Skip to content

23/01/23

س و ج عن الحياد الكربوني في مونديال قطر

111
حقوق الصورة:Rehab Abdalmohsen/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • منذ البداية والاستدامة محور رئيس في كأس العالم 2022
  • التزام مبدئي بالحياد المناخي، وجهود كبيرة للوفاء به
  • جهود لاستدامة المنجزات وإدارة ما بعد النهاية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

”رحلة الرياضة في قطر ورحلة الاستدامة مترابطتان تمامًا“، كما تقول تالار ساسوفاروغلو، خبيرة الاستدامة والبيئة في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وهي الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشاريع البنية التحتية، ووضع الخطط التفصيلية للعمليات التشغيلية لدولة مستضيفة لمونديال قطر 2022.

عندما وقع الاختيار على قطر لاستضافة كأس العالم، كانت الاستدامة أحد مفاتيح فوز الدولة الخليجية بالتنظيم، إذ تعهدت بوضعها على رأس أولوياتها، والوصول إلى الحياد الصفري الكربوني.

وهو ما تفسره ساسوفاروغلو بقولها: ”يعني ذلك أننا في أثناء بناء ملاعبنا راعينا جعل الاستدامة جزءًا أساسيًّا من متطلبات البناء والتشغيل لدينا“.

وفي حوارها لشبكة SciDev.Net أوضحت ساسوفاروغلو كيف اهتمت الدولة بما سمَّته الركائز الخمس لبلوغ هذا الهدف، وهي: بناء مبانٍ خضراء، على رأسها الملاعب، والحفاظ على جودة الهواء، وإدارة المياه بأفضل صورة ممكنة، وتدوير النفايات، واحتساب البصمة الكربونية وتقديرها ونشرها على موقعنا الإلكتروني والسعي لتخفيضها.

الحياد الصفري الكربوني أحد المستهدفات التي وضعتموها في أثناء التخطيط لاستضافة البطولة، فما مدى تحقُّق هذا الهدف؟

لنتحدث عن البصمة الكربونية على وجه الخصوص، فإذا ألقيت نظرة على الموقع الخاص بالمونديال، سيظهر لك بشكل محدد مقدار الكربون الذي يصدر ومصادره، نعمل على شراء حصص كربونية بنظام ’تعويض الكربون‘ Carbon offset لتعويض الانبعاثات التي أحدثتها استضافة البطولة.

ومن المهم أن نذكر أن القيادة القطرية التزمت منذ البداية بالحياد المناخي في وقت مبكر جدًّا، لذلك عملنا لفترة طويلة على تخفيف الانبعاثات وزيادة الوعي، كنا ملتزمين بشراء ما مقداره 1.5 مليون طن انبعاثات عن طريق المجلس العالمي للبصمة الكربونية، وهي ذاتها الجهة التي عملت معنا على دعم خطط إزالة الكربون.

فبالرغم من كون قطر دولة صناعية، لكنها بذلت جهدًا حقيقيًّا لتتجنب أن تكون ملوِّثًا للبيئة، من خلال إجراءات عدة لتحسين أدائها البيئي، إذ قامت الدولة بالكثير من العمل فيما يتعلق باحتجاز الكربون وتخزينه.

هذا بخلاف ما فعلته الدولة على مستوى الحكومة، فنحن كلجنة قمنا مثلًا بإدخال نقل مستدام، واستخدمنا أول حافلة نقل ركاب تعمل بالطاقة الشمسية؛ إذ إن نسبة 25٪ من حافلاتنا تعمل بالكهرباء.

لقد استطعنا دعم النظام المستدام على نحوٍ متكامل بحيث يكون لدينا إدارة مستدامة للبطولة، فلدينا نقل مستدام، وبناء مستدام، وتشغيل مستدام لملاعبنا، كل هذه المسارات هي ما عملنا عليه لنصل بالبطولة إلى الحياد الكربوني.

استضافة أعداد ضخمة من البشر تعني زيادة حتمية للانبعاثات، فكيف خططتم لهذا الأمر؟

بالفعل الإسكان هو أحد التحديات التي واجهناها أيضًا، لكن سعينا لتحويل التحدِّي إلى فرصة، على سبيل المثال، أحضرنا سفينتين للرحلات البحرية بشكل مؤقت لاستضافة أعداد من الزوار حتى نتجنب بناء فنادق جديدة لن تُستخدم بعد البطولة، وتستوعب كل سفينة 6000 شخص.

أيضًا وفرنا عددًا من الخيام المؤقتة، التي تشبه غرف الفنادق، وعددًا من الكرفانات التي استأجرها الزوار خلال فترة زيارتهم.

أطلقنا أيضًا برنامجًا للعائلة والأصدقاء، تمكن الزوار من خلاله من البقاء مع عائلة مضيفة خلال فترة زيارتهم للدولة.

بذلت الدولة الجهد للتأكد من وجود أماكن إقامة كافية، فكما تلاحظين حاولت الدولة تقديم مجموعة خدمات بأسعار متنوعة، فهناك ما هو باهظ الثمن وأيضًا يوجد خدمات ميسورة التكلفة بعض الشيء لتناسب جميع الشرائح والطبقات.

تحدثت عن الكربون، لكن ماذا عن الماء؟ فقطر دولة تعاني فقرًا مائيًّا شديدًا، كيف تعاملتم مع هذه الأزمة؟

بطبيعة الحال نحن نقوم بتحلية مياهنا، لكن قطر لديها أيضًا نظام مثير للاهتمام لإعادة تدوير مياهها، إذ تمر المياه عبر نظام لمعالجة مياه الصرف الصحي، إذ تخضع لمستويين من المعالجة تصبح بعدها في مستوى المياه الصالحة للشرب.

وهناك استخدامات متعددة للمياه المعاد تدويرها، منها استخدامها في ري الحدائق العامة، أو لرشها في الجو للتقليل من الغبار المتولد في أثناء عملية بناء الملاعب، كجزء من متطلبات وزارة البيئة لتجنُّب هذا الغبار، وتوفير مساحة أكثر أمانًا لعمالنا، وأيضًا عدم تلويث البيئة.

ومن خلال الحسابات التي أجريناها مع زملائنا في المؤسسات القائمة باحتساب المعايير العالمية لتقييم الاستدامة، وجدنا أننا وفرنا حوالي 40٪ من المياه في تصميمنا للملعب مقارنةً بما كان عليه الوضع من قبل، لذلك فإن الملعب فعال للغاية؛ إذ تم بناؤه ليعمل بكفاءة، وكنا حريصين جدًّا على كيفية استخدامنا للمياه.

الآن، وبعد نهاية البطولة، هل هناك مهمات متصلة بالبيئة؟

في الواقع بدأ القدر الأكبر من عملنا بعد صافرة النهاية للمباراة النهائية، من بينها إبراز ما قمنا به من جهد على أرض الواقع، خلال الفترة الماضية راقبنا الكثير من التغطيات وتلقينا الكثير من الأسئلة، بعضها عادل والبعض الآخر ليس كذلك، نعلم أنه لا أحد كامل، لكننا نبذل قصارى جهدنا في تنفيذ خططنا وتحقيق ما وعدنا به، فأحد الأمور التي لا بد من العمل عليها هي التعريف بالعمل الذي كان يجري في الكواليس، والذي لم تتح لنا الفرصة لإظهاره لأننا كنا مشغولين.

والآن، بعد أن عاد الجميع إلى المنزل المسؤولية الأكبر أمامنا هي إدارة الوضع القائم، فأولًا وقبل كل شيء، يتعين علينا تفكيك المباني المؤقتة القائمة وإدارتها بمسؤولية، لا يتعلق الأمر بتخزينها أو رميها، لدينا متطلبات مكثفة للغاية لإعادة التدوير وإعادة الاستخدام.

هناك أطنان وأطنان من هذه المواد التي نعمل الآن على جمعها وإعادة تدويرها، وخططنا من البداية لهذه الخطوة حتى لا تتراكم لدينا أكوامٌ من المخلَّفات، على سبيل المثال، في كأس العرب الذي نظمته قطر في 2021، عملنا على إعادة استخدام بعض المخلفات في صنع الحقائب، التي وزعناها قبل كأس العالم على المتطوعين.

لقد قمنا أيضًا بتطبيق ما يُعرف برمز الشراء المستدام، مما يعني أن جميع عقودنا تشتمل على متطلبات لتحقيق الاستدامة في القرارات التي نتخذها، أي أن الموردين أيضًا عليهم الالتزام بمعايير بيئية عالية، لذا أسسنا منشأةً لإعادة التدوير الإلكتروني، ومرفقًا لإعادة تدوير الزجاج، ومرفقًا لإعادة تدوير البلاستيك.

أيضًا لدينا ملاعب جميلة ننوي الإبقاء على بعضها وإعادة استغلال بعضها الآخر بشكل مبتكر، وهو ما وضعناه في الاعتبار خلال مرحلة تصميم الملاعب.

على سبيل المثال يقع أحد ملاعبنا في مدينة تسمى الوكرة، وتشتهر بكونها قرية صيد، نَمَت لتصبح مدينةً جميلةً الآن، سكان المدينة أخبرونا بأنهم بحاجة إلى قاعات أفراح، لذا فإن تصميم الملعب الآن يتحول بسرعة كبيرة إلى قاعة أفراح تلبي احتياجات السكان.

كما أن لدينا ملعب 974 القابل للتفكيك مثل ألعاب ليجو، ويرمز الرقم في اسم الملعب إلى عدد الحاويات التي صُنع منها، كما جرى تصميم الطبقة العليا من جميع ملاعبنا لتكون قابلةً للفك، لذلك يمكن إزالة مقاعدها جميعًا بسهولة ويمكن بعد ذلك التبرع بهذه المقاعد لدول أخرى.

كما هو واضح، حاولنا التخطيط على نحوٍ جيد حتى نتجنب المبالغة في هندسة المباني، لذا فقد مرت جميع ملاعبنا بما يسمى بالهندسة القيمية، وهو أسلوب منهجي يستهدف تحسين ’قيمة‘ السلعة أو المنتج والخدمة، وذلك للتأكد من أن الملعب جرى تصميمه بكفاءة عالية وفق معايير الاستدامة الخاصة بنا، والتي تراعي أمورًا منها على سبيل المثال تجنُّب التبريد الزائد أو العكس.

لذا فبعد مغادرة الجميع وانتهاء البطولة، لم يتم التخلص من المخلفات وحسب، بل جرت إدارتها بشكل مسؤول، وأيضًا لدينا الكثير من الدروس المستفادة، التي نحاول مراجعتها الآن.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا