Skip to content

21/02/24

تغير المناخ ينذر بانتشار دودة ورق القطن على نطاق أوسع

426031441_1392124911412937_3143732004881040536_n_001
دودة ورق القطن المصرية تهدد مجموعة واسعة من المحاصيل ذات الأهمية الاقتصادية حقوق الصورة:Generated using AI technology

نقاط للقراءة السريعة

  • سيؤثر تغيُّر المناخ على فسيولوجيا الحشرات وتوزيعها وموائلها وتكيُّفها بما في ذلك الآفات الحشرية
  • دودة ورق القطن المصرية قد تستهلك يرقتها متعددة الأطوار مجموعةً واسعةً من المحاصيل ذات الأهمية الاقتصادية
  • مراقبة توزيع الآفات مهمة حيث تتكاثر الأنواع الغازية بالمناطق المعتدلة أكثر من الاستوائية مع ارتفاع درجة الحرارة العالمية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] لم تفلح شتى أنواع المكافحة في الحد من انتشار دودة ورق القطن المصرية، وإنما ترتفع الشكوى من إتلاف الزراعات وإفساد المحاصيل، في كثير من الأمصار والأصقاع التي تستوطنها.

بل تحذر الدراسات من زيادة رقعة وجودها في ظل ما يوفره لها التغير المناخي من بيئات مواتية، ما يمثل تهديدًا معتبرًا للأمن الغذائي العالمي، يضاف إلى قائمة التهديدات المتزايدة في السنوات الأخيرة.

مع مطلع العام الجاري في سوريا مثلًا، يمكن أن تسمع أسى وأسف المزارع حسين خليف في الشمال الشرقي، رغم الجهود التي بذلها لتخفيف الأضرار، بما في ذلك الحصاد المبكر واستخدام المبيدات بانتظام، إلا أن انتشار الآفة لا يزال مستمرًّا.

يقول خليف: ”الإنتاج ضعيف، وقد أثّرت الدودة على محصولنا من القطن كثيرًا، رغم استخدامنا للمبيدات“.

 ولا يقف الضرر عند القطن، كما يوهم اسم الآفة، وإنما عوائل الحشرة كثيرة جدًّا، أبرزها البرسيم المصري والحجازي والقطن والبامية والذرة والفول السوداني والفاصوليا والبطاطا والبطاطس وفول الصويا والبطيخ والخيار والفلفل والبصل واللفت والكرنب والملوخية والخروع والبنجر، والباذنجان والقرعيات واللوبيا وثمار الطماطم.

وقد تصيب الأرز أيضًا، والأوراق الغضة لبعض أشجار الفاكهة كالموالح والجوافة والتين والعنب والتفاح والخوخ والبرقوق والكمثرى والموز، قائمة طويلة تبين مدى وحجم الخطر الذي تمثله الآفة للأمن الغذائي في العالم.

من ثم تُعد دودة ورق القطن المعروفة آفةً حشريةً شديدة الانتشار، تسبب أضرارًا جسيمةً للعديد من المحاصيل الأساسية، وتستوطن حاليًّا أفريقيا وتنتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب أوروبا، ما يعني أن حوض البحر المتوسط كله تقريبًا وطن لها، ولها حضور في آسيا، لا سيما في الجنوب، وفي أستراليا، ولم يسلم منها سوى الأمريكتين.

بالبيانات.. موقف المنطقة العربية من دودة ورق القطن على خلفية التغيرات المناخية

ورغم أن وجود الآفة ليس جديدًا على المنطقة، فقد تفاقمت خطورتها خلال العقد الماضي، وفق موسى البكر، مهندس زراعي من إدلب السورية.

إذ بعد عودةٍ خاسرةٍ لزراعة القطن في ريف إدلب، يقول البكر لشبكة SciDev.Net: ”دودة ورق القطن في تزايُد، خاصةً بالمناطق الشرقية والغربية للبلاد، ولم يمكن السيطرة عليها، ما أدى إلى خسائر فادحة في محصول القطن ومحاصيل أخرى مع مطلع العام الجاري“.

ما ذكره البكر ترجمة لما ذهبت إليه دراسة حديثة نُشرت في الربع الأخير من العام الماضي، تتنبأ وتحذر من أن تؤدي التغيرات المناخية إلى انتشار أوسع لدودة ورق القطن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تتحرك الحشرة تدريجيًّا نحو دول أكثر تأثرًا في ظل توقعات بزيادة حدة التغير المناخي في المنطقة، وبقاع أخرى من العالم لم تكن موجودةً فيها من قبل، مثل الصين والمكسيك وأمريكا اللاتينية، والدراسة تتوقع انتقالها إلى أماكن لم تطرقها من قبل، مثل شمال أوروبا.

تشير الدراسة إلى وجود خطر كبير لدخول الحشرة واستقرارها في جنوب إيران وجنوب اليمن، ومخاطر متوسطة إلى منخفضة في المملكة العربية السعودية، بينما تتوقع انتشارًا عالي الخطورة في شمال ليبيا والجزائر.

في سوريا يؤكد البكر لشبكة SciDev.Net: ”تفاوتت الأضرار وفق المناطق، ولكن يتراوح معدل الإصابة بالآفة ما بين 60% إلى 70%، وتحديدًا في محصولي القطن والذرة، وفي بعض المحاصيل الأخرى بنسب أقل“.

وفي المغرب، صُنفت دودة ورق القطن آفة ”خطيرة“؛ إذ تسبب خسائر اقتصادية كبيرة لمجموعة واسعة من النباتات المضيفة، تتضمن محاصيل الزينة وفي البيوت المحمية والحقول، وفق كريم الفاخوري، أستاذ مساعد بكلية الزراعة والعلوم البيئية، في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية.

وتصعب مكافحة الدودة في مصر، بسبب تعدد عوائلها وأجيالها، ”الآفة لها أكثر من جيل في السنة وأكثر من طور في دورة حياتها، مما يجعل القضاء عليها أمرًا شديد الصعوبة“، وفق أحمد سلام، أستاذ كيمياء وسمية المبيدات ورئيس قسم وقاية النبات، بكلية الزراعة بجامعة سوهاج في مصر.
ورغم قِدم الحشرة في مصر، فإنها لا تزال تُرصد حتى اليوم، وفق التقارير الأخيرة التي تفيد بظهورها في محاصيل البنجر والقطن بمدينة الإسكندرية، في نوفمبر الماضي.

ويبدو أن أطوار الآفة الأربعة -البيض واليرقة والعذراء والحشرة الكاملة- قد استعصت على أنواع المكافحة المختلفة، زراعية كانت أم كيماوية أم حيوية أم ميكانيكية.

كان محمد فهيم -رئيس مركز معلومات تغير المناخ والطاقة المتجددة والنظم الخبيرة التابع لمركز البحوث الزراعية بمصر- قد أطلق عام 2018 تحذيرًا بشأن الزيادة السريعة في أعداد دودة ورق القطن التي تؤثر على محاصيل البرسيم والقطن والمحاصيل الحقلية مثل الذرة وفول الصويا ودوار الشمس والبامية، ومحاصيل الخضر الصيفية مثل الطماطم والخيار والبطيخ، بالإضافة إلى النباتات العطرية.

ويعتمد التصدي للآفة في مصر على المكافحة المتكاملة ضد الحشرة، باستخدام المصائد الفرمونية بالتبادل مع المبيدات الحيوية والكيميائية، للحد من انتشار الآفة نسبيًّا، ”إلا أن سيناريوهات التغيرات المناخية قد تعكر المشهد“، وفق سلام.

ويرى سلام أن ما خلصت إليه دراسة السيناريوهات المستقبلية للتغيرات المناخية وأثرها على دودة ورق القطن بمنزلة جرس إنذار للقائمين على الأمن الغذائي بالمنطقة، بل في العالم أجمع.

ومع ذلك، يعتقد الفاخوري أن نمذجة السيناريوهات المناخية المستقبلية وحدها لا تكفي لتقييم مخاطر الآفة بشكل شامل، إذ لا تتضمن تلك السيناريوهات بياناتٍ مستقبليةً عن توزيع النباتات المضيفة، كما لم تأخذ في الاعتبار فسيولوجيا الحشرة أو سلوكها مثل القدرة على الانتشار والطيران، بل تعتمد اعتمادًا أساسيًّا على المتغيرات المناخية.

ويؤكد الفاخوري أن هناك حاجة إلى إدارة مستدامة لهذه الآفة، تتضمن تدابير الأمن الحيوي، وتطبيق أنظمة الصحة النباتية الفعالة، وإستراتيجيات الاستعداد والتأهب الاستباقية.

كما يعتبر فهم كيفية استجابة الآفة وتفاعلها مع تغير درجات الحرارة أمرًا بالغ الأهمية في سياق تغير المناخ، ”إذ يمكن أن يسهم في توجيه عملية صنع القرار نحو تبنِّي إستراتيجيات إدارة مسبقة للحد من مستويات الإصابة بالآفة“.

ويضيف الفاخوري: ”سيكون الرصد المكثف والكشف المبكر أمرًا ضروريًّا للقضاء على الحشرة واحتوائها في المناطق غير الموبوءة“؛ إذ يمكن أن يكون تأثير تغير درجة الحرارة على الحشرة مباشرًا، من خلال التأثير على توزيعها وفسيولوجيتها وأداء طيرانها، أو غير مباشر، من خلال عوامل أخرى، ولا سيما النباتات المضيفة والأعداء الطبيعيين.

ويشير سلام إلى ضرورة اطِّلاع الجهات البحثية والحكومية على نتائج مثل هذه السيناريوهات لاتخاذ التدابير اللازمة، فظهور هذه الآفة في مناطق جديدة يستدعي إدارة متكاملة للمكافحة، وحماية المحاصيل من خسائر محتملة.

الفاخوري يوافقه الرأي ويقول: ”سيساعد ذلك على تعزيز قدرة الباحثين والمزارعين والمرشدين الزراعيين على إدارة هذه الآفة العابرة للحدود“، خاصةً مع وجود نطاق واسع من العوائل للحشرة.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا