Skip to content

15/02/23

الجزائر تشهد عامًا فيه يغاث الناس

IMG_COM_20230205_1121_02_9466
حقوق الصورة:Riad Mazouzi/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • الغيث ينزل على أهل الجزائر بعد سنين من الجفاف، أرغمت تداعياته الفلاحين على هجر أراضيهم
  • مناسيب المياه الجوفية آخذةٌ في الارتفاع، والسدود في طريقها إلى الامتلاء
  • سعي من السلطات ونصائح من المعنيين للاستثمار

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[الجزائر] كما لم تهطل منذ أمد، هطلت سماء الجزائر بالأمطار والثلوج خلال الأسابيع الفائتة، وفرَّجت عن الفلاحين والقطاع الزراعي كربًا، عانوه لجفاف دام عقدًا.

وبعد مرور السنوات العشر الأخيرة عجافًا على الجزائر، تغيرت خريطتها الفلاحية، خاصةً في الهضاب العليا والمناطق الصحراوية، وفق الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، عبد اللطيف ديلمي.

يقول ديلمي لشبكة SciDev.Net: ”الجزائر التي تتعدى المساحة الموجهة للزراعة فيها ثمانية ملايين هكتار، صارت اليوم لا تتعدى أربعة ملايين، لأسباب أدت إلى عزوف الفلاحين عن خدمة أراضيهم“.

وجد الفلاح نفسه بين مطرقة شح الأمطار التي يعتمد عليها في ري أرضه وزرعه، وسندان انعدام المرافق والدعم الكافي من الدولة، وآل حاله إلى خسائر تحاصره، فهو ”يزرع ولا يحصد، ويوفر صهاريج مياه بأثمان باهظة لأشجار لم تصمد للجفاف، كما كان يتعرض لعراقيل كبيرة في حفر الآبار، وينتظر المردود أكثر من سنتين، وغالبًا ما يكون بالسلب“، وفق ديلمي.

مثلًا، يستبد الخوف بالمزارع علي عاشوري -صاحب مستثمرة فلاحية بجنوب ولاية سطيف شرق الجزائر- بسبب موجة الجفاف التي ضربت الجزائر، وواكبها حرائق ضخمة خلال عامي 2021 و2022، وغار معها الماء، وجفت السدود، ويبست المئات من الأشجار، التي دأب على غرسها في السنوات الثلاث الأخيرة، خاصةً شجر الخوخ والكرز والتفاح والإجاص الذي يُروى بمياه كثيرة في سنيِّه الأوَل.

يقول عاشوري لشبكة SciDev.Net: ”أعرف فلاحين لجأوا إلى اقتناء صهاريج، سعة الواحد منها 3000 لتر، يُملأ الثلاثة منها ماءً كل أسبوع بما يعادل (80 دولارًا أمريكيًّا)، إنقاذًا لزراعاتهم، خاصةً الأشجار المثمرة“.

ويحكي عاشوري أن عددًا من الفلاحين بالمناطق الداخلية في الجزائر هجروا خدمة أراضيهم وبارت.

ويؤكد ديلمي: ”كم من مساحات زراعية واسعة أُهملت على مر السنوات الثلاث الأخيرة، لتتحول إلى أراضٍ بور لا تصلح سوى لجمع الحصى والنباتات الشوكية، خاصةً في مناطق الهضاب العليا الغربية والوسطى وبوابات الصحراء“.

”لكن الأمطار والثلوج الحالية من شأنها رفع منسوب المياه في الآبار والمنابع الطبيعية والسدود؛ لتعيد الحياة إلى قطاع الفلاحة في الجزائر“، وفق عاشوري.

ولله الحمد والمنة، ”هطلت الأمطار على أكثر من 28 محافظة، وتساقطت الثلوج على المرتفعات التي تزيد عن 500 متر، على نحوٍ لم تشهده البلاد منذ عشر سنوات مضت“، كما بيَّن فرحات مختار، الخبير بالديوان الوطني للأرصاد الجوية بالجزائر.

ويتوقع ’الشيخ فرحات‘ -كما يلقبه الجزائريون- استمرار الهطول المطري في مدد متقطعة خلال شهر فبراير الجاري، ما من شأنه رفع مناسيب المياه العذبة وإنعاش القطاع الزراعي، ويمتد الأمل بغيره أن يطول إلى مارس المقبل.

أما مدير استغلال الأرصاد الجوية والمناخ بالديوان، صالح صحابي عابد، فيقول لشبكة SciDev.Net: ”أربعة أخماس سدود الجزائر بشمال البلاد ستشهد ارتفاعًا لمنسوب مياهها بنسبة 100%“.

ويترقب عابد عودة الحياة إلى عدد من السدود التي جفت في السنتين الأخيرتين، لا سيما سد جرف التربة بولاية بشار جنوب غرب الجزائر، وسد تيشي حاف بولاية بجاية شرق الجزائر.

ومع توقع استمرار تساقط الثلوج والأمطار ”سيرتفع معدل التساقط السنوي للأمطار إلى أكثر من 95%“، وفق عابد.

بيد أن الحديث عن عودة الجزائر إلى ’دائرة الأمان‘ بشأن المياه ومن ثم القطاع الزراعي ”لن يأتي إلا بعودة معدل التساقط السنوي للأمطار إلى ما كان عليه سابقًا، بين 700 و1100 مللي في المناطق الساحلية، وبين 600 و800 مللي بالمناطق الداخلية والهضاب العليا، وبين 200 و300 مللي بالمناطق الصحراوية“، على حد قول فرحات.

ويستطرد: ”وبما أن مستقبل الجزائر يكمن في المياه الجوفية -التي تَراجَع منسوبها كثيرًا- فإن عودتها إلى مستواها تتطلب استقرارًا في التساقط السنوي بالمعدل السابق“.

وأما خالد فوضيل، الباحث بمعهد تسيير التقنيات الحضرية بجامعة صالح بوبنيدر- قسنطينة 3، ورئيس جمعية أكسي جين المعنية بالحفاظ على البيئة، فيقول: ”فقدت الجزائر مخزونًا كبيرًا من المياه الجوفية على مر سنوات الجفاف الأخيرة، وعودة ذلك المخزون مرهونة باستقرار التساقط السنوي، ولو لثلاث سنوات متتالية، وبمعدل تساقط يفوق 1000 مللي شمالًا، وبين 300 و800 بالمناطق الداخلية والصحراوية“.

ويرى فوضيل أن ”مسايرة أزمة الجفاف في الجزائر تتطلب دراسةً عميقةً وخطة مدروسة وجدية كبيرة، من قِبل السلطات والمختصين“.

ويدعو فوضيل إلى إنشاء سدود متوسطة وكبيرة بالمناطق الداخلية التي تعهد شحًّا في التساقط المطري، والاعتماد على برامج تحويل المياه إليها من السدود بالمناطق الشمالية، خاصةً الشرقية منها التي تعرف معدل تساقط مطري مقبولًا سنويًّا.

ويستطرد: ”بدلًا من رجوع كميات المياه الزائدة -بعد امتلاء السدود شتاءً- إلى البحر، يجب تحويلها إلى سدود المناطق الأقل تساقطًا، واستغلالها في الشرب والري“.

فوضيل يعد توسيع نطاق التشجير أحد أهم العوامل ”لتقويم المناخ“، والذي يجب أن تهتم به الدولة، لكونه يحافظ على الاعتدال وتخفيض درجات الحرارة، ويقلص حاجة الأرض إلى المياه، مشيرًا إلى الخطة المستقبلية للجزائر بتجديد جدار ’السد الأخضر‘.

يُذكر أن السد الأخضر هو مشروع بيئي نُفذ في عهد بومدين لفصل المناطق الصحراوية عن مناطق الهضاب العليا والداخلية، من خلال تشجير ملايين الهكتارات من السهوب.

تلك الخطوة ”من شأنها تعديل المناخ، والتصدي لزحف الرمال نحو الشمال، بعدما حولت في السنوات الأخيرة آلاف الهكتارات إلى أراضٍ بور لا تصلح للزراعة“، وفق فوضيل.

ويطالب ديلمي الدولة ”بتوسيع منح الأراضي لاستصلاحها من قِبل الشباب، بشرط المرافقة ودعمهم في توفير تقنيات السقي بالتقطير، واقتناء الأجهزة كالمضخات وأنابيب تحويل المياه، مع تقديم تسهيلات للوصول إلى مصادر الماء، لتجنُّب شبح الجفاف الذي أرعب الفلاحين وجعلهم يهجرون خدمة أراضيهم“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا