Skip to content

04/03/24

نيفين خشاب.. الخيميائية

khashab-5_1000px-(003)-niveen-khashab816f1c1c-86d2-4d89-b8e6-a036394532db
نيفين خشاب، العميد المشارك للطلبة في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية بجامعة (كاوست) حقوق الصورة:KAUST/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • بصعوبة بالغة وبعد رفض شديد من العائلة أفلحت في إقناعها بالذهاب إلى أمريكا للدراسة
  • من دوافع عودتها إلى الوطن مساعدة الراغبات في استكمال دراساتهن العليا على تحقيق الحلم على أرض عربية
  • تدعو إلى التمسك بالأمل، وعدم الاستسلام، وتقول للباحثات العربيات إن المرونة ومواجهة التحديات كفيلتان بتذليل الصعاب

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

يومًا بعد الآخر، يتأكد للباحثة نيفين خشاب أن قرار التحاقها بالعمل في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) كان صائبًا، رغم أن زملاءها في جامعة ’نورث وسترن‘ الأمريكية -التي كانت تعمل فيها قبل الانتقال إلى السعودية- كانوا يرونها خطوةً ’مجنونة‘، كما قالت في كلمتها بحفل تسلُّمها جائزة ’نوابغ العرب‘ لعام 2023.

لكن ما كان أقرانها يرونه ’جنونًا‘، كانت نيفين تنظر إليه باعتباره تحديًا جديدًا، اختارت أن تقبله بمحض إرادتها، لتنجح بعد سنوات في تبوُّء مكانة لها داخل العالم العربي، ومكانًا بين العلماء البارزين عالميًّا في مجال الكيمياء، لتكون قصة حياة تلك العالِمة -التي وُلدت في بيروت لأب لبناني وأم سعودية- طاقة أمل لفتيات العرب في مجال العلوم.

الباحثة الشابة، التي تشغل حاليًّا منصب العميد المشارك للطلبة في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية بجامعة (كاوست)، وقَعَت في غرام الكيمياء بسنٍّ مبكرة، وتحديدًا في الرابعة عشرة من عمرها.

تقول نيفين في مقابلة خاصة مع شبكة SciDev.Net: ”كنت دومًا أحصل على أعلى الدرجات في مادة الكيمياء بمدرستي الثانوية في بيروت، ونتيجة ذلك كنت أحظى بدعم وتشجيع من أستاذ الكيمياء في المدرسة، ليترسخ لديَّ عشق التخصص“.

كان من الطبيعي أن يتحول هذا العشق إلى ارتباط، فاختارت نيفين تخصص الكيمياء في الجامعة الأمريكية، ثم صار رباطًا أوثق مع قرار استكمال الدراسات العليا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002.

وتعود نيفين بالذاكرة 22 عامًا إلى الوراء، لتتذكر أول تحدياتها، وهو إقناع أسرتها بالسفر إلى أمريكا، فمثل أي أسرة عربية، قوبل قرارها بالسفر للعيش بمفردها في بلد غريب، برفض شديد، غير أنها نجحت بصعوبة في إقناع الأسرة، لتبدأ رحلة زادها الشغف، بين جامعات أمريكا.

من أمريكا إلى السعودية

وكأي باحثة شابة جاءت من بلد عربي، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود في أمريكا، إذ تطلَّب الأمر من نيفين بذل جهد مضاعف، استطاعت به النجاح في تحدي إثبات الذات، لذلك كان من السهل عليها التنقل بين جامعات أمريكا، بعد أن أصبحت سيرتها الذاتية مليئةً بالأبحاث.

وتخصصت نيفين بدايةً في الكيمياء العضوية بجامعة ’فلوريدا‘، وبعد حصولها على الدكتوراة التحقت بجامعة ’كاليفورنيا‘ في لوس أنجلوس، وتخصصت في ’تقنية النانو‘ لمدة عامين، لتنتقل بعدها إلى جامعة ’نورث وسترن‘، لتعمل مع العالِم ’فريزر ستودارت‘، الحائز جائزة نوبل في الكيمياء عام 2016.

ثم اتخذت نيفين قرار الاكتفاء بما أمضته في أمريكا، وخوض تحدٍّ جديد بالعمل في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية.

تقول نيفين: ”تواصلت معي الجامعة للانضمام إلى فريقها في عام 2008، والتحقت بها رسميًّا في عام 2009“.

وما بين تلقِّي العرض واتخاذ القرار، كانت هناك أيادٍ كثيرة تشدها للبقاء في أمريكا، ولكن تفاصيل الممانعة والجدل الأسري الذي استطاعت حسمه لصالحها بالسفر لأمريكا عام 2002 كانت من الأسباب التي دفعتها للموافقة، إذ قالت لنفسها: ”لعلي أستطيع مساعدة الراغبات في استكمال دراساتهن العليا على تحقيق هذا الحلم على أرض عربية، إذا فشلن في خوض تحدي إقناع أسرهن مثلما فعلت“.

لكنها تعترف أيضًا بأن السبب الرئيس هو اطلاعها على حجم التقدم في (كاوست)، فيما يتعلق بمستوى المختبرات وتوافر الخامات والأدوات، والذي أدركت معه أنها ستتمكن من إجراء أبحاث على مستوى عالٍ من الجودة.

وتركز أبحاث نيفين على استخدام الجسيمات النانوية في العلاجات المناعية الشخصية وعلاجات مقاومة الشيخوخة، كما أن لها أبحاثًا في مجال التوصيل الدوائي باستخدام تقنية النانو، وتطوير جزيئات حيوية لزيادة القيمة الغذائية للثمار.

وبسبب هذا التنوع في التطبيقات الذي تتيحه تقنية النانو، ترى نيفين أن الجامعات العربية متى توافرت لها الإمكانيات اللازمة لأبحاث النانو، تستطيع الإسهام في هذا السباق العالمي.

ترى نيفين أنه ”بخلاف جامعة كاوست، فليس لدينا في العالم العربي بنية تحتية مناسبة وسلسلة توريد مناسبة، تتيح للباحثين العلميين متابعة أبحاثهم بيسر وسلاسة“.

وتضيف: ”نحن أمام منصة ثورية لتطوير العديد من التطبيقات في العديد من المجالات وخاصةً الإلكترونيات والطاقة، ويجب أن يكون للباحثين العرب موطئ قدم في هذا المجال“.

صائدة الجوائز

ويمثل وجود نيفين بين الحاصلين على جائزة نوابغ العرب التي أطلقها مؤخرًا الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، اعترافًا بنجاحها في حجز مكان لنفسها في مجال تخصصها، وهي تعمل في دولة عربية، إذ كانت الوحيدة التي تعمل في دولة عربية من بين الفائزين بالجائزة، والتي تبلغ قيمتها مليون درهم إماراتي، مخصصة لتمويل أبحاث.

تعلق نيفين: ”هذه الجائزة تثبت أنه إذا كانت لدينا البيئة المناسبة، يمكن لمعظم الباحثين العرب تحقيق إنجازات عظيمة في بلد عربي، وهذا ما نجحت فيه ’كاوست‘، التي وفرت البيئة المناسبة لاستضافة العقول العربية العظيمة“.

هذه الجائزة ليست الوحيدة في سيرة ’صائدة الجوائز‘ نيفين، إذ سبق أن حصلت على جائزة ’لوريال-اليونسكو‘ للمرأة في العلوم عام 2017، وجائزة ’كرام لين بيدرسن‘ في كيمياء الجزيئات الضخمة عام 2023، وهي واحدة من أرفع الجوائز الدولية الممنوحة في هذا المجال، وتقدمها مجلة الجمعية الملكية للكيمياء.

وقبل هذا حصلت نيفين على العديد من الجوائز المرموقة خلال مسيرتها المهنية، ومن ضمنها جائزة ’كرو‘ في الكيمياء العضوية في عام ٢٠٠٤، وجائزة المراعي لتقنية النانو عام ٢٠١٣.

ولا تنسى نيفين -وهي زوجة وأم لثلاثة أطفال- الدور الذي يؤديه زوجها في تقديم الدعم لها، وترى أنه لا صعوبة في الموازنة بين العمل البحثي والاهتمام بشؤون أسرتها، طالما كانت الشخصية مرنة وتعشق التحدي، ولذلك حرصت في ختام حوارها على توجيه نصيحة للفتيات قائلة: ”تمسكن بالأمل في غد أفضل، تمتعن بالمرونة وعدم الاستسلام“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا