Skip to content

13/03/23

انفصال شمال أفريقيا عن جنوبها يعطل تكامُلها الصحي

WhatsApp Image 2023-03-06 at 11.37.23
حقوق الصورة:AHAIC2023

نقاط للقراءة السريعة

  • غياب لافت لدول الشمال الأفريقي في المؤتمر الدولي لأجندة الصحة بالقارة
  • خبراء الصحة يرون أن الانفصال بين شمال القارة وجنوبها يأتي بالسلب على القارة وسكانها
  • آمال وجهود مرتقبة للتكامل والدمج بين قطبي القارة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[كيجالي] ندد عدد من الخبراء في مجال الصحة بما وصفوه بانفصال بين شمال القارة الأفريقية وجنوبها، يعطل بناء سياسة إستراتيجية صحية شاملة للقارة، ويحرم سكانها من مكاسب عدة يمكن جنيها من خلال التكامل والتعاون في القطاعات الصحية المختلفة.

جاءت تصريحات الخبراء لشبكة SciDev.Net على هامش فعاليات المؤتمر الدولي لأجندة الصحة الأفريقية، في ظل غيابٍ لافت للشمال الأفريقي عن المؤتمر.

ففي الجولة  الختامية للمؤتمر الذي انعقد في العاصمة الرواندية كيجالي، في المدة من 5 إلى 8 مارس الجاري، استعرض المنظمون خريطةً للدول المشاركة في المؤتمر، وفي حين انتشرت النقاط الزرقاء -التي تمثل مشاركة الدول- على مستوى القارة، خلا الشمال الأفريقي من المشاركين، باستثناء تمثيل رسمي من مصر، وآخر غير رسمي من تونس.

قد يعكس غياب شمال أفريقيا عن المؤتمر انقسامًا هيكليًّا بين الأنظمة الصحية في شمال أفريقيا ونظيرتها في أفريقيا جنوب الصحراء؛ فعلى مستوى منظمة الصحة العالمية، تتبع أغلب دول الشمال المكتب الإقليمي للمنظمة لشرق  المتوسط، بينما تنتمي سائر القارة إلى مكتب المنظمة الإقليمي بأفريقيا، وتتمتع المكاتب الإقليمية للمنظمة باستقلالية كبيرة على مستوى القيادة والأولويات، مما قد يعوق التعاون بين الدول الأعضاء في الأقاليم المختلفة.

وتُعد المناطقية مظهرًا قديمًا في المنظمة التي أُنشئت عام 1948، وكان الهدف منه هو تجميع البلدان المتقاربة جغرافيًّا والمتشابهة في الخصائص الوبائية معًا.

يقول جورج  كيماثي، مدير معهد تنمية القدرات بالمؤسسة الطبية والبحثية الأفريقية ’AMREF‘: ”لا توجد قارة على كوكبنا تُعرف بأفريقيا جنوب الصحراء، بل هي قارة واحدة اسمها أفريقيا، ومعًا يمكننا تجاوز الكثير من التحديات الصحية“.

أدرك كيماثي أهمية التعاون العابر للحدود من خلال عمله مع مؤسسة ’أمريف‘، التي لديها أكثر من 60 عامًا من الخبرة في القطاع الصحي بأفريقيا.

”على سبيل المثال ما تطبقه تنزانيا يمكن أن يكون مفيدًا للمغرب، وما تنجح به المغرب قد يساعد السنغال، وهذه إحدى ميزات التعاون الأساسية“، ومن دونه تخسر القارة كثيرًا ويُحرم سكانها الكثير من المنافع.

ويوضح كيماثي أن توحيد الجهود على مستوى القارة سيسهل -على سبيل المثال- الحصول على عروض أفضل عند شراء المعدات الطبية والتشخيصية والعلاجات واللقاحات من الشركات الأجنبية، كما أنه ”محوري لتحفيز التصنيع الدوائي والإنتاج المحلي في القارة، وبذلك نضمن المزيد من الاستقلالية عن المؤسسات التي وضعت أفريقيا في آخر طابور متلقي اللقاحات إبان جائحة كوفيد-19“.

ويحمل كريم بنداو  رئيس لجنة المشاركة الأفريقية في الاتحاد الدولي لرابطات صانعي المستحضرات الصيدلانية، الحماس نفسه نحو انخراطٍ أكبر للشمال الأفريقي مع القارة، ويقول: ”وُلدتُ في تونس لأبٍ تونسي وأم جزائرية، وجُبتُ القارة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى أقصى الجنوب خلال عملي، وأعتقد اعتقاد اليقين أننا أقرب إليهم من أي مستثمرٍ أجنبي“.

يعلق كريم: ”علينا أن نفهم الدور المهم الذي يمكننا التأثير به في القطاع الصحي بالقارة، نستطيع بسبب جغرافيتنا  أن نشكِّل حلقة الوصل بين قارتنا والأسواق العالمية، وبسبب تقارُب تحدياتنا مع سائر القارة وتوافُق مصالحنا سيكون هدفنا التكامل معها لا استغلالها“.

”علينا أن نسأل أنفسنا، هل من الأفضل أن نبني إستراتيجيتنا الصحية وتعاوُناتنا وفق مفاهيم سياسية أم وفق متطلباتنا ومصالحنا المشتركة؟“.

ولا يقف الانقسام بين الشمال الأفريقي وجنوب الصحراء عند الرعاية الصحية فقط، بل يمتد إلى البحوث الصحية، فقد بينت نتائج دراسة نُشرت العام الماضي، قام خلالها الباحثون بقياس مدى تشابُك كل دولة وإقليم في القارة مع الدول والأقاليم الأخرى عبر المنظمات الأفريقية العاملة في قطاع الصحة والبحوث الصحية، ووجدوا أن الشمال الأفريقي كان الأقل تشابكًا مع سائر الأقاليم، يليه إقليم الجنوب الأفريقي.

وأوصى الباحثون في دراستهم بأهمية بحث سبل زيادة تشبيك إقليمي الشمال والجنوب مع سائر القارة؛ لكونهما يحتضنان دولًا ذات قدرات تصنيعية متقدمة فيما يخص المنتجات الدوائية واللقاحات، مثل مصر وجنوب أفريقيا.

يقول باتريك تيبو، عضو مؤسس في مبادرة تصنيع اللقاحات الأفريقية AVMI ويمتلك خبرة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود في صناعة اللقاحات: إن تأسيس بنية تحتية لتصنيع اللقاحات أمرٌ مكلف، ”لكن كارثة كورونا علمتنا خطورة الاعتماد على الخارج، وجذبت الانتباه لأهمية دعم الإنتاج المحلي“.

ويستطرد: ”والحل المستدام لتعزيز أمننا الصحي لا يمكن أن يكون قائمًا على دولة واحدة، نحتاج إلى تعاون على مستوى القارة حتى نحقق ذلك“.

من جانبه يقول ديفيد  موكنجا، نائب مدير الأنظمة الرقابية بأفريقيا في مؤسسة بيل وميليندا جيتس: ”تَركز عملنا في الفترة الماضية في دول تقع جنوب الصحراء، لكننا نؤمن بأن الشمال الأفريقي جزء أساسي من القارة، ويمكنه تقديم الكثير في القطاع الصحي، ونبذل المزيد من الجهود نحو بناء الجسور بين الأقاليم المختلفة“.

ويضيف: ”ثمة جهود كبيرة يقوم بها الاتحاد الأفريقي ومؤسساته مثل المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في سبيل توحيد الجهود، ما يبشر بالتوجه نحو عمل مشترك في المجال الصحي على مستوى القارة“.

يقول أحمد أوجويل أوما، القائم بأعمال مدير المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها: ”نحن قارة واحدة يعمل أعضاؤها الـ55 بشكلٍ متساوٍ معًا“.

وبقدر ما تحمله الوكالة من آمال لتنسيق الجهود الصحية على مستوى القارة، فإن إقليم الشمال الأفريقي هو الأقليم الوحيد من بين 5 أقاليم في القارة الذي لا يزال غير نشط .

يعلق أوغويل أوما: إن السبب هو أن دول الشمال لم تحدد بعدُ موقع المكتب الإقليمي، ”لكن فريقًا يرتكز بالعاصمة الإثيوبية يعمل على تنسيق الجهود في الشمال“.

من ناحيته لم يوضح محمد عبد الفتاح -وكيل وزارة الصحة والسكان المصرية للشؤون الوقائية، ومبعوث مصر للمؤتمر- سبب تأخُّر دول الشمال في تحديد مكتب للوكالة، مشيرًا إلى أنه عن قريب سيتم إنشاؤه وتفعيله بعد التوافق على موقعه.

ويشير عبد الفتاح إلى أن حضوره يمثل توجهًا للحكومة المصرية نحو التكامل والاندماج في محيطها الأفريقي، مشيرًا إلى أن مصر قد نظمت العام الماضي مؤتمرًا بالتعاون مع منظمات أفريقية، بهدف تعزيز صناعة الأدوية واللقاحات في أفريقيا.

يعتقد بنداو أن مصر تخطو في الاتجاه الصحيح نحو الاندماج مع محيطها الأفريقي فيما يخص القطاع الصحي، ويأمل أن تحذو دول أخرى من الشمال الأفريقي حذوها.

ويُبدي كيماثي تفاؤله حول مستقبل التنسيق والتعاون الصحي على مستوى القارة قائلًا: ”نجتمع الآن تحت مظلة الاتحاد الأفريقي لبحث الجوانب السياسية، وننسق إستراتيجيتنا الصحية معًا تحت مظلة المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، كما لدينا منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لنتعاون في الجوانب الاقتصادية، لذى أعتقد أن لدينا الآن آليةً لجلب كل القارة معًا“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا