كتب: معتصم البارودي
أرسل إلى صديق
المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.
[القاهرة] يقف السودان على أعتاب فاجعة إنسانية كبرى، بعد مرور قرابة عام على بدء الاحتراب الأهلي بين الجيش السوداني وميليشيات ’قوات الدعم السريع‘.
حاليًّا، يواجه السودان أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ تقدر منظمة الهجرة الدولية أعداد النازحين داخل البلاد وخارجه بقرابة 10.7 ملايين فرد، أغلبهم نزحوا داخليًّا.
هذا النزوح الجماعي خلق أكبر أزمة جوع في العالم، مهددًا أكثر من 25 مليون شخص في السودان وجنوب السودان وتشاد، وفق برنامج الأغذية العالمي.
وتضغط الأزمتان على النظام الصحي المتهالك، كما ذكرت منظمة الصحة العالمية في بيان لها أن قرابة 80% من المرافق الصحية خرجت عن الخدمة في مناطق الصراع.
وتزايدت حدة الأزمة الإنسانية تدريجيًّا مع تعليق العديد من مؤسسات الإغاثة الدولية لبعض أنشطتها أو كلها في السودان، بعد نشوب الحرب منتصف أبريل الماضي.
وتشكو منظمات دولية عدة إلى الشبكة كثرة التحديات المعوقة لإيصال المساعدات، ومنهم متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي، طلب عدم كشف اسمه.
”مساحة العمل الإغاثي في السودان آخذة في التقلص، إذ أصبح عبور القوافل الإنسانية بين مناطق سيطرة الأطراف المتصارعة أمرًا شبه مستحيل، فالموافقات تأتي متأخرة، هذا إن حصلنا عليها في الأساس، ولا يزال استهداف العاملين بالإغاثة مستمرًّا“.
”يمكن الوصول إلى واحد فقط من كل 10 يواجهون مستويات طارئة من الجوع، يقطن أغلبهم في مناطق احتدام الصراع“.
وبالنسبة لدارفور يشير المتحدث إلى تعطُّل عمليات إيصال المساعدات بعد إلغاء السلطات التابعة للجيش السوداني تصاريح عبور قوافل الإغاثة عبر تشاد، وحظرت عبور المساعدات خلال شهر فبراير الماضي تخوفًا من تهريب الأسلحة إلى قوات الدعم السريع التي تسيطر على معظم ولايات الإقليم.
وأعلنت السلطات السودانية في وقت لاحق فتح معابر من تشاد والدول المجاورة لعبور المساعدات إلى السودان، إلا أن المنظمات الدولية والمحلية التي تحدثت إلى الشبكة أشارت إلى أن القرار لم يدخل حيز التنفيذ بعد.
والمساعدات التي تصل محدودة جدًّا مقارنة بالحاجة المتزايدة للسكان، كما يوضح آدم رجال، الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور.
يقول آدم لشبكة SciDev.Net: ”الوضع في عموم دارفور كارثي، إن لم تصل المساعدات في أقرب وقت، فالموت أقرب للملايين في دارفور“.
ويوضح آدم أن أغلب المخيمات في دارفور كانت معتمدةً على المساعدات الإغاثية قبل بدء الحرب، ومنذ بدء الحرب وانسحاب منظمات الإغاثة الدولية، فإن أغلبها لم تصله أي مساعدات منذ أبريل الماضي.
”لقد أهملَنا المجتمع الدولي وغابت أزمة السودان في طي النسيان“.
وفق تقييم للوضع الإنساني أجرته منظمة أطباء بلا حدود في مخيم زمزم شمالي دارفور، وهي إحدى المنظمات القليلة التي لا تزال نشطةً هناك، فإن ما يقرب من ربع الأطفال الذين تم فحصهم يعانون سوء تغذية حادًّا.
”ويتوفى طفل كل ساعتين تقريبًا بالمخيم، في الأغلب نتيجة عدوى يمكن علاجها إذا توافرت الأدوية، منها الملاريا وحمى الضنك“.
تقول كلير نيكوليه، مديرة الاستجابة الطارئة بمنظمة أطباء بلا حدود في السودان: ”يعاني سكان شمالي دارفور -البالغ عددهم 2.8 مليون إنسان- نقصًا في كل الاحتياجات الضرورية، وعدد مقدمي الخدمات الصحية بالولاية أبعد ما يكون عن تلبية حاجتهم“.
تقول نيكوليه لشبكة SciDev.Net: ”في مخيم زمزم، ’أطباء بلا حدود‘ هي الوحيدة التي ترعى 300 ألف نسمة، ويسافر الآخرون من مدن الولاية وقراها سيرًا على الأقدام أو على ظهور الحمير للوصول إلى العيادة، ليخيموا خارجها ليلًا؛ لأنها فرصتهم الوحيدة للحصول على علاج لأنفسهم أو لأطفالهم“.
وفي شرقي السودان على الجهة الأخرى، لا تزال بورتسودان تمثل شريانًا لاستقبال الإمدادات الإغاثية والصحية، فقد نجحت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي في إيصال أكثر من 50 طنًّا من الإمدادات الطبية عبر مطار بورتسودان، وهو المطار الوحيد النشط بالبلاد في الوقت الحالي.
إلا أن سبل إيصال المساعدات من بورتسودان إلى مناطق الصراع بالداخل السوداني مليئة بالعقبات، كما يهدد عدم الاستقرار الأخير بالبحر الأحمر شريان المساعدات عبر بورتسودان.
ففي بيان صدر أواخر شهر فبراير الماضي، أعلنت لجنة الإنقاذ الدولية -وهي منظمة غير حكومية معنية بالشأن الإنساني- تعليق عملياتها لإرسال المساعدات عبر بورتسودان، وسط تنامي المخاطر نتيجة الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر.
وعلى الأرض لا يزال استهداف عاملي الإغاثة والرعاية الصحية مستمرًّا، وسجلت منظمة الصحة العالمية 62 هجومًا على منشآت الرعاية الصحية أدت إلى مصرع 38 فردًا على الأقل منذ بدء الحرب.
واتهمت نقابة أطباء السودان- اللجنة التمهيدية خلال شهر مارس الجاري ميليشيات الدعم السريع بقتل عاملين بالرعاية الصحية واغتصابهم.
من جانبها تقول جيسيكا جينينجز، المتحدثة باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: ”يتعين على أطراف الصراع وقف الأعمال العدائية نهائيًّا، وتسهيل وصول آمن ودون عوائق للعاملين في المجال الإنساني وللإمدادات التي يحتاجها السكان“.
هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا