Skip to content

29/08/23

من الخليج إلى المحيط.. العرب يواجهون إجهادًا مائيًّا

2692594223_9aee59987e_o
100% من سكان المنطقة سيعيشون تحت وطأة الإجهاد المائي المرتفع للغاية بحلول عام 2050 حقوق الصورة:Curt Carnemark / World Bank. CC license: (CC BY-NC-ND 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • أكثر من أربعة أخماس العرب يواجهون شحًّا في المياه، ويعانون إجهادًا مائيًّا مرتفعًا للغاية
  • حل تحديات المياه غير مكلف، ولا يتطلب سوى إنفاق 1% من الناتج المحلي الإجمالي
  • إذا توافرت الإرادة السياسية يمكن تحاشي الإجهاد المائي، ومنعه من التحول إلى أزمة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] رسمت خرائط ’أطلس مخاطر المياه‘ واقعًا بئيسًا يعاني فيه جل الدول العربية إجهادًا مائيًّا بالغ الشدة، يهدد شعوبها في معايشهم وغذائهم وصحتهم وأمنهم، وحذرت من تفاقُم الوضع في المستقبل غير البعيد.

ووفق أحدث تقارير ’معهد الموارد العالمية‘، فإن 25 دولةً تؤوي ربع سكان العالم، 16 قُطرًا منها بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يستخدم ما لا يقل عن 80% من إمداداته المتاحة من المياه المتجددة.

وعرض التقرير الصادر في السادس عشر من شهر أغسطس الجاري قائمةً بالدول الأكثر تعرضًا لمشكلة شح المياه، وكان على رأسها البحرين، وقبرص، والكويت، ولبنان، وعُمان، وقطر، والإمارات، والسعودية، والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومصر، وليبيا، واليمن، وإيران، والأردن، وتونس، والعراق، وسوريا.

ولا يعني هذا أن باقي الدول العربية ناجٍ من شح المياه، فإن الشعوب المتبقية تكابد إجهادًا مائيًّا مرتفعًا، تستهلك معه 40% من مواردها المتاحة من المياه.

وبالمثل، رسمت خرائط التقرير مستقبلًا مائيًّا قاتمًا، تنبأ فيها بأن 100% من سكان دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيعيشون تحت وطأة الإجهاد المائي المرتفع للغاية بحلول عام 2050.

والإجهاد المائي هو نسبة الطلب على المياه إلى الإمدادات المتجددة، وهو ما يقيس المنافسة على موارد المياه المحلية؛ فكلما ضاقت الفجوة بين العرض والطلب، صار المكان أكثر تعرضًا لنقص المياه.

وفي منطقتنا 83% من السكان يتعرض لإجهاد مائي مرتفع للغاية كل عام وطول العام، والبقية تعانيه شهرًا واحدًا من العام.

بطبيعة الحال أكثر ما يستهلك المياه هو استخدامها لأغراض الري وتربية الماشية والصناعة والاحتياجات المنزلية، وكذا الجفاف قصير الأمد الذي يعرِّض المناطق المجهدة لخطر نفاد المياه.

تُظهر أبحاث المعهد أن ”حل تحديات المياه العالمية أرخص مما قد نتصور“، عبر تطبيق حلول بسيطة غير مكلفة لا تستلزم سوى إنفاق 1% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، أي ما يعادل 29 سنتًا للفرد يوميًّا حتى عام 2030.

و”ما ينقصنا هو الإرادة السياسية والدعم المالي لمعالجة المشكلة“، ومن دون هذا سوف يستمر الإجهاد المائي في التفاقم، وخاصةً في المناطق التي تشهد نموًّا سكانيًّا واقتصاديًّا سريعًا.

وتتضمن بعض الحلول التي تضمَّنها التقرير: حوكمة المياه، وتصميم برامج متكاملة لإدارة الموارد المائية، وتعزيز الاستثمار في البنى التحتية للمياه من خلال الاعتماد على الحلول الخضراء.

وعلى صعيد الاستهلاك، ينصح التقرير بضرورة حرص المزارعين على استخدام قياسات دقيقة لترشيد استهلاك المياه، والاهتمام بزراعة المحاصيل الموفرة للمياه.

”الحلول التي اقترحها التقرير تمثل خطوطًا عريضةً وتصلح نظريًّا للتطبيق“ كما يعلق جواد البكري، الأستاذ في قسم الأراضي والمياه والبيئة بكلية الزراعة في الجامعة الأردنية، لكنها ”تفتقر إلى العناية بخصوصيات كل دولة، ومستوى الدخل الخاص بأفرادها، وقوة اقتصادها“.

ويرى البكري أن ”هذه الحلول لا تتناسب مع الدول التي تفتقر إلى مصادر المياه السطحية والجوفية“.

يقول البكري لشبكة SciDev.Net: ”لقد أهمل التقرير تمامًا النزاعات الدولية المتعلقة بالمياه، وهي مشكلات تواجهها أغلب الدول التي تعاني الشح المائي، مثل سوريا والأردن ولبنان وفلسطين ومصر والسودان“.

ومن ناحية أخرى يرى البكري أن التقرير أصاب في اهتمامه بدور الجهات التمويلية المتعلق بدعم الاقتصاد الأخضر في الدول المتضررة، عن طريق شطب الديون وفوائد القروض للدول التي تتبنى نهجًا مستدامًا يحافظ على الموارد المائية والبيئة.

لم يذكر التقرير أيضًا -من وجهة نظر بكري- بعض الحلول المهمة، مثل الاعتماد على أنظمة الزراعة الذكية، وبرامج التأقلم مع التغيرات المناخية، ”وهي حلول مهمة“.

أما أحمد أيوب -من معهد البحر المتوسط الزراعي في باري بإيطاليا- فيرى أن التقرير ركز على تكلفة الحلول مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ”معيارٌ غير كافٍ“.

ويعلل أيوب هذا بأن حل مشكلة العجز المائي يتأثر بعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية عدة تختلف من دولةٍ إلى أخرى، أما المعايير الأهم فهي ”الاستدامة“ و”ضمان تحقيق عائد مادي“ من تطبيق هذه الحلول.

ويرجح أيوب ضرورة الربط بين السياسات التمويلية الداعمة للدول المتضررة وتأسيس ”أنظمة قياس“ واضحة تحافظ على الموارد المائية وتمنع هدرها، مثل التسعير، وتقديم الحوافز.

على أرض الواقع يؤكد أيوب أن دولًا بالمنطقة تتبنى مجهودات جيدة تُسهم في فهم المشكلة والسعي إلى حلها، مثل مصر والسعودية، إلا أن هذه المجهودات غير كافية؛ فالمنطقة تعاني زيادةً سكانيةً مستمرة، وتغيراتٍ مناخيةً تؤثر تأثيرًا كبيرًا على موارد المياه، إضافةً إلى سعي هذه الدول نحو النمو الاقتصادي.

بين هذا وذاك فإن الأردنية ميسون الزعبي -الخبيرة الدولية في دبلوماسية المياه والمياه الدولية- تؤكد ضرورة التركيز على ”إدارة الطلب على المياه“.

و”إدارة الطلب“ تعني السعي إلى تحقيق الاستفادة القصوى من المياه والحد من هدرها والحفاظ على مصادرها، واتباع ”حلول تزويد المياه“ المعنية ببناء السدود وحفر الآبار وتحلية المياه، وهو الحل التقليدي الذي تتبعه معظم الحكومات.

وتشير ميسون -وهي أمين عام وزارة المياه والري بالأردن سابقًا- إلى أهمية توعية المواطنين بشأن ضرورة ترشيد استهلاك المياه، وبناء خزانات لتجميع مياه الأمطار، ومواجهة الاعتداء على شبكات المياه والصرف الصحي.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا