Skip to content

05/07/22

خرسانة ذاتية الإنارة تتجاوز مشكلات المحاولات السابقة

e451d911

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

”نريد فكرة مبتكرة لم تنفذ من قبل“، كان هذا هو التحدي الذي قررت أربع طالبات بقسم هندسة التشييد بالجامعة الأمريكية في القاهرة خوضَه، من خلال مشروع تخرجهن، فكانت فكرتهن هي ’الخرسانة ذاتية الإنارة‘، التي شاركن بها في وقت سابق من هذا العام في الاجتماع السنوي لمجلس أبحاث النقل في نسخته 101، الذي عُقد في العاصمة الأمريكية واشنطن.

الوصول إلى هذه الفكرة جاء بعد جلسات عمل مكثفة للطالبات زينب محمود وفاطمة النفالي وميار خيري ومنة سليمان، وضعن خلالها بعض المواصفات التي يجب أن تتسم بها الفكرة، وهي أن تخدم الاتجاه نحو ’الخرسانة الخضراء‘ الصديقة للبيئة، وتكون في الوقت ذاته موفرةً للطاقة.

تمتص الخرسانة ذاتية الإنارة أشعة الشمس بالنهار لتضيء ليلًا، وهي فكرة سعت إلى تنفيذها أكثر من فرقة بحثية حول العالم، ولكن نقطة التميز في مشروع التخرج الذي أشرف عليه محمد نجيب أبو زيد -أستاذ ورئيس قسم الهندسة الإنشائية والمعمارية بالجامعة الأمريكية- تكمن في طريقة الاستخدام وفي خصائص الخرسانة المنتجة، وأخيرًا في طبيعة المواد المستخدمة.

توضح فاطمة لشبكة SciDev.Net: ”خلال البحث عن المواد التي يمكن تدعيم الخرسانة بها لتأدية وظيفة الإضاءة ليلًا، استعرضنا عشرات المواد، وعملنا على تجربتها، ووقع اختيارنا على المواد التي تدعم الخرسانة ولا تضرها، وتخدم طريقة الاستخدام التي نريد تنفيذها، وفوق كل ذلك، تكون متوافرةً في السوق المحلي“.

واستطاعت بعض المحاولات السابقة لفرق بحثية حول العالم إنتاج خرسانة مضيئة، ولكنها اصطدمت بمشكلات في الخصائص الميكانيكية نتيجة استخدام رقائق الطاقة الشمسية داخل خلطة الخرسانة، وحاولت فرق بحثية أخرى تجاوُز هذه المشكلة عن طريق وضع مواد تمتص الطاقة الشمسية في طبقة الخرسانة السطحية، ولكن ما يعيب هذه الطريقة عدم استمرارية فاعلية هذه المواد طويلًا، لكونها تنهار سريعًا لاقترابها من السطح وعدم تحمُّلها ضغط سير المركبات في نهر الطريق والمشاة على الأرصفة.

تؤكد فاطمة: ”استطعنا تجاوُز هذه المشكلات باستخدام مواد كيميائية ذات طبيعة فسفورية متوافرة في السوق المحلية، لا تضر الخرسانة، بل تعطيها خصائص ميكانيكية أفضل قليلًا من الخرسانة التقليدية“.

والخصائص الميكانيكية التي درسها الفريق البحثي هي مقاومة الشد والضغط والزحف والانكماش ومعامل المرونة ومعامل التشكُّل العرضي، وفي كل هذه العناصر مجتمعة، أعطت المواد ذات الطبيعة الفسفورية المضافة خصائصَ ميكانيكيةً مميزةً للخرسانة.

أحد التطبيقات المحتملة لهذه الخرسانة دمجها في نظام البنية التحتية لإضاءة الطرق السريعة ومسارات الدراجات بدلًا من الإضاءة الكهربائية، مما يتسق مع أهداف التنمية المستدامة في مجال الطاقة، كما تقول زينب.

وتضيف: ”استخدام هذه المواد سيقلل الاعتماد على الكهرباء كثيرًا، وبالتالي يمثل خطوةً نحو مكافحة تغيُّر المناخ والحفاظ على البيئة، وهو أحد الأهداف الرئيسية لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيُّر المناخي (كوب 27)“.

وبدورها تُثني ماريان نبيل -أستاذ الهندسة المعمارية بكلية الهندسة في الجامعة البريطانية بمصر- على الفكرة؛ لكونها تحقق أهدافًا بيئية، لكنها تتساءل عن أمرين، قائلة: ”نريد الاطمئنان على أمرين: أولهما ألا تكون هذه الأهداف البيئية على حساب اقتصاديات الفكرة، مشيرةً إلى أن كون المواد متوافرة في السوق المحلية ليس معناه أنها ستكون متاحةً بسعر رخيص، ثم إن هذه المواد لو وضعتها داخل الخرسانة، واستمرت فعالة لمدة عام واحد فقط على سبيل المثال أو أضاءت لمدة ثلاث ساعات فقط ليلًا، فعندها لن تكون الفكرة مُجدية اقتصاديًّا، حتى ولو كانت المواد متوافرةً بتكلفة قليلة“.

أما الأمر الثاني فهو المكان الذي ستستخدم فيه هذه المواد، فهل ستُستخدم مثلًا في الفواصل أم في الأغراض الإنشائية؟

يوضح أبو زيد، ردًّا على هذه الملحوظات، أن ”الخرسانة ذاتية الإنارة بالمواد الفسفورية تصلح للأغراض الإنشائية، وليس فقط الفواصل والقواطع“، وهو ما يميز فكرتهم عن أفكار أخرى سابقة.

وتعتمد نسبة المواد المستخدمة في الخرسانة على شكل التطبيق وبيئة الاستخدام، وذلك بناءً على خلطات مختلفة وضعها الفريق البحثي، فمثلًا خلطة الخرسانة ذاتية الإنارة المخصصة للأرصفة، غير تلك المخصصة لنهر الطريق، والخلطة المستخدمة في محافظة ساحلية مثل الإسكندرية، غير تلك التي تُستخدم في منطقة تتميز بالسطوع الشمسي الكبير، مثل مناطق جنوب مصر، حيث تكون نسبة المواد ذات الطبيعة الفسفورية في الحالة الثانية أقل من الأولى.

أما بخصوص اقتصاديات الفكرة، فلا ينكر أبو زيد أن هذه المواد ذات الطبيعة الفسفورية المستخدمة قد تكون تكلفتها مرتفعة، لكن في المقابل ستوفر استخدام الكهرباء، بالإضافة إلى تحقيق أهداف بيئية.

ويراهن أبو زيد أيضًا على حقيقة أن خلق مزيد من الاستخدام لهذه المواد سيؤدي إلى التوسع في إنتاجها، ما من شأنه خفض أسعارها، تمامًا مثلما كان سعر الكمبيوتر في بدايته بالسبعينيات.

وعن ديمومة الإنارة عند استخدام هذه المواد، يقول أبو زيد إن تجاربهم المعملية ”تؤكد أن هذه المواد فعالة في أداء وظيفتها لسنوات، وأن اختيار الخلطة الأكثر ملاءمةً لظروف السطوع الشمسي في المكان سيضمن استمرار الإضاءة طيلة ساعات الليل، ولكن لا نستطيع الجزم بذلك قبل إجراء تجربة حقلية، يتم التجهيز لها حاليًّا“.

ويضيف: ”سنطبق الفكرة في جزء صغير من طريق سريع، لنرى ماذا سيحدث خلال فترة ستة أشهر على الأقل، وهي فترة كافية للحكم على الفكرة من الناحية العملية“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا