Skip to content

28/03/24

تراث السودان الزراعي في خطر

1
حقوق الصورة:مركز بحوث التقانة والسلامة الإحيائية بهيئة البحوث الزراعية بالسودان

نقاط للقراءة السريعة

  • اعتداءات على بنك الجينات الزراعية في السودان ونهب بعد وصول الأعمال العدائية لمقره
  • استنقاذ ما نجا من ودائع البنك من البذور بجهود بسيطة، لكن ظروف الحفظ الحالية غير مناسبة
  • ثمة احتمال كبير لفقدان بعض الأنماط الوراثية النادرة داخل هذه العينات، ولا سبيل للتعويض إن وقع

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] بات تدخُّل المجتمع الدولي على عجل أملًا ومطلبًا ملحًّا من قِبل متخصصين ومختصين لاستنقاذ ما تبقى من عينات في بنك الجينات الزراعية بالسودان، وما نجا من اعتداءات، إذ يواجه تهديدًا وجوديًّا من جرَّاء الحرب الدائرة في البلاد.

يضم البنك مجموعة ثمينة من الموارد النباتية في مركز صيانة وبحوث الموارد الوراثية النباتية الزراعية، الذي يتبع هيئة البحوث الزراعية في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان، والذي تعرض للاعتداء والنهب عندما وصل الصراع المسلح بين الجيش السوداني وميليشيات ’قوات الدعم السريع‘ إلى المدينة في ديسمبر الماضي.

يوضح طلال سيد، مدير مركز بحوث التقانة والسلامة الأحيائية بالهيئة: ”الوضع مُزرٍ للغاية، تم نهب الثلاجات الخاصة بحفظ البذور، بعد إفراغها وإلقاء محتوياتها على الأرض“.

ويستطرد: وبعد دخول قوات الدعم السريع للمدينة، جرى منع السارقين من الدخول إلى المنشأة، للحفاظ على العينات من الفقد، وتحرك بعض الزملاء وقاموا بإعادة جمع البذور ووضعها في غرفة مبردة وتم تشغيل المولد والمكيفات، لضمان بقائها بحالة جيدة.

وفق الطاهر إبراهيم، مدير مركز صيانة وبحوث الموارد الوراثية النباتية الزراعية، فإن المركز استطاع خلال 40 عامًا جمع مجموعة متنوعة من الأصناف من حقول المزارعين ومن البراري، تشمل الذرة والدخن والسمسم والفول السوداني واللوبيا والفول المصري وعدد من القرعيات ومحاصيل الخضر ونباتات طبية أيضًا وغيرها من المحاصيل المتنوعة.

ويؤكد إبراهيم أن فقدان هذه الأصناف لا يمكن تعويضه، فبعضها قد اختفى بسبب التغيرات البيئية أو لاحتياجات أصناف جديدة تحل محلها.

ويستطرد إبراهيم: ”العينات المحفوظة في البنك مهمة للغاية؛ لأنها تحمل صفات وراثية مرغوبة، يُعتمد عليها في البحوث العلمية أو في عمليات الإكثار وتحسين الصفات الوراثية، فمنها ما يملك قدرةً أعلى لتحمُّل الجفاف أو الحرارة، أو مقاومةً لبعض الأمراض، بالإضافة إلى صفات جودة كالقيمة الغذائية وغيره“.

”والحفاظ على هذه الموارد الوراثية ضروري للأجيال القادمة“، ومن ثم يناشد سيد المجتمع الدولي للمساعدة في ترحيل هذه العينات خارج نطاق الصراع.

يقول سيد لشبكة SciDev.Net: ”نريد إرسال العينات إلى قبو سفالبارد العالمي للبذور بالنرويج حيث يتم تخزين معظم الأصول الوراثية لدول العالم هناك“.

ويتخوف سيد خطر ضرب الموقع بواسطة الطائرات في أي وقت، محذرًا من أنه قد يؤدي إلى فقدان البذور، ”لذا نناشد الجهات الأممية المحايدة بالتدخل لنقل تلك البذور إلى مناطق آمنة“.Top of Form

ويضيف: يتبع بنك الجينات ’مركز صيانة وبحوث الموارد الوراثية النباتية الزراعية‘ في مدينة ود مدني، وجرى إنشاؤه عام 1982 نواةً لبنك جينات بتركيز على المحاصيل البستانية، عام 1995 تم توسيع المركز ليشمل جميع الموارد الزراعية والمحاصيل التي تُزرع في السودان.

يتمحور عمل المركز حول الصيانة واستدامة استخدام الموارد الزراعية في السودان، والتركيز على جمع وحفظ الأصناف الزراعية في السودان.

ووفق الطاهر إبراهيم، استطاع المركز خلال 40 عامًا جمع الأصناف من الحقول ومن المزارعين ومن البراري.

تم جمع أكثر من 15 ألف عينة، على رأسها الذرة والدخن والسمسم والفول السوداني واللوبيا والفول المصري، وعدد من القرعيات كالبطيخ، وعدد من محاصيل الخضر منها البامية والطماطم، ونباتات طبية مثل الكركديه وغيرها من المحصولات المتنوعة.

”اختفى بعضها مع التغيرات البيئية والمناخية أو لإحلال أصناف أخرى محلها، لذا يُعد فقدانها من قبيل الفقدان الذي لا يعوض“.

ويشرح الطاهر أهمية البنك: ”العينات المخزنة في البنك مهمة للغاية؛ لأنها تحمل صفاتٍ وراثيةً مرغوبة، يعتمد عليها في البحوث العلمية أو في عمليات الإكثار لتحسين الصفات الوراثية، فمنها ما يملك درجات أعلى لتحمُّل الجفاف أو الحرارة أو غيره، أو درجات تكون مقاومة لبعض الأمراض، أو صفات جودة كقيمة غذائية أو غيره“.

”الحفاظ على هذه الموارد الوراثية ضروري للأجيال القادمة“.

في الأحوال العادية، يعمل البنك وفقًا للمعايير العالمية؛ إذ يتم تخزين الموارد في ظروف تخزين خاصة في درجات حرارة 20 درجة تحت الصفر داخل مبردات خاصة، وتتم تعبئتها في مظاريف خاصة لهذا الغرض، ويجري عليها عمليات مراقبة دورية، وفق الطاهر.

ويأسف: ”بعد وصول الحرب لمدينة ود مدني، ونزوح كثير من السكان وكثير من العاملين في المركز ومنهم عدد من الباحثين وتوقف العمل في البنك؛ فلم يعد هناك مَن يشرف على الموارد“.

وشكر الطاهر جهود بعض الموجودين لجمع البذور وتخزينها في غرف وحفظها بشكل مؤقت، لحين نقلها وحفظها في أحد البنوك خارج السودان.

ويتابع: ”نمط حفظ البذور المتبع حاليًّا لا يصلح لأمد طويل، ولا يزال تهديدها بالتدهور قائمًا“.

يوضح سيد أن القبو العالمي في النرويج هو الجهة المنوط بها حفظ أي مداخيل نباتية وتأمينها وفقًا لاتفاقيات دولية، وهي ”تحفظ للجهات المانحة حق استرجاع العينات“.

القبو الواقع في أرخبيل سفالبارد النرويجي هو أحد أهم وأكبر مشروعات مركز الموارد الوراثية الإسكندنافية- نوردجين في مدينة مالمو بالسويد.

ويؤكد إبراهيم أنه تم التواصل مع العديد من المنظمات الدولية والأممية بهذا الخصوص، ”وعبرت جميعها عن اهتمامها بالأمر، ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوات حتى الآن“.

رئيسة قسم الاتصال في نوردجين، سارة لوندفيست، تعلق قائلةً: ”أبلغنا بالموقف المؤسف، ويسعى المسؤولون لتقديم المساعدة بالطرق الممكنة“.

وتذكر لوندفيست ناصحةً: ”أولوية بنوك الجينات هي نسخ مجموعات البذور الخاصة بها إلى مكان آخر، كإجراء احتياطي للسلامة، بحيث يكون مكانًا مثاليًّا في أي منطقة أو بلد أو قارة أخرى“.

”وبمجرد الانتهاء من تلك العملية، يجب إرسال نسخة احتياطية ثانية من مجموعات البذور للتخزين الآمن والمجاني وطويل الأمد في قبو سفالبارد بالنرويج“.

باتباع هذه الإجراءات، يصبح من الممكن استعادة مجموعات البذور في حالة حدوث أي طارئ، وتظل ملكية البذور دائمًا في أيدي بنك الجينات الذي يتم إيداعه فيها، مما يضمن استمرارية الحفاظ على التنوع الوراثي والثروة الزراعية للأجيال القادمة.

ويؤكد إبراهيم أهمية التنسيق مع الجهات المعنية في ود مدني لنقل البذور بسرعة وفاعلية، ويحذر من تأخر هذا الإجراء، إذ من الممكن أن يؤدي إلى تسارع عملية التدهور في حيوية البذور وجودتها، مما قد ينتج عنه تدهور وراثي.

وبما أن هذه العينات توجد حاليًّا في ظروف بيئية غير مُثلى، فهناك احتمالية كبيرة لفقدان بعض الأنماط الوراثية النادرة داخل هذه العينات، بما يعني فقدان أجزاء من التكوين الوراثي للبذور نتيجة فقدان حيويتها الناجم عن سوء ظروف التخزين.

 

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا