Skip to content

04/05/22

حنان البوفلاسة.. طاقة متجددة

134-UOB14928
حقوق الصورة:Hanan Albuflasa/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • أحدثت نقلة في الطاقة المتجددة والبحث العلمي داخل البحرين
  • اختارتها الأمم المتحدة من أبرز العالِمات في مجال الاستدامة
  • ترى أن المعوِّقات كثيرة أمام النساء في مجالها، والنجاح يتطلب تضحيات

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

في طفولتها حلمت بأن تسير على حلقات زحل وتعيش في المشتري، صاحبت كائنًا فضائيًّا خبأته عن الكل في ثقب متخيَّل في جدار البيت، صنعت بيديها ألعابها، قرأت مئات الكتب، وكتبت قصصًا عن النجوم والكواكب، لذا لم يكن مستغربًا أن تصير الطفلة التي أحبت العلوم بجنون عالِمةً في المستقبل، وتختار الشمس مجال عملها، وتدور من حولها إنجازاتها مع بقية أجرام المجموعة الشمسية.

البحرينية حنان مبارك البوفلاسة تشغل منصب رئيس قسم الفيزياء بكلية العلوم في جامعة البحرين، حصلت على الماجستير والدكتوراة في أنظمة الطاقة المتجددة من جامعة لوفبرا في المملكة المتحدة، وأسهمت في إنشاء مختبرات الطاقة المتجددة وبرنامج الدبلوم العالي في الأرصاد الجوية بجامعة البحرين، تمثل بلدها في العديد من المحافل الوطنية والدولية بفخر ورغبة ملحَّة في التطوير، كرمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة مؤخرًا بوصفها إحدى أبرز العالِمات في مجال الاستدامة والعمل المناخي والطاقة المتجددة.

حول طفولتها غير العادية ومسيرتها الملهمة كان لشبكة SciDev.Net هذا الحوار مع حنان، عضو اللجنة الوطنية لمواصفات الطاقة المتجددة وأجهزة التخزين، وممثل البحرين في اللجنة الخليجية.

 كيف نما لديكِ ’الحب الجنوني‘ للعلوم كما تصفينه؟

طفولتي المميزة هي الشعلة التي ولَّدت عندي حب العلوم، والوالد والوالدة أصحاب الفضل فيها، كان والدي مهندس طيران وأحب تصليح السيارات، وكان يصحبنا معه للعمل ونتعلم منه، وتربَّينا على مبدأ أن أي عطل يحدث في البيت نعمل على إصلاحه بيدنا، سواء ولد أو بنت، وكنا نطَّلع على كتبه المتخصصة في علوم الطيران، أتذكر أني وأنا طفلة كنت أعرف بالتفصيل أجزاء الطائرة وكيف تعمل.

الوالدة أيضًا أدت دورًا مهمًّا، فرغم أنها ليست حاصلةً على شهادات عليا لكنها كانت تأخذنا كل عام إلى مصر لنشتري ما نرغب فيه من الكتب دون حساب.

كما أنني نشأت في حضن الطبيعة؛ ففي الصيف كنا دائمًا نذهب في العطلات الأسبوعية إلى البحر، وفي الشتاء نُجري رحلات استكشافية وننصب الخيام، فنما فضولي تجاه العالم الخارجي وأنا أتعرف على أنواع النباتات والحشرات البرية، وفي رأيي أن الأطفال الذين تتاح لهم فرص استكشاف الطبيعة يتولد لديهم حب العلوم بالفطرة.

 هل كنتِ تشاركين الأطفال الألعاب المعتادة؟

كان هناك توازن، فكنت ألعب مع الأطفال لكني أفلسف اللعب، وأصنع الألعاب بيديّ، لا تستهويني الألعاب السهلة، وكان هذا مزعجًا لبعض الأطفال، ويرون أنني nerd، والبعض يعتبره انغلاقًا، لكني أرى أنه انغلاق جميل ولا بد منه، مثل الشرنقة التي تظل محفوظةً حتى تنمو وتصير فراشة.

 هل كان لكِ هوايات أخرى؟

 الكتابة، كوني منغلقة في عالم الكتب كان يصعب عليّ التعبير، فكانت الكتابة هي وسيلتي، وبدأت أكتب قصصًا من عمر عشر سنوات عن عالم الفضاء الذي أعشقه، وما زلت مستمرةً في الكتابة المسرحية لكن بعيدًا عن الخيال العلمي.

 لماذا أردتِ أن تكوني رائدة فضاء؟

وما زلت! حلم حياتي أن أصير رائدة فضاء، أحببت كل ما يتعلق بالفلك، وأعشق زحل والمشتري بشكل خاص؛ لقوتهما وجمالهما الباهر، يؤثران بشكل كبير في حركة المجموعة ويشكلان أنظمةً بحد ذاتها، لكن الناس تعرف عنهما القليل رغم كونهما ساطعَين في السماء طوال الوقت، ويمكن رؤيتهما بالعين المجردة.

كانت حلقات زحل تبهرني وأحلم بأن أسير فوقها وأعيش في المشتري، لكن بعدما كبرت اكتشفت أنه لا يمكن الحياة عليهما، لكني لم أتخلص من شغفي بدراسة الكواكب والنجوم، ولم تكن دراسة علم الفلك متاحةً سوى في جامعة القاهرة في مصر، ومنعني عنها صعوبة الاغتراب في هذا العمر الصغير، درست الفيزياء عوضًا عن ذلك في جامعة البحرين، وبعد التخرج عملت ثماني سنوات في قسم الفلك.

 كيف انتقلتِ إلى مجال الطاقة الشمسية؟

حاولت مرةً ثانية بعد التخرج أن أدرس الفلك في الدراسات العليا، لكن جاء القرار من رئيس جامعة البحرين آنذاك أن أدرس الطاقة المتجددة خلال البعثة في بريطانيا، وكنت أشعر حين وصلت إلى هناك وأنا أجرُّ حقيبتي خلفي بأن حياتي انتهت وضاعت آخر فرصة لي لأصبح رائدة فضاء.

لكن رب العالمين أراد أن يفتح لي بابًا معينًا، ووضع لي خطةً واضحة، والحمد لله تميزت في مجال الطاقة المتجددة وحققت ما أفخر به، ولست نادمةً على دراستي لهذا المجال، واخترت أن يكون الماجستير عن طاقة الشمس لأنها أقرب شيء إلى الفلك، لكن في الدكتوراة درست طاقة الرياح، وأعمل حاليًّا في كل مجالات الطاقة المتجددة.

ما الذي تعلمتِه خلال فترة اغترابك في المملكة المتحدة بخلاف الطاقة المتجددة؟

الاختلاط بشعب مختلف وأشخاص من مختلِف الجنسيات يجعلك تشعر بأن العالم كله بيتٌ واحد، وحاولت أن أتعلم الأشياء الجيدة وأنقلها إلى بلدي، كما أن تجربة الاغتراب تُخرجك من منطقة الراحة، تُظهر قوتك الحقيقية، خلال فترة الغربة مررت بالكثير، أجريت عمليات جراحية وكنت في المستشفى دون أحد من أهلي، وتوفي والدي أيضًا في فترة الدراسة.

مرت عليّ أوقات شعرت خلالها بأن الدنيا كلها لا تعني شيئًا، وأنني لن أنتهي أبدًا من الدكتوراة، وكان الدافع الوحيد الذي يحركني كل يوم هو أن الله أعطاني هذه الفرصة، بينما يتمنى كثير من الأشخاص أن يكونوا في مكاني، وإذا لم أحافظ عليها وأستغلها جيدًا فسيكون ذلك بطرًا للنعمة.

كنت أمشي كل يوم خمسةً وأربعين دقيقة لأصل إلى مكتبي، وطوال الطريق أتخيل أنني أسير في حفل تخرجي بينما أرتدي ثوب وقبعة التخرج وإلى جواري والدتي.

ما أهم شيء أردتِ أن تنقليه إلى البحرين بعد عودتك؟

أردت أن أنقل طريقة إجراء الأبحاث العلمية في بريطانيا واعتمادهم الكبير على الدعم والمنح المالية والمجموعات البحثية، ووقتها كان هذا أشبه بالحلم المستحيل في المجتمع العلمي والبحث في جامعات البحرين، لكني لم أستسلم حتى فزنا بأول منحة تمويل بحثية وتوالت بعدها المنح، وأحدث ذلك نقلةً نوعيةً من حيث الكم والكيف في الأبحاث العلمية بالجامعة.

 ما الإنجاز الأكبر الذي تفخرين بتحقيقه؟

إعداد أول أطلس للبحرين لطاقة الرياح خلال الدكتوراة، كما أفخر بفوز طلبتي بعدة دروع في الإنجاز والابتكار بعد مشاركتنا في بناء بيت يعمل بالطاقة الشمسية في مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية بالإمارات.

 قلتِ سابقًا إن الذكور يسيطرون على المهن العلمية في البحرين.. فكيف للنساء أن تقاوم؟

في بعض الوظائف يُرفض تعيين الفتيات، وتعرضتُ شخصيًّا للرفض في وظيفتين بحجة أنني لن أستطيع العمل في نوبات ليلية رغم كوني لا أمانع، العالِمة لا تختلف عن الطبيبة التي يحتاجها عملها في أي وقت، لكن النساء تحت المجهر دومًا، وإذا أخطأت امرأة أو تعللت بالأعذار لعدم الذهاب إلى العمل يعمم الانطباع على كل النساء.

على الفتاة إذا دخلت مجال العلوم أن تكون مستعدةً للالتزام بمتطلباته؛ فهو يحتاج إلى عمل كثير وسفر كثير، وأن تدرك أنه سيكون هناك بعض التضحيات، وكثير من المعوقات تقف في طريقها، وأن تحقيق التوازن بين عملها وحياتها الأسرية ليس سهلًا، فأنتِ بحاجة إلى أسرة تتحملك، لا أسرة تتحملينها.

 بعد تكريم هيئة الأمم المتحدة للمرأة لك، ما هو حلمك القادم؟

أتمنى أن أمثل البحرين وأرفع اسمها، وأقود منظمات فعالة عالميًّا في مجال الطاقة المتجددة كامرأة عربية مسلمة، ولا أتطلع إلى تكريم بقدر ما أطمح إلى أداء دور فعال بشكل أكبر.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا