Skip to content

15/09/22

المياه الجوفية.. كنوز مخفية بحاجة إلى اتفاقيات

img-2022-10313-Stock - Making water accessible in a Remote village of India by Prabuddha (1)
حقوق الصورة:International Groundwater Resources Assessment Centre

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

كوننا لا نراها لا يعني أنها غير موجودة، لذا حمل اليوم العالمي للمياه هذا العام شعار ”المياه الجوفية.. جعل غير المرئي مرئيًّا“، وهو الشعار ذاته الذي تبناه الأسبوع العالمي للمياه هذا العام، والذي انعقد في مدينة ستوكهولم بالسويد في الفترة من 23 أغسطس وحتى 1 سبتمبر الجاري.

وفي جلسة بعنوان: ”تقاسم الكنوز المخفية.. كيفية تحسين التعاون في مجال المياه الجوفية العابرة للحدود“ أشارت سوزان شماير -أستاذ مشارك في قانون المياه والدبلوماسية بمعهد اليونسكو ’آي إتش إي دلفت‘ للتعليم في مجالات المياه- إلى أن الشرق الأوسط إحدى المناطق التي تبرز فيها أزمة ضعف التعاون وغياب وجود اتفاقيات واضحة حول المياه، سواء السطحية أو الجوفية.

وعبرت شماير عن قلقها من محدودية عدد الاتفاقيات التي تم توقيعها حول المياه المشتركة في المنطقة مقارنةً بمناطق أخرى حول العالم، لكنها قالت في حديثها لشبكة SciDev.Net: ”ثمة مساحة للتحسين؛ فهناك إدراك لدى دول الشرق الأوسط لأهمية التفاهم حول المياه الجوفية، فمحدودية الموارد، والاحتياج المتزايد إلى المياه يمثلان عوامل ضغط في المنطقة، وإذا ما أضفنا التغيرات المناخية فإن الضغط يتزايد جدًّا“.

تعتمد دول الشرق الأوسط بشكل رئيسي على المياه الجوفية، لكونها لا تملك العديد من الأنهار، ”الآن هو الوقت المناسب للدول للجلوس معًا واتخاذ تحرُّك مشترك صوب الوصول إلى اتفاق حول أحواض المياه الجوفية“، كما تقول شماير.

وتوضح شماير أن الشكل المثالي للتعاون هو إنشاء منظمات معنية بأمر المياه الجوفية، والتي ستساعد في المستقبل على إدارة هذه الأحواض.

وفي الشرق الأوسط اتفاقية واحدة فقط حول خزان جوفي مشترك، وهي الاتفاقية التي جرى إبرامها بين المملكة العربية السعودية والأردن حول حوض الديسي، فبداية من السبعينيات خاضت الجارتان سباقًا للسحب من الخزان الجوفي وتنفيذ عدد من المشروعات الزراعية في الأراضي الصحراوية، وفي عام 2015 وقعت الجارتان اتفاقية لإدارة المياه الجوفية في الديسي وحمايتها، وتحديد منطقة محميّة لمسافة 10 كيلومترات على جانبي الحدود لا تُسحب المياه منها، لكن الاتفاق لم يحدد حصصًا مائيةً للجانبين.

وثمة اتفاقية أخرى بين تشاد ومصر وليبيا والسودان حول خزان الحجر الرملي النوبي، جرى توقيعها عام 2000 بهدف رصد البيانات ومشاركتها من أجل التنمية المستدامة والإدارة السليمة للخزان، أما التنسيق والتعاون في إدارة الخزان الجوفي فيعود إلى مراحل أقدم من هذا التاريخ.

ويثير الحديث الفضول حول أسباب عدم وجود ما يكفي من اتفاقيات حول الأحواض المشتركة في المنطقة، بالرغم من وجود ضغط مائي واحتياج إلى آليات تشغيل مشتركة، تقول شماير إن السبب مرتبط بضعف المعلومات في المنطقة في هذا المجال، ”في حالات عديدة لا نعلم مَن الدول المتشاركة في حوض مياه جوفية محدد، وما كمية المياه فيه، إذ تغيب العديد من المعلومات الأساسية، لذا فمن أجل الإجابة عما نحتاج إليه أو ما ينقص المنطقة، بطبيعة الحال نحتاج إلى الإرادة السياسية والمزيد من المعرفة“.

يشترك 21 بلدًا من بين 23 في شمال أفريقيا وغرب آسيا في خزانات المياه الجوفية العابرة للحدود، وهناك ثلاثة من هذه البلدان لديها تنسيقات تشغيلية تغطي 50% أو أكثر من مساحة المياه الجوفية العابرة للحدود، وهي الجزائر وتونس وليبيا.

ويخضع التعاون حول الأحواض المشتركة لمعايير حددتها منظمة اليونسكو في تقريرها الصادر عام 2021 ”التقدم المحرز في التعاون في مجال المياه العابرة للحدود“، من بينها وجود هيئة أو آلية مشتركة للتعاون العابر للحدود، وعقد اجتماع سنوي على الأقل بين البلدان المتشاطئة، ووضع خطة مشتركة أو منسقة لإدارة المياه أو أهداف مشتركة، وتبادل البيانات والمعلومات بحد أدنى سنويًّا.

وكما هو معلوم فإن الأنهار الكبرى المشتركة الموجودة في منطقتنا جميعها محل خلاف، ولم تنجح أي من الدول العربية في الوصول إلى اتفاقيات حول المياه السطحية، ”فما الدروس التي يمكن أن نتعلمها حتى نتجنب المآل ذاته فيما يتعلق بالمياه الجوفية؟“، تتساءل شماير، وترد في الوقت ذاته: ”عقد اتفاق حول المياه الجوفية سيكون أمرًا عسيرًا، ولكن أهمية المياه ستدفع الدول إلى التعاون“.

وتعود شماير لتتساءل: ”فما البدائل؟.. البدائل هي الجنوح نحو الخلاف والتوتر والصراع حول المياه، وهذا لن يعود بنفع على أي طرف، لا على الدولة ولا على الأفراد ولا على الاقتصاد“.

وترى شماير أنه يمكن التعلم من عدد من النماذج العالمية الناجحة، منها حوض نهر أورانج، أطول نهر بجنوب أفريقيا، وهو مثال جيد لتعاون بدأ حديثًا نسبيًّا “عام ٢٠٠٠”، وتطور من خلال إنشاء منظمة لحوض النهر، تنسق ما يتعلق بالمياه الجوفية أيضًا.

وتابعت شماير: ”ربما تغيب أمثلة جيدة من الشرق الأوسط، لكن أظن أن هناك العديد الذي يمكن أن نتعلمه من المناطق الأخرى، خاصة دولة مثل جنوب أفريقيا تعاني من جفاف مشابه لما هو عليه في الشرق الأوسط“.

وفي الجلسة ذاتها تحدث ساروج كومار جاه -المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي- عن تجربته في الدفع لإحداث تعاون أكبر حول المياه بالمنطقة، قائلًا: ”عشت في الشرق الأوسط لمدة خمسة أعوام، ورأيت بنفسي مدى ارتباط قضايا المياه بالأمن والاستقرار، فالتنافس على الموارد المحدودة يخلق توترات، لذا فالتعاون بين أصحاب المصلحة المختلفين أمر حيوي ومهم“.

وأعلن البنك الدولي عن نيته إصدار تقرير موسع حول المياه الجوفية حول العالم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام القادم 2023.

يوجد حول العالم حوالي 592 خزان مياه جوفية مشتركًا بين دولتين أو أكثر، وثمة نقص شديد في المعلومات والبيانات حول الخزانات المشتركة، خاصة بالمنطقة، والقليل من التعاون.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا