Skip to content

08/08/23

سرطان الأطلسي الأزرق يغزو مياه المغرب

Atlantic blue crab
السرطان الأزرق يغزو سواحل المغرب وثمة صيادون يصطادونه لبيعه بالجملة حقوق الصورة:Fatima El Aamri/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • ’سباح سريع جميل لذيذ‘ اسمه السرطان الأزرق يغزو سواحل المغرب
  • غازٍ دخيل قد يمثل تهديدًا بيئيًّا للموائل والكائنات الأصيلة
  • نزعة إلى التسليم بالأمر الواقع ودعوة إلى الاستفادة منه

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[أغادير] يخشى باحثون ومعنيون بالبيئة البحرية من آثار غزو سرطان الأطلسي الأزرق لمياه المغرب وسواحله على البحر المتوسط، مُبدين في الوقت ذاته تقبلًا للأمر الواقع، داعين إلى ضرورة الإفادة منه.

هذا الغازي من القشريات لينة الدرقة، وله من الأرجل عشر، ما يجعله سريع التنقل في الماء، وترجمة اسمه العلمي من اللاتينية تعني ’السباح الجميل اللذيذ‘؛ فهو ذو طلة بهية، ولحمه مستحسن مرغوب في المطبخ الأمريكي.

المهم أنه بدأ ينتشر ويتوسع في سواحل البحر المتوسط، والنقل البحري هو المتهم الأول في انتقاله من الأطلسي.

رُصد السرطان الأزرق لأول مرة شمال المغرب عام 2017 في بحيرة ’مارتشيكا‘ بمحاذاة مدينة الناظور، التي تشهد في الوقت الحالي انتشارًا واسعًا له، وفق فاطمة العمري، الباحثة في التنوع الحيوي والأنواع الدخيلة بالمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري.

لكنه وصل الآن إلى معظم ساحل المغرب على المحيط الأطلسي، كما يبين محمد رضا الدردابي، رئيس الجمعية المغربية لحماية البيئة البحرية والتنمية المستدامة.

يقول الدردابي لشبكة SciDev.Net: ”ظهر السرطان الأزرق في المغرب بدايةً في سواحل الناظور وبمصبي واد كرت وواد ملوية، واستمر في الانتشار ليصل إلى العرائش ومولاي بوسلهام، وكذلك سواحل بعض مدن المناطق الجنوبية للمملكة“.

ثمة عامل آخر في انتقال ’الجميل اللذيذ‘ ذو علاقة بالمناخ، وفق الخليل الشريف، الباحث في المعهد الوطني لعلوم المحيطات والجيوفيزياء التطبيقية بإيطاليا.

يقول الشريف: ”يرتبط انتشار السرطان الأزرق في سواحل البحر المتوسط بارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب التغيرات المناخية، كما أن للظروف الهيدرومائية للبحر المتوسط دورًا في ذلك، إذ يتميز بهدوء أمواجه مقارنةً بالمحيط“.

”وتساعد هذه الظروف على تحركه بسرعة في اتجاه القارات“، ويشير الشريف إلى أنه يقطع مسافةً تتراوح ما بين 14 كيلومترًا إلى 20 كيلومترًا في اليوم.

ويؤكد الشريف: ”ومن العوامل الأخرى الرئيسة في ظهوره، الأنشطة البشرية المرتبطة بالنقل البحري“.

تُعد مياه الصابورة التي تخزنها السفن للحفاظ على اتزانها وثباتها أحد الأسباب الرئيسة لانتشار الأنواع الغازية، إذ تؤخذ تلك المياه من البحر قرب السواحل وتصرف في منطقة ساحلية أخرى، بما فيها من بكتيريا وميكروبات وعوالق ويرقات وأسماك وأنواع مائية أخرى.

يتغذى هذا الكائن البحري بالأساس على الصدفيات (كالمحار وبلح البحر)، كما يتغذى على الطحالب وبعض الأسماك، وكذا سرطانات البحر ذات الأحجام الصغيرة، وفق فاطمة.

يقول الشريف: ”تتجلى خطورته في استنزاف هذه المكونات الأحيائية، ما يهدد المنظومة البيئية؛ لأن ما يمتلكه من قدرة على الهيمنة تمكنه من ممارسة الضغط على الأسماك والمحار، ما يعرقل إنتاجية الصيادين“.

محمد الغوال -صياد من مدينة تطوان- يوضح في حديثه لشبكة SciDev.Net أنه منذ عامين وهو يشاهد السرطان الأزرق في السواحل، ”وخلال عملية الصيد يعلق السرطان بشباك الصيد ويتسبب في قطعها، إذ أعمل على نزعه من الشباك لإعادته إلى البحر“.

ويشكو الغوال أن السرطان الأزرق يؤثر سلبًا على كمية الصيد التي يصطادها؛ لكونه يقطع الشباك، ما يتسبب في تسرب كميات كبيرة من الأسماك.

ويضيف الغوال: ”ثمة صيادون يصطادون السرطان الأزرق لبيعه بالجملة، مقابل 30 إلى 40 درهمًا للكيلو الواحد“، (3-4 دولارات).

في بداية ظهور هذا الكائن الغازي، لم يكن يسترعي الاهتمام، إلى أن بدأت أعداده في التزايُد وتأثيره يتوسع، مما حدا ببعض الصيادين إلى استهدافه وصيده.

تعلق فاطمة: ”بالرغم من أن غزو هذا السرطان في مراحله الأولى بالمغرب على عكس تونس وإسبانيا، ومن المبكر الحديث عن قلة أصناف بعينها أو كمية الصيد، إلا أن تأثيراته على البيئة البحرية أصبحت واضحة“.

”وذلك عبر تأثيره على تشكيلة المصطادات في بعض المناطق التي يوجد فيها بكثرة، وقضائه على أنواع معينة من الأسماك أو عبر إتلافه لبعض مُعدات الصيد كالشباك، لذا من الضروري توحيد الجهود من أجل استغلال أمثل لهذا النوع وتحويل النقمة إلى نعمة“.

فاطمة هنا انتقلت من الشكاية إلى الدعوة إلى الانتفاع والاستغلال.

شرع المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري مؤخرًا في إنجاز أبحاث حول هذا النوع الدخيل من أجل دراسة خصائصه الحيوية، ونظامه الغذائي وتقييم المخزون، لكن هذا النوع من الدراسات يتطلب وقتًا طويلًا، ما يفسر عدم توافُر معطيات كافية حتى الآن، وفق الدردابي.

ويشير الدردابي إلى أن نتائج الأبحاث التي يجريها المعهد سوف تمنح الوزارة الوصية على قطاع الصيد البحري وباقي الجهات المعنية رؤيةً واضحةً حول طريقة استغلال هذا النوع على النحو الأمثل، وبالتالي يمكن إعداد مخططات وإستراتيجيات مستقبلية مناسبة.

ترى فاطمة أن ”المسألة لا تتعلق بمواجهة كائن قد يهدد التوازن البيئي، بقدر ما نحتاج إلى البحث عن سبل اصطياد هذا الكائن وتثمينه والبحث عن سبل تسويقه“.

يوافقها الدردابي الرأي ويقول: ”يتوجب على السلطات التفكير في خلق وحدات لتثمين هذا النوع من السرطان وإعطائه قيمة مضافة نظرًا لجودة لحمه واحتوائه على مكونات غذائية مفيدة“، مشيرًا إلى التجربة التونسية التي تُعد رائدةً على صعيد حوض البحر المتوسط.

من الصعب للغاية محاربة توسع الأنواع الغازية، وربما يكون استخدام السرطان الأزرق طعامًا مقترحًا جيدًا لاحتواء توسعه والحد من الأضرار التي يُلحقها بالتنوع الحيوي المحلي.

ومن جهة أخرى هناك حاجة إلى مزيد من القيود واللوائح بشأن إدارة مياه صابورة السفن من أجل التحكم في نقل الأنواع الغازية.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا