Skip to content

08/11/22

هل يعزز ‘كوب 27’ السلام في منطقة المتوسط سريعة الاحترار؟

Medit_fishing_MAIN
حقوق الصورة:H&T PhotoWalks, (CC BY-NC 2.0)

نقاط للقراءة السريعة

  • مياه البحر المتوسط 'ترتفع على نحوٍ أسرع'
  • احترار المنطقة أسرع من الاتجاهات العالمية بمعدل يناهز الضعف
  • شهدت موجة حرّ عام 2022 ارتفاعًا في الحرارة بنحو 5 درجات مئوية عن المتوسط

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] المتوسط معين الأساطير، والبحر الذي كان موطن إمبراطوريات غابرة حكمت قرونًا، ولم يزل من أكثر بقاع العالم اكتظاظًا بالسكان، لكنه صار أيضًا من أكثر بحار العالم تلوثًا، ويواجه الآن الخطر المتفاقم لتغير المناخ.

يقع البحر المتوسط في مفترق الطرق بين أفريقيا وآسيا وأوروبا، ويُعدّ من أكثر خطوط النقل البحري ازدحامًا في العالم، يستوعب حوالي 30% من حركة الملاحة البحرية العالمية، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وتمتد سواحله بطول 46 ألف كيلومتر ويطل عليه 25 بلدًا، وعلى سواحله يعيش أكثر من 150 مليون نسمة.

”قد يصير بحرًا للسلام“، هكذا يتمنى أو يتوقع جرامينوس ماسترويني الأستاذ الجامعي، والدبلوماسي، والنائب الأول لأمين عام ’الاتحاد من أجل المتوسط‘، المنظمة التي تضم 42 بلدًا من بينها الخمسة عشر بلدًا جنوب المتوسط وشرقه وجميع دول الاتحاد الأوروبي.

يقول ماسترويني لشبكة SciDev.Net: ”مفاوضات المناخ الناجحة في قمة ‘كوب 27’ يمكن أن تمهد الطريق“.

ارتفاع درجات الحرارة

”يمثل تغير المناخ تهديدًا عالميًّا، إلا أنه ذو طبيعة خاصة في المنطقة الأورومتوسطيـة“، وفق ماسترويني، مسؤول الإجراءات المتعلقة بالمناخ والطاقة في الاتحاد.

ويقول: ”إن منطقة المتوسط هي ثاني أسرع مناطق العالم احترارًا، ومياه البحر الأسرع“.

وقد اكتشفت وكالة الفضاء الأوروبية في العام الحالي واحدة من أشد موجات الحرّ البحرية في البحر المتوسط، حيث ارتفعت درجات حرارة سطح البحر بنحو خمس درجات مئوية عن المعدل المعتاد.

تهدد موجات الحرّ البحرية وارتفاع درجات حرارة المياه التنوع الحيوي ومصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية والصناعات السياحية التي تدفع عجلة الاقتصاد في المنطقة وتوفر للمجتمعات المحلية غذاءها، وترى الوكالة أن ارتفاع درجات الحرارة هذا يتسبب أيضًا في المزيد من العواصف المدارية الشديدة ويزيد من احتمالية حدوث الجفاف والفيضانات.

ووجّهت مجموعة دولية من العلماء تحذيرات مماثلة في بحث نُشر في يونيو بمجلة ‘مراجعات الجيوفيزياء’، فقد كشف البحث أن احترار المنطقة كان أسرع من المنحنيات العالمية بمعدل الضعف تقريبًا، وتفوق سرعته معظم المناطق المأهولة الأخرى في العالم.

و”تشير التوقعات المناخية إلى ارتفاع إجمالي في درجات الحرارة يصل إلى 5 درجات مئوية أو أكثر، خلال المدة المتبقية من القرن، ويبلغ أشده في فصل الصيف، ومن المتوقع حدوث زيادة قوية في شدة موجات الحرّ وأمدها“، وفق البحث.

أزمة وتعاون

يرى الباحثون أنه لمواجهة هذه التهديدات المتنامية العابرة للحدود، ”لا غنى عن“ تعزيز التعاون بين بلدان المتوسط.

وفي الوقت الذي شكّلت فيه بعض المناطق تجمعات حزبية وكتل تفاوضية للمشاركة في مؤتمرات الأمم المتحدة بشأن المناخ، لا توجد هيئة من هذا القبيل تمثل منطقة المتوسط، ولكن في قمة ‘كوب 27’ هذا العام، المنعقدة حاليًّا في مصر، ستعزز المنطقة حضورها الإقليمي.

وانضم الاتحاد من أجل المتوسط إلى منظمات شريكة وإلى لجنة علمية تقودها شبكة خبراء البحر المتوسط، ​​حول المناخ والتغير البيئي لإنشاء جناح المتوسط.

يقول ماسترويني: ”لمنطقة المتوسط قصة تستحق أن تُروى، لذا قررنا أن نجمع أصحاب المصلحة في منطقة المتوسط، من مسؤولين حكوميين، ومجتمع مدني، وقطاع أعمال، وأوساط علمية، وهيئات تمويل، لأول مرة في تاريخ المفاوضات الخاصة، حتى يتسنى لهم أن يرووا قصصهم“.

ففي عام 2020، أصدرت شبكة خبراء البحر المتوسط ​​حول المناخ والتغير البيئي تقرير التقييم الأول للمتوسط، الذي كشف أن استمرار ارتفاع درجة حرارة سطح البحر حتى أربع درجات مئوية في هذا القرن ”يكاد يكون أمرًا مؤكدًا“.

ويشير التقرير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة هذا سيؤثر على جميع جوانب الحياة، بدءًا من المياه ومرورًا بالنظم الإيكولوجية والغذاء والصحة والأمن، وجاء في التقرير: ”على الرغم من الاختلافات الإقليمية القوية، فالراجح أن ينخفض هطول الأمطار في الصيف بنسبة تتراوح بين 10 و30% في بعض المناطق، ما يفاقم من مسائل نقص المياه والتصحر وانخفاض الإنتاجية الزراعية القائمة“.

وأكد التقرير أهمية التعاون الإقليمي، إذ ورد فيه ”أن تكامل سوق الطاقة والتعاون في هذا المجال يمثل عنصرًا حاسمًا في التحرر للتخفيف من آثار تغير المناخ بشكل فعال من حيث التكاليف، وإذا كانت هناك رغبة في إنجاح التعاون الأورومتوسطي في مجال الطاقة، فمن الضروري إعادة النظر في الجهات ذات الحيثية في مسألة أمن الطاقة، من السوق والأطراف الفاعلة الحكومية إلى المجتمع بأسره، والنظر في القطاعات المهمشة بشكل خاص“.

حوار الشمال والجنوب

يوافق ماسترويني على أن التهديدات الجماعية تتطلب عملًا جماعيًّا، وهو يشير إلى قصة المتوسط بوصفها ”قصة عن تهديدات قائمة، ولكنها في المقام الأول قصة تبحث عن حلول“.

يقول ماسترويني: ”بعضنا بحاجة إلى بعض، يحتاج الشمال إلى الكثير مما لدى الجنوب، والعكس صحيح“.

”إذا كنا راغبين في التصدي لتغير المناخ، فما يتعين علينا أن نفعله يتلخص في توحيد إمكانياتنا، بالجمع بين الطاقة الشمسية من الجنوب مثلًا مع تكنولوجيا الهيدروجين من الشمال“، وقال إن إستراتيجيات تقاسُم المياه والابتكارات الزراعية التي يمكن أن تقلل من استخدام المياه في أجزاء المنطقة الأكثر جفافًا ذات أهمية حاسمة أيضًا.

ومن المقرر أن يستكمل في العام الحالي مشروع للاتحاد الأوروبي تبلغ تكلفته 16.4 مليون يورو (16.4 مليون دولار أمريكي)، يهدف إلى دعم التحول نحو الإنتاج المستدام للاقتصاد الدائري، ويسمى مبادرة ‘سويتش ميد2’.

وقال ماسترويني إنها قد تسفر عن ”اقتصاد جديد“ قادر على التصدي لتغير المناخ، ”إنه اقتصاد يعيد توزيع الدخل بطريقة متساوية ويقلل من الفوارق بين الأغنياء والفقراء، وسوف يدفع عجلة التنمية ويشغل العمالة في المناطق التي في أمسِّ الحاجة إلى ذلك“.

ومن الممكن أن توفر قمة كوب التي تستضيفها منطقة أفريقيا والمتوسط الفرصة لتوطيد العلاقات بين الشمال والجنوب.

”لطالما كان البحر المتوسط بحرًا أطلت عليه حضارات عظيمة، لكنه لم يكن قَط بحرًا يعمه السلام“، وفق ماسترويني.

”إذا أدينا التزاماتنا لمواجهة تغير المناخ -بتوحيد الإمكانيات- فلن يكون بوسعنا أن نتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره فحسب، بل سنفعل ما هو لازم ليعم السلام البحر المتوسط أخيرًا“.

هذا المقال هو جزء من إضاءة حول ‘كوب أفريقيا.. قمة أزمة’