Skip to content

15/11/22

غارات مناخية على العسل اليمني الناجي من الحرب

IMG-20221113-WA0015
حقوق الصورة:Adel Aldaghbashy/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • تحديات وجودية تواجه مهنة تربية النحل وإنتاج عسله في اليمن
  • الظواهر المناخية القاسية والمتطرفة تهاجم ما قاوم الأحوال التي أفرزتها الحرب الممتدة
  • مخاوف من عزوف النحالين وهجر مهنة توارثتها أجيال، وكان لها إنتاج مثَّل مصدر دخل مهمًّا ومفخرة للبلاد

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[صنعاء] أطلق عدد من النحالين والمهتمين بإنتاج العسل في اليمن تحذيرات من تحديات وجودية تواجه المهنة التليدة بالبلاد.

”يقدر الإنتاج الحالي من العسل بنحو 1600 طن سنويًّا“، وفق عبد الله ناشر، رئيس الرابطة التعاونية للنحالين اليمنيين.

يقول ناشر لشبكة SciDev.Net: ”هذا أقل بكثير من إنتاج عام 2020 الذي تجاوز 2822 طنًّا، وأقل أيضًا من إنتاج عام 2018 البالغ 2381 طنًّا وفق بيانات كتاب الإحصاء الزراعي“.

تغيُّر المناخ، لا سيما خلال العامين الماضيين، يُعد أحد أبرز العوامل التي أدت إلى تراجُع إنتاج العسل، وفق ناشر، الذي لا يُغفل أثر الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2015، والتي وضعت نحل ونحالة اليمن في خطر.

وتربية النحل من المهن المتوارثة في اليمن، إذ يشتهر بإنتاج واحد من أفضل أنواع العسل في العالم، وهو عسل السدر، المصنف ضمن المحاصيل الإستراتيجية النقدية، وهو مورد اقتصادي مهم للبلاد.

يوضح عبد الله يريم -رئيس المؤسسة اليمنية لتطوير قطاع النحل والإنتاج الزراعي- أن ما بين 100 ألف إلى 120 ألف أسرة تعمل في مجال تربية النحل بالبلاد.

ويقول يريم لشبكة SciDev.Net: ”لدينا حاليًّا قرابة مليون ومئتي ألف خلية نحل، وهذا أقل بنحو 13% من عدد الخلايا في عام 2020“.

”اضطراب درجات الحرارة والجفاف وتغيُّر مواعيد هطول الأمطار وكمياتها ومناطق هطولها، عوامل أثرت على نشاط النحل والنحالين وخلَّفت خسائر كبيرة للعاملين بالقطاع“، وفق رفيق الحكيمي، مسؤول التدريب برابطة النحالين اليمنيين.

يوضح الحكيمي: ”في الموسم الصيفي انعدمت الأمطار وتعرضت البلاد لجفاف شديد تسبَّب في هلاك الكثير من طوائف النحل وتأثر الإنتاج؛ فلم يحصل النحالون على مبتغاهم من العسل“.

ويستطرد: ”وفي نهاية الموسم الخريفي هطلت أمطار بغزارة غير مسبوقة تزامنت مع موسم الإزهار، وأثرت سلبًا؛ إذ سقطت الأزهار وامتنع النحل عن امتصاص الرحيق بسبب نسبة الرطوبة العالية“.

من جانبه يقول رئيس وحدة العسل باللجنة الزراعية والسمكية العليا بوزارة الزراعة والري، محمد عشيش: ”شهدت البلاد مناخًا متطرفًا واضطرابًا كبيرًا في الحرارة صعودًا وهبوطًا بين مناطق البلاد، ما تسبَّب في إجهاد النحل، نتيجة محاولته تعديل الحرارة والرطوبة والتهوية داخل خلاياه“.

وأضاف: ”أجهده كذلك نقص الغذاء أو بُعد مصادره بسبب ظاهرة الاحتطاب الجائر التي لحقت بالغطاء النباتي“.

يُذكر أن آلاف الأشجار تُقطع يوميًّا –خاصة السدر- لتحويلها إلى وقود، ما أخل بالبيئة كثيرًا، وحرم مئات الآلاف من طوائف النحل من مراعيها.

ويلجأ النحل عند نقص الغذاء والماء إلى التخلص من الحضنة الصغيرة برميها خارج الطوائف لتخفيف العدد، ما يؤثر سلبًا على حجم الخلايا ومدى نموها، الأمر الذي يراه الحكيمي ”كارثيًّا“.

يقول الحكيمي: ”إذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن أعداد النحل ستقل تدريجيًّا إلى الحد الذي سيكون تأثيره ملحوظًا على القطاع الزراعي بشكل عام“، مشيرًا إلى أن النحل مسؤول عن تلقيح 90% من الأشجار تقريبًا، وقلة أعداده تؤثر مباشرةً على نمو الغطاء النباتي.

التأثيرات غير المباشرة للتغيرات المناخية لا تقف عند هذا الحد، ”فالتفاوت في نسب هطول الأمطار، والتوزيع غير المتوازن للمراعي ونمو الأشجار، يدفع بالكثير من النحالين للانتقال نحو الوديان المخضرة، ما يؤدي إلى ازدحامها“.

”بعض الوديان التي تستوعب 10 آلاف خلية قد تستقبل خمسة أضعاف هذا العدد“، وفق يريم.

ما بين صنعاء وعمران وحضرموت والجوف يتنقل النحال عبد الجبار الغولي طيلة العام بصحبة مناحله؛ لينتج عسل السدر الشهير بالجودة والنقاوة والقيمة الغذائية العالية.

ويقول الغولي للشبكة: ”تراجع إنتاجي هذا الموسم لنحو 60%“.

ويشير الغولي إلى انتعاش الغطاء النباتي بسبب هطول الأمطار الغزيرة وارتواء التربة، خصوصًا في المناطق الصحراوية، حيث انعكس ذلك إيجابيًّا على إنتاج عسل المراعي، ”غير أنه بالنسبة لعسل النوع الواحد كعسل السدر، جاء تأثيره سيئًا للغاية“.

يقول الغولي: ”تعرضت المئات من طوائف النحل للجرف المباشر في الفيضانات والسيول التي ضربت محافظاتٍ عدة“، خصوصًا شبوة وأبين وحضرموت والجوف.

ولعل من أبرز ما كشفه الغولي استخدام المزارعين أنواعًا من المبيدات مهربة وخطيرة للغاية، تسببت خلال العامين الماضيين في هلاك الآلاف من طوائف النحل، خصوصًا في الحديدة وعمران والجوف.

يقول الغولي: ”نخشى أن تشهد السنوات القادمة عزوف آلاف النحالين عن هذه المهنة التي باتت في نظرهم غير مُجدية بسبب تلك العوامل مجتمعة“.

ويؤكد الحكيمي ضرورة ”قيام السلطات المعنية بعمل أبحاث علمية وعملية مكثفة لسلوك المناخ المتقلب وتأثيراته على طوائف النحل، ومن ثم تأهيل النحالين وتدريبهم على ممارسات حديثة لتربية النحل بناءً على ذلك“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا