Skip to content

01/05/22

نحو مؤسسات أكاديمية أكثر استدامةً بالمنطقة

279154629_517023149917808_882658191355578626_n
حقوق الصورة:Abdallah Taha/ SciDev.Net

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

”إذا لم تبدأ المؤسسات الأكاديمية العربية بتنفيذ تحولات كبيرة للتطوير، فسينتهي الحال بدمار هائل لطلابنا واقتصادنا ومجتمعاتنا“، بهذه الكلمات عبّرت الأميرة سمية بنت الحسن -رئيس الجمعية العلمية الملكية الأردنية- عن رأيها تجاه قضايا التعليم العالي والبحث العلمي في المنطقة في لقاء بعنوان «نحو مؤسسات أكاديمية عربية أكثر استدامة»، انعقد افتراضيًّا يوم 14 أبريل الماضي.

تُعد منظومة التعليم العالي هي الأداة الأساسية المختارة لمساعدة الدولة على التنمية، لذلك تحملت مسؤولية تنمية المواهب، كما يجب أن تتحمل أيضًا مسؤولية التكيف باستمرار مع الاحتياجات المتغيرة للدولة والاقتصاد والبيئة ورغبة الشعوب في الازدهار على الرغم من محدودية الموارد وتعاظُم التحديات وتطور متطلبات السوق العالمية.

تقول سمية: ”يعرف الجميع أن جامعاتنا الخاصة والحكومية في المنطقة شديدة الارتباط بأجهزة الدولة وتقوم على مبادئ هرمية عفا عليها الزمن إداريًّا وماليًّا وأكاديميًّا، وهو ما يُفقدها استقلاليتها الضرورية للابتكار“.

ولكي تتمكن الجامعات من التأقلم والتفاعل سريعًا مع البيئة الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة باستمرار، ولتواجِه عالمًا مفتوحًا وتنافسيًّا، فلا بديل عن الاستقلالية واللامركزية.

تجربة المغرب في اللامركزية تُعد تجربةً رائدة، حيث منحت المغرب سلطة اتخاذ القرار لمجلس منتخب في كل جامعة، ويدير كل كلية مجلسٌ منتخب أيضًا يمثل كل المستفيدين في المؤسسة من أساتذة وطلاب وممثلي الإدارة مثل العميد ونوابه وغيرهم، وثمة مجلس عام لكل الجامعات.

تقول دليلة لودي، أستاذ بكلية العلوم في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في المغرب: ”لقد مكّنت اللامركزية الإدارية من جعل إدارة الجامعات أكثر استقلاليةً على مستوى التمويل والإدارة“،  مشيرةً إلى أن قُرب الجامعات الحكومية من المواطنين أمرٌ ضروري للتنمية الاقتصادية والإقليمية في أي منطقة.

وتضيف دليلة: ”بطبيعة الحال هناك بعض السلبيات لهذه الاستقلالية، إذ تواجهنا بعض المشكلات في سرعة اتخاذ القرار، فلا بد من مراجعة مكونات بعض المجالس لزيادة فاعلية عملية اتخاذ القرار داخلها“.

ومن أجل تطوير عملية صناعة القرار وتحمُّل المسؤولية، أنشأت الحكومة المغربية مؤسسةً وطنيةً لتقييم جودة مؤسسات التعليم العالي، وهي مؤسسة لها المعايير ذاتها في تقييم كلٍّ من الجامعات العامة والخاصة لضمان جودة خدمة الطالب وتكافؤ الفرص التعليمية، ومنذ عام 2011، أصبحت التشاركية في أنظمة صناعة القرار مبدأً دستوريًّا في كل القطاعات بالمغرب.

وتأتي الاستدامة المالية على رأس التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي في المنطقة، فالجامعات الحكومية تعتمد بشكل رئيسي -بعد التمويل الحكومي- على المصروفات الدراسية الزهيدة والمناسبة لدخل المواطنين، ما يؤدي إلى زيادة عدد المقبولين لتغطية تكاليف العمليات التعليمية والتشغيلية، وتقل مع تلك الزيادة في الأعداد جودة العملية التعليمية وتزيد المشكلة تعقيدًا وتعيدها إلى الدولة في صورة مبانٍ إضافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة.

كما أن تزايُد قبول طلاب غير مؤهلين فيما يُعرف بالبرامج الموازية مرتفعة التكلفة، زاد من تحديات تقديم تعليم عالي الجودة يتناسب مع تكلفته، مما صرف بعض الكليات عن البحث العلمي، وهو ما لا يتناسب بأي حال مع الاستدامة.

لا بد من ضمان للجودة يضع في حسبانه عدد الطلاب مقارنةً بمعدل الإشراف الجامعي، فكثير من الجامعات العامة في المغرب مثلًا تمتلك معدل إشراف أكاديمي منخفضًا، قد يصل إلى مشرف لكل 70 أو 80 طالبًا، ولا يمكن الحصول على جودة تعليم مناسبة في ظل هذه الظروف، وفق دليلة.

وبالحديث عن الجودة، يرى فرانسيسكو مارموليجو -رئيس التعليم العالي في مؤسسة قطر- أنه ”يجب التحول من رقابة الجودة إلى ضمان الجودة ثم إلى تحسينها“، فعلى مؤسسات التعليم العالي في المنطقة أن تزرع ثقافةً مختلفة، وهي ثقافة المؤسسة الفاعلة، التي تسمح بمعرفة مدى الجودة من خلال جمع الأدلة المناسبة.

تحتاج المنطقة إلى بذل المزيد من الجهود، للتأكد من تغيير ثقافة هيئات ضمان الجودة وتحوُّلها من التغريم والرقابة إلى ضمان الجودة وتحسينها من أجل الاستدامة، يتعلق تحقيق الاستدامة بتوفير بيئة من التخصيص الكلي للموارد، لذا فإن الطريقة الوحيدة لتقديم أثر إيجابي وتشكيل طلاب اليوم ومواطني الغد، هي التأكد من أنهم يؤمنون بالاستدامة في أنشطتهم اليومية، وفق مارموليجو.

ويلفت مارموليجو إلى دور الجامعات باعتبارها حاضناتٍ للابتكار، ”ويبدو أن أفضل طريقة للسماح للمشروعات والمبادرات التقنية والتجارية كي تكبر وتزدهر هي تخصيص أماكن لها داخل الحرم الجامعي لتقديم خدماتها محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا“.

وفي مصر، يأتي نموذج مدينة زويل كنموذج فريد صَعُب تكراره، بدأ كشراكة حكومية مجتمعية، فهي مؤسسة غير ربحية تستقبل التبرعات من المجتمع، مما يمنحها المرونة والاستقلالية الكافية، يقول مصطفى بدوي، مدير وادي العلوم والتكنولوجيا بالمدينة: ”إدارة مثل هذا النموذج تمثل تحديًا، لكنها تناسب سعينا لتحقيق الجودة، فلا تضحية بالجودة من أجل الاستدامة“.

وعن دور مؤسسات التعليم العالي في مواجهة التحديات الاقتصادية والمجتمعية، يقول بدوي: ”نعمل على تأهيل طلابنا بالعمل على مشروعات مشتركة متعددة المجالات، كما نعرّف طلابنا بأهداف التنمية المستدامة والتغيُّرات المناخية في المراحل التأسيسية“، وفي ختام المشروعات يتحدث الطلاب عن أثر مشروعاتهم على التغيُّر المناخي وعلاقتها بأهداف التنمية المستدامة.

جاء اللقاء بدعوة من دورية ’نيتشر الشرق الأوسط‘ لمناقشة المقال الذي نشرته الأميرة وزملاؤها في منتصف العام الماضي، والذي طرحت فيه موقف التعليم العالي والتحديات التي تواجه استدامته، ولطرح بعض المقترحات والحلول، كان من بينها 3 مجموعات من الإجراءات التي رأت سمية أن من شأنها توجيه المؤسسات الأكاديمية العربية إلى الوجهة الصحيحة وجعلها أكثر تجاوبًا وتأقلمًا واستدامةً، وهي إضفاء اللامركزية، وإعادة توجيه هذه المؤسسات لتصبح أكثر تركيزًا على الطلاب، وتبنِّي التنوع والاعتراف بالمجتمع الأكاديمي.

تقول سمية: ”المؤسسات ذات المستوى العالمي ليست تلك التي تمتلك أحدث الأجهزة والمباني الجذابة والحرم الجامعي الفخم، بل تلك التي تمتلك البشر القادرين على بناء تلك المؤسسات“، لذلك، فبغض النظر عن رؤيتنا لمجتمعاتنا ومؤسساتنا، علينا العودة للبدء برأس المال البشري.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا