Skip to content

09/04/24

الاحتلال يستهدف عقول غزة

Al-Azhar University
جانب من الدمار الذي طال جامعة الأزهر بغزة حقوق الصورة:جامعة الأزهر بغزة

نقاط للقراءة السريعة

  • الاحتلال ركز في استهدافه على الجامعات والأكاديميين والنابهين ذوي العقول والحجى
  • الغارات استهدفت خبراء الفيزياء والكيمياء وخبراء قطاع التكنولوجيا عمدًا وقصدًا
  • الاستهداف طال الجميع بغض النظر عن حقيقة ارتباطهم بالتطور الحاصل في صفوف المقاومة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] يواصل الاحتلال الإسرائيلي سلسلة هجمات ممنهجة، تستهدف الكفاءات العلمية والأكاديمية في قطاع غزة، لا سيما ذوي العقول والخبرة في مجالات التكنولوجيا والبرمجة.

وذكر تقرير نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الجيش الإسرائيلي لا ينفك عن استهداف مستمر لعشرات الخبراء والعاملين في هندسة الحاسوب والذكاء الاصطناعي، خاصةً المبرِّزين منهم.

ولم تتوقف هجمات الاحتلال الغاشمة عند اغتيال الكفاءات، بل استهدفت مقار شركات البرمجة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ما أدى إلى دمارها كليًّا أو جزئيًّا.

وأشار التقرير، المنشور في 17 مارس الماضي، إلى ”خروج ست حاضنات أعمال عن الخدمة، وتوقف جميع المراكز التكنولوجية عن العمل“.

هذا النهج كشف عن إستراتيجية مدروسة تهدف إلى ضرب القدرات التكنولوجية والعلمية لسكان غزة، بغية إعاقة تطورهم ووقف نمو قدراتهم البحثية والابتكارية والقضاء على التقدم العلمي والفكري والمجتمعي بالقطاع، وفق خبراء وأكاديميين استطلعت شبكة SciDev.Net آراءهم.

يعلق خالد محمد قلالوة، مدير عام العلاقات الدولية والاستثمار في المجلس الأعلى للإبداع والتميز بفلسطين: ”أهداف الاحتلال واضحة، وهي عودة نمط الحياة في غزة إلى ما قبل العصر الحجري، وتحويلها إلى مكان لا يصلح للعيش، وعرقلة سبل إعادة إعمارها، وذلك لتحقيق هدف أشمل، هو تهجير أهلها“.

ويؤكد قلالوة أن ”قطاع التكنولوجيا في غزة يُعد قطاعًا ناميًا، أثبت وجوده في سوق العمل ونجح في التعاون مع عدد من الشركات العالمية، ويضم هذا السوق عددًا كبيرًا من خبراء التقنية المستقلين، ما يعني أن تدميره سيؤثر حتمًا في الاقتصاد الفلسطيني“.

من جانبه يقول الخبير الفلسطيني في مجال التحول الرقمي، محمد بني عودة: إن البنية التحتية التقنية في غزة تعرضت لأضرار جسيمة، ”ومن الصعب رصد حجم الضرر الحقيقي؛ نظرًا لغياب جهود المسح الدقيقة“.

ويوضح بني عودة أن دمار البنى التحتية التقنية تترتب عليه مشكلتان، إحداهما بشرية والأخرى مادية، فدمار غزة سيجعلها بيئة غير جاذبة للكفاءات، ومن ناحية أخرى سيتأثر الوضع الاقتصادي بالسلب، إذ ”يسهم المجال التقني في نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، فشركات التقنية داخل القطاع تقدم خدماتها لباقي مناطق فلسطين، بل لدول عربية وأجنبية عدة أيضًا“.

ويستطرد: ”وسيؤدي الدمار أيضًا إلى زيادة نسبة البطالة في القطاع، الذي يعاني بالفعل من معدلات بطالة مرتفعة“.

أما يوسف صباح -أستاذ مشارك في تكنولوجيا المعلومات بجامعة القدس المفتوحة واستشاري في التحول الرقمي- فيرى أنه لا سبيل إلى تقدم غزة -أو فلسطين- إلا عبر القطاعات التقنية التي لا تتطلب موارد مكلفة، لأن موارد الدولة الفلسطينية الطبيعية تقع تحت سيطرة الاحتلال.

بعبارة أخرى فإن الاعتماد على القطاعات التقنية ذات الكفاءة العالية أمرٌ حيوي لتحقيق التقدم والنمو الاقتصادي في ظل الظروف الراهنة.

ويوضح صباح: ”تحتاج تطبيقات التكنولوجيا فقط إلى جهاز حاسوب، وشخص يمتلك الذكاء والقدرات العملية، فبمجرد توافر هذه الأدوات الأساسية، يمكن للفرد تحقيق مكاسب مادية جيدة، حتى إن كان يعيش في بيت من الصفيح“.

لذا يرى صباح أن استهداف الكفاءات التقنية من أولويات الكيان المحتل، لأن المباني المدمرة والمؤسسات يمكن إعادة بنائها في حال توافر المال اللازم، أما إمكانية تشغيل القطاعات التقنية -وسائر القطاعات الحيوية- فغير ممكن في ظل غياب العقول المدربة والكفاءات المهنية المتخصصة.

قتلت قوات الاحتلال بدم بارد ثلاثة من رؤساء الجامعات في غزة، و95 عميدًا وأستاذًا، وفق تقرير آخر للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ولم تتوقف هذه الجرائم عند هذا الحد، إذ دكت غارات الاحتلال ثلاث جامعات فدمرتها تدميرًا كليًّا، منها جامعة الإسراء والجامعة الإسلامية، إضافة إلى تدمير جزئي أصاب فرعين لجامعة الأزهر، وجامعتين أخريين.

ونشر المركز العربي واشنطن دي سي تقريرًا اتهمت كاتبته كيان الاحتلال بارتكاب جريمة ’إبادة الدراسة الأكاديمية‘ (Scholasticide)، وهو مصطلح يشير إلى نسف البنية التحتية التعليمية وتدمير الهياكل الأكاديمية عن عمد وقصد.

وتمثل اعتداءات الاحتلال -وفقًا لكاتبة التقرير- جزءًا من خطة متعددة الأهداف، يتمثل بعضها في الحد من التطور المجتمعي في غزة، وإدامة اعتمادية القطاع على المساعدات الخارجية، وعرقلة التقدم العلمي والفكري فيه.

يتفق مع هذا الرأي مروان غانم، أستاذ الهيدروجيولوجيا في جامعة بيرزيت في رام الله، الذي علّق على استهداف الأكاديميين والتقنيين قائلًا: ”يهدف الاحتلال إلى القضاء على كافة البؤر التعليمية في غزة، فقد دمرت قواته كل المنابر التعليمية، حتى المدارس الخالية“.

ويرى غانم أن الهدف الأساسي من هذه العمليات غير الأخلاقية ”خلق مدينة لا تصلح للسكن، بهدف تهجير أهل غزة، ولعل الأمر كان واضحًا حينما حاول الاحتلال دفع السكان نحو مصر“.

ويوضح غانم أنه مع بداية غارات الاحتلال على قطاع غزة، استهدفت القوات خبراء الفيزياء والكيمياء، وخبراء قطاع التكنولوجيا، نظرًا لارتباط هذه القطاعات -نظريًّا- بالتطور الحاصل في صفوف المقاومة، إلا أن هذه القوات استهدفت ”الأجهزة والحجر والبشر“.

واتفق كلٌّ من صباح وغانم على أن الاحتلال يتعمد تدمير القطاع التقني خاصةً، والأكاديمي عامةً، لما لاحظه من تطور في آلية عمل المقاومة الفلسطينية، التي اعتمدت على أشخاص محترفين في المجالات التقنية والعلمية المختلفة، مع ذلك، استهدف الاحتلال الغاشم جميع ’المتعلمين‘ والطلاب رغبةً منه في هدم القطاع إلى الأبد.

وفيما يتعلق بإعادة بناء القطاعات الحيوية في غزة، اتفق المتحدثون إلى الشبكة -بالإجماع- على ضرورة تضافر الجهود العربي والدولية، بالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة والشركات الكبرى على مستوى العالم، وذلك وفقًا لبرنامج وطني فلسطيني.

والمطلوب ”وقف إطلاق النار أولًا، ثم تأمين الاحتياجات الأساسية من الطعام والشراب والمسكن، تليها عملية إعادة بناء القطاعات المختلفة“، الأمر الذي قد يحتاج إلى مدة طويلة، توقع قلالوة أن تتخطى العشرين عامًا.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.