Skip to content

14/09/23

شرق ليبيا مهيأ لانتشار الأوبئة

FB_IMG_1694709982181
مياه الفيضانات جرفت أحياء بأكملها في شرق ليبيا وأصبحت الجثث في كل مكان بالبر والبحر حقوق الصورة:Libyan Red Crescent

نقاط للقراءة السريعة

  • الوضع كارثي في شرق ليبيا، ويجل عن الوصف، ويفوق التصور
  • فرق الإنقاذ المحلية تفتقر إلى الخبرة، وأفراد الإغاثة المحليون غير مؤهلين، ولا مهنيين
  • مستقبل مجهول ينتظر الوضع الصحي، ولدى الأوبئة فرصة للانتشار، خاصةً مع مياه الفيضانات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] ”الوضع في شرق ليبيا يفوق التصور“.. بعبارة خديجة عنديدي، مديرة الهلال الأحمر، فرع أوباري سابقًا،‏ والناشطة في مجال الحقوق الصحية، لخصت المشهد في شرق ليبيا، بعد أن جرفت مياه الفيضانات أحياء بأكملها، وأصبحت الجثث في كل مكان بالبر والبحر.

خلفت العاصفة ’دانيال‘ التي ضربت السواحل الشرقية الشمالية لليبيا مساء الأحد الماضي 10 سبتمبر دمارًا هائلًا لعدد من المدن الساحلية؛ إذ اجتاحت العاصفة العاتية المناطق الشرقية لمدينة بنغازي قبل أن تتحرك شرقًا إلى منطقة الجبل الأخضر لتترك كبرى مدنه منكوبة.

درنة والبيضاء والمرج وشحات وسوسة بالإضافة إلى عدد من القرى والبلدات بمنطقة الجبل الأخضر، تضررت على نحوٍ كبير، ولكن الكارثة الحقيقية كانت في درنة؛ حيث أدى الضغط الهائل للمياه إلى انهيار سدين بالمدينة لتتدفق منهما كميات ضخمة من المياه محملة بالطين، ما ضاعف القدرة التدميرية للعاصفة، لتطمس السيول كل معالم المدينة، مخلِّفةً ضحايا ومفقودين بالآلاف.

خريطة توضح الجزء الذي ابتلعته العاصفة “دانيال” من مدينة درنة الليبية

وبينما تُسابق فرق الإنقاذ الزمن بإمكانياتها المحدودة للعثور على ناجين من هذه الكارثة الطبيعية غير المسبوقة، فإن هؤلاء الناجين سيواجهون أزمةً في العثور على الخدمات الصحية التي تُبقيهم على قيد الحياة، بعد أن جرفت المياه مستشفيات، وأخرجتها من الخدمة.

تقول خديجة لشبكة SciDev.Net: ”زملائي من المسعفين الذين نجحوا في الوصول إلى درنة، يواجهون صعوبةً في تأمين خدمة طبية للناجين“.

وتستطرد عنديدي: ”هذه مشاهد لم نعتدها من قبل، وليس لنا خبرة في التعامل مع هذه الأوضاع، لذلك فإن ليبيا بمفردها أو حتى محيطها العربي، لن يكون بمقدورهم التصرف، نحن بحاجة إلى مزيد من دعم المجتمع الدولي، بفِرَق إنقاذ ذات خبرة في التعامل مع هذه الأحوال“.

”فثمة عائلات بأكملها مفقودة“.

ولخصت سندس شويب -وهي مدوِّنة من مدينة درنة- الوضع المأسوي لعائلات بأكملها لا يزال مصيرها مجهولًا، وذلك من خلال قصتها المبكية التي نشرتها على الإنترنت.

تقول سندس إنها كانت في منزلها عندما وجدت نفسها فجأةً وقد جرفتها المياه.

”كانت هناك جثث بجانبي، وجثث فوقي، وجثث تحتي“.

شاهدت سندس أطفالًا مواليد يحملهم السيل على ظهره وصوت بكائهم لا يتوقف، وقالت: ”دعوت الله أن يعجل بوفاتهم حتى ينتهي ألمهم ويتوقف صوت صراخهم“.

وفي نهاية المطاف، جرفت الأمواج سندس إلى المياه الضحلة، وتم إنقاذها.

كتبت بعدها: ”لست قادرةً على استيعاب ما حدث، أحيانًا أشكر الله على نجاتي، ولكن عندما أتذكر أن أهلي في عداد المفقودين، أتمنى لو أنني مت معهم“.

الوضع في سوسة أقل سوءًا، لكنه وُصف بأنه ”سيئ للغاية“ من قِبل منعم المجدوب، عضو لجنة تقييم الأضرار بسوسة عن وزارة الأشغال العامة الليبية، في حكومة أسامة حماد المعينة من قِبل مجلس النواب، وليس لها سلطة فعلية معترَف بها، سوى من السكان المحليين في الشرق.

يقول المجدوب للشبكة: ”لم نصل في سوسة إلى حال درنة التي تغيرت معالمها تمامًا، ورائحة الجثث تملأ المكان، لكن –في سوسة- ما تم تدميره ليس بالقليل، وما زلنا بحاجة إلى فرق إنقاذ متمرسة؛ لأن الفرق العاملة حاليًّا من أبناء المدينة، ليسوا مهنيين، ولم يتعودوا على التعامل مع مثل هذه الكوارث، التي نشهدها لأول مرة“.

ويضيف المجدوب أن هناك تخوفًا مما هو قادم، بسبب احتمالات انتشار أوبئة، كأحد التداعيات المتوقعة للفيضانات.

ولا تحمل العبارات التي استخدمها المجدوب -ومن قبله سندس وخديجة- لوصف الأوضاع أي تهويل؛ إذ استخدم أحمد المنظري -المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية- مفردات شبيهة، عندما قال في تصريحات لشبكة SciDev.Net: ”حجم الأزمة الإنسانية في المناطق المتضررة من الفيضانات في ليبيا لم يسبق له مثيل“.

تقدر الإحصائيات المتوافرة لدى المنظمة عدد سكان المناطق المتضررة من العاصفة “دانيال” -وهي أكبر وأسوأ عاصفة شهدتها ليبيا منذ القرن الماضي- ”بحوالي 1.5 إلى 1.8 مليون شخص في المنطقة الشرقية من البلاد“، وفق المنظري.

تقييم حجم الأضرار لا يزال جاريًا، ووصف المنظري الاحتياجات الصحية المطلوبة بأنها ”مذهلة“، لا سيما بعد أن خرجت ثلاثة مستشفيات في درنة من الخدمة، مما تطلب إجلاء المرضى إلى المستشفيات المجاورة في مديريات الجبل الأخضر، ”كما تضرر مستشفيان آخران في المرج، ويعملان جزئيًّا، وهو ما اقتضى التعاون مع وزارة الصحة الليبية في تفعيل مركزين لعمليات الطوارئ في المناطق المتضررة“.

وأضاف المنظري: ”حتى أمس 13 سبتمبر، ارتفع عدد الوفيات المبلغ عنها رسميًّا إلى أكثر من 3 آلاف و400 حالة وفاة، وارتفع عدد المفقودين من حوالي 5 آلاف إلى 9 آلاف، ومن المرجح وصول عدد الوفيات إلى 15 ألفًا، ولا تزال فرق الاستجابة بحاجة ماسة إلى أكياس الجثث“.

ويوضح المنظري أن هناك صعوبةً في الوصول إلى المناطق المتضررة التي غمرتها المياه بالكامل، بسبب انهيار البنية التحتية من جرَّاء الفيضانات، مشيرًا إلى وجود ميناء بحري واحد سليم على طول ساحل درنة، يتم استخدامه.

وبينما تسعى السلطات الليبية المحلية -بمساعدة دول عربية وأجنبية ومنظمات أممية- إلى التعامل مع هذه الأوضاع الآنية، فإن المنظمة لا تُغفل ما أشار إليه المجدوب من أن ”هناك مستقبلًا مجهولًا ينتظر الوضع الصحي في ليبيا، يتعلق بالأوبئة التي تجد فرصةً للانتشار، خاصةً مع مياه الفيضانات“.

يقول المنظري: ”نعرف أن هذه الظروف تهيئ بيئةً مناسبةً لتفشي بعض الأمراض المنقولة بالمياه، والأمراض المنقولة بالأغذية وبالنواقل، ونأمل أن نتمكن بالتعاون مع السلطات المحلية من تدارُك تداعيات الوضع قبل ظهور فاشيات، وهو ما يتطلب إجراء تقييم متعمق للوضع الصحي في المناطق المتضررة“.

المنظمة تعمل جنبًا إلى جنب مع وزارة الصحة والمركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا لتعزيز أنشطة الإبلاغ عن المخاطر، كما تم إعداد رسائل تثقيفية بشأن التدابير الوقائية ضد الأمراض المنقولة بالمياه في أثناء الفيضانات وبعدها ومشاركتها مع الشركاء.

وتؤكد المنظمة ضرورة توسيع نطاق ترصُّد الأمراض، واستعادة المرافق الصحية التي غمرتها المياه، وضمان توفير الأدوية والإمدادات الصحية الكافية للناجين.

وراعت المنظمة أن يكون من بين الإمدادات العاجلة ضمن الجسر الجوي الذي يحمل 28 طنًّا متريًّا من المواد الجراحية والطارئة والأدوية، التي وفرتها لليبيا، مجموعات الكواشف المختبرية للكوليرا، لضمان الترصد لهذا الوباء الأكثر انتشارًا مع الفيضانات.

وقال المنظري: ”سيتم نقل هذه المواد جوًّا إلى ليبيا من مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة بالمدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، خلال الساعات القادمة“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا