Skip to content

23/03/23

لاجئو المناخ.. الأرقام تتصاعد والاهتمام ضئيل

الصورة 1
حقوق الصورة:WHO

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

قبل نحو 38 عامًا، استحدث الخبير المصري في برنامج الأمم المتحدة للبيئة عصام الحناوي مصطلح ’لاجئي المناخ‘ لأول  مرة عام 1985، غير أنه بالرغم من مرور تلك الفترة، فإن هذا المصطلح -الذي يُطلق على المهاجرين من موطنهم الأصلي، بشكل مؤقت أو دائم، بسبب اضطراب بيئي- لم يُتداول على نطاق واسع، حتى أكسبه تسارُع وتيرة التغيرات المناخية في الفترة الأخيرة زخمًا كبيرًا.

وتكرر هذا المصطلح كثيرًا خلال قمة المناخ (كوب 27)، التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر الماضي، للإشارة إلى تحدٍّ كبير يواجه الشعوب الأصلية، التي نالت تغيرات المناخ من مواردها الطبيعية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بهوياتها وثقافاتها وأنماط معيشتها، مما اضطرها إلى هجرة موطنها الأصلي، غير أن الاجتماع الأقاليمي الثاني الرفيع المستوى بشأن صحة اللاجئين والمهاجرين، والذي عقدته ثلاثةُ مكاتب إقليمية لمنظمة الصحة العالمية في مدينة شرم الشيخ، خلال يومي 16 و17 مارس الجاري، أَولى تلك المشكلة اهتمامًا كبيرًا.

وركز هانس هنري كلوغ -مدير المنظمة الإقليمي لأوروبا- بشكل كبير في تعليقاته خلال الاجتماع على هذا النمط من الهجرة، باعتبار أن الإقليم الذي يرأسه يستقبل عددًا كبيرًا من اللاجئين، إذ يمثلون 13% من سكان الإقليم، وقال لشبكة SciDev.Net: ”هذا الاجتماع فرصة لتأكيد هذا الرابط بين المناخ وقضية اللجوء، والتي لا تحظى بتركيز كبير، رغم أن التقديرات تشير إلى تنامي هذا النمط من اللجوء“.

وتشير أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن 21.5 مليون شخص يتم تهجيرهم قسرًا بمعدل سنوي، منذ عام 2008، بسبب الأحداث المتعلقة بالطقس، ومن المتوقع ارتفاع هذه الأرقام في العقود القادمة، إذا استمرت الكوارث الطبيعية بالمعدل نفسه الذي شهدناه في العقود القليلة الماضية، فمن الممكن تشريد 1.2 مليار شخص على مستوى العالم بحلول عام 2050.

يقول كلوغ: ”هذه الأرقام تفرض ضرورة التعامل مع تغيُّر المناخ باعتباره تحديًا مهمًّا لصحة اللاجئين، لا سيما أن تأثيرات تغيُّر المناخ عمَّت الجميع، وقد تتسبب أيضًا في تغييرات كبيرة في التنقل البشري داخل قارة أوروبا نفسها، التي شهدت العام الماضي أشد صيف سُجّل على الإطلاق“.

وأعلن كلوغ أن نهج الإقليم في التعامل مع قضية صحة اللاجئين يسير في اتجاهين: الأول هو توفير أنظمة صحية تحقق تغطيةً صحيةً شاملةً للجميع، بما يشمل اللاجئين والمهاجرين، والثاني هو إدراجهما في الاستجابة لحالات الطوارئ الصحية.

وإذا كانت القارة الأوروبية حديثةَ العهد بالشعور بتداعيات المناخ، التي ظهرت ظهورًا واضحًا الصيف الماضي، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصنف بأنها من أكثر مناطق العالم تأثرًا بتغيُّر المناخ، بالإضافة إلى كونها منطقة تشهد توترات وصراعات في أكثر من دولة.

وفي حديثه لشبكة SciDev.Net ذكر أحمد المنظري -المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط- أن ”الإقليم اجتمعت فيه كل أسباب اللجوء من التوترات السياسية والتغيرات المناخية، ومؤخرًا الكوارث الطبيعية، متمثلةً في زلزال السادس من فبراير الذي ضرب تركيا وسوريا، وهو ما يجعل أرقام اللاجئين داخل الإقليم مرشحةً للتزايُد“.

ويضم الإقليم العدد الأكبر من اللاجئين والنازحين داخليًّا، فأكثر من نصف لاجئي العالم -البالغ عددهم الآن 281 مليون شخص- أصلهم من إقليم شرق المتوسط، ولا يزال معظمهم يعيشون فيه، وهو ما يفرض تحدياتٍ صحيةً بالغة الخطورة، وفق المنظري.

وكان أكثر التحديات خطرًا العنصرية التي تمارَس تجاه اللاجئين، إذ يُنظر إليهم من مواطني البلد على أنهم يمثلون عبئًا كبيرًا، ويزاحمونهم في الخدمات، ومن أبرزها الخدمات الصحية.

يقول المنظري: ”لا ننكر هذا التحدي، ولكن ربما يكون السبب هو انعدام التمويل الذي يساعد على تقديم خدمة صحية للمواطن واللاجئ“.

وبينما لا يزال التمويل الذي ينادي به المنظري أقل من المطلوب، فإن تقارير دولية تتوقع مزيدًا من حالات النزوج واللجوء بسبب رابطٍ أوجدته تلك التقارير بين النزاعات وتغيُّر المناخ.

ذكر تقرير ”الاتجاهات العالمية للنزوح القسري لعام 2020“، الذي أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن 95% من جميع حالات النزوح بسبب النزاعات في عام 2020 حدثت في بلدان معرضة لتغيُّر المناخ أو شديدة التأثُّر به.

وفيما يشبه تأثير ’الدومينو‘، وهو تفاعُل تسلسلي يحدث عندما يسبب تغيير صغير تغييرًا مماثلًا بجواره، أوضح التقرير أن هذا التأثير كان محسوسًا بشكل كبير في سوريا، بسبب تغيُّرات المناخ.

شهدت سوريا والهلال الخصيب، بين عامي 2006 و2010، أسوأ فترة جفاف، مما أدى إلى انخفاض غلات المحاصيل، ونفوق الماشية، ومع فقدان الناس سبل عيشهم، زادت معدلات الفقر، مما أسهَم  في تأجيج الغضب واشتعال ثورة كانت سببًا في أسوأ أزمات اللاجئين في العالم منذ عقود، إذ أُجبر ما يقرب من ربع السكان على الفرار من بلادهم بعد تصاعُد النزاعات، كما أوضحت دراسة لباحثين من جامعة كولومبيا، وجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

وتتوقع دراسة لباحثين من ثلاث جامعات أمريكية أخرى، نشرتها مجلة ’مراجعة الهجرة الدولية‘، زيادة الهجرة بسبب الجفاف الناتج عن تغير المناخ طوال القرن الحادي والعشرين، بنسبة 200% على الأقل، وفق سيناريو ’متفائل‘ يفترض وفاء البلدان بالتزاماتها بموجب اتفاق باريس، بينما يمكن أن تزيد النسبة إلى 500%، وفق سيناريو ’متشائم‘ يستند إلى الاستخدام الحالي للطاقة، في حال سادت السياسات غير المقيدة لانبعاثات الدفيئة.

وإزاء هذا الوضع، وضع البيان الختامي للاجتماع تغيرات المناخ باعتبارها من التحديات المهمة الوثيقة الصلة بصحة اللاجئين.

وقالت ماتشيديسو مويتي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا: ”اجتماعنا هذا في وقت باتت فيه تغيرات المناخ من التحديات المهمة في قضية اللجوء، ما يدعم التأكيد على ضرورة وضع صحة اللاجئين كأولوية في جداول الأعمال الدولية والإقليمية“.

وأضافت: ”ينبغي دمج احتياجات اللاجئين الصحية في جميع البرامج، فمن دون مراعاة صحتهم، لن نحقق هدف التغطية الصحية الشاملة“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا