Skip to content

30/04/21

هجرة أطباء الجزائر لا تتوقف

صور خاصة رياض معزوزي 1
حقوق الصورة:Riad Mazouzi/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • إضراب واحتجاج من قِبل أطباء الجزائر لإسماع صوتهم ورفع شكاواهم أملًا في التحرك لإنهاء معاناتهم
  • رفض الإهانة وسوء التقدير، وطلب حياة أكرم ومعيشة أرغد.. أسباب تدفع أطباء الجزائر للهجرة
  • استبقاء الأطباء مرهون بتحسين أحوالهم ونبذ تجاهلهم ونسيانهم

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[الجزائر] لا تزال شكوى الأطباء في الجزائر قائمة من تردي الظروف المهنية في القطاع الصحي بالبلاد، ومن سوء أحوالهم المعيشية، ولا ينفكون عن ترك الوطن، وتحيُّن الفرص للهجرة.

أربعة أخماس الأطباء الذين يتركون الوطن يتوجهون للعمل في فرنسا، كما يقول العربي بن حارة، عضو عمادة الأطباء بالجزائر، وهي هيئة حكومية تنظم ممارسة الطب في البلاد.

تأهيل الطلبة وإعداد الخريجين في الجامعات الجزائرية والفرنسية يتقارب على نحوٍ كبير، كما يوضح بن حارة، إضافةً إلى تجاوُز مشكلة اللغة؛ إذ يدرس الطب بالفرنسية في جامعات الجزائر.

وآخر الإحصاءات التي تحوزها العمادة تشير إلى وجود أكثر من 28 ألف طبيب هجروا البلد منذ العشرية السوداء بالجزائر في التسعينيات الماضية، منهم 15 ألفًا يشتغلون بالمؤسسات الاستشفائية والعيادات الفرنسية.

الباقي يمموا وجوههم شطر أمريكا وكندا وألمانيا ودول الخليج العربي.

يأسف بن حارة ”لقوافل الأطباء التي تهاجر الجزائر بشكل سنوي بحثًا عن ظروف عمل جيدة“.

يقول بن حارة لشبكة SciDev.Net: ”تنفق الدولة في سبيل تكوينهم ميزانيات ضخمة جدًّا، وتفتح لهم مجانية التعليم على مر السنوات في الجامعة وقبلها بالأطوار التعليمية الثلاثة، ليستفيد منها غيرهم في المستقبل“.

وإن كان العام الماضي وبداية الجاري ”لم تسجَّل فيهما هجرة بعدد يمكن ذكره؛ بسبب الحدود المغلقة للإجراءات التي فرضتها جائحة كورونا، إلا أن مرحلة ما بعد كوفيد-19 ستشهد هروبًا جماعيًّا للأطباء طالما بقي الوضع على ما هو عليه واستمرت المعاناة“.

وما يحز في نفس بن حارة –وفق تعبيره- كون المستشفيات والعيادات في أوروبا -خاصةً الفرنسية- باتت تستقطب أطباءً جزائريين في تخصصات مهمة تفتقر إليها أحيانًا حتى المستشفيات الكبيرة عبر الولايات.

وتوفر تلك الجهات امتيازات ومنحًا إضافية نظير الخدمة والبحث، بل وصل الأمر بالحكومة الفرنسية إلى إسقاط شرط معادلة الشهادة بالنسبة للأطباء الجزائريين في السنوات الأربع الأخيرة؛ لتسهيل اجتذابهم.

ألمانيا هي الأخرى دخلت بقوة على خط جذب الأطباء الجزائريين للعمل بمختلف المستشفيات والعيادات على أرضها، برواتب مجزية وامتيازات كبيرة، هكذا يقول عبد النور سريح، من نقابة الأطباء الجزائريين.

 ويؤكد بن سريح وجود ما يزيد على 1200 طبيب جزائري دخل ألمانيا للعمل في السنوات الخمس الأخيرة.

والعدد مرشح للزيادة إلى هذا البلد وباقي الجهات، في ظل صمت الحكومة في الجزائر، وبقائها تؤدي دور المتفرج على قوافل الأطباء الفارين، ولكي تتغلب ألمانيا على عائق اللغة -كما يقول بن سريح- ”تكفلت ببرنامج لتعليم الأطباء الجزائريين الوافدين إليها اللغة الألمانية وبتغطية شاملة“.

دول الخليج كذلك باتت تجتهد لاستقطاب أطباء الجزائر، من خلال تنظيم مسابقات كبرى لصالح الأطباء الراغبين في العمل بالمستشفيات الخليجية، وبمرتبات مغرية وتحفيزات وإمكانيات حديثة ومتطورة.

قبل الجائحة، في عام 2019 ”تمكنت السعودية من جذب أكثر من 500 طبيب جزائري، وأغلبهم من التخصصات الجراحية المهمة للعمل بمستشفيات المملكة“.

وأمام كل هذه المعطيات وموجات الهجرة الجماعية للأطباء، فإن العمادة وكذا مختلِف نقابات القطاع الصحي، راسلت الرئاسة ووزارة الصحة من أجل التدخل وتوفير ما يمكن توفيره للأطباء، وتحفيزهم ماديًّا ومعنويًّا مع توفير الإمكانيات، لكن ذلك ما لم يتم.

يقول بن حارة: ”أصبح الطبيب الجزائري مخيرًا بين الهجرة لتحسين أوضاعه، أو البقاء في الوطن مع الصبر، وأحيانًا المشاركة في الاحتجاجات والإضرابات التي لا تأتي سوى بالوعود“.

وفي السابع من الشهر الجاري بدأ إضراب، دام أيامًا، قام به عاملو الصحة من الأطباء وشبه الطبيين، من ممرضين ومشغلي أشعة أو قابلات وغيرهم، كما نظموا وقفات احتجاجية عمت المستشفيات الجزائرية، دون المساس بحالات الجراحة الحرجة والطوارئ.

”وضع آلية لصد الهجرة الجماعية للأطباء نحو الخارج“، كان من ضمن المطالب والدوافع لإقامة هذه الأعمال الاحتجاجية، كما يبين إلياس مرابط، رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية.

ومن مطالب الأطباء ”إدخال فترة محاربة وباء كورونا في نظام المعاشات والتقاعد“.

وفق مرابط، كان الرئيس الجزائري ”قد أقر في مارس من العام الماضي منحةً شهريةً إضافيةً خاصةً بالأطباء وشبه الطبيين، سُميت بمنحة كوفيد 19، إلا أن المنحة توقف صرفها منذ أشهر“.

مثل تلك الأحوال الطاردة تدفع دفعًا إلى ”الهروب من الواقع المر الذي يعيشه قطاع الصحة في هذا البلد، والقوانين التي تجعل الطبيب آخر اهتمامات الدولة“، كما يقول لهلالي موفق، طبيب متخصص في الإنعاش.

موفق قضى خمس سنوات في دراسة الطب العام، ثم أربعًا إضافيةً للتخصص، وحلم الهجرة يراوده كما يراود الآلاف من خريجي معاهد وكليات الطب سنويًّا في البلاد.

والسنوات التسع التي قضاها موفق وتزيد عند غيره، في دراسة الطب، قد لا تستفيد منها الجزائر شيئًا.

يقول موفق: ”الهجرة صارت طموح جل الأطباء وطلبة الطب في ظل حالة الترهل التي تعيشها المنظومة الصحية في الجزائر، وعجز الدولة عن صياغة قانون يحمي كرامة الأطباء ويحسِّن من ظروف عملهم“.

وهو ما يذهب إليه الطالب في تخصص جراحة العظام بكلية الطب بجامعة وهران، عبد القادر سرحان، الذي اعتبر ”الجو العام غير الملائم لعمل الأطباء في الجزائر كان وراء هروب الآلاف من الأطباء للخارج“.

فبالإضافة إلى مستوى الرواتب المتدنية مقارنةً بدول الجوار -كما يقول سرحان- ”هناك أسباب أخرى تخص يوميات العمل للأطباء وكانت السبب في هروب الأطباء، مثل عدم صياغة قوانين للصحة تخدم الطبيب وتجعله يقدم عمله باحترام وبمعنويات مرتفعة“.

المعنى نفسه يكرره موفق، إذ يرى الطبيبَ الجزائري -خصوصًا في القطاع العمومي- موضوعًا ”أمام تحدي تقديم مجهودات كبيرة وبوسائل قليلة وفي بعض الأحيان شبه منعدمة، وفي نهاية الشهر يتحصل على راتب زهيد جدًّا لا يمكن أن يحفظ له كرامته أو يمكِّنه من توفير ضرورياته وإعالة أسرته، ناهيك بعدم تمكُّنه من تطوير ذاته في مجال تخصصه“.

في المقابل، يضيف موفق، توفر أغلب الدول وعلى رأسها الوجهتان المهمتان للأطباء الجزائريين، أوروبا ودول الخليج ظروفًا جد مشجعة ورواتب جيدة، مع توافر مستشفيات عصرية يجد فيها الطبيب الجزائري فرصةً للإبداع والعطاء كان محرومًا منها في بلده”.

والحل أمام هذا الإشكال في نظر لهلالي ”هو تقديم تحفيزات، وتعويضات للعاملين بالجنوب، مثل تقديم بدل السكن، ورفع المنحة، وتقليص فترة العمل للتقاعد، والتكفل بالاتصالات والمواصلات وتقديم إجازات إضافية“.

 

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا