Skip to content

15/11/21

س و ج حول البحث العلمي في غزة بعد أعوام من الحصار

research in gaza
حقوق الصورة:Saeb Aliwaini/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • أي إنجاز نادر، يكون لجهد فردي، أو بسبب منحة من هنا أو هناك، والمؤسسات عاجزة عن الدعم، ولا سبيل لتحسين الأوضاع
  • مخرَجات الأبحاث متواضعة لضعف الإمكانيات، وعلى الباحثين تدبير أمورهم، والمحظوظ مَن توافر له شيء
  • البحث العلمي يمكن أن يُسهم بسهم وافر في حل مشكلات الحياة تحت حصار المحتل

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يحاصر الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة منذ نحو 15 عامًا، حصارًا أمات فيها مظاهر الحياة، وما لم يمت أصابه الشلل.

وفيما شل أو مات، إذ تعطلت حركته، البحث العلمي والابتكار، وبخاصة على مستوى الجامعات، حتى إن إسرائيل لم تتورع عن استهداف المختبرات العلمية فيها، ناهيك بمنع دخول الأجهزة والمُعدات المتطورة والمواد الكيميائية اللازمة لإجراء الأبحاث.

ومن جهة أخرى، فإن همة الأكاديميين والباحثين قد همدت، بسبب المناخ العام، في ظل حال تقف معها المؤسسات الأكاديمية عاجزةً عن توفير الدعم المطلوب، ثم إنهم لا يتلقون رواتبهم كاملة.

وعلى الرغم من إحراز بعض النجاحات هنا أو هناك، بفوز عدد منهم بجوائز محلية أو إقليمية ونشر أبحاث بعضهم في مجلات دولية مُحكمة، إلا أن الإنجاز لا يرقى إلى التطلعات المنشودة، طالما أن أصحابه محكوم عليهم بالعزلة.

حول قطاع البحث العلمي في غزة وما آل إليه كان لشبكة SciDev.Net هذا الحوار مع صائب العويني، أستاذ التكنولوجيا الحيوية ومدير وحدة أبحاث السرطان في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة.

في رأيكم ما هي أكبر عقبة تواجه المؤسسات البحثية في قطاع غزة؟

دور المؤسسات العلمية قبل الحصار كان محدودًا جدًّا، وازداد محدوديةً بعده، إذ ضيَّق الحصار الخناق على الباحثين بمنع إدخال المواد الأساسية والجانبية على حدٍّ سواء، وتُعد هذه من أهم العقبات.

وبالنظر إلى الأبحاث فيما يتصل بمرض السرطان على سبيل المثال، فحتى نُصنع بعض المركبات العلاجية بصورتها الأولية، لا بد من شراء بعض المواد الكيميائية المهمة، إلا أن ’إسرائيل‘ تمنع دخولها، كما أن الأجهزة اللازمة تَعطَّل جزءٌ منها وما من إمكانية لإصلاحها، ما قد يضطرنا إلى تجشُّم عناء السفر إلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، من أجل إنتاج مركب واحد ضد خلايا السرطان، في حين أن الباحثين في الغرب قادرون على تصنيع 100 مركب في شهر.

نعاني يوميًّا من جرَّاء عدم توافر الأجهزة والمواد، وهذا مؤشر خطير؛ لأن المؤسسات الأكاديمية باتت مقتصرةً على التعليم النظري، وبالتالي انحسر دور الباحثين.

إذًا ما السبيل لتحسين الأوضاع؟

لا سبيل، كلها محاولات واجتهادات فردية، الباحث المهتم بنتاج علمي مُعتبر أصبح مجبرًا على مشاركة باحث آخر في الغرب يساعده على تحقيق إنجاز يتصل بالواقع العلمي الحديث.

كل ما يُنجز من أبحاث ذات قيمة ويُنشر في مجلات علمية راقية ما هو إلا جهد ذاتي للأكاديميين، وذلك في حال تحصَّلوا على منح وتمويل من هنا أو هناك، أما الجامعات فقد ابتعدت كثيرًا عن هذه الأولوية، وبالتالي غاب أي دعمٍ بحثي مؤسسي، بدليل أن الجهد المبذول لا يكاد يُذكر.

جهد المراكز البحثية في غزة ’ضعيف جدًّا‘، لكونه يذهب في اتجاه حل الأزمات المالية ولا ينصبُّ على الأبحاث.

وماذا عن طلبة الدراسات العليا لمَن يريد أن يُجري بحثًا؟

أقل بحث لطالب الدراسات العليا في التخصصات العلمية، يكلف حوالي 1500 دولار، ولا دخل لأكثر الطلاب، ولو كان الطالب يعمل، أقول ’لو‘، فحتمًا يعمل براتب زهيد، ويكون محظوظًا لو حصل على منحة توفر له جزءًا من الموارد المطلوبة لبحثه.

من جهتنا نحاول جاهدين مساعدة الطلبة بالتقليل من تكلفة البحث؛ حتى لا نحمِّلهم فوق طاقتهم، وعندئذٍ حتمًا تكون المُخرجات متواضعة.

ونضيف إلى هذا كله، مشاق السفر وتراجيديا معبر رفح وإغلاقه المتكرر.

خلاصة القول أنه على الباحث تدبير أمره أمام ظروف بالغة الصعوبة.

ماذا عن المشكلات التي تواجه الباحثين الأكاديميين؟

ثمة مشكلة أخرى لا تقل أهمية عما سبق، وهي أن أساتذة الجامعات يتقاضون منذ سنوات 30% أو 40% من رواتبهم، والتي لا تكفي لإعالة أسرهم وتغطية نفقاتهم، أصبح الوضع مأسويًّا، وشغلنا الشاغل توفير الاحتياجات الأساسية.

وأنَّى لنا أن نلتفت إلى متطلبات بحث قيِّم!

ماذا عن وحدة أبحاث السرطان؟

نشرتُ مع طلاب الماجستير والدكتوراة عدة أبحاث في تشخيص الأمراض السرطانية، لكن يا للأسف هذا الوحدة لا تتلقَّى دعمًا مؤسسيًّا، وقلَّما نحصل على دعم من جهة دولية.

إن إنتاج بحث فريد من نوعه في الوحدة، كلَّفني السفر إلى ألمانيا أخيرًا وإنفاق مبلغ طائل.

مَن المسؤول؟

لن أعفيَ القيادات السياسية من مسؤوليتها تجاه تدهور البحث العلمي، فلا يعنيها تطوير البيئة البحثية، ولو أنها أدركت كيف يمكن للبحث أن يسهم في حل الكثير من المشكلات ومنها الكهرباء ونقص الأدوية، لخصصت لهذا الجانب ميزانيات وأوجدت الحلول.

ليت المرضى يصبحون أولويةً عند القوى السياسية، التي تركز على جلب المساعدات الإغاثية فقط، فكما يسعون حثيثًا لإدخال مواد البناء والغذاء، حريٌّ بهم أيضًا أن يضعوا شروطًا ضمن أي تفاهم أو تهدئة تُفضي إلى السماح بإدخال الأجهزة والمواد اللازمة للبحث العلمي.

أناشد المسؤولين ألا يتركوا المؤسسات البحثية وعلماء غزة في مهب الريح، وأن يمنحوهم الاهتمام اللائق على المستوى الإداري والمالي.

آن الأوان ليبدأ السياسيون لدينا في التواصل مع جهات دولية لإنشاء مركز بحثي للسرطان على مستوى القطاع، بحيث يُوظَّف فيه الباحثون القلائل العاملون في هذا المجال.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا