتسرب إلى طبقات المياه الجوفية من حقول الري، هذه المياه مصدر مهم لتغذية المياه الجوفية.

مشكلة أخرى يتسبب فيها استنزاف المياه الجوفية يشير إليها عبد الحميد أحمد -أستاذ الجغرافيا الطبيعية المساعد بجامعة المنصورة في مصر- وهي الهبوط الأرضي، الذي يكون في صورة انخفاض تدريجي أو سقوط مفاجئ لسطح الأرض.

يوضح أحمد أن الهبوط الأرضي هو بالأساس نتاج التدخلات البشرية من سحب جائر للمياه الجوفية، وتجريف التربة، وإزالة الجسور، وإنشاء السدود.

يعلق نوري بأن الهبوط الأرضي المكثف والتدريجي في جميع أنحاء إيران خلال العقدين الماضيين أسهم في تقليل نفاذية التربة بسبب الضغط، مما أثر على قدرات طبقات المياه الجوفية على استقبال الماء؛ لإعادة تغذية المياه الجوفية.

”وتم تصنيف إيران ضمن الدول التي لديها أعلى معدل لهبوط الأرض على مستوى العالم“.

من جانبه، فإن أسامة سلام، خبير الموارد المائية في هيئة البيئة- أبو ظبي، يشير إلى أنه بالإمكان أن تتخذ إيران عددًا من الإجراءات التي يمكن من خلالها التعامل مع ضعف الشحن الجوفي.

وساق سلام أمثلةً منها كفاءة استخدام المياه في جميع القطاعات المستهلكة لها، بما في ذلك الزراعة والصناعة والاستخدامات المنزلية، بالإضافة إلى إعادة استخدام المياه المعالجة، وزراعة الأشجار والنباتات التي تساعد على الاحتفاظ بالمياه، وتحسين إدارة الأراضي.

سلام -وهو هيدرولوجي متخصص في المياه الجوفية ونمذجتها- يقول: ”يمكن أيضًا فرض رسوم ووضع قيود على استخدام المياه الجوفية، وتطوير مصادر مياه بديلة لتقليل الاعتماد على الخزان الجوفي“.

أما توصية نوري الأساسية لتجديد طبقات المياه الجوفية المستنزفة فهي ”إعطاء الأولوية لخفض الطلب الكبير على المياه، بدلًا من الاعتماد على الاستخدام غير المستدام للمياه الجوفية غير المتجددة“.

ولا يتطلب تحقيق هذا الهدف التقدم التكنولوجي فحسب، بل لا بد من ”إنشاء إطار حوكمة قوي مدعوم بسياسات واضحة المعالم، وهو العنصر الذي تفتقر إليه حاليًّا إستراتيجية إدارة المياه في إيران“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا