Skip to content

02/02/22

بين اختبار منزلي وذكاء اصطناعي.. مستقبل مكافحة سرطان عنق الرحم

Girls receive vaccine
حقوق الصورة:HR@PAHO/WHO, CC BY-ND 2.0

نقاط للقراءة السريعة

  • سرطان عنق الرحم سبب رئيس لوفاة النساء ببلدان الجنوب رغم إمكانية علاجه
  • وذلك مؤشر على التفاوت في مجال الصحة على الصعيد العالمي
  • الاختبارات الشخصية ”ستقلب الموازين“ في العديد من المناطق

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

ذات يوم، عندما كانت البائعة المتجولة الأوغندية سودة ناموتبي تنصت إلى المذياع، سمعت شيئًا عن مرض سرطان عنق الرحم.

تقول ناموتبي: ”خلال حوار إذاعي، كان الطبيب يحث النسوة على الذهاب والخضوع للفحص، لم أذهب قَط لأنه ليس لديَّ وقت، ولا أعرف إلى أين أذهب وأُجري فحصًا“.

وتقول صاحبتها مدينا نَكّو -التي تبيع الفاكهة على جانب الطريق في عنتيبي- إنها ليست بحاجة إلى الخضوع لفحص سرطان عنق الرحم، ”لا أشعر بأني مريضة، ولا توجد حكة من تحت أو أي شيء، لماذا يجب أن أذهب للفحص وأنا أشعر أنني بخير؟“.

سرطان عنق الرحم مرض يمكن الوقاية منه وعلاجه، ومع ذلك، لا يزال السبب الرئيس لوفيات النساء من جرَّاء الأورام في العديد من البلدان النامية، وعبء هذا النوع من السرطان يُعد مؤشرًا مهمًّا على عدم المساواة، والتفاوت في مجال الصحة على الصعيد العالمي، على حد زعم باحثين.

وبينما تحرز بعض الدول الغنية تقدمًا صوب القضاء على المرض، بما يتماشى مع الأهداف العالمية لخفض المعدلات على نحو كبير بحلول عام 2030، تظل معدلات الفحص منخفضةً في العديد من البلدان الفقيرة، حيث يكون الوصول إلى الخدمات محدودًا، وقد تثني المحرمات الاجتماعية النساء عن طلب الرعاية الصحية.

لكن الإنجازات الكبيرة في وسائل التشخيص واللقاح المعتمد حديثًا ربما تقلل كثيرًا من معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم في بلدان الجنوب.

تحدي سرطان عنق الرحم

يصيب سرطان عنق الرحم النساء في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة أكثر من غيرهن من النسوة في البلدان الأخرى، التقديرات تشير إلى أن 85% من 570 ألف حالة جديدة و311 ألف حالة وفاة بسرطان عنق الرحم في عام 2018 حدثت في البلدان النامية، وكان سرطان عنق الرحم السبب الرئيس لوفيات النساء المرتبطة بالسرطان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأمريكا الوسطى وجنوب آسيا الوسطى وميلانيزيا.

في العام قبل الماضي، دعمت جمعية الصحة العالمية مبادرة الصحة العالمية؛ إذ اعتمدت ’الإستراتيجية العالمية لتسريع وتيرة التخلص من سرطان الرحم‘، إنها تدعو إلى خضوع 70% من النساء على مستوى العالم لفحص تحرٍّ عن سرطان عنق الرحم ببلوغهن سن 35 عامًا، ومرةً أخرى عند سن 45، وذلك باستخدام اختبار رفيع الأداء، وهو معدل لا يفي به حاليًّا سوى أقل من 20% من البلدان.

تقول المنظمة إن الإستراتيجية -التي توصي بتطعيم 90% من الفتيات ببلوغهن 51 عامًا ضد فيروس الورم الحليمي البشري، المسبب لجميع أنواع سرطان عنق الرحم تقريبًا- قد تمنع حدوث 62 مليون حالة وفاة بسبب سرطان عنق الرحم خلال المئة عام القادمة.

والمعروف أن عبء سرطان عنق الرحم أثقل في بلدان الجنوب، إلا أن الأرقام الحقيقية ربما كانت أكبر بكثير؛ إذ تتجاهل الحكومات صحة المرأة، أو تكون البيانات المتاحة هزيلة.

مثلًا، البيانات الواردة من 22 دولة تتبع إقليم المنظمة لشرق المتوسط -والذي يشمل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا الوسطى وجيبوتي والصومال– تشير إلى انخفاض معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم في تلك المجتمعات، بيد أن هذا قد يكون راجعًا إلى سوء التشخيص والإبلاغ، وعزو الوفيات إلى سرطانات ثانوية تتطور بعد سرطان عنق الرحم.

وثمة دولة واحدة فقط من هذه الدول نفذت برنامج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، كما يقول نسيم بورجازيان، المسؤول الفني للوقاية من الأمراض غير المُعدية لإقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، ولا يقدم خدمات فحص سرطان عنق الرحم سوى تسعة بلدان فقط، ”ومعظمها انتهازي“.

يضيف بورجازيان: ”تتمثل إحدى المشكلات العامة في سجلات السرطان بالمنطقة في الافتقار إلى التواصل بين هيئات سجلات السرطان الوطنية وأنظمة تسجيل الوفيات، والتي يمكن أن تُسهم أيضًا في معدل الوفيات المنخفض المنسوب إلى سرطان عنق الرحم“.

”عندما تقارن عدد الوفيات بعدد الحالات في المنطقة -نسبة الوفيات إلى الإصابات- فإن معدل منطقتنا أعلى بكثير من المتوسط العالمي“.

الثقافة والمعرفة

في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى -التي تتحمل أثقل عبء لسرطان عنق الرحم في العالم- يتمثل أحد التحديات الرئيسة في عدم فهم المرض على نحوٍ واسع الانتشار.

يقول برنارد ساوادوجو -من الشبكة الأفريقية لعلم الأوبئة الميداني- لشبكة SciDev.Net: إن معظم النساء لسن على دراية، تعتقد كثيرات أن سرطان عنق الرحم لا يمكن علاجه.

وتقول كريستين ناكيمولي، التي تعمل في عيادة خاصة في كامبالا عاصمة أوغندا: ”أسأل النسوة اللاتي يأتين للحصول على أي لقاح إذا كن قد حصلن على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، رد اللواتي لديهن علم به: إنه مخصص للفتيات العذارى، وأشجعهن على إجراء الفحص على أي حال بغض النظر عن العمر، وإذا كانت النتيجة سلبية أن يتحصنَّ باللقاح“.

تؤدي الأعراف الاجتماعية والثقافية دورًا رئيسًا في احتمالية خضوع المرأة للفحص، لا سيما عندما يكون العاملون الصحيون ذكورًا، تقول جويس زالوانجو، ممرضة الرعاية التلطيفية في أوغندا: ”معظم النسوة خائفات ممن سيجدن عندما يذهبن للفحص – فلا يردن أن يفحصهن رجال“.

تقول ساوادوجو إن النسوة اللائي يعشن في المناطق الريفية يحتجن في الغالب إلى إذن من أزواجهن لإجراء الفحص.

ويؤكد إيمانويل بوكالو -أخصائي الصحة الإنجابية والمستشار في البرنامج الوطني الأوغندي الموسع للتحصين- أن العيادات تحاول دائمًا ضمان وجود امرأة.

ويضيف: ”إذا وصل الأمر إلى مرحلة الفحص، فإننا نزيد من تشغيل الإناث قدر المستطاع، وحتى لو كان مَن يقوم بالفحص رجلًا، نحرص على أن تكون إحدى زميلاته حاضرة“، ومع ذلك، فإن معظم النساء يجهلن هذه القاعدة المتبعة.

بيد أن زالوانجو تقول: إذ يتعين أن تُجري المسحات موظفات، فإن معظم المرافق الصحية تعاني نقصًا في العمالة، ولا تتوافر موظفة في كثير من الأحيان، لا سيما في المناطق النائية.

في ظل تلك الأحوال، تقول مصففة الشعر الأوغندية عائشة ناكيتيندي إن الروايات التي تفيد بأن عملية الفحص كانت غير مريحة ثنتها عن الذهاب للفحص.

تقول ناكيتيندي: ”سمعت من صديقتي كيف تم فحصها، وقالت إنه كان مؤلمًا للغاية“.

”ألا توجد طريقة أخرى يمكنهم الفحص بواسطتها؟“.

افحصي نفسك

إجراء اختبارات الكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري في المنزل “مهيئ لتغيير قواعد اللعبة” على حد قول كارين كانفيل، مديرة أبحاث السرطان في مجلس السرطان بنيو ساوث ويلز، وهي مؤسسة خيرية رائدة في أستراليا، والأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة سيدني.

مؤخرًا، أقيم الدليل على أن المسحات المهبلية التي تُلتقط ذاتيًّا لتحري وجود فيروس الورم الحليمي البشري يمكن أن تماثل في دقتها المسحات السريرية التي يُجريها الأطباء في العيادات، عند استخدام اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل، على حد قول كانفيل.

إن ”إمكانيات التقاط العينات ذاتيًّا هائلة“، كما تخبر كانفيل شبكة SciDev.Net، مؤكدة: ”النسوة في العالم كله تتبنى تقرير المصير، الذي يخوله ذلك الفحص“.

أخذ العينات ذاتيًّا هذا، يمكن استخدامه للوصول إلى النساء في البلدان منخفضة الدخل والمتوسطة اللواتي لم يُفحصن من قبل للكشف عن وجود فيروس الورم الحليمي البشري أو سرطان عنق الرحم.

وإرشادات فحص سرطان عنق الرحم وعلاجه الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في يوليو 2021 تشير إلى أنه يمكن أخذ العينات ذاتيًّا أو بواسطة مقدم الرعاية الصحية؛ كلتا الطريقتين ”قد يكون لها الأثر نفسه“.

وقد كشفت دراسة نُشرت في يونيه الماضي في المجلة الطبية الأسترالية أن بعض المشارِكات في برنامج الجمع الذاتي الأولي في أستراليا قالت إن فحصهن لم يكن ليتم لو لم يكن خيار الفحص الذاتي متاحًا.

ووجدت مراجعة منهجية للدراسات المنشورة أن اختبار فيروس الورم الحليمي البشري عن طريق أخذ العينات ذاتيًّا من المرجح أن يحسّن الإقبال على الفحص، بشكل أساسي في البلدان مرتفعة الدخل، على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية تقول إن بعض مقدمي الرعاية الصحية أدركوا أن أخذ العينات ذاتيًّا قد يقلل من فرصهم في تقديم رعاية إضافية.

تقول كانفيل: ”يدعم الجمع الذاتي للعينات العديد من المبادرات الرئيسية للقضاء على سرطان عنق الرحم في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة، ففي غرب المحيط الهادئ على سبيل المثال، حيث يوجد نقص في برامج فحص عنق الرحم أو التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري، كان الوصول إلى خدمات علاج السرطان محدودًا“.

سوف توسع أستراليا من خيار [استخدام] الجمع الذاتي ليشمل جميع النساء اعتبارًا من يوليو 2022، وتضيف كانفيل: ”أستراليا في طريقها بالفعل لتصير أول دولة في العالم تقضي على سرطان عنق الرحم، ولكن مع إتاحة خيار الجمع الذاتي للعينات عالميًّا، ينبغي أن نصل إلى هدفنا عاجلًا وبطريقة أكثر إنصافًا“.

”نحن نعلم أن هناك عوائق كبيرة أمام فحص عنق الرحم للعديد من النساء والشعوب، لا سيما السكان الأصليون وسكان جزر مضيق توريس، والشعوب المتنوعة ثقافيًّا ولغويًّا، والشعوب -الأجناس“.

”الجمع الذاتي للعينات يمنح النساء مزيدًا من الخيارات والتحكم في عملية الفحص، وينبغي أن يساعد في التغلب على بعض هذه الحواجز“.

نجاح اللقاح

توصلت دراسات إلى أن برامج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري الناجحة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم.

كشف التحليل الذي نُشر في مجلة لانسيت في أكتوبر الماضي أن معدلات سرطان عنق الرحم كانت أقل بنسبة 87% في إنجلترا للنسوة اللاتي تلقين لقاح فيروس الورم الحليمي البشري بين سن 12 و13 عامًا، مقارنةً بالأجيال السابقة.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة بيتر ساسيِني، من كلية كينجز لندن: إن التأثير الملحوظ لبرنامج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في إنجلترا كان ”أكبر مما تنبأت به النماذج“.

يقول ’التحالف العالمي للقاحات والتحصين‘: إن التكلفة العالية للقاحات وتحديات الوصول إلى المراهقات في جميع أنحاء العالم كانت بمنزلة حواجز في البلدان منخفضة الدخل.

يمثل التحالف شراكةً بين القطاعين العام والخاص تهدف إلى زيادة الوصول إلى التحصين في البلدان الفقيرة، وأفاد أنه تم اعتماد حصول 27 دولة على دعم لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، مع بدء 18 دولة برامجها –ومن ضمنها البلدان التي لديها أعلى معدلات سرطان عنق الرحم، مثل ملاوي وأوغندا وتنزانيا وزامبيا.

كان برنامج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري للتحالف يهدف إلى الوصول إلى 40 مليون فتاة بحلول عام 2020، ولكن ”الطلب العالمي المتزايد ونقص إمدادات اللقاح“ أدى إلى أن يخفض التحالف هذا الهدف إلى حوالي 14 مليون فتاة.

لقاح فيروس الورم الحليمي البشري الرابع

ولكن الآن، من المأمول في لقاح فيروس الورم الحليمي البشري الرابع الذي تم تأهيله مسبقًا من قِبل منظمة الصحة العالمية في أكتوبر الماضي، أن يزيد من العرض في جميع أنحاء العالم.

يُعد الاختبار مسبق التأهيل الذي ترعاه منظمة الصحة العالمية بمنزلة ’ختم‘ يشهد أن اللقاح يلبي معايير السلامة والفاعلية، تستخدم البلدان التي ليس لديها وكالات تنظيمية اختبار التأهيل هذا لضمان مأمونية اللقاحات.

”مع الاختبار مسبق التأهيل الذي ترعاه منظمة الصحة العالمية، يمكن للقاح أن يدخل السوق بسهولة أكبر، ويمكن إدراجه ضمن الصناديق المخصصة لشراء اللقاحات بكميات أكبر لتوزيعها بين البلدان“، وفق ريناتو كفوري، رئيس القسم العلمي للتحصين في الجمعية البرازيلية لطب الأطفال، ويقول: ”المؤسسات التي توزع اللقاحات حول العالم تستخدم اللقاحات التي تم تأهيلها، مما يحبذ استخدامها في البلدان حتى لو لم تحصل على الموافقة الكاملة“.

اللقاح الجديد هو سيكولين، الذي تصنعه شامان إنوفاكس الصينية، وهي شركة تابعة لشركة بكين وانتاي للصيدلة الحيوية، تم ترخيص سيكولين في الصين في عام 2019، وهو لقاح ثنائي التكافؤ، مما يعني أنه فعال ضد نوعين من فيروس الورم الحليمي البشري -النوعين 16 و18، وهما المسببان لأكثر من 70% من سرطانات عنق الرحم.

لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري الثلاثة المعتمدة سابقًا هي سيرفاريكس ثنائي التكافؤ، وجارداسيل رباعي التكافؤ -وهو فعال ضد أربعة أنواع من فيروس الورم الحليمي البشري- ولقاح جارداسيل9 تُساعي التكافؤ، الذي يمنع أيضًا الثآليل التناسلية.

تقي جميع اللقاحات من نوعي فيروس الورم الحليمي البشري 16 و18.

يقول كفوري: ”تخلت الدول الغنية عن [اللقاح ثنائي التكافؤ]، لأنها تستطيع شراء اللقاح رباعي التكافؤ، وهي بصدد الانتقال إلى اللقاح تساعي التكافؤ“، ويستطرد: ”لكن اللقاح الثنائي التكافؤ لا يزال يُستخدم على نطاق واسع حول العالم، في جنوب شرق آسيا والبلدان الأفريقية، على سبيل المثال“.

”من الجيد أن تتمتع بهذه [الحماية] الإضافية للقاح الرباعي، لكن الهدف الرئيس هو الوقاية من السرطان، والحماية من نوعي فيروس الورم الحليمي البشري 16 و18 متماثلة في كلا اللقاحين“.

من المتوقع أن يكون الفارق الأساسي بالنسبة للبلدان النامية متعلقًا بالتكلفة.

أفاد باحثون من جنوب شرق آسيا في مجلة لانسيت أن سعر سيكولين كان حوالي 50 دولارًا أمريكيًّا للجرعة في الصين، في حين أن سيرفاريكس يمكن أن يكلف حوالي 260 دولارًا لثلاث جرعات، وتبلغ تكلفة جارداسيل حوالي 360 دولارًا للجرعات الثلاث، أما جرعات جارداسيل 9 الثلاث فتكلف 586 دولارًا.

تكلفة الرعاية

أنباء اللقاح الرابع المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري المعتمد من منظمة الصحة العالمية أسعدت المناصرين لقضايا الصحة في بوركينا فاسو، حيث وعدت الحكومة بتقديم لقاح جارداسيل للفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 9 أعوام و14 عامًا.

تقول جينيبا ويدراوجو، رئيسة منظمة البحث والدعم ‘يريلون’: إن لقاح جارداسيل متوافر في الصيدليات ”بثمن باهظ“؛ إذ ”تبلغ تكلفة الجرعة 200 دولار أمريكي، رغم الحاجة إلى تعاطي جرعتين، لا يستطيع السكان تحمُّل تكلفة هذا اللقاح“.

وتضيف ويدراوجو: ”لقد وجهنا نداءً واستجابت الحكومة وشركاؤها بالموافقة على تمويل اللقاح“، لكنها قالت إنهم ما زالوا ينتظرون أن تبدأ الحكومة حملة التطعيم.

وبينما يُجرَى الفحص مجانًا في بوركينا فاسو، لا يزال الإقبال منخفضًا، وفق إيسوفو بيليم، من مجموعة دعم مرضى السرطان في البلاد ‘جمعية النساء المصابات بالسرطان والمتضررات’.

تعزو ويدراوجو هذا إلى جملة من المشكلات، تتضمن النقص في الموظفين المدربين والمعدات، بينما ذكرت بعض النساء تجنُّبها الفحص بسبب الخوف من اكتشاف السرطان.

وتُعد التكاليف الباهظة للعلاج الوقائي مصدر قلق كبيرًا في بوركينا فاسو، مثلًا تم تشخيص إصابة مادجارا سيسي بسرطان عنق الرحم في العام الماضي، لكنها غير قادرة على دفع فواتير العلاج.

تقول مادجارا لشبكة SciDev.Net: ”طلب مني الطبيب أن أبدأ العلاج الكيميائي، لكن ليس لديَّ نقود، قبل اكتشاف مرضي، تمكنت من ادخار 1000 دولار أمريكي، وخضعت لأول جلسة علاج كيميائي، لكني توقفت بسبب نقص الأموال“.

يقول بيليم، الذي أصيبت زوجته بسرطان عنق الرحم: ”أنفقت أكثر من 200 دولار أمريكي شهريًّا من أجل الفحوص فقط، دون أخذ الأدوية في الاعتبار“.

الذكاء الاصطناعي

يمكن أن يُحدث التعلُّم الآلي ثورةً في عملية فحص سرطان عنق الرحم وتكلفتها في المجتمعات منخفضة الدخل.

أصدرت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي أول إطار عمل من نوعه لأبحاث الذكاء الاصطناعي، قالت المستشارة الخاصة للمديرة العامة، برنسيس نوثيمبا سيميليلا: إن الأدوات التي تستند إلى الذكاء الاصطناعي ”ستغير قواعد اللعبة“ في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة التي تكافح سرطان عنق الرحم.

والإستراتيجية العالمية للمنظمة بشأن تسريع وتيرة التخلص من سرطان عنق الرحم تقول بأنه ينبغي إعطاء الأولوية للمبادرات الرامية إلى تأمين وسائل تشخيص عالية الجودة والإمدادات ذات الصلة بتكلفة ميسورة، مع تحسّن الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يساعد مقدمي الخدمات الطبية على إجراء تشخيصات أسرع وأكثر دقة، وتقترح منظمة الصحة العالمية أنه يمكن تسخير الذكاء الاصطناعي للكشف السريع عن سرطان عنق الرحم وسرطان الثدي.

أيضًا، فإن المرفق الدولي لشراء الأدوية ’يونيتيد‘ -وهو وكالة تابعة للأمم المتحدة تعمل على تحسين تشخيص الأمراض المعدية وعلاجها في البلدان النامية- أطلق شراكة مع مبادرة كلينتون للوصول إلى الصحة في عام 2018 بهدف اختبار أدوات الفحص القائمة على الذكاء الاصطناعي في الهند وكينيا وملاوي ورواندا وجنوب أفريقيا وزامبيا.

يقول فيليب دونتون، المدير التنفيذي للمرفق: ”نعتقد أنه بحلول نهاية عام 2022 يمكننا أن نكون على المسار الصحيح لعلاج أكثر من مليون امرأة“.

وقال إنه على الرغم من التوقفات الناجمة عن فيروس كوفيد-19، لا يزال المشروع يهدف إلى إنتاج أداة اختبار وعلاج مقابل دولار أمريكي واحد لكل امرأة، مشروع ’يونيتيد‘، الذي تبلغ تكلفته 33 مليون دولار، ينشر أدوات فحص محسَّنة ويقدم أجهزة محمولة جديدة للعلاج، إلى جانب تطبيق هاتف يستخدم الذكاء الاصطناعي للكشف عن علامات الإصابة بالسرطان.

كذلك فإن يوهان لوندين -مدير الأبحاث في معهد الطب الجزيئي في فنلندا، والأستاذ في معهد كارولينسكا للأبحاث الطبية في ستوكهولم، بالسويد- قال لشبكة SciDev.Net: إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر لعلماء الأمراض ساعات من الوقت الذي يقضونه حاليًّا في تحليل عينات الخلايا.

أبلغ لوندين وشركاؤه البحثيّين في كينيا عن نجاحهم في إثبات جدوى الفحص المجهري الرقمي باستخدام دراسة قائمة على الذكاء الاصطناعي، جُمعت نتائج لطخات عنق الرحم لعدد 740 امرأة وتمت رقمنتها، ثم حُللت باستخدام خوارزمية التعلم العميق، أظهرت النتائج التي راجعها النظراء أن الذكاء الاصطناعي كان دقيقًا بنسبة 96%.

يضيف لوندين: ”يبدو الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءةً لأنه يتمكن من فحص العينة بأكملها بتكبيرٍ عالٍ، الخبراء البشريون عادةً ما يرون جزءًا من العينة، لأن الفحص قد يستغرق وقتًا طويلًا، بخلاف ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبحث في كل ركن من أركان العينة“.

عند الجمع بين التقنية والإشراف البشري، كانت أداة لوندين القائمة على الحوسبة السحابية -كما يقول- ”قوية وسريعة“، ”عادة ما يقضي الخبير البشري حوالي عشر دقائق أو أكثر في تحليل العينة، يستغرق التحليل بالذكاء الاصطناعي بضع ثوان -أقل من دقيقة- بمجرد مسح العينة باستخدام ماسح ضوئي مجهري رقمي، وهو ما يستغرق بضع دقائق“.

ويمكن مطالعة الفحوص من أي مكان في العالم، لكن لوندين قال إن الخطة كانت تهدف إلى جعل أداة التشخيص الرقمية مستدامة محليًّا، بمساهمة أخصائيي علم الأمراض الكينيين.

تلقَّى الفريق منحتين لمواصلة الأبحاث، التي ستتضمن تحديد فاعلية التكلفة، ويأمل لوندين أن تصبح الخدمة متاحةً على نطاق أوسع في المستقبل القريب، ربما في غضون خمس سنوات.

يقول لوندين إن السويد فيها حوالي 30 أخصائيًّا في علم الأمراض لكل مليون شخص، بينما يوجد في العديد من البلدان في أفريقيا أقل من أخصائي واحد في علم الأمراض لكل مليون شخص، ويتوقع أن يكون تنفيذ التشخيص بالذكاء الاصطناعي أسرع في المناطق محدودة الموارد.

ويستطرد لوندين: ”بمجرد أن يتطور الذكاء الاصطناعي ويوجد إجماع على بلوغه مستوىً عاليًا وكافيًا من الدقة، فإن ذلك بالتأكيد ثورة في كيفية تقديم الخدمات في الأماكن التي لا يوجد فيها خبراء“.

الإستراتيجيات والحملات

تقول الطواقم الطبية والمرضى على حدٍّ سواء إن السلطات الصحية ستحتاج إلى تطوير إستراتيجيات متعددة الجوانب للقضاء على سرطان عنق الرحم باعتباره عبئًا على الصحة العامة، والتحالف العالمي للقاحات والتحصين يقرر أن التحصين ضد عدوى فيروس الورم الحليمي البشري، إلى جانب الفحص والعلاج، تُعد أفضل إستراتيجية لتقليل عبء سرطان عنق الرحم بسرعة.

يرى بيليم من بوركينا فاسو أنه إذا تمكنت منظمة الصحة العالمية من مساعدة الدول الفقيرة -مثل بلده- على زيادة الإقبال على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري المعتمد مؤخرًا، فسيتم إنقاذ أرواح لا حصر لها، ويعتقد مواطنه حميدو كومباوري -من منظمة أطباء العالم- أن الذكاء الاصطناعي واللقاح الإضافي المعتمد سيؤديان إلى خفض معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم، لكنه يقول إن التواصل سيكون بالغ الأهمية لتحقيق النجاح.

يقول كومباوري: ”تشعر الشعوب بالقلق من أي شيء مجاني، خاصةً التطعيمات، يظنون أنها مجانية لأنها ليست جيدة“.

بالنسبة لويدراوجو من منظمة ‘يريلون’، سيتأتى النجاح من خلال تعزيز النظم الصحية والموارد البشرية، إذ تقول: ”في بوركينا فاسو، نحتاج حاليًّا إلى المزيد من العاملين في مجال الصحة ودعم الدولة“.

هذا الموضوع أنتج عبر النسخة الدولية لموقع  SciDev.Net