Skip to content

08/04/23

سوء التغذية يقزِّم أجيال سوريا القادمة

malnutrition1 (2)
حقوق الصورة:Sonya Alali/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • شيوع سوء التغذية بين نازحي شمال سوريا، والإغاثيون عاجزون عن الوفاء باحتياجاتهم
  • زلازل، واحتراب لمدة 13 سنة، تزيد في أعداد اللاجئين، والمخيمات المكتظة تضيق عنهم
  • الأطفال المتقزمون يتجاوزون نصف المليون، 48% زيادة في نسبة مَن يعاني سوء التغذية في عام

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[إدلب] شاعت الإصابة بسوء التغذية في الشمال السوري، والمنظمات العاملة في المنطقة عاجزة عن وقف استشرائه بين الأطفال.

فمع دخول الاحتراب بسوريا عامه الثالث عشر، وبعد الزلازل المدمرة التي تعرضت لها البلاد، تتزايد أعداد النازحين في المخيمات المكتظة بأعداد كبيرة من اللاجئين تفوق قدرتها على الاستيعاب، وتتفاقم أمراض سوء التغذية بين الأطفال خاصة.

وفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا ويعانون سوء التغذية الحاد الوخيم، ارتفع في سوريا بنسبة 48% من عام 2021 إلى 2022، وصار أكثر من 609,900 طفل دون سن الخامسة يعانون التقزم.

فسوء التغذية هذا يُضعف جهاز المناعة لدى الأطفال، ويكونون عرضةً للوفاة بمعدل 11 مرة أكثر من الذين يتمتعون بتغذية جيدة، كما أن نقص التغذية المزمن ينجم عنه تقزم، ويسبب أضرارًا بدنيةً وعقليةً للأطفال لا يمكن التعافي منها، ويؤثر ذلك على قدرتهم على التعلُّم وإنتاجيتهم في مرحلة البلوغ.

للوقوف على الأسباب والنتائج، والتعرف على الأحوال والملابسات، واستشراف ملامح مستقبل الأجيال المقبلة في شمال سوريا، تحسست شبكة SciDev.Net أحوال النازحين في بعض مخيمات مدينة إدلب، لتقدم نماذج قليلة، تلخص حجم الكارثة وتأثيرها على أطفالهم.

جمال الدياب (38 عامًا) نازح من مدينة سراقب بريف إدلب الجنوبي إلى مخيم على أطراف المدينة، وهو أب لخمسة أطفال، كلهم عرضة للإصابة بالأمراض باستمرار ويعانون من الهزال.

عن تأمين الغذاء لأسرته، يقول الدياب للشبكة: ”فرص العمل شحيحة، أستطيع توفير الخبز فقط لأطفالي، ويزداد اعتمادنا على ما يقدم لنا من سلال غذائية ومساعدات إنسانية“.

”الفاكهة واللحوم من الكماليات“، ولا تدخل إلى بيت الدياب إلا في المناسبات والأعياد، مؤكدًا أن أوضاع المخيم مأسوية، إذ يندر توزيع المواد الإغاثية، كما تقل المياه النظيفة، وتكثر الحشرات والقوارض.

وفي مخيم أرمناز بريف إدلب، تعاني سلمى العواد (32 عامًا) سوء التغذية، وتشكو إصابة ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات بالتقزم: ”ظهرت على طفلي أعراض سوء التغذية وهو في عمر السنة، عندما قطعت الرضاعة الطبيعية عنه بسبب وضعي الصحي الصعب“.

وتضيف: ”لجأت إلى طبيب الأطفال في مركز الرعاية الصحية الأولية في المدينة، الذي أكد أنه يعاني سوء تغذية حادًّا منذ وقت طويل، وهو ما تسبب له في قصر القامة ونحول شديد، وتأخر في اكتساب المهارات الحركية“.

أما ابنتها الكبرى ’سمية‘ البالغة من العمر خمس سنوات، فهي ليست أفضل حالًا، تقول سلمى: ”زوجي يعمل بشكل متقطع، لذا فهو غير قادر على تأمين الغذاء المتكامل للأسرة“.

الفقر والغلاء يدفع الأمهات إلى الاعتماد في تغذية أطفالهن على أطعمة بسيطة رخيصة نسبيًّا وغير غنية بالبروتينات والدسم.

علية الحلوم (29 عامًا) نازحة من مدينة معرة النعمان، وتقيم حاليًّا في مخيم عشوائي في الشمال السوري على الحدود مع تركيا، تضطر إلى إرضاع طفلها -ذي الأشهر العشرة- الشاي أو مادة النشا بعد طبخها مع السكر، أو الأرز المطحون، ما أدى إلى إصابته بمرض سوء التغذية.

تقول علية: ”نحن لا نملك المقوِّمات التي تحمي أطفالنا من سوء التغذية بسبب تردي أوضاعنا المادية، إذ نعجز عن شراء الحليب الصناعي المكمّل“، وتؤكد أن ولدها يعاني فقر دم وهزالًا شديدًا وضعفًا عامًّا، وأكد الطبيب حاجته إلى علاجات كثيرة، لكنها عاجزة عن شرائها له.

والمعاناة تكتمل بخلو المخيم الذي تقطن فيه علية من النقاط الطبية، لذا ترجو أن تقوم المنظمات الطبية بتقديم الرعاية الصحية والأدوية لأطفال المخيم ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة.

سوء التغذية -وفق طبيب الأطفال السوري عبد الباسط سليمان- هو نقص الوارد البروتيني أو الحروري الذي يحتاج إليه جسم الطفل، ويكون عادةً خلال السنة الأولى من عمره، ويصاب به نتيجة عدم قدرة الأم على الإرضاع الطبيعي، والعجز عن توفير الحليب الصناعي البديل بسبب غلاء أسعاره وشيوع الفقر، واضطرار الأمهات إلى تغذية أطفالهن بالنشا أو التغذية غير المنتظمة.

يقول سليمان لشبكة SciDev.Net: ”مرض سوء التغذية يؤثر على كافة أعضاء الجسم، بما فيها الكبد والجلد، وقد يؤدي إلى إصابة الطفل بمشكلات في العينين والأمعاء، كما يكون الطفل عرضةً للإصابة أيضًا بالإنتانات المعوية والتنفسية المتكررة والقاتلة“، مشيرًا إلى أن نسبة الوفيات تكون عاليةً جدًّا بين الأطفال نتيجة صعوبة العلاج.

ويلفت سليمان إلى أن 5-10 أطفال مصابين بسوء التغذية يرتادون عيادته في مدينة إدلب يوميًّا، مؤكدًا أن حوالي 15% من الأطفال تحت سن الخامسة مصابون بمرض سوء التغذية المتوسط أو الشديد.

و”من أسباب شيوع المرض بين الأطفال في إدلب تردي المستوى المعيشي لمعظم الأسر، وعدم حصول النساء الحوامل على التغذية المتوازنة اللازمة“، وفق دريد الرحمون، رئيس شعبة الأمراض المزمنة والصحة المجتمعية في مديرية صحة إدلب، ويزيد الأزمة حدةً ”قلة الخدمات الصحية في مخيمات النزوح“.

ويلفت الرحمون إلى أن مديرية الصحة تقوم بالتنسيق مع شركاء لتعيين خبراء بمجال التغذية في المراكز الصحية لمتابعة شؤون التغذية لدى الأطفال ومنح المكملات الغذائية لمَن يحتاج إليها، ودعم فرق خاصة بهذا الشأن من خلال المسح والعلاج.

ويتوقع الرحمون زيادة عدد حالات سوء التغذية خلال المدد القادمة، وخاصةً بعد كارثة الزلزال، فالإمكانيات ضعيفة والدعم محدود.

وحتى قبل الزلازل المدمرة التي بدأت في 6 فبراير الماضي، كان نداء ’يونيسف‘ في عام 2023، للعمل الإنساني من أجل الأطفال في سوريا يعاني نقصًا كبيرًا في التمويل، ومع تفاقُم الوضع نتيجة الزلازل، أصبح الوضع أكثر إلحاحًا.

”نحتاج إلى 172,7 مليون دولار من أجل المساعدات الفورية المنقذة للحياة لحوالي 5.4 ملايين شخص (بما في ذلك 2.6 مليون طفل) متضررين من الزلزال في سوريا“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا