Skip to content

28/02/24

حال الحول على الزلزال وأحوال شمال سوريا أسوأ

IMG-20240224-WA0009
العائلات السورية تسكن تحت أنقاض البيوت التي دمرها الزلزال منذ عام حقوق الصورة:Sonya Alali/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • لا يزال ما خلَّفه الزلزال من آثار يؤثر سلبًا على كافة المناحي الإنسانية والاقتصادية
  • ولا يؤوي النازحين أو المشردين سوى الأطلال والمخيمات، يكابدون فيها الفقر والجوع والمرض
  • لم تلبِّ الاستجابة الإنسانية سوى نصف احتياجات المتضررين، ولا تتناسب مع الازدياد المطَّرد فيها

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[إدلب] ”كان يومًا مأسويًّا ومرعبًا، فلا تزال اللحظات الأولى لوقوع الزلزال تعصف في ذهني، حين كنا نائمين وبدأ البناء يميد بنا، حاولنا الهرب مع أطفالنا، لكن سقط البناء قبل أن نصل إلى الباب الرئيس“.

بكلمات ترتعش، تحكي عبير عوض (36 عامًا) ذكرى اللحظات الأولى من فاجعة الزلزال كهرمان-مرعش، الذي ضرب المنطقة الحدودية سوريا تركيا، منذ أكثر من عام.

فقدت عبير زوجها واثنين من أولادها، فجر السادس من فبراير عام 2023، حين زلزل شمال سوريا بقوة 7.8 درجات، فخلَّف ضحايا ومآسيَ، وتسبب في تشريد مئات الآلاف، كانوا –وما زالوا- يكابدون بالفعل ويلات عدوان السلطة، وحربها على الشعب، وبدأت الحياة تنحدر بهم من درك سحيق إلى هوة أكثر سحقًا.

عبير مع طفليها الناجيين، نزحوا من ريف حماة إلى أطراف مدينة حارم بمحافظة إدلب، وتعيش في مخيم يفتقر إلى كافة مقومات الحياة الكريمة، حيث المياه القليلة والخيام المهترئة والمدارس البعيدة.

تقول عبير لشبكة SciDev.Net: ”أوضاعنا المعيشية تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وخاصةً أننا فقدنا السند والعائل، وأصبحنا نعتمد في معيشتنا على المساعدات الإنسانية الشحيحة التي لا تغني من جوع“.

الزلزال كان بدايةً لتحديات جديدة، زادت أحوال الناجين بؤسًا، أبرزها الشأن الصحي بالمنطقة، إذ يقفز للواجهة حيث لا يجد الجريح ولا المريض حاجته، في أرض هي أصلًا مأزومة، وشبه محروقة.

تفاقمت الأزمة الصحية في مناطق شمال غربي سوريا، التي تفتقر في الأساس إلى بيئة صحية مناسبة وتنتشر فيها الأمراض، من جرَّاء الكثافة السكانية والبنية التحتية الهشة والظروف المعيشية الصعبة، وخلقت مخيمات عشوائية جديدة، وزاد حجم الاحتياجات فيها.

يوضح مدير صحة إدلب زهير القراط، أن القطاع الصحي يواجه الكثير من الصعوبات والتحديات، إذ أدى الزلزال إلى فقد عدد من الكوادر الطبية والإدارية، واستهلك المخزون الإستراتيجي، كما أدى إلى تضرُّر المنشآت الطبية وزعزعتها وإضعاف البنى التحتية للقطاع.

يقول القراط لشبكة SciDev.Net: ”هناك معاناة مرضى السرطان وحاجتهم إلى العلاج والأدوية غالية الثمن، ومرضى جراحات القلب، إذ لا يتوافر سوى مركز وحيد لعلاجهم لا يغطي أكثر من 15% من الاحتياجات“.

”فضلًا عن وجود عجز في الأدوية النوعية والمستهلكات، ولا تغطي الأدوية المجانية الموزعة في المستشفيات والمراكز الطبية إلا 20% من احتياجات المرضى أو أقل“.

وما زاد الوضع سوءًا، ”تخفيض الدعم المقدم من قِبل المانحين الدوليين في الفترة الأخيرة“، وفق القراط.

كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت في تقرير لها بتاريخ 5 فبراير الجاري من أن نقص تمويل أعمال المنظمة المنقذة للحياة في شمال غرب سوريا أمرٌ مقلقٌ للغاية، ويمكن أن يكون له تأثيرٌ عميقٌ على توفير الخدمات الصحية الأساسية، مما قد يعرض صحة مليوني شخص للخطر، وأشارت إلى أن الزلزال كان من أكبر الكوارث التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة.

في الأسابيع التي أعقبت الكارثة مباشرة، جمعت وكالات الأمم المتحدة حوالي 387 مليون دولار من التعهدات لتوفير الإمدادات الإنسانية والصحية الأساسية، بالإضافة إلى إعادة بناء حوالي 48 منشأة رعاية صحية متضررة في شمال غرب سوريا.

لكن في الأشهر التالية، تحول الاهتمام والتمويل العالمي إلى مناطق صراع أخرى، مثل الحرب الأهلية المستعرة في السودان، ثم الحرب التي تشنها إسرائيل على أهل غزة.

وهذا التحول من قِبل المنظمات والهيئات الإنسانية زاد من نسبة الفقر، كما يقرر عبد الحكيم المصري، وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة.

يقول المصري لشبكة SciDev.Net: ”نقص التمويل تسبب في انخفاض مستوى الدخل لدى العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون أساسًا على المساعدات الإغاثية، ويواجهون أصلًا صعوباتٍ شديدةً في أحوالهم المعيشية“.

أحوال الناجين سيئة، وفق علي السبع، مدير مخيم عشوائي في مدينة عفرين بمحافظة حلب، فالكثير من العائلات وجدت أنفسها بلا مأوى سوى المخيمات بعد فقدان منازلها.

وبات كثيرون عاجزين عن بدء حياة جديدة في مساكن مناسبة، بسبب الأبنية المتصدعة بشدة والآيلة للسقوط، التي تمثل كارثة جديدة، لا سيما أن التكاليف المادية لإعادة البناء وترحيل الأنقاض وهدم المنازل المتصدعة، كبيرة وفوق قدرة الأغلبية.

يقول السبع لشبكة SciDev.Net: ”إن كثيرًا من العائلات عادوا للسكن في الأطلال نتيجة العجز عن تأمين مسكن بديل، بينما لجأ آخرون إلى بناء خيمة فوق أنقاض بيوتهم“.

ويؤكد السبع أن أهالي ناحية جنديرس من ريف حلب إحدى أكثر المناطق تضررًا من الزلزال، بدأوا بالعودة إلى أبنيتهم غير الآمنة، بسبب فقدانهم أي أمل لإعادة الترميم أو الحصول على تعويض، وبسبب الأوضاع في المخيمات.

ولا تزال ضربة الزلزال تؤثر على كافة المناحي الإنسانية والاقتصادية في سوريا، فثم قرابة 52 ألف مدني خارج منازلهم ضمن المخيمات ومراكز الإيواء، كما ارتفع عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا ليصل إلى 4.6 ملايين.

وفقدت أكثر من 21 ألف عائلة مصادر دخلها، ما زاد عدد العائلات التي تعتمد على المساعدات الإنسانية في المنطقة، وفق تقرير لـ’منسقو استجابة سوريا‘.

وأكد التقرير أن الزلزال أدى إلى حدوث تغييرات اقتصادية كبيرة، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع المختلفة بنسب تتراوح بين 75 و120%، أما على الصعيد الإنساني فلم تصل نسبة الاستجابة الإنسانية المخصصة لمتضرري الزلزال إلى الحد الذي يتناسب مع الاحتياجات الهائلة التي خلَّفها الزلزال، فلم تتجاوز عتبة 53.73%.

يؤكد المصري أن جهود الاستجابة يجب أن تعطي الأولوية للاحتياجات الأكثر إلحاحًا للمجتمعات المتضررة، لا سيما الأمن الغذائي، وخدمات الرعاية الصحية.

ويؤكد القراط حاجة قطاع الصحة إلى بناء مشافي مركزية تخصصية، إلى جانب الحاجة إلى عدد كبير من الكوادر المتخصصة بالجراحات، إضافةً إلى ضرورة بناء قدرات الكوادر الصحية باستمرار لتتلاءم مع ظروف المنطقة.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا