Skip to content

06/11/23

إسكات أنصار غزة وإذاعة خطاب أعدائها

28083375162_ded8c8ecc3_c
حصار رقمي يمارس على كل نصير لفلسطين، ويذيع خطاب أعدائها حقوق الصورة:Blogtrepreneur. CC license: (CC BY 2.0 DEED).

نقاط للقراءة السريعة

  • حصار رقمي يمارس على كل نصير لفلسطين، وينشر معلومات مضللة وكاذبة، ويذيع خطاب كراهية ضدها يحرض على العنف
  • التعاون بين شركة ’ميتا‘ المالكة لمنصة ’فيسبوك‘ الاجتماعية وإسرائيل متشابك ويتوسع
  • دعوة تؤكد ضرورة تأسيس شبكات تواصل اجتماعي عربية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] أطلق بعض مطوري البرمجيات في المنطقة العربية أدواتٍ تُمكّن المستخدمين من النشر على وسائل التواصل الاجتماعي بحُريّة أكثر؛ لتجاوُز القيود على المحتوى التي رافقت أحداث حرب غزة الحالية، التي بدأت يوم السابع من أكتوبر الماضي.

رافق تصاعد الأحداث موجة عنف وخطاب كراهية من طرفي الصراع، تجلى في إعلان شركة ميتا -المالكة لفيسبوك- عن إزالة وتمييز 795 ألف عنصر محتوى باللغة العبرية والعربية، في الأيام الثلاثة التي تلت يوم 7 أكتوبر.

 وبررت الشركة: ”إن حماس، المصنفة منظمةً إرهابيةً من قِبل حكومة الولايات المتحدة، محظورة على منصاتنا، وإننا نقوم بإزالة محتوى الثناء والدعم الأساسي لها“.

أثارت تلك الرقابة غضب العديد من المستخدمين، والتي لم تنحصر في منصات ميتا فحسب، ووصفوا ذلك بأنه انحياز إلى إسرائيل، وممارسة رقابة على المحتوى الفلسطيني بشكل غير عادل، ودشن رواد مواقع التواصل الاجتماعي دعوة لمقاطعة تطبيقات ميتا.

يقول مصطفى جرار -أستاذ في دائرة علم الحاسوب بجامعة بيرزيت الفلسطينية- لشبكة SciDev.Net: ”نتعرض لحذف مقالات وحسابات، وتقييد وصول“.

ويستطرد جرار، وهو خبير في مجال الذكاء الاصطناعي وحوسبة اللغة: ”تحصر الخوارزميات مشاهدة محتواك بين مَن يؤيدونه فقط، فيظل المحتوى الفلسطيني بين الفلسطينيين فحسب؛ لأن اهتماماتهم مثل اهتماماتي“.

يرى جرار أن هناك تلاعُبًا وتقييدًا ذكيًّا يُمارَس للإبقاء على هذا المحتوى داخل فلسطين دون أن ينتشر، ما اضطر بعض المستخدمين إلى اللجوء إلى ممارسات مختلفة لتخطِّي هذا الحظر المتزايد، ومنها مشاركة أداة لتشفير النصوص العربية، وأخرى تستبدل حروفًا إنجليزية بالعربية.

يعلق جرار: ”يساعد تجنُّب المحتوى لكلمات مثل مقاومة أو حماس وتقطيع الكلمات، الذي يمارسه بعض المستخدمين على تخطِّي حصار الخوارزميات للمحتوى الداعم للسردية الفلسطينية، لكن تبقى تلك الإجراءات قصيرةَ الأمد؛ إذ ستُكتشف أنماطها“.

ولا تقتصر عملية رصد نوع المحتوى على قراءة الخوارزميات لما يُكتب وحسب، بل تتضمن أيضًا تحليل شبكة الأصدقاء المعجبين والمشاركين لما يُنشر، وفق جرار.

وثّق موقع ’حملة – المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي‘ ثلاث فئات رئيسية من انتهاكات الحقوق الرقمية في الأسابيع الأخيرة ضد الفلسطينيين، وهي الرقابة عبر إسكات الأصوات الفلسطينية، ونشر خطاب الكراهية والعنف، ونشر المعلومات الكاذبة والمضلِّلة.

انخفض الاتصال بالإنترنت في غزة إلى حوالي 20٪، مقارنةً بمستوى ما قبل الحرب، والذي كان حوالي 90٪

تقول إتكساسو دومينجيز، مسؤول المناصرة في حملة: ”نراقب جميعًا التأثير على الاتصالات الرقمية بسبب انقطاع التيار الكهربائي شبه الكامل في غزة، نتيجةً لسياسات إسرائيل التي تعمق الفجوة الرقمية“.

لم يكن بإمكان سكان غزة الوصول إلا إلى شبكات الجيل الثاني فقط، وهي أبطأ بكثير من شبكات الجيل الثالث وأكثر تعرُّضًا للهجمات الأمنية بسبب ضعف التشفير.

لسنا بصدد الحصار الرقمي الأول للفلسطينيين، فقد وثقت منظمة هيومان رايتس ووتش في تحقيق مستقل سلوك منصات ميتا المنحاز في 2021، الذي اعتذرت عنه الشركة لاحقًا.

تقول دومينجيز: ”التفسيرات التي تقدمها الشركات المعنية ليست جديدة، يشعر العديد من الفلسطينيين بأن الممارسات تتكرر، لا سيما فيما يتعلق بالرقابة وإسكات أصواتهم“.

تهدف عملية الرقابة على المحتوى إلى حماية المستخدمين بالأساس من المحتوى الضار أو المسيء، ولهذا شرّع الاتحاد الأوروبي قانون الخدمات الرقمية لضمان التزام شركات التواصل الاجتماعي بحماية المستخدمين من هذا النوع من المحتوى، فارضًا عقوباتٍ باهظةً على الشركات التي لا تلتزم بأحكامه.

تتعاون شركة ميتا مع مدققي حقائق يتحدثون العبرية والعربية، للامتثال لتحذيرات الاتحاد الأوروبي، وقد حاولت الشبكة التواصل مع إحدى تلك الجهات المعنية بتدقيق الحقائق (مشروع ’فتبينوا‘ العربي(، عبر البريد الإلكتروني، ولم يصلنا منهم رد حتى لحظة نشر هذا التقرير.

يعود حذف قدر كبير من المحتوى الفلسطيني إلى آلاف طلبات الإزالة من ’وحدة سايبر الإسرائيلية‘ أو ’وحدة إحالة الإنترنت‘، وهي وحدة سيبرانية متخصصة ومدرّبة تتمثل مهمتها في تقديم طلبات ’طوعية‘ إلى شركات وسائل التواصل الاجتماعي لإزالة المحتوى الذي تعتبره ”ضارًّا“ أو ”مسيئًا“، وفق دومينجيز.

وتضيف دومينجيز: ”من المُسلَّم به أن شركة ميتا تمتثل لما يصل إلى 90٪ من هذه الطلبات، ويرجع ذلك إلى تأثير بعض موظفي ميتا، والأهمية الجيوسياسية للبلاد، والسرد الأحادي الجانب السائد فيما يتعلق بالسياق الفلسطيني“.

يزداد التعاون بين شركة ميتا وإسرائيل اتساعًا وتشابكًا، سواء بتأسيس مركز للبحث والتطوير يختص بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي للشركة الأم، أو إطلاقها وحدةً لتطوير بلوكتشين في إسرائيل بعد إغلاق تطبيق ’أونافو‘ الإسرائيلي، الذي كان يوفر اتصال VPN مجانيًّا للمستخدمين، واستحوذت ميتا عليه في 2013 مقابل أكثر من 150 مليون دولار، بعد تحقيقات تتعلق بتورط التطبيق في التجسس على منافسي فيسبوك.

كما أدانت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية في 2020 اختيار إيمي بالمور -المدير العام السابقة لوزارة العدل الإسرائيلية- لعضوية مجلس الرقابة على فيسبوك؛ فخلال فترة عمل بالمور (2014-2019)، تأسست ’وحدة إحالة الإنترنت‘ الإسرائيلية عام 2016.

على إثر هذا التأسيس زادت عمليات إزالة المحتوى بنسبة 500% في 2017، وتم توثيق 14,285 عملية إزالة في 2018، وفي العام نفسه أظهرت أبحاث التحريض على الكراهية والعنصرية على الإنترنت وجود منشورات تحريضية بالعبرية موجهة ضد الفلسطينيين كل 66 ثانية، في حين لم يظهر أي اهتمام بمكافحة مثل هذا المحتوى التحريضي من وحدة الإحالة، وفق حملة.

تضيف دومينجيز: ”يجب أن تلتزم قرارات الإشراف على المحتوى بحقوق الإنسان المعترَف بها دوليًّا، بما في ذلك حرية التعبير وحق الوصول إلى المعلومات والحق في السلامة“.

سلط تقرير نشرته ’حملة‘ في يونيو الماضي الضوء على العلاقة بين المحتوى العنيف والهجوم على بلدة حوارة الفلسطينية في فبراير 2023، إذ أدت دعوات العنف الرقمية إلى عنف على أرض الواقع ضد الفلسطينيين.

ومع تصاعُد وتيرة الانتهاكات الرقمية سنويًّا، طورت حملة نموذجًا لغويًّا يعمل مؤشرًا فوريًّا للعنف، يستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد انتشار خطابات العنف والكراهية، وقد تخطت عدد حالات العنف المرصودة قرابة ثلاثة أرباع المليون حالة حتى لحظة كتابة هذا التقرير.

ودعا جرار إلى ضرورة تأسيس شبكات تواصل اجتماعي عربية، وتسجيل حسابات متعددة على جميع منصات التواصل الاجتماعي من أجل التعبير عن الجزء الخاص بهم من الرواية.

كما يرى جرار ضرورة التوسع عربيًّا في بناء النماذج اللغوية، بالإضافة إلى تشكيل منظمات حقوق إنسان رقمية بتعريفات واضحة لما هو منحاز وما هو محايد؛ لتشكيل قوة عالمية ضاغطة على شركات التكنولوجيا لمناصرة القضايا الرقمية السياسية وغير السياسية.

ويختم جرار: ”يجب الإبلاغ عن أي محتوى ينشر العنف والكراهية والحسابات التي تبث الأكاذيب ضد الشعب الفلسطيني مثلما يفعل الإسرائيليون تجاه محتوانا، فنحن الفلسطينيين نخوض معركة إعلامية وجودية، وهي من أهم الأسلحة التي نُحارَب فيها ويجب أن نحارِب فيها“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا