Skip to content

09/02/23

رجاء الشرقاوي المرسلي.. باحثة أفريقيا الأولى

IMG-20230210-WA0020
حقوق الصورة:Rajaa Cherkaoui El Moursli/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • لم تكن على دراية بقدراتها، ولم تكن تعرف وجهتها، ومع التوجيه والدراسة وجدت نفسها في الفيزياء ثم الفيزياء النووية
  • لديها أجندة متخمة، لذا تعلمت أن تعمل أسرع، وأن تكون منظمة بصرامة، وتؤدي عدة مهمات في آن
  • حين يحين أوان التقاعد، ترى أن واجبها أن تظل نشيطة وأن تتابع كل الاكتشافات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

مَن يطالع مسيرة المغربية رجاء الشرقاوي المرسلي سوف يدرك أن الصدارة والريادة والمثابرة هي علامات طريقها.

مسيرة مديدة استغرقت أربعة عقود وزيادة قطعت بها أشواطًا في الفيزياء النووية وفيزياء الطاقة العالية، ومسيرة ثرية أجرت خلالها وشاركت وأشرفت على ما يُحصى بالمئات من الأبحاث والدراسات.

مسيرة يجللها الإنجاز، ولقاء ما قدمت لاقت التقدير والحفاوة، ولربما أرهقتها المناصب، وغص دولابها بالجوائز، حتى نالت من هذا وذاك الشيء الكثير.

رجاء هي الأولى على بحاثة العرب وأفريقيا، وفق مؤشر ’ألبير دوجر العلمي‘ لعام 2023، الذي ينتقي المئتين الأفضل على مستوى العالم، ذوي أكبر عدد من الاستشهادات، وعالميًّا تأتي رقم 140 من هذا الترتيب الذي يرصعه فطاحل وأكابر من حملة الجوائز المرموقات.

رجاء أستاذة الفيزياء النووية بكلية العلوم في جامعة محمد الخامس بالرباط، وواجهة المغرب المشرفة بتجربة ’أطلس‘ منذ عام 1996 في إطار تعاون دولي مع المنظمة الأوروبية للأبحات النووية ’سيرن‘.

حول مسيرتها كان لشبكة SciDev.Net هذا الحوار مع رجاء.

هل توقعتِ أن تصلي إلى ما وصلتِ إليه الآن؟

لا على الإطلاق، لم أدرِ حتى بقدراتي، كنت دائمًا أشعر بالفضول وأطرح الكثير من الأسئلة، وفي المرحلة الثانوية اكتشفت مهاراتي في الرياضيات والفيزياء.

كنت محظوظةً لوجود مدرسين استثنائيين في المادتين، شحَذا فضولي، ما دفعني لفهم الظواهر المحيطة بنا.

بعد ذلك، أتيحت لي العديد من الفرص، ووجدت نفسي في الفيزياء ثم الفيزياء النووية، في حين أنني لما غادرت إلى فرنسا لأول مرة، ظننت أنني سأتخصص في الرياضيات.

ماذا بعد حصولك على البكالوريا؟

في الواقع، نصحني الأساتذة في مدرستي بمواصلة دراستي في الخارج، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك الكثير من المؤسسات الأكاديمية الموجودة حاليًّا في المغرب، سواء في القطاع العام أو الخاص.

كانت العقبة الأولى ثقافيةً إلى حدٍّ ما، حيث لا تغادر الفتاة بيتها إلا بعد الزواج، اجتمعت الأسرة بأكملها، الكبير والصغير، كما لو كنت ذاهبةً إلى كوكب المريخ.

بمجرد السفر إلى الخارج، تخرج من منطقة الراحة الخاصة بك، وتتحمل المسؤولية من خلال إدارة حياتك اليومية، وباكتشاف عادات تختلف عن عاداتنا، وهو أمر صعب، ولكنه بمنزلة تكوين.

كيف اخترتِ التخصص في مجال الفيزياء النووية؟

أكملت أول سنة جامعية في الرياضيات، لكن خلالها أعطاني أستاذ الفيزياء أمثلةً في الحياة اليومية قربتني منها، فعزمت على التحول إليها والاستمرار فيها.

وبعد حصولي على الإجازة، لم أكن متأكدةً من الطريق التي سأسلكها، لكن أستاذين درسا لي في البكالوريوس شجعاني على متابعة الدراسات العليا في الفيزياء النووية، كما شجعني زوج أختي (رحمة الله عليه) على هذا الخيار، وكان يعمل مهندسًا في المكتب الوطني للكهرباء، وقال لي إن المغرب يحتاج إلى كوادر في هذا المجال.

هل كان من السهل عليكِ إنجاز أطروحتك في مجال يغلب عليه الرجال؟ 

في فرنسا، نلت الدكتوراة في فيزياء الأيونات الثقيلة، وطوال دراستي أحببت ما كنت أفعله، وبصراحة لم أشعر قَط بأي فرق بين النساء والرجال.

ما التحديات التي واجهتك؟

الأول هو تولي إدارة مختبر الفيزياء النووية بكلية العلوم في جامعة محمد الخامس، وأن أُظهر لزملائي أهمية نشر أعمالهم، ومواجهة جميع المشكلات المتعلقة بالميزانية في الجامعات الحكومية.

لكن التحدي الأكبر تمثل في إشراك المغرب في التعاون الدولي لإجراء تجربة ’أطلس‘، وتُعد من كُبريات تجارب المنظمة، وكان المغرب أول بلد أفريقي وعربي عضوًا في مثل هذه المغامرة، وإليها يرجع الفضل في أن يكون لديه طلبة دكتوراة يتمتعون بمستوى علمي رفيع، وتدريب مبتكر ونقل للتكنولوجيا في تخصصات مهمة.

ثم النجاح في المهمة التي كلفني بها رئيس الجامعة عام 2012 لتنسيق وتطوير البحث والتعاون والشراكة في جامعتنا نائبةً للرئيس.

اتخذتِ قرار العودة إلى المغرب بعد حصولك على الدكتوراة، فهل تعتقدين أنه صائب؟

بعد مرور الوقت، أدركت أنه كان قرارًا جيدًا، لكن بصراحة عندما عدت لأول مرة، لم يكن الأمر سهلًا، بسبب الانتقال من مختبر متطور إلى مختبر بمستوى أقل، لكننا نتكيف مع كل شيء.

وعلى العكس من ذلك فهي فرصة لاستخدام ما تعلمناه في الخارج لتطوير هياكلنا البحثية المحلية، وأعتقد أن الكثير من باحثينا الآن في المستوى الدولي.

ما الذي يمكن أن يشجع الطالبات والنساءعمومًا لاقتحام مجال الفيزياء النووية بالمنطقة؟

نحن بحاجة إلى نماذج يُحتذى بها من النساء اللواتي يُظهرن لهن أنهن إذا أحببن هذا المجال فيمكنهن الولوج إليه.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن تطبيقات الفيزياء النووية موجودة في كل مكان حولنا، ويمكن أن تكون المحاضرات البسيطة بالمدارس الثانوية مفيدةً في هذا الصدد.

ففي جميع الميادين، تتميز المرأة بريادتها وقيادتها في مجالات عديدة، مثل البحث العلمي والخبرة التقنية والتدريب الأكاديمي والمهني.

كيف استطعتِ الجمع بين عدة مسؤوليات في مجال عملك إلى جانب مسؤولية الأسرة؟

التحدي هو تحقيق التوازن بين الحياة الأسرية والعمل، وفي الواقع هذا هو الحال في جميع المجالات، ولكنه يصبح صعبًا عندما تزداد المسؤولية، وعندما تبلغ المرأة سن تكوين الأسرة.

ويمكن للقوانين والعقليات أن تؤثر بقوة على الجهد الذي يمكن للمرأة القيام به في عملها، ولكن في أفريقيا وفي البلدان العربية، على الرغم من أننا نبدو متخلفين في المظهر، تظل وحدة الأسرة مهمة جدًّا وتمثل دعمًا كبيرًا لمسيرة المرأة المهنية.

وغالبًا ما تواجه المرأة أيضًا بيئة ذكورية قاسية إلى حدٍّ ما، وفي حالتي كان برنامجي مزدحمًا للغاية، وكان قلقي هو ألا يفوت أطفالي أي شيء، والآن هم كبار ومستقلون، أعتقد أنني نجحت في هذه المهمة، ويجب أن أشير أيضًا إلى أن عائلتي كانت تدعمني دائمًا، وخاصةً زوجي.

حدثينا عن أهم إنجاز لك

المشاركة والإسهام في بناء وتحليل بيانات مكشاف الجسيمات ’أطلس‘، وأقوم حاليًّا بالتحديث، وهو واحد من اثنين من أجهزة الكشف متعددة الأغراض في ’مصادم الهدرونات الكبير‘، أضخم مُعجِّلات الجسيمات، وأعلاها طاقةً وسرعةً في العالم.

كذلك تمكنَّا من تأسيس أول ماستر في الفيزياء النووية الطبية عام 2009، وماستر جديد في الحماية من الإشعاع عام 2022.

لقد أنشأت جامعة محمد السادس مركزًا للحوسبة الفائقة، وأصبح بالفعل مركزًا من المستوى الثالث، وسيتطور نحو المستوى الثاني.

ونحن فخورون أيضًا بالإسهام في أهم اكتشافات الفيزياء لهذا القرن، وهو إثبات وجود ’هيجز‘ بوزون، وهو الجسيم المسؤول عن كتلة المادة في الكون، ما يفسر كيفية اكتساب الجسيمات الأساسية لها، وهي اللبنات الأولى التي تشكل الكون بأكمله وتفهِّمنا كتلته.

ما أهم الجوائز والتكريمات التي نلتها؟

عام 2015 حصلت على جائزة لوريال- اليونسكو للنساء في العلوم، عن أفريقيا والدول العربية، واكتشفت أنني أول مغربية تحصل عليها.

وعام 2017، كرمتني منظمة التعاون الإسلامي، ما يبرز مدى تطور الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا في الدول الإسلامية.

وفي 2017، وخلال التحدي العالمي الأول للشباب في مجال الروبوت في أمريكا، تم تخصيص جائزة ’الإنجاز الشجاع‘ باسم رجاء الشرقاوي المرسلي، مكونة من ثلاث ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية للفرق الفائزة.

ومنذ عام 2018، عُينت عضوًا في لجنة التحكيم الدولية في علوم الفيزياء والرياضيات والحاسب لجوائز لوريال اليونسكو للنساء في مجال العلوم.

أنتِ عضو في كيانات علمية وطنية ودولية، هل هذا سهل بجانب التزاماتك المهنية؟

عام 2014، عُينت عضوًا في أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات بالمغرب، وفي العام نفسه انتُخبت زميلًا للأكاديمية الأفريقية للعلوم، ثم انتُخبت عام 2018 زميلًا في الأكاديمية العالمية للعلوم لتقدم العلوم في البلدان النامية، وعضوًا في منظمة المرأة في العلوم من أجل العالم النامي، وفي عام 2022 رُشحت زميلًا للأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون.

أجد صعوبةً في إدراك كل ما يحدث لي، ولديَّ جدول أعمال مزدحم للغاية، ولكن مع الكثير من الجهد تعلمت العمل بشكل أسرع، وأن يكون لديَّ تنظيم صارم وأن أقوم بعدة مهمات في آن.

أود أيضًا أن أشير إلى أن عمل الباحثين الشباب والمتعاونين معي لا يقدر بثمن.

ما المهارات التي تركزين عليها في التعامل مع الطلبة والدارسين؟

أعتقد أن المهارات الشخصية مهمة جدًّا، وأصبحت ضروريةً للتألق في البحث أو التوظيف، ويجب تعلُّم التكيُّف مع التغيير؛ لأن العالم يتحرك بسرعة كبيرة ونشهد ظهور العديد من المهن والأدوات التي لم تكن موجودةً من قبل.

كيف ترين تمثيل المغرب بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ؟

المغرب ممثل تمثيلًا جيدًا فيها، ففي مقر الوكالة الرئيس في فيينا لدينا العديد من المغاربة العاملين هناك، ومن ضمنهم نجاة مختار، نائب المدير العام ورئيس إدارة العلوم والتطبيقات النووية.

كيف تلقيتِ خبر التصنيف الجديد في مؤشر ’ألبير دوجر العلمي‘؟

لقد فوجئت، وفي الواقع أنا فخورة، وفي النهاية هذا نتيجة عمل شاق استمر أكثر من أربعين عامًا، وهذا بفضل مشاركتنا في التعاون الدولي ’أطلس‘.

ومن المهم الإشارة إلى أنه لدمج التعاون الدولي في مجال البحث العلمي، نحتاج إلى موافقة العديد من الأطراف ودعمهم، لذا فإننا نشكر جميع الوزراء الذين دعمونا.

عندما تنظرين إلى الخلف وإلى الأمام، ما الذي يؤرقكِ ويُعد من أولوياتك الآن؟

هدفي الاستمرار في إيصال معرفتي، ودعم الشباب، وعادةً ما نتحدث عن التقاعد، لكن في حالتي سيكون الأمر إداريًّا، ولكن من واجبي أن أبقى نشيطة، وأن أتابع جميع الاكتشافات.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا