Skip to content

11/01/21

في زمن الوباء.. تعليم عن بُعد في مخيمات اللاجئين بسوريا

Photo Credits Chemonics International
حقوق الصورة:Chemonics International/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • وباء كورونا أجبر التنمويين على الإبداع والتركيز على البرمجة لسد الفجوة التي فرضها التباعد الاجتماعي
  • سوري يبني بمخيم لاجئين نسخة مصغرة من الإنترنت، لا تتصل بالعالم الخارجي، هيأت التعليم عن بُعد للتلاميذ والطلبة
  • التقنيات البسيطة فعالة في الحد من آثار الوباء وتجاوز التحديات المستجدة لإبقاء مشروعات التنمية والإغاثة على المسار الصحيح

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[بروكسل] تمكَّن الطلاب والمعلمون بمخيم نازحين في سوريا من التواصل معًا عبر هواتفهم الذكية؛ لمواصلة التعليم والدراسة، عن طريق بناء شبكة داخلية، صُممت لتعمل دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت أو استخدام الحواسيب.

إلى هذه ’الإنترانت‘ أو ’السحابة الخاصة‘ -بتعبير أدق تقنيًّا- لجأ خبير أمن المعلومات محمد يوسف،  لأن المخيم يفتقر إلى معظم البنى الأساسية، إن لم يكن كلها، ويشمل هذا الكهرباء.

يقول يوسف لشبكةSciDev.Net: ”بعد استكشاف التقنيات البديلة للإنترنت، بغية توفير ’تعليم عن بعد‘، أنشأنا شبكة داخلية محلية، نجحنا من خلالها في إجراء مكالمات صوتية مباشرة“.

ويردف: ”كما استخدمنا تطبيق محادثات للهواتف الذكية؛ لتحقيق اتصال تشبه تجربته التواصل في الصف الدراسي، والتطبيق يعمل أيضًا عبر الشبكة الداخلية دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت“.

قد يُنظر إلى ’التعليم عن بعد‘ بحسبانه ”ترفًا مبالغًا فيه لدى الحديث عن مخيمات النازحين، التي توفر بالكاد المقومات الأساسية للحياة“.

بيد أن غياب التعليم في ظل انتشار وباء كوفيد-19، وتوقف الدراسة ”يحتم أيضًا حرمان أكثر من مليوني طفل سوري من النازحين داخليًّا حقًّا آخر من حقوقهم“.

لذا قبِل يوسف التحدي، رغم أن إنشاء شبكة ‘إنترانت’ للتعليم عن بُعد داخل مخيم للنازحين لم يكن أمرًا سهلًا على الإطلاق، إذ لا تتوافر المعدات الكافية لإنشاء الشبكة والاتصال، ولا تتوافر أجهزة الحاسب الآلي.

من ثم، صُمم النظام بأكمله ليعمل عبر الهواتف الذكية؛ لكونها البديل المتاح، إذ يقتنيها قرابة 80% من قاطني المخيم.

أيضًا، عدم توافر المعدات اللازمة أدى إلى محدودية نطاق الشبكة على نحو يتيح الاتصال لعدد يسير من الطلاب في محيط منطقة ضيقة، الأمر الذي تطلَّب تدوير نقاط الوصول إلى الشبكة بمختلف مناطق المخيم، بحيث تعمل الشبكة في منطقةٍ ما صباحًا وبمنطقةٍ أخرى مساءً، وهكذا دواليك.

لكن خلال أشهر توافرت المعدات اللازمة لتغطية المخيم بأكمله لاسلكيًّا لإتاحة الاتصال بالشبكة الداخلية بأي وقت ومن أي مكان.

لم يتوقف الأمر عند هذا فحسب، فالتحول إلى التعليم عن بُعد في حد ذاته يمثل تحديًا آخر لعناصر المنظومة التعليمية من مناهج دراسية ومعلمين.

وفي هذا الصدد أُعدت فيديوهات تعليمية توضح كيفية عمل النظام واستخدام الشبكة الداخلية، وطُورت المناهج الدراسية لتوائم تقنية الشبكة الداخلية والتعليم عن بعد، بجانب تدريب المعلمين على تدريس تلك المناهج عن بُعد وكيفية التفاعل مع الطلاب.

كما فرضت ظروف المخيم إبقاء تكاليف إنشاء الشبكة وتشغيلها منخفضةً قدر الإمكان، لذا زُود النظام بألواح شمسية تمده بكهرباء مستمرة، واعتمد على التقنيات والبرامج مفتوحة المصدر، لتتراوح بذلك تكلفة الإنشاء بين 2000 و3000 دولار أمريكي، ولا يتطلب تشغيل الشبكة أي نفقات أخرى تقريبًا.

تُوجت التجربة بالنجاح، وفي أشهر، تمكَّن النظام الذي أُنشئ وجُرب في أحد مخيمات النازحين شمال شرق سوريا من تقديم التعليم لأكثر من 1000 طفل سوري بمختلِف أعمار المرحلة الأساسية خلال حظر التجوال لتفشِّي وباء كوفيد-19.

فاعلية التعليم عن بُعد في سياقات مخيمات النازحين واللاجئين ”مرهونة بتوافر الحدود الدنيا“، على حد قول ماسة المفتي، باحثة وخبيرة في مجال التربية والتعليم، ومؤسس ورئيس جمعية سنبلة للتعليم والتنمية التي تهتم بمجتمعات اللاجئين السوريين.

وتوضح: ”فلاح التعليم عن بُعد مشروط بوجود منظومة تعليمية تسمح بذلك على مستوى البنى التحتية، وعلى مستوى بناء قدرات المعلمين وتدريبهم، وعلى مستوى التواصل مع الطلاب وذويهم“.

ونجاح التجارب القائمة على الحلول التي تتضمن عدم الاتصال بشبكة الإنترنت، خاصةً مع صعوبة الوصول إليها وارتفاع تكلفتها بالنسبة لقاطني المخيمات، يثبت أهليتها للاعتماد عليها.

وهذه التجربة تحديدًا ”تؤكد إمكانية الاعتماد على الهواتف الذكية، لا على الحاسبات الآلية“، واستخدام تطبيقات المحادثة في إرسال مقاطع الفيديو لشرح الدروس، بجانب متابعتها والتفاعل مع الطلاب.

تقول ماسة: ”التعليم عن بُعد يجابه تحديات كبيرة في الوطن العربي بشكل عام، ولا سيما محاولة توفيره للفئات المهمشة أو الأقل حظًّا، ومنهم النازحون واللاجئون“.

لكن هذا لم يمنع ماسة من التسليم بفاعلية الشبكة الداخلية في العملية التعليمية، وأن الفكرة تتسم بأنها فعالة أيضًا من ناحية التكلفة والاستدامة.

وتلك الفاعلية تشجع على تعميمها على نطاق أوسع، ”لا في سياقات النازحين واللاجئين فحسب، بل لكل المجتمعات التي لديها بنى تحتية ضعيفة فيما يتعلق بالوصول إلى شبكة الإنترنت“.

حصدت الفكرة المبتكرة جائزة تنموية عالمية في خريف العام المنصرم؛ إذ كانت ”الأفضل في العرض“ بالمؤتمر السنوي لجمعية التنمية الدولية، الذي انعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن.

يقول يوسف: ”لدينا الآن الدليل على جدوى الفكرة وتطبيقها، ونسعى للتوسع في تنفيذ حلول الشبكات الداخلية لتوفير التعليم عن بعد في 15 مخيمًا آخر للنازحين“.

ويستطرد: ”كما نعمل على تطوير دليل عملي لإنشاء النظام خطوةً بخطوة، ومن خلال مشاركة معارفنا نأمل أن تستخدمها المجتمعات الأخرى في إنشاء أنظمة شبكاتها الداخلية؛ لضمان تقديم الخدمات الأساسية في أثناء الأزمات المستقبلية“.

إغلاق المدارس الذي فُرض في كثير من الدول أيضًا بفعل كوفيد-19، وجه العملية التعليمية برمتها عن بُعد عبر شبكة الإنترنت، وصار ”واقعًا مستمرًّا إلى الآن“، وفق وصف محمد رزق الله، المحاضر في كلية الدراسات العليا للتربية بالجامعة الأمريكية في القاهرة.

يقول رزق الله: ”جائحة كوفيد-19 شكلت مفصلًا حقيقيًّا بين التعليم التقليدي والانطلاق نحو التعليم عن بُعد، الذي يبدو أنه مستقبل التعليم حتى بعد زوال الجائحة، شريطة توفير بنية تحتية تقنية ومحاضرين قادرين على التعامل مع هذه التقنية“.

أما في الحاضر، فإن ”الشبكة الداخلية المحلية أعادت الصلة وسهلت التواصل بين المعلمين والطلاب، كما مكنت الطالب من الوصول إلى المعلومات بأي وقت دون ضرورة للوجود في مكان معين، مع إمكانية إعادة المحتوى التعليمي، مما سهل الفهم والاستيعاب لديه، بجانب أنها أضفت نوعًا من الحيوية للوسائل المستخدمة وأعطت مجالًا أكثر بين المعلم والمتعلم“، كما يوضح ’أسامة‘، أحد المعلمين المستخدمين للنظام بالمخيم.

لكن بالوقت ذاته يسلط أسامة الضوء على بعض العقبات، خاصةً بالنسبة لأهالي الطلاب؛ إذ يعانون من قلة خبرتهم في التعامل مع الشبكة، بجانب امتلاك بعضهم لهواتف محمولة غير حديثة لا تدعم التطبيق المستخدم في نظام التعليم عن بُعد.

هذا التواصل غمر تلميذة سورية بالفرحة لمواصلة تعليمها، تقول أمل: ”لقد كنت سعيدة بسماع أصوات زملائي وأصوات معلميَّ، وتلقِّي التعليم من جديد“.

 

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا