Skip to content

30/07/23

من الماء وبالشمس.. أكسيد تيتانيوم نانوي سينتج الهيدروجين الأخضر

(IRESEN)
مادة نانوية جديدة قائمة على أكسيد التيتانيوم قد تفتح مسارات جديدة واعدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر حقوق الصورة:IRESEN/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • التقنيات المستخدمة والمواد المتاحة في فصل الهيدروجين من الماء تقف حجر عثرة أمام التوسع في إنتاجه
  • كشف يزيل العوائق الموجودة على طريق إنتاج الهيدروجين الأخضر من الماء باستدامة وفاعلية
  • المكتشفون سارعوا بإنشاء شركة ناشئة لدفع عجلة الإنتاج ثقة بجدوى كشفهم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] وُفق باحثان مصريان إلى كشف يمهد الطريق لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الماء باستخدام أشعة الشمس فحسب.

يقال إن الهيدروجين أوفر عنصر في الكون، ومن ثم يعوَّل عليه وقودًا للمستقبل، لكن التقنيات القائمة حاليًّا لإنتاجه تقصر عن بلوغ أهداف الاستدامة والفاعلية، لذا ثمة جهود تُبذل لابتكار مواد بديلة تُستخدم في فصل الهيدروجين عن الماء.

من هذا ما جرى في كلية الهندسة بجامعة دركسيل الأمريكية، حيث قاد المصريان حسين بدر وميشيل برسوم الأبحاث والتجارب التي أخرجت للوجود لوفة من خيوط بالغة الدقة من مادة أساسها أكسيد التيتانيوم، تفصل -بكفاءة عالية وباستقرار مذهل- الهيدروجين من خليط الماء والكحول، عن طريق ’الحفز الضوئي‘.

كانت الجامعة قد أعلنت عن الكشف في بيان نشرته يوم 13 يوليو الجاري على موقعها بالشبكة العنكبوتية، منوهةً بأنه تم بالتعاون المعهد الوطني لفيزياء المواد في بوخارست برومانيا، وحكت عنه قصة طريفة.

قبل عامين، كان الباحثان يعملان على تجهيز مادة كيمائية بُغية دراسة ملاءمتها لعدد من التطبيقات، وتلك المادة عبارة عن أحد مركبات عائلة ’المكسين‘ ذات الطبقات ثُنائية البعد من فلز انتقالي مثل التيتانيوم، يتراوح عددها من طبقتين إلى أربع، المعشقة مع طبقات من الكاربيدات والنتريدات.

جرت العادة وقت التحضير على استخدام حمض الهيدروفلوريك الأكال، للخلوص من صيغة كيميائية وسيطة والمرور عبرها، وصولًا إلى الصيغة النهائية للمركب.

لكن على غير المعتاد، وبدلًا من استخدام الحمض، لجأت مجموعة برسوم البحثية إلى استخدام محلول مائي لمادة عضوية هي رباعي هيدروكسيد ميثيل الأمونيوم.

لم يُنتج التفاعل المركب المنتظر، بل نتج عنه خيوط أو أسلاك ’نانوية‘ أحادية البُعد، وجد الفريق أن لها قدرة على تسهيل التحليل الكيمائي الذي يفصل ذرات الهيدروجين ويحررها من جزيئات الماء عند تعريضه لضوء الشمس.

يقول بدر لشبكة SciDev.Net: ”خلال الدراسة، استخدمنا التيتانيوم -بالإضافة إلى مواد أخرى- تحت درجة حرارة متوسطة (نحو 70-80 درجة مئوية)، لإنتاج الخيوط“.

اختبر الفريق خيوطًا نانوية لخمس مواد حفازة من هيدروكسيدات أساسها أكسيد التيتانيوم، اشتُقت من معادن رخيصة التكلفة ومتوافرة، وغمرت لوفات كلٍّ منها في محلول من ماء وميثانول، وتعرضت لأشعة فوق بنفسجية مرئية سُلطت عليها من مصباح يحاكي أطياف ضوء الشمس.

حول كفاءة أحدها يضيف بدر: ”أثبتت التجارب أنها تمثل 10 أضعاف كفاءة المواد الموجودة حاليًّا فيما يتعلق بالثبات والإنتاجية، فهي مستقرة تحت تأثير أشعة الشمس المستمرة مدة أسبوعين، ولم تتأثر سلبًا عند الإبقاء عليها في الماء مدة ستة أشهر“.

يتبين الفارق عند المقارنة مع عملية التحفيز الضوئي التي ظلت بعيدة المنال لعدة عقود؛ لأن المواد المحفزة لتلك العملية لا يمكنها الثبات يومًا أو يومين، ما حد من كفاءتها على المدى الطويل، ومن ثم جدواها التجارية.

يقول بدر: ”أكسيد التيتانيوم ليست مادةً جديدة، ولسنا أول مَن أنتجها، وإنما الجديد هو تلك الخيوط النانوية بصفاتها المميزة، وقد حصلنا على براءة اختراع لها“.

وتمثل هذه النتائج جيلًا جديدًا من المحفزات الضوئية التي يمكنها أخيرًا إطلاق الانتقال للمواد النانوية من المختبر إلى السوق.

بانتهاء مرحلة التجارب المعملية والوصول إلى نتائج مُرضية، يذكر بدر أن الخطوة التالية هي الترويج التجاري، عبر التعاون مع الشركات المهتمة بإنتاج الهيدروجين الأخضر؛ من أجل اختبارها على أرض الواقع خلال عمليات التصنيع الحقيقية.

وفق بدر، أبدت اثنتان من كُبريات شركات إنتاج الهيدروجين على مستوى العالم استعدادهما لتجربتها، ومن المتوقع أن يمتد أمد هذه العملية التجريبية إلى نحو سنتين.

ولضمان تحقيق أهداف الترويج التجاري بدأ الفريق في إجراءات تأسيس شركة ناشئة في أمريكا تسعى إلى تسويق أكسيد التيتانيوم النانوي بمختلِف الشركات والدول التي ترغب في تجربته، ويكون دور الشركة في صناعة المادة الفعالة لتصنيع الهيدروجين وتوفيرها لتلك الشركات.

حول أسباب إنشاء الشركة، يوضح بدر أن التكامل هو اللغة التي يتكلمها العالم، فالتصنيع والإنتاج يستدعيان تكاتف مختلِف المؤسسات لتحقيق نتيجة ملموسة خلال وقت قصير، وغياب هذا التعاون قد يؤدي إلى بطء تنفيذ المشروعات البحثية.

ويتوقع بدر أن ”تعميم استخدام المنتج الجديد تجاريًّا قد يحتاج إلى نحو عشرين سنة“.

يثق بدر بنجاح المشروع؛ نظرًا لسعي العديد من دول العالم إلى التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري وإحلال مصادر الطاقة النظيفة محله، وهو الأمر الذي شهده خلال حضوره القمة العالمية للهيدروجين في شهر مايو الماضي بهولندا، التي حضرها مجموعة كبيرة من الساسة والقادة، منهم زمرة من المسؤولين بدول المنطقة، والمستثمرين في مجال إنتاج الهيدروجين النظيف.

وفق تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في العام، من بين الدول المرشحة عالميًّا لإنتاج الهيدروجين، تحتل السعودية المركز الثالث عالميًّا، ويليها المغرب في المرتبة الرابعة، ثم الإمارات في المرتبة السابعة، فالجزائر في المرتبة العاشرة، ومصر في المرتبة الثالثة عشرة.

تعلق إيمان صلاح الدين المحلاوي، أستاذ هندسة الفلزات والمواد بكلية الهندسة بجامعة القاهرة: ”تُعَد الآليات المستخدمة حاليًّا في تصنيع الهيدروجين الأخضر غير منطقية، فإحداها تعتمد على استخدام الكهرباء في إنتاج الهيدروجين، وتوجد محاولات أخرى لفصل الهيدروجين عن المنتجات الكربونية لا الماء، ما يسبب انبعاثاتٍ كربونيةً ضارةً بالبيئة“.

”لذا دومًا ما وُجدت الحاجة إلى تطوير آليات تسمح بإنتاج الهيدروجين دون الحاجة إلى الاعتماد على الكهرباء أو المواد الكربونية“.

وتختتم إيمان حديثها: ”لا توجد عقبات واضحة تمنع إقامة مثل تلك المشروعات، إلا أن العامل الوحيد الذي يحدد نجاحها هو تطبيق نتائج الدراسة على المستوى الصناعي في دول المنطقة“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا