Skip to content

07/07/23

جدل ’التنوع‘ سيطر على اجتماع لينداو لحائزي نوبل

Panel discussion: Nobel laureates expressed their dissatisfaction with the comments made by their colleagues regarding diversity
إحدى جلسات الاجتماع الثاني والسبعين للحاصلين على جائزة نوبل في لينداو، ألمانيا حقوق الصورة:Courtesy of SciDev.Net

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

”لا أعرف ما إذا كان التنوع ضروريًّا للعلوم“، كانت تلك هي كلمات كريستيان نوسلين فولهارد، السيدة الألمانية الوحيدة التي حازت جائزة نوبل في الطب، في الجلسة الافتتاحية لاجتماع لينداو الثاني والسبعين للحاصلين على الجائزة المرموقة، تقولها متعجبة من اتخاذ التنوع محورًا لاجتماع هذا العام.

كان محور اجتماع هذا العام -الذي عُقد في الفترة من 25 إلى 30 يونيو الماضي بمدينة لينداو في ألمانيا- ’التنوع‘، ليس فقط في إثنيات الحضور وعدالة تمثيل الأجناس ومختلِف الأعمار والأديان، بل أيضًا في تنوع المشاركين في الاجتماع ما بين دول الجنوب ودول الغرب المتقدم، والذي طغى على مفهوم التنوع في النقاشات.

لم تكن كلمات فولهارد وحدها التي أثارت الجدل خلال الاجتماع، فقد أعرب علماء آخرون من حائزي الجائزة عن عدم رضاهم عن المحور الذي اختير لنسخة هذا العام، ”هناك العديد من الأمثلة لعلماء لم يتفاعلوا كثيرًا مع أقرانٍ لهم من خلفيات متنوعة، ولا يجدون أهميةً لذلك في مجال العلوم“، وفق فولهارد.

حل التنوع محورًا لنسخة العام من الاجتماع السنوي بعد أن تكررت الانتقادات لمجلس اجتماعات لينداو للحاصلين على جائزة نوبل حول نقص تنوع حاضريه، خاصةً فيما يخص تمثيل العلماء من الجنوب العالمي، وكانت اللجنة قد دشنت مبادرةً لتحديث مبادئها التوجيهية منذ عام 2018، مؤكدةً دعم جميع المواهب باعتباره أحد أهدافها الأساسية.

وجددت التعليقات حول التنوع بين العاملين في العلوم في نسخة هذا العام، النقاشَ حول التحديات التي يواجهها العلماء من جنوب العالم، ما دفع شبكة SciDev.Net إلى البحث في تنوع الحضور والمحاضرين في الاجتماع المرموق.

فمن أفريقيا شاركت عالِمة نيجيرية واحدة فقط هذا العام وسط أكثر من 70 عالِمًا آخر في الجلسات الرئيسية، أما بين الجلسات المخصصة لشباب الباحثين لتقديم أبحاثهم، فقد كان لثلاثة باحثين فقط من البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل (جنوب أفريقيا وإندونيسيا) فرصة لعرض أبحاثهم بين مجموعة ضمن قرابة 50 باحثًا.

أيضًا لم يشارك علماء أمريكا اللاتينية بنشاط في أي جلسة، ولا حتى الجلسة الختامية حول تغيُّر المناخ والصحة، هذا، على الرغم من امتلاك البرازيل لأكبر غابة مطيرة في العالم وقضاياها البيئية المُلحة.

ومن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شارك بعض الباحثين في الجلسات النقاشية، لكن لم يكن أيٌّ منهم يعمل أو يدرس في إحدى جامعات المنطقة، بل في جامعات غربية، من بينهم مشارِكتان من مصر.

قد يكون اجتماع هذا العام هو الأكثر تنوعًا من حيث جنسيات الحضور منذ تأسيسه في عام 1951، ولكن بالنظر إلى المشاركة الفعالة في الجلسات والمحاضرات، يظل تمثيل الجنوب العالمي محدودًا.

بنهاية الجلسة الافتتاحية التي أدلت فيها فولهارد بتعليقاتها حول التنوع، أتاحت مديرة الجلسة الفرصة للجمهور لمشاركة آرائهم حول التحديات الرئيسية التي تعوق تحقيق التنوع في المجالات العلمية، عبر أحد تطبيقات مشاركة الآراء.

وسرعان ما ظهرت على الشاشات كلمات مثل ’السياسة والمال والتأشيرة والتحيز‘، قد تعكس تلك الكلمات الأزمات الهيكيلة التي تواجه الباحثين في الجنوب النامي، والتي ما زالت تعوق تحقيق تنوع حقيقي في أروقة المؤسسات العلمية.

يقول إحسان ألب، وهو طالب دكتوراة تركي في كلية الطب بجامعة هاسيتيب بتركيا: ”كنت أتمنى أن يتطرقوا إلى قضية التحيُّز في النشر العلمي، فالباحثون من البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل أكثر تعرضًا للرفض عند تقديم أوراقهم البحثية للدوريات العلمية مقارنةً بنظرائهم الغربيين“.

أما جوليا كاسترو -طالبة الدكتوراة البرازيلية المتخصصة في أمراض المناطق المدارية- فقد عبرت عن خيبة أملها قائلةً: ”كنت أتمنى لو تم تناوُل تحديات غياب فرص التمويل وصعوبة نشر الأبحاث التي تتعلق بالأمراض المدارية المهملة؛ لكونها تؤثر فقط في مناطق محدودة بالجنوب العالمي“.

يؤكد إبراهيما ضيوف -الباحث السنغالي- كلام جوليا، ويقول: ”لقد تحدثوا عن كل شيء باستثناء التنوع“.

شارك إبراهيما تجربته الشخصية مع شبكة SciDev.Net عن العواقب التي واجهها للحصول على تأشيرة الدخول إلى دول أوروبا ’شنجن‘ من السفارة الفرنسية، بعد قبوله في منحة دراسية بجامعة ستراسبورج، إذ تم حجز جواز سفره وتأشيرته لأكثر من شهرين، إلى أن تدخل سياسي سنغالي نافذ وتواصل مع السفير الفرنسي لحل المشكلة.

لم تتعجب مروة شمو -باحثة سودانية بمركز أبحاث التنمية بجامعة بون الألمانية، وهي أحد المتحدثين المشاركين في الجلسة الافتتاحية حول التنوع في العلوم- من التعليقات التي قللت من أهمية تنوع خلفيات الباحثين وأصولهم في المجالات العلمية.

تقول مروة في حديثها للشبكة: ”هذا أمرٌ شائعٌ في الدوائر الأكاديمية الغربية، خاصةً لدى الأجيال الأكبر سنًّا التي ما زالت تحتفظ بصورة قديمة عن المهاجرين من الجنوب العالمي كنازحين للبحث عن فرصة حياة أفضل، بدلًا من كونهم خبراء أو عقولًا لها القدرة على الإضافة إلى المنتج العلمي“.

وتضيف: ”لا يدرك العديد منهم أيضًا أن أغلب الأزمات في القرن الواحد والعشرين هي أزمات عالمية وليست مقيدةً داخل الحدود، مثل الأوبئة وأزمة المناخ والهجرات المترتبة على كل ذلك، وأن حلها يحتاج إلى تمويل وتعاون دولي لدراسة تلك الأزمات والعمل على تطبيق الحلول المناسبة لها“.

وفي حديثهم مع شبكة SciDev.Net، أعرب العديد من الحاصلين على جائزة نوبل عن عدم رضاهم عن التعليقات التي أدلى بها زملاؤهم بشأن التنوع، في حين خالف آخرون هذا الرأي.

 تصاعدت التوترات في اليوم الثالث من الاجتماع عندما أعرب الكيميائي السويسري كورت فوثريخ -الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2002- عن استيائه من اختيار التنوع محورًا للاجتماع، إذ قال في إحدى الجلسات: ”من الواضح منذ اليوم الأول أن العلم لن يكون الموضوع الرئيسي“.

وأضاف في حديثه للشبكة: ”كان من المهم التركيز على القضايا العلمية التي نفهمها ونتخصص فيها، ولا أعتقد أن التنوع يجب أن يكون الموضوع الرئيسي للاجتماع“.

من جانبها، قالت فولهارد للشبكة: ”بالنسبة للعالِم الفرد، الذي يعمل في مشروعٍ ما، فإن الأشخاص الآخرين حوله ليسوا مهمين، المشروع هو المهم، عدا ذلك فإن التنوع أمرٌ لا بأس به“.

أما الطبيب الأمريكي بيتر أجري -الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء- فيرى أن غياب التنوع يمكن أن يؤدي إلى أن تصبح قضايا محددة غائبةً عن دائرة الاهتمام والبحث،  ويقول لشبكة SciDev.Net: ”التنوع مهم؛ لأن الناس بطبيعة الحال لديهم اهتمامات مختلفة“.

على سبيل المثال، ”لم يعترف الطب الأمريكي لوقت طويل بمرض فقر الدم المنجلي؛ بسبب عدم وجود  أطباء داكني البشرة مدربين“.

ووصف أجري النقاشات حول التنوع التي دارت في الاجتماعات بأنها سطحية، وجادل بأنه كان ينبغي التعرض للمزيد من الموضوعات المحورية مثل ”ترقي المرأة في العلوم، وكيف أدى ذلك إلى تحسين جودة الطب“.

من جانبه قال تشارلز رايس، الحاصل على جائزة نوبل في الطب لعام 2020: إن الوباء علَّم الجميع أنه لا يمكننا العمل بشكل منعزل في كل دولة أو إقليم.

وأضاف: ”نحن بحاجة إلى المزيد من التماسك والمساواة في عالمنا، بما يمكِّننا من التعامل بكفاءة مع المشكلات الصحية العالمية الطارئة، لا سيما مع التغيرات المتوقعة في وبائيات الأمراض نتيجةً للتغيرات المناخية“.

في بيان لحق الاجتماعات، أشار مجلس اجتماعات لينداو للحاصلين على جائزة نوبل إلى أنه يأخذ المناقشات التي جرت حول التنوع على محمل الجد، بما يتجاوز حواجز العمر والجنسية والدين والجنس والوضع الاجتماعي والاقتصادي وأي شيء آخر قد يؤدي إلى التفريق، وأضاف أنه يدرس عدة توصيات بهدف ”دعم مناخ بنَّاء“ في الاجتماعات المستقبلية.

هذا الموضوع أنتج عبر النسخة الدولية لموقع SciDev.Net