Skip to content

18/08/22

العراق ينتظر خصمًا جديدًا في دجلة بسبب سد الجزرة

نهر دجلة، خاص بسايدييف نت، تصويري عادل فاخر، بغداد
حقوق الصورة:Adel Fakhir/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • مخاوف تتولد لدى العراق من سد جديد تقيمه تركيا على نهر دجلة
  • عراقيون يتوقعون أن تنخفض حصة دجلة إلى ما دون النصف
  • وأتراك يُطمئنون ويؤكدون أن سعة تخزينه النشطة صغيرة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[بغداد] أبدى عراقيون معنيون بالشأن المائي في بلاد الرافدين قلقًا بسبب سد جديد، شرعت تركيا في تشييده قريبًا من الحدود بين البلدين، وفي حين رسم بعضهم مستقبلًا أكثر قتامةً من الوضع القائم، ثمة مَن أرسل رسائل طمأنة من جانب الأتراك.

ولم يلبث الخوف من سد إليسو التركي يتبدد، بعد تفعيل بنود الاتفاق الأخير بين البلدين خلال العام الماضي، والذي يضمن توزيعًا عادلًا لمياه نهري دجلة والفرات، حتى عادت المخاوف من سد الجزرة أو الجزيرة.

السد يقع في ولاية شرناق جنوب شرق تركيا، على بُعد 35 كيلومترًا من الحدود العراقية، وهو أحد السدود المخطط لها ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول التركي، ويبلغ ارتفاعه 46 مترًا وعرض قاعدته 190 مترًا، وعرض قمته 15 مترًا، وسيولِّد طاقةً تبلغ 240 ميجاوات.

والري أيضًا أحد الأغراض المستهدفة من إنشاء سد الجزرة، بالإضافة إلى التحكم في المياه الخلفية لسد إليسو.

وتخطط تركيا لاستكمال بنائه في غضون عام، وبما أنه سيكون أصغر من سد إليسو، فسينتهي بناؤه في وقت أقصر.

وكان المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية حاتم حميد قد حذر -خلال الأسبوع الماضي- من أن ”سد الجزرة سيقلل نسب المياه الواصلة إلى العراق بنسبة 56%، كما أن ما سيصل منها سيكون بنوعية رديئة“، مؤكدًا أنه برغم الرفض الرسمي العراقي لتشييد السد خلال الأعوام العشرة الماضية وحتى الآن، فإن تركيا ماضيةٌ في تشييده.

وكشف حميد لشبكة SciDev.Net أن ”الإيرادات المائية الحالية من تركيا لا تتجاوز 35% من المعدل العام، بينما كانت أنقرة قد وعدت في وقتٍ سابق بإطلاق ما لا يقل عما بين 50 و70% إلى نهري دجلة والفرات“.

يرى كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية، وعضو هيئة التدريس في جامعة دهوك بالعراق رمضان حمزة، أن سد الجزرة هو السد الأكثر خطورةً وتأثيرًا على مستقبل العراق المائي والبيئي والزراعي.

يقول حمزة لشبكة SciDev.Net: ”هذا المشروع سيكون عبارة عن منظومة مائية خانقة للعراق، وتهدف بالأساس إلى إخراج سد الموصل من الخدمة وحرمانه من مياه نهر دجلة، وحرمان أراضي العراق الزراعية من الترسبات الفيضية التي تساعد على استمرارية خصوبة التربة وتجديدها سنويًّا، ومن ترسبات الحصى والرمل كمواد إنشائية“.

ويتوقع حمزة أن المياه التي ستصل إلى العراق ستكون عبارةً عن مياه بزل ملوثة بالمبيدات الزراعية، وبذلك سيفقد العراق مياه نهر دجلة كاملًا، إلا من مياه البزل والصرف الصحي من المدن التركية أسفل مشروع السد.

ويتابع حمزة: ”سيكون لسد الجزرة انعكاسات سلبية على العراق وحرمان للكثير من السكان على عمود النهر حتى من إمدادات مياه الشرب الكافية والنظيفة، بالإضافة إلى أنه سيصبح بيئةً لتكاثر البعوض والحشرات المضرة الأخرى“.

وفي حواره لشبكة SciDev.Net يرد دورسون يلدز -رئيس أكاديمية السياسات المائية التركية- على مخاوف الجانب العراقي، موضحًا أن ”سد الجزرة الذي لم يكتمل بناؤه بعد ستكون سعته التخزينية (380) مليون متر مكعب من المياه، أما حجم التخزين النشط للسد فهو صغير جدًّا؛ إذ يبلغ 88 مليون متر مكعب“، مشيرًا إلى أن أغراضه تتمثل في توفير مياه الشرب والري وتوليد الطاقة الكهرومائية.

جديرٌ بالذكر أن شبكة المعلومات الدولية تغص بمعلومات عن أن السعة التخزينية النشطة للسد تبلغ 208 ملايين متر مكعب.

وفي إشارة إلى سد إليسو يوضح يلدز أنه يقع في أعلى المنبع، وهو لأغراض الطاقة فقط، وسيتم إطلاق كمية كبيرة من المياه منه لإنتاج الطاقة، ستتدفق هذه المياه إلى منطقة سد الجزيرة مع المياه المجمعة من الأحواض الفرعية.

ويستطرد: ”وسيتعين تشغيل محطة توليد كهرباء بقدرة 350 ميجاوات بشكل مستمر خلال العام، في حين سيتم إطلاق المياه التي تمر عبر محطة الطاقة هذه إلى قاع النهر“.

علاوةً على ذلك سيتم استخدام أنظمة الري الحديثة (الري بالتنقيط)، لذلك سيكون استخدام المياه في الري في حده الأدنى، ولن تكون هناك مشكلات كبيرة في الصرف الصحي أو مشكلات في جودة المياه بالمنطقة.

ويقول يلدز: ”إن ادعاء أن السد عند اكتماله وتشغيله سيخفض نسب المياه الواصلة إلى العراق بنسبة 56%، مُبالَغ فيه للغاية“، إذ سيتم تخصيص جزء صغير جدًّا (35 مليون متر مكعب/ سنة) من المياه القادمة إلى سد الجزرة لمياه الشرب.

وأردف: ”أعتقد أن مجموع هذه الكمية وكمية المياه التي سيتم تخصيصها للري بنظام ري حديث لن يتجاوز 10% من متوسط التدفق السنوي في موقع السد، كما لن يكون هناك تلوث خطير واسع النطاق“.

ويشير يلدز إلى أهمية تقييم المشروعات الحالية والمستقبلية من خلال نهج تعاوني لتقاسُم فوائد تدفقات نهر دجلة، وتطوير التعاون بين البلدين المتشاطئين.

بينما يرى حمزة أن على الحكومة العراقية وضع ملف هذا السد والسدود الأخرى في حوضي نهري دجلة والفرات في أولوية أجندتها السياسية والاقتصادية مع تركيا، والتحرك سريعًا لمواجهة النقص المتوقع في واردات مياه نهـر دجلة وتلوث مياهه، والمطالبة بتدخل دولي لإنقاذ مستقبل العراقيين وحياتهم من كوارث إنسانية لا تُحمد عقباها.

يقول حمزة: ”الشروع في بناء سد الجزرة سيرسم خريطةً للعراق دون مياه، بعد أن أصبح سد إليسو واقعًا مفروضًا، بسبب تلكؤ الحكومة في منع تركيا من الاستمرار في هذه الأعمال المنافية لحقوق العراق المائية“.

ويأمل العراق من تركيا أن تطلق خلال الشهرين المقبلين كمياتٍ مناسبةً من الحصص المائية، لتعزيز خزينها خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي، الذي عانى مؤخرًا من شح المياه بشكل كبير، بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا