Skip to content

21/04/22

تشميع رمل التربة الزراعية يحفظ رطوبتها ويزيد إنتاجيتها

wax-coated-sand-keeps
حقوق الصورة:KAUST/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • استيحاء من الطبيعة قد يكون الحل لمشكلة بخر الماء بالتربات الزراعية الرملية
  • استخدام ملاءة رمل مشمع فوق التربة يمنع هدر الماء ويستبقيه فيها
  • جدوى الحل اقتصاديًّا مشجعة على استخدامه بالمنطقة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] يتعاون باحثون بجامعة سعودية مع شركاء من الصناعة على إنتاج رمل مشمع، يحقق استخدامه في الزراعة نفعًا للأمن المائي والغذائي.

هذا الرمل يمثل حلًّا، يصفه باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بأنه ”جذري“ لمشكلة هدر المياه المستخدمة في ري البيئات الزراعية بالمناطق الحارة ذات التربات الرملية، مثل شبه جزيرة العرب، والصحراء المترامية بشمال أفريقيا.

وأصل المشكلة يأتي عندما تنكشف التربة، فتفقد بالبخر الكثير من الماء، ويتبدد دون أن يستخدمه النبات لنموه أو لضبط حرارته.

وبعد بحث ونجاح تجارب قدم باحثو ’مركز أبحاث تحلية وإعادة استخدام المياه‘ بالجامعة حلًّا منخفض التكلفة متعدد الفوائد للمناطق القاحلة وشبه القاحلة.

الطرق التقليدية لتحسين كفاءة الري، والتأكد من بقاء الماء في التربة الرملية لمدة كافية حتى يمتصه النبات، تتمثل في تعويض الفاقد بالبخر عن طريق استخدام كميات كبيرة من المياه، ما يبدد الموارد المائية العذبة، أو استخدام الأغطية البلاستيكية (المهاد) لعمل طبقة عازلة بين التربة والبيئة المحيطة، إلا أن تكلفتها وعدم قابليتها للتحلل الحيوي يحدان من فائدتها.

ولكن باحثي الجامعة بقيادة هيمانشو ميشرا -أستاذ العلوم والهندسة البيئية- قدموا حلًّا بديلًا مبتكرًا، مستوحىً من الطبيعة، مستخدمًا حبيبات رمال مغطاة بشمع البارافين المنقى.

الفكرة التي قدمها ميشرا وزملاؤه تحاكي ما يحدث في الطبيعة؛ إذ إن بعض الكائنات ’شديدة الطرد للماء‘ تَستخدم في أداء وظائفها الحيوية مزيجًا شمعيًّا وتركيبات دقيقة أو نانوية.

يوضح ميشرا: ”توصلنا إلى رمال شديدة المقاومة للماء وقابلة للتحلل الحيوي في الوقت ذاته، تتكون هذه الرمال من حبيبات سيليكا مطلية بطبقة نانوية من شمع البارافين“.

ويستطرد: ”تم إنتاج هذه الرمال عن طريق إذابة شمع البارافين في مركب الهكسان العضوي، وخلطه بالرمل العادي، ثم تبخير الهكسان تدريجيًّا“.

ويوضع الرمل الشمعي فوق التربة بسُمك 5 إلى 10 ملليمترات، وهو ما يحقق المزيد من الفوائد التي رصدها الفريق البحثي في دراسته المنشورة بدورية العلوم والتكنولوجيا الزراعية -إحدى منشورات الجمعية الكيميائية الأمريكية- يوم 24 فبراير الماضي.

وباختبار الشمع الرملي المبتكر في تجارب ميدانية بحقل مفتوح في المملكة العربية السعودية، وجد أنه ”يساعد على تقليل البخر بنسبة 56-78٪، وزاد من رطوبة التربة بنسبة 25-45٪“.

ويضيف ميشرا لشبكة SciDev.Net: ”يمنع الرمل الشمعي بخر الماء من التربة العلوية، ما يوفر كميةً أكبر من المياه المتاحة للنبات من أجل امتصاص العناصر الغذائية والنتح لتنظيم درجة حرارته وأنشطته الأيضية على النحو الأمثل، لذلك فهو مفيد لجميع النباتات والأشجار ذات الجذور الضحلة“.

اختبر الفريق البحثي الرمل الشمعي على العديد من المحاصيل والأشجار في غرب المملكة العربية السعودية، متضمنةً الطماطم والقمح والشعير والنعناع والفراولة والبامية والفلفل الحلو والريحان والأكاسيا وغيرها.

وعزز فرش نشارة الرمل الشمعي غلة المحاصيل بنسبة 17-73٪ على مدار عدة سنوات مع محاصيل الطماطم والشعير والقمح، باستخدام الري العادي.

وكان الفريق البحثي يستخدم الهكسان في مفاعل إنتاج الرمل الشمعي، وذلك لإذابة الشمع، غير أنهم اعتمدوا لاحقًا بروتوكول تصنيع خاليًا من المذيبات، يستغل بشكل مباشر التربة الرملية وشمع البارافين لإنتاج الرمل الشمعي، وهو ما ساعد على خفض اقتصاديات عملية الإنتاج، وفق ميشرا.

يؤكد ميشرا: ”في الوقت الحاضر، يمكن للمفاعل إنتاج طن من الرمل الشمعي يوميًّا، ونعمل الآن على تصميم وبناء مفاعل أكثر تطورًا يكون أسهل في الاستخدام وأوفر في الطاقة، وذلك عبر منحة حصلنا عليها مؤخرًا من الجامعة“.

ويعمل الفريق البحثي بالتوازي على إطلاق شركة ناشئة لإنتاج هذا النوع من الرمل للعمل مع شركاء في مجال الصناعة والهيئات الإدارية المساهمة في مبادرة السعودية الخضراء.

تبدو الفكرة جديدةً ومختلفة، لكنها تثير العديد من التساؤلات التي يطرحها محمد البيومي الحجري -أستاذ مساعد بمركز بحوث الصحراء في مصر- في حديث للشبكة.

أول التساؤلات يتعلق بالجدوى الاقتصادية للرمل الشمعي، مقارنةً بأفكار أخرى تم اختبارها في دراسات سابقة، مثل استخدام المخلفات الزراعية، ووضع خراطيم الري على عمق 10 سنتيمترات.

 كما تساءل الحجري عن مدة بقاء الرمل الشمعي في الأرض، وهل ستكون هناك حاجة إلى وضعه مع كل دورة زراعية، ومدى تأثيره على المجتمع الميكروبي حول جذور النباتات.

 وأخيرًا تساءل الحجري عن درجة الحرارة المناسبة التي تضمن عدم بقاء الشمع وعدم ذوبانه، ومدى تأثير استخدام شمع البارافين مع النباتات على صحة المستهلك.

وردًّا على سؤال حول الجدوى الاقتصادية، يعتقد ميشرا أن طريقتهم الأجدى اقتصاديًّا؛ لكونها تعتمد على التربة الرملية، الشائع وجودها بالمناطق الحارة والجافة، والطلاء النانوي من شمع البارافين، الوافر أيضًا بكثرة، فهو منتج ثانوي لعملية تكرير النفط الذي تملك المملكة منه احتياطات ضخمة.

يقول ميشرا: ”زيادة الإنتاج التي تحققت عند استخدام الرمل الشمعي تؤكد أن اقتصاديات استخدامه جيدة“.

وعن مدة بقاء الرمل الشمعي في الأرض، قال إنه ستكون هناك حاجة إلى تغييره مع كل نبات وقت زراعة الشتلات، ومع ذلك، يمكن جعل طلاء الشمع أكثر سُمكًا، أو يمكن إضافة مواد لزيادة عمره الافتراضي في الأرض.

وأكد ميشرا أن البارافينات المنقاة مثل تلك المستخدمة في الدراسة قابلة للتحلل الحيوي بسهولة وغير سامة وغير ضارة بالبيئة، على عكس الأغطية البلاستيكية، كما أنها لا تؤثر على المجتمعات الميكروبية في التربة.

أما احتمال ذوبان الشمع، فأوضح أنه خلال فصل الصيف، يمكن أن تصل درجات حرارة الأرض إلى 70 درجة مئوية وأكثر، وهذا ما حدث بالفعل في تجاربنا، ومع ذلك فإن هذا لم يؤثر على طلاء الشمع، فأغشية الشمع بسُمك 20 نانومترًا مرتبطة بحبيبات السيليكا بواسطة روابط قوية بين الجزيئات، مما حال دون الذوبان والتقطير أو التدفق.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا