Skip to content

25/12/23

اعتداءات الاحتلال قضت على الأرض الزراعية في غزة

3201344946_5a4da2656e_c
قوات الاحتلال دمرت أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في شمال غزة حقوق الصورة:Rafahkid kid. CC license: (CC BY-NC-ND 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • تربة الأراضي الزراعية تضررت فيزيائيًّا وكيميائيًّا وحيويًّا
  • قطاع الزراعة كان يوفر قريبًا من نصف الاحتياجات الغذائية لأهل غزة
  • لا بد من تمويل واستثمارات لإعادة تأهيل التربة، وقد يستغرق الأمر نحو سبع سنوات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] أظهرت صورٌ للأقمار الاصطناعية نشرتها منظمة ’هيومان رايتس ووتش‘ دمارًا شاسعًا للقطاع الزراعي في شمال غزة، من جرَّاء الغزو البري والقصف من جانب الاحتلال الإسرائيلي.

فارق كبير، أظهرته الصور التي نشرتها المنظمة عبر حسابها بمنصة إكس، يوم 4 ديسمبر الجاري، وشتان ما بين حالتيها، فيما بين الخامس عشر من أكتوبر، والرابع والعشرين من نوفمبر الماضي.

ظهرت الأرض الزراعية وقد تحول لونها من الأخضر إلى الرمادي أو الأصفر، مع وجود علامات واضحة على استخدام الجرافات من قِبَل قوات الاحتلال.

وذكرت المنظمة في تقرير لها أن الأعمال القتالية دمرت أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في شمال غزة، وأصبحت الزراعة شبه مستحيلة، والمزارعون يهجرون أراضيهم على نحوٍ متزايد، وبات التلف يصيب المحاصيل بسبب شح الوقود اللازم لضخ مياه الري.

كما ذكر تقرير صادر عن ’الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني‘ أن الخسائر اليومية المباشرة في الإنتاج الزراعي تقدر في غزة بنحو 1.6 مليون دولار أمريكي.

الصور ”تعبر عما يحدث على أرض الواقع من تضرر كبير للأرض الزراعية بسبب سقوط مخلفات الحرب فيها، إلى جانب مرور المعدات العسكرية فوقها، الأمر الذي يؤثر في جودة التربة وإنتاجيتها“، وفق إسلام أبو المجد، رئيس الهيئة القومية للاستشعار من البُعد وعلوم الفضاء بمصر.

ومن قسم التربة بالهيئة أيضًا، الأستاذ المساعد أحمد صالح، يوضح أن أنشطة الكيان المحتل تسببت في إزالة الطبقة السطحية للتربة، ما يعني فقدان مغذياتها الأساسية.

ويستطرد: ”وفي حالة حدوث تجريف عميق، وهو ما لا يمكن أن توضحه الصور، فستنخفض القدرة على الاستزراع“.

ويتوقع أحمد أن تتدهور التربة كيميائيًّا بسبب نقص المغذيات وزيادة الملوحة، وفيزيائيًّا بسبب أوزان الآلات الحربية الثقيلة المؤدية إلى انضغاط طبقات التربة، وبيولوجيًّا نتيجة فقدان الكائنات الحية المفيدة.

يقول أبو المجد لشبكة SciDev.Net: إن الأرض ستحتاج إلى وقت طويل كي تستعيد قدرتها على الإنتاج الزراعي مرةً أخرى، ”إلا أن تحديد الوقت المطلوب لعلاج التربة يتطلب فحص الأرض لتحديد ما إذا كان الضرر سطحيًّا أو عميقًا“.

من جانبه يوضح محمود فطافطة -مدير عام العلاقات الدولية والعامة والإعلام بوزارة الزراعة الفلسطينية- أن تهديد الكيان المحتل المستمر لكل شخص وشيء يحول دون الوصول إلى الأراضي المتضررة من أجل فحصها، ذلك إلى جانب عدم توافُر الكوادر المؤهلة لأداء هذه المهمة.

أضف إلى هذا قصف قوات الاحتلال للبنى التحتية التي تتضمن مختبرات وزارة الزراعة والجامعات الفلسطينية العامة والخاصة.

يقول فطافطة لشبكة SciDev.Net: ”تتطلب هذه التحليلات إجراء مسح شامل للتربة عبر الاستعانة بطواقم مدربة وأدوات ذات تكلفة مرتفعة لتحديد نوع التلوث“.

”هذا يستدعي إسهام برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى جانب إعادة تأهيل المختبرات، والاستعانة بالخبرات الدولية للتعامل مع التلوث الناجم عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا“.

ويقدر فطافطة أن تضرُّر التربة كبير، سواء في سطحها أو أعماقها، أما حجم الضرر النهائي فلا يُمكن تحديده إلا بعد انتهاء الاعتداءات.

ويضيف فطافطة: ”أثرت الاعتداءات في قطاع كان يوفر نحو 45% من احتياجات السكان الغذائية؛ نظرًا لوجود أغلب الأنشطة الزراعية في المناطق الحدودية، ما حرم نحو 25 ألف مزارع و5000 صياد من أعمالهم، إلى جانب فقدان خمسين ألف عامل وظائفهم“.

يشير أحمد إلى ضرورة تدخل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، ومنظمات دولية وأممية أخرى، من أجل دعم استثمار وتمويل هذه الإصلاحات وتأهيل التربة التي يتوقع أن ”تستلزم ما بين 5 إلى 7 سنوات من أجل الوصول إلى إنتاج اقتصادي آمن“.

والاعتداءات المستمرة من قِبل الكيان المحتل أثرت سلبًا في جميع أبعاد الأمن الغذائي، ورفعت أسعار السلع الأساسية، وأضرت بقطاع المياه وأنظمة الري، وفق كبير المستشارين الفنيين لدى مكتب ’فاو‘ باليمن، وليد صالح.

يقول وليد لشبكة SciDev.Net: ”قبل الاعتداءات الأخيرة عانى نحو 60% من الأسر في قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي أو كانوا عرضةً له، وبعد تصعيدها انقطعت إمدادات المياه والغذاء وتوقف عمل مصائد الأسماك والأنشطة الزراعية والحيوانية تمامًا“.

ويؤكد وليد أن أولى خطوات المساعدة تكمن في وقف إطلاق النار والضغط على الكيان المحتل لإنهاء حصاره العسكري واحتلاله للقطاع، ومن ثَم تقديم المساعدات الطارئة من غذاء وماء، ودعم إعادة إعمار قطاعات الزراعة والمياه والصحة، والاستثمار في حلول مستدامة.

ويتخوف وليد من مخاطر القنابل والصواريخ غير المنفجرة التي تلوث الأرض، وتمنع المزارعين من الوصول إلى حقولهم، كما تلوث المياه الجوفية بما يحد من كمية المياه الصالحة للزراعة والاستهلاك البشري.

من جانبه فإن زغلول سمحان -مدير عام الإدارة العامة للسياسات والتخطيط في سلطة جودة البيئة بفلسطين- يرى أن الحديث عن تضرُّر الأرض الزراعية تكهنات لن تتأكد إلا بإجراء فحوصات ميدانية.

وهو ”أمرٌ مستحيل؛ نظرًا لعدم وجود مكان آمن في غزة الآن“، بينما يتطلب الحصول على العينات اتباع بروتوكولات وفحوصات معينة للتربة والنبات ومصادر المياه.

ويؤكد سمحان: ”لا يمكن تحليل الوضع بدقة إلا بعد انتهاء الحرب، وهو أمرٌ يستدعي إجراء فحوصات ودراسات معمقة ممولة دوليًّا، وتعتمد على جهود المنظمات الدولية والأممية المعنية“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا