Skip to content

04/09/23

مبادرة لعلاج سوء التغذية تنكأ جراح ’تسييس المساعدات‘

0c63caf8-6ef9-4697-887a-9ad54e6d5094
المشاركون في حفل إطلاق المبادرة يحملون تقريرًا عن سوء التغذية في المنطقة حقوق الصورة:Hazem Badr/ SciDev.Net

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

بعد مرور نحو شهر من إصدار منظمة الصحة العالمية في يونيو الماضي نداءً تنشد فيه جمع 145 مليون دولار أمريكي، للتصدي للطوارئ الصحية في السودان والبلدان المجاورة، قال المدير الإقليمي للمنظمة أحمد المنظري إن ”ما وصلهم أقل بكثير من المنشود“.

هذه الشكوى تكررت عندما دعت أربع منظمات أممية في 28 أغسطس الماضي إلى فعالية بالقاهرة لإطلاق مبادرة إقليمية لمعالجة سوء التغذية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ كانت الرسالة التي حرصت كل قيادات المنظمات الأممية على تكرارها خارج كلماتهم الرسمية هي أن ”الأزمة كبيرة والأرقام تتصاعد، والمتاح من التمويل قليل، لذلك يجب أن تتكاتف المنظمات لحل المشكلة“.

الأرقام التي عرضتها آشيما جارج -أخصائية التغذية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة ’اليونيسف‘- في بداية الفاعلية كانت كاشفةً عن أزمة سوء تغذية متأصلة بين الأطفال منذ سنوات، ثم ضاعفت النزاعات المسلحة المستمرة والاضطرابات الأخيرة في المنطقة، وفي العالم، من المشكلة.

أوضحت جارج أن ”36% فقط من صغار الأطفال في المنطقة (مَن تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهرًا) يتلقون التغذية التي يحتاجون إليها للنمو بطريقة صحية، بينما يعاني واحد من كل خمسة أطفال تقريبًا من التقزم، في حين يبلغ متوسط ​​معدل الهُزال نسبة 7%، وذلك بسبب النقص في التغذية ونقص المغذيات الدقيقة“.

وتزيد معدلات نقص التغذية في دول المنطقة الأكثر تضررًا من النزاعات الداخلية وتأثيرات الحرب في أوكرانيا، لاعتمادها على استيراد الحبوب من تلك المنطقة، وفق جارج.

هناك أكثر من 9.1 ملايين طفل دون سن الخامسة، في سوريا ولبنان والسودان واليمن، بحاجة إلى المساعدات التغذوية.

فثمة 45% من الأطفال في اليمن يعانون من التقزم، وأكثر من 86% يعانون من فقر الدم، وفي السودان يعاني 13.6% من الأطفال من الهزال، ويعاني 36.4% منهم من التقزم، ويعاني نصفهم تقريبًا من فقر الدم.

ورغم هذا الوضع السيئ الذي تتحدث عنه الأرقام، لم يكن ذلك دافعًا للجهات الدولية المانحة، كي تبادر للمساعدة في الحل، مثلما حدث مع الأزمة الأوكرانية، لذلك لم يكن غريبًا أن يشتكي المدير الإقليمي للصحة العالمية من ضعف التمويل الذي حصلوا عليه لإسعاف السودان، ولم يكن غريبًا أن يكرر أيوب الجوالدة -المستشار الإقليمي للتغذية بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط- الشكوى نفسها في تصريحاته لشبكة SciDev.Net، على هامش مشاركته في حفل إطلاق المبادرة.

يقول الجوادلة: ”منظمات الأمم المتحدة في حالة تنسيق دائم، ولكن هذه المبادرة جاءت من أجل وضع إطار منظم لهذا التنسيق، وهو وضع يفرضه ضعف الموارد المخصصة للتعامل مع المشكلة“.

 ولا يبدو أن هناك بوادر أمل يمكن أن تقود إلى تحسن هذا الوضع في المستقبل القريب؛ لأن أغلب التمويل الذي تخصصه الجهات المانحة يذهب للتعامل مع الأزمة الروسية الأوكرانية، وهو وضع اتفق الخبراء على وصفه بأنه ”تسييس للمساعدات“، لكنهم اختلفوا في تقييمهم لهذا التوجه.

قدمت حكومة الولايات المتحدة وحدها حتى الآن أكثر من 2.6 مليار دولار أمريكي كمساعدات إنسانية للمتضررين من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

كما خصصت المفوضية الأوروبية 733 مليون يورو منذ فبراير 2022، لبرامج المساعدات الإنسانية من أجل مساعدة المدنيين المتضررين من الحرب في أوكرانيا، كما حشد الاتحاد الأوروبي 485 مليون يورو كمساعدات إنسانية لعام 2022، و200 مليون يورو لعام 2023.

ويصف أحمد قنديل -رئيس وحدة العلاقات الدولية ورئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- هذا التبايُن الواضح بين تدفق للأموال من المانحين على أوكرانيا، وشحها في مواجهة أزمات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأنه ”تسييس واضح للمساعدات الإنسانية“.

يقول قنديل لشبكة SciDev.Net: ”الموقف الغربي والأمريكي من روسيا انعكس بشكل واضح في توجيه المساعدات للأوكرانيين بسخاء، واستقبالهم كلاجئين، وتوظيفهم في تلك الدول، وهو وضع لم تحظ به شعوب أخرى“.

ويستطرد: ”وهذه لمحة غير إنسانية من الغرب؛ لأن الحقوق الإنسانية التي ينص عليها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان لا تفرق بين مواطن غربي أو عربي أو أفريقي“.

ولا يختلف أيمن زهري -الخبير المصري في دراسات السكان والهجرة- مع ما ذهب إليه قنديل من وصف ازدواجية المعايير في توجيه المساعدات بأنه ”تسييس للمساعدات“، ولكنه يرى هذا التسييس ”توجهًا طبيعيًّا“.

يقول زهري، وهو الرئيس المؤسس ورئيس الجمعية المصرية لدراسات الهجرة: ”الدول الغربية تعاني من فجوة سكانية، لذلك من مصلحتها استضافة أوكرانيين قادمين من ثقافتهم نفسها لسد تلك الفجوة، بدلًا من استضافة مهاجرين عرب أو أفارقة قادمين من ثقافة مختلفة“.

ويستطرد: ”لذلك فإن هذه الدول التي استغاثت بالمجتمع الدولي لوقف تدفق المهاجرين السوريين إليها، واستحدثت مصطلح (أزمة الهجرة)، لا تجد غضاضة في استقبال الأوكرانيين وتقديم الدعم الإنساني لمَن لم يتمكن من الوصول إليهم، وهذا سلوك براجماتي طبيعي جدًّا“.

ورغم قسوة رأي الزهري، إلا أن الحال على الأرض يكشف أنه الأقرب إلى الحقيقة، فالسياسة تقوم على ’البراجماتية‘ التي ليس في قاموسها كلمة ’إنسانيات‘.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا