Skip to content

16/03/09

تغيّر المناخ.. كيف تكتب عن موضوع القرن؟

Writing on climate change
حقوق الصورة:Flickr/ Oxfam International/ Ng Swan Ti

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

 تمثل كتابة التقارير الصحفية عن تغيّر المناخ مهمة ذات أهمية، لكنها محفوفة بالتحديات. وفي هذا الدليل، يُرشدك جيمس فاهن إلى كيفية جعل قصصك الخبرية دقيقة ومثيرة للاهتمام في الوقت نفسه.

قد يمثل تغيّر المناخ أهم موضوعات القرن الحادي والعشرين، إذ تشمل تأثيراته المجتمعات، والاقتصادات، والأفراد على نطاق واسع. وبالقدر نفسه من الضخامة، نجد التعديلات التي يتوجب إجراؤها على أنظمتنا للطاقة والنقل، وعلى الاقتصادات والمجتمعات، إذا أردنا تخفيف حدة تغيّر المناخ.

ينبغي على جميع الصحفيين فهم علم تغيّر المناخ -من حيث أسبابه، وأوجه الخلاف المتعلقة به، وتأثيراته الحالية والمتوقعة- ابدأ بإجراء بحوثك الخاصة بالاستعانة بالمصادر الموثوقة، مثل تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC)، والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، أو من الخبراء العلميين المحليين الذين تثق بهم. عليك بقراءة التقارير عن آخر الأبحاث المنشورة في الدوريات العلمية المحكّمة، والكتابة عنها، أو على أقل تقدير من المنشورات العلمية الرائجة المحترمة. وينطبق هذا بصفة خاصة على الصحفيين العاملين في البلدان النامية، حيث تندر الكتابة عن الموضوع، على الرغم من أن الدول الأشد فقرًا هي أكثرها تعرضًا لتغيّر المناخ.

الكتابة عن موضوعات غير مؤكدة الحدوث

يمثل تغيّر المناخ نتيجة 'لتجربة' ضخمة غير مخطَّط لها، تتمثل في انبعاث كميات كبيرة من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. ومن جانبهم، يحاول العلماء فهم هذه الظاهرة عن طريق دمج البيانات الحالية والتاريخية باستخدام نماذج حاسوبية متزايدة التعقيد. وهم يبحثون عن التأثيرات الارتجاعية المحتملة التي قد تقلّل ظاهرة الاحترار العالمي أو تزيدها سوءا. وهذه الحالة المعقدة من عدم القدرة على التنبؤ unpredictability هي ما يجعل من تغيّر المناخ علما مُلتبسًا على نحو خاص. وفي ما يلي، سأرشدك إلى كيفية تجنب بعض المزالق التي تكتنف كتابة التقارير عن هذا الموضوع.

لا تستسلم للإثارة.

في كثير من الأحيان، يحتاج الصحفيون إلى تحقيق التوازن بين رغبة رؤساء التحرير في الحصول على عناوين صارخة، وبين تحذيرات العلماء من عدم اليقين. لا تنسَق إلى إغراء طرح موضوعك بطريقة مُثيرة؛ فأن تكتب قصة خبرية دقيقة تحقّق نجاحًا محدودًا ، أفضل من أن تكتب قصة مُضلّلة، حتى لو نُشر اسمك في الصفحة الأولى.

فرّق بين الظواهر الجوية المنفردة وبين تغيّر المناخ.

إن المناخ هو معدّل الطقس على مدى فترة زمنية طويلة. وهناك عدد قليل الظواهر الجوية المتطرفة التي لا تؤكد تغيّر المناخ ولا تدحضه، وعادة ما يكون من الخطأ عزو الظواهر الجوية المنفردة إلى تغيّر المناخ بصورة مباشرة. لكن إذا كنت تقوم بتغطية إعصار حلزوني مدمر -على سبيل المثال- فمن المناسب أن تتصل بعلماء المناخ أو خبراء الأرصاد الجوية، ومن ثم تضمِّن وجهات نظرهم بشأن الاتجاهات المحتملة في تقريرك.

تعلّم كيفية الإبلاغ عن المخاطر.

عادة ما يتحدث علماء التغيّر المناخي عن مستويات الخطر؛ فكيف توصّل هذا إلى لجمهور؟ قد تفيدك هنا مصطلحات هيئة IPCC– فهي توفر مصطلحات مبسطة للقيم العددية التي تستخدمها لوصف المخاطر. وعلى سبيل المثال، يشير أحدث تقارير التقييم الصادرة عن الهيئة إلى أن الأنشطة البشرية "مرجَّح جدا" أن تكون سببًا لتغيّر المناخ، مما يعني احتمالا لا يقل عن 90 في المئة لأن يكون هذا صحيحًا. وعلى نفس المنوال، فإن "مرجّح" تعني احتمالا بنسبة 66 في المئة على الأقل، في حين أن "أرجحية الوقوع أكبر من أرجحية عدمه" تعني أكثر من 50 في المئة.

تجنب التوازنات الكاذبة.

يقوم بعض الصحفيين -في معرض سعيهم إلى الإنصاف والتوازن- بذكر آراء المشككين في تغيّر المناخ بوصفها ثقلا موازنا لقصصهم الخبرية حول تغيّر المناخ. لكن هذا قد يمثّل توازنا كاذبا إذا منحت آراء الأقلية نفس أهمية الأدلة العلمية المقبولة جيدا. وعلى سبيل المثال، ترى الأغلبية الساحقة من علماء المناخ أن متوسط ​​درجات الحرارة العالمية قد ارتفع مقارنة بمستويات ما قبل القرن التاسع عشر، وأن الأنشطة البشرية لعبت دورا مهما في ذلك.

من الجيد -بطبيعة الحال- أن تعرض أطياف وجهات النظر كافة، ولكن إذا وُضعت في سياقها الصحيح. وبالتالي، إذا أردت عرض آراء المشككين في تغيّر المناخ، عليك أن تصف أيضا الوثائق التي تُثبت صحة حُججهم، وما إن كانت آراؤهم تمثل رأي الأقلية.

تسويق قصّتك

يجب على الصحفيين جعل تقاريرهم دقيقة وجذابة في الوقت نفسه. وهناك العديد من الطرق لكتابة قصة خبرية جيدة عن تغيّر المناخ.

استخدام زوايا مختلفة.

يمثل تغيّر المناخ أيضا قصة تهم مجالات السياسة، والأعمال التجارية، والعلوم، وحقوق الإنسان، والطاقة والتكنولوجيا. انظر إلى الزوايا المختلفة لكل هذه المجالات (وأكثر)، وأرسل قصصك إلى العديد من رؤساء التحرير المختلفين. وبدورهم، فمن الممكن لرؤساء التحرير والمنتجين تكليف الصحفيين في مؤسساتهم الإخبارية بكتابة القصص عن تغيّر المناخ، مهما كانت مجالات خبرتهم.

اكتب عن الحلول.

إذا لم يقم الصحفيون بالكتابة أيضا عن سبل التخفيف من حدة تغيّر المناخ والتكيف معه، فمن المرجح أن يشعر الجمهور بالإحباط، ومن ثَمَّ يفقد اهتمامه بالموضوع.

اربط قصصك بأماكن، وأشخاص وموضوعات مثيرة للاهتمام.

يتسم هذا الأمر بكونه مفيدا على نحو خاص عند الكتابة عن الحلول، أو عن الموائل، والنباتات والحيوانات المهدّدة بفعل تغيّر المناخ. امنح الموضوع وجهًا وصوتًا.

استخدم الوسائل المساعدة لكتابة التقارير الصحفية.

إذا أمكنك ذلك، اجتذب اهتمام الناس باستخدام استطلاعات الرأي حول القضايا المتعلقة بتغيّر المناخ، والتقارير الاستقصائية الخاصة، والرسوم؛ فهي تساعدك في شرح البيانات المعقدة، ويمكنك بالطبع استخدام مقاطع الفيديو وملفات الصوت والصور. وإذا كانت ميزانيتك محدودة، فكّر في استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لمساعدتك في إجراء استطلاعات الرأي وفي الترويج، ويمكنك كذلك استخدام مدونات الفيديو لإجراء المقابلات الصحفية.

استخدم مصادر مختلفة.

في كثير من الأحيان، لا يكتب الصحفيون إلا عما يسمعونه من المسؤولين الحكوميين الذين يتحدثون في المؤتمرات. يمثل العلماء أيضا مصادر ممتازة، كما أنهم يشتركون معك عموما في السعي نحو الحقيقة. لكن عليك محاولة شرح ما يقولونه بلغة مفهومة للقارئ العادي. تذكّر أن يتضمن موضوعك آراء أصحاب المصلحة الآخرين، سواء كانوا من القرويين المحليين، أو المنظمات غير الحكومية، أو كبار رجال الأعمال. لديهم جميعا أفكار ثاقبة يودون طرحها.

إذا لم يكن المسؤولون والعلماء يثقون بك، فعليك بالمثابرة.

حاول الاقتراب منهم مباشرة (ربما في المؤتمرات والندوات والمحاضرات) من أجل طرح الأسئلة الأكثر استقصاء، والتي غالبا لن يناقشوها في الخطب العامة. وبالنسبة للمحتويات العالية التقنية، يمكنك أن تطلب من أحد العلماء مراجعة مسودة قصتك. هذا من شأنه أن يساعدك على كسب الثقة، لكن لا يُنصح به في ما يتعلق بالمحتويات الأكثر عمومية، أو مع المصادر المتمسكة بآرائها.

من قضية عالمية إلى قصة محلية

بطبيعة الحال، يريد معظم الجمهور معرفة كيف سيتأثرون بتغيّر المناخ. وتكمن المشكلة في الحصول على معلومات علمية ذات مغزى بالنسبة لمناطق بعينها؛ لأن النماذج المناخية -باستثناء بعض التأثيرات المفهومة عموما مثل ارتفاع منسوب مياه البحر- تُصبح أقل دقة عند تطبيقها على نطاق أصغر. بيد أن هناك العديد من الطرق الأخرى لإضفاء لمحة محلية على تغيّر المناخ.

الأصوات المحلية.

إن إجراء المقابلات الصحفية مع المواطنين العاديين، ومنح صوت للفئات الأكثر تعرضًا لتغيّر المناخ؛ يمثل دورا مهما يلعبه الصحفيون، وخصوصا في البلدان النامية. إن أفقر المجتمعات هي أكثرها عرضة للخطر، وقد تكون بالفعل في كفاح من أجل البقاء في وجود موارد قليلة تساعدها على التكيّف. ومع ذلك، فلا تُذكَر آراؤهم -عمومًا- ضمن التغطية العالمية لتغيّر المناخ.

قارن بين الأسباب المحلية والعالمية.

إن كثيرًا من الآثار المتوقعة لتغيّر المناخ -مثل زيادة معدلات الفيضانات أو الانهيارات الأرضية، ونقص الإمدادات من المياه العذبة، والتغيرات في أعداد الحيوانات والنباتات- يمكن أن تنتج أيضا عن التغيّرات البيئية المحلية، مثل إزالة الغابات، أو بناء الطرق، أو الصيد، أو جمع الطعام بطرق غير مستدامة.

تحقّق من وجود تغيّرات بيئية محلية، وابحث عن دراسات بحثية يمكنها تفسير مدى كون تلك التغيّرات ناجمة عن أسباب محلية أو عالمية أو عن كليهما. وفي هذا السياق، احرص على ألا تفترض ببساطة أنها ناتجة عن تغيّر المناخ. وللأسف، لن تجد إجابات واضحة في كثير من الأحيان، ولذلك عليك مرة أخرى أن توفّر سياقا جيدا لتفسير أوجه عدم اليقين المكتنفة، وبوسع العلماء المحليين مساعدتك في ذلك.

قم بتفسير التكيّف.

إن كثيرا من القصص الخبرية المتعلقة بتغيّر المناخ -وخصوصا في البلدان النامية- تدور حول الكيفية التي يمكن أن تتكيّف بها المدن، والمجتمعات، والأشخاص. وفي بعض الحالات، قد يعني هذا إنشاء بنية تحتية رئيسية جديدة، أو نظم للإنذار المبكر؛ لكنها تنطوي في كثير من الأحيان على تحسين الممارسات البيئية: حماية النظم الإيكولوجية الساحلية، والأراضي الرطبة والغابات، أو ضمان الاستخدام المستدام للأراضي والاستعداد لمواجهة الكوارث. ويعني ذلك في جميع الأحوال: تغيير الطريقة التي يفكّر بها الناس، بحيث يتمكنوا من تدبّر احتمالات حدوث تغيّر المناخ في قراراتهم اليومية. يمثل بناء هذا الوعي دورا حيويا آخر لوسائل الإعلام.

اتّبع المال.

إن كيفية دفع تكاليف التكيف مع تغيّر المناخ والتخفيف من آثاره في البلدان النامية تمثل بالفعل قضية رئيسية ومثيرة للجدل. وبالتالي، فإن التركيز على هذه القضايا، مثل طرق تمويل خطط العمل الوطنية للتكيّف، يمثل وسيلة جيدة لإضفاء صبغة محلية على القصص وتحديد معالمها بصورة أوضح، وخصوصا في ظل الأزمة المالية العالمية.

قُم بدور المراقب.

يمكن أن تحقّق أيضا في ما إن كانت المنظمات في بلدك تمتثل للقوانين واللوائح المنظِّمة، وخصوصا أثناء قيام البلدان النامية بتنفيذ المزيد من المشاريع لتخفيف حدة تغيّر المناخ في إطار آلية التنمية النظيفة وغيرها من آليات مقايضة انبعاثات الكربون. وسيكتسب امتثال الحكومات أهمية أيضا إذا فرضت الاتفاقيات الدولية المستقبلية مزيدا من الشروط المتعلقة بانبعاثات غازات الدفيئة في البلدان النامية.

كتابة التقارير الصحفية من المؤتمرات العالمية.

قد يبدو حضور اجتماع قمة حول المناخ العالمي عملية بالغة المشقة، في وجود ذلك العدد الكبير من الأشخاص الذين تود مقابلتهم والفعاليات التي ترغب في حضورها. ولذلك قد يكون مفيدا التعرف على بعض المصادر ضمن وفد بلادك أو العثور على بعض الشخصيات المحلية الأخرى ضمن الحضور؛ لأنه قد يساعدك في كثير من الأحيان في العثور على المعلومات وتقييمها. اكتب عن الموقف الرسمي لحكومة بلادك بخصوص التفاوض على المعاهدات، ثم تناوله بالتحليل. وبدلا من محاولة تغطية كل شيء، اختر عددا قليلا من الموضوعات التي تهمك، ومن ثم تابعها عن كثب. تعرّف أيضا على ما يسمعه زملاؤك الصحفيون من وفود بلادهم- فقد تحصل منهم على معلومات عن وتيرة المفاوضات أكثر مما تحصل عليه من مندوبي بلدك.

قبل كل شيء، تشجّع

إذا كانت تغطية الموضوعات المتعلقة بتغيّر المناخ تبدو لك مهمة شاقة، تذكّر أن وسائل الإعلام قد قطعت شوطا طويلا في تغطيتها. صحيح أنه لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين، لكنه أقل بكثير مما كان الأمر عليه في السابق، كما أنه موضوع رائع.

وفي حين قد تبدو محاولات معالجة المشاكل بطيئة على نحو مُحبط ومشحونة سياسيا، ففي الوقت الحالي يتم تناول تغيّر المناخ باهتمام أكثر بكثير، في وجود معاهدة عالمية تحكم انبعاثات غازات الدفيئة وقُرب التوصل إلى اتفاقية جديدة بحلول نهاية العام. وأخيرا بدأت وسائل الإعلام في إعطاء هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام: لقد صار تغيّر المناخ موضوعا يُنشر في الصفحات الأولى، ويبدو أنه سيبقى هناك لفترة طويلة قادمة.

الدليل منشور بالنسخة الدولية يمكنك مطالعته عبر العنوان التالي:

Climate change: How to report the story of the century