Skip to content

28/11/22

’كوب 27‘ كانت قمة ’التناقضات‘

20221115_120703
حقوق الصورة:Hazem Badr/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • دول الخليج ترفض خفض إنتاجها النفطي وتقول: ”سلوني عن الانبعاثات“
  • الصين، ثاني أضخم اقتصاد في العالم، ليست من ممولي تعويضات المناخ لأنها ”دولة نامية“!
  • الغرب المتقدم تنادي دوله بخفض الانبعاثات بينما تتجه إلى الزيادة في إنتاج الوقود الأحفوري والتوسع في استثماراته

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[شرم الشيخ] أنهى مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ ’كوب27‘ أعماله في مدينة شرم الشيخ بمصر، في الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي 20 نوفمبر، بإقرار إنشاء صندوق لتمويل خسائر وأضرار الدول الفقيرة بسبب تغيرات المناخ، في خطوة وُصفت بأنها ”إنجاز تاريخي“، غير أن تفاصيل الوصول إلى إقرارها تعكس ما يعانيه العالم من تناقضات، وفق خبراء.

بدأت القمة بحفاوة بالغة بوضع ”تمويل الخسائر والأضرار“ على جدول الأعمال، في خطوة عُدت حينها ”اختراقًا مهمًّا“ لم يتحقق في أي قمة سابقة، لكن الدول الغنية بدأت لاحقًا خلال المناقشات تربط موافقتها على إقرار الصندوق بتحقيق اختراقات في الملفات الأخرى، وفي مقدمتها تخفيض الانبعاثات، والخفض التدريجي من الوقود الأحفوري.

وخرج رئيس المؤتمر، وزير الخارجية المصري سامح شكري، بتصريحات صادمة، قبل 24 ساعة من موعد الختام الرسمي للقمة، حذر خلالها من أن نجاح المؤتمر صار على المحك، ليطرح الاتحاد الأوروبي في اليوم نفسه مبادرة تنص على إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، يتم تمويله بقاعدة واسعة من الممولين، تضم الدول المسؤولة عن الانبعاثات، وتخصص أمواله لـلدول الضعيفة فقط، كما تضمنت المبادرة أيضًا إجراءات أكثر تقدمًا في الملفين.

وهددت دول الاتحاد الأوروبي بالانسحاب من المفاوضات، ما لم تتم الاستجابة لهذه المبادرة، على لسان مسؤول سياسات المناخ بالاتحاد، نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، فرانس تيمرمانس، في تصريحات صحفية الجمعة 18 نوفمبر.

إلا أن المبادرة لم تحظَ بموافقة دول الخليج وأفريقيا، كما اعترضت عليها الصين، إذ إنها تحرم الخليج وأفريقيا من استغلال ثرواتهم النفطية، وتحد من ممارسة الصين لنشاطها الاقتصادي بكثافة، التي تترتب عليها زيادة الانبعاثات، كما تضعها أيضًا من بين الدول الممولة للصندوق، في حين لا تزال بكين تصنف -وفقًا لمحددات وضعتها الأمم المتحدة- ضمن فئة الدول النامية.

وترقَّب الجميع أن يتسبب هذا الموقف المتأزم في عرقلة إصدار البيان الختامي للقمة، لكن كانت المفاجأة في صدور البيان متضمنًا إنشاء الصندوق، دون أن تتحقق الشروط الأخرى التي أشارت إليها المبادرة الأوروبية، والتي كانت تحظى بدعم أمريكي، وهو ما عده خبراء ”تجسيدًا واضحًا للتناقض الأوروبي والأمريكي“.

يعلق أحمد الدروبي -مدير الحملات الإقليمية في منظمة جرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- لشبكة SciDev.Net : ”كان يمكن لهذه الدول أن تضغط باتجاه تحقيق مكاسب في ملف تخفيض الانبعاثات والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ولكنها تمارس (النفاق المناخي)، فهي تقول في العلن عكس ما تتفق عليه في القاعات المغلقة“.

ويضيف: ”هذه الدول التي تحدثت علنًا عن تخفيض الانبعاثات والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، هي نفسها التي تتوسع حاليًّا في استثمارات الوقود الأحفوري، فأمريكا أكبر منتج للنفط في العالم، وأوروبا تتوسع –حاليًّا– في استثمارات النفط بأفريقيا“.

ولا يمثل هذا ’النفاق المناخي‘ مفاجأةً بالنسبة لأحمد قنديل، رئيس وحدة العلاقات الدولية ورئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية؛ لأن السياق ’الجيوسياسي‘ الذي يمر به العالم حاليًّا يمنع تلك الدول من اتخاذ مواقف حادة تجاه إنتاج النفط، معتبرًا في الوقت ذاته أن ’خطوة الصندوق‘ ليست بالاختراق الكبير؛ لأنها لم تتضمن أي تفاصيل تتعلق بآليات الإنشاء والتمويل.

تضمَّن البيان الختامي للقمة موافقة الحكومات على إنشاء ’لجنة انتقالية‘، يُعقد أول اجتماعاتها قبل نهاية مارس 2023، لتقديم توصيات حول كيفية تفعيل الصندوق، ورفعها إلى (كوب 28) العام المقبل في الإمارات.

يقول قنديل لشبكةSciDev.Net : ”لم يخسر الغرب وأمريكا كما يبدو ظاهريًّا في المفاوضات؛ لأن إقرار الصندوق قد تضيع فكرته مع مناقشة التفاصيل، وهم في المقابل أحرص من غيرهم على الوقود الأحفوري في الوقت الراهن، وإن أظهروا العكس“.

ويضيف: ”دعونا نتذكر أن الأزمة التي تفجرت بين أمريكا والسعودية قبل قمة المناخ كان سببها رغبة أمريكية في أن تُقنع الرياض دول مجموعة (أوبك+) بزيادة إنتاج النفط، لتقليل الأسعار عالميًّا، بينما كانت تلك الدول ترى أن من مصلحتها خفض الإنتاج للحفاظ على السعر، ودعونا نتذكر أيضًا أن الدول الأوروبية التي تطالب بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري هي نفسها التي عادت إلى استخدام الفحم، بعد أن استخدمت روسيا ورقة الغاز لعقاب أوروبا على موقفها من الحرب الأوكرانية“.

وبينما حاولت أوروبا قبل القمة عبر تصريحات وزراء البيئة القول بأن اللجوء إلى الفحم هو ”حل مؤقت“ للتعامل مع أزمة طارئة، لا يرى قنديل أن التوجه الأوروبي الحالي نحو الاستثمار في أفريقيا بمجال النفط والغاز يعكس توجهًا نحو حلٍّ مؤقت.

وبين هذه المواقف المتناقضة، يرى الدروبي أن الموقف الخليجي هو الموقف الأوضح، وإن كانت مؤسسة ’جرينبيس‘ -التي يمثلها- ترفضه تمامًا، وتراه نوعًا من ”الغسيل الأخضر“، وهو مصطلح يطلق على التضليل بشأن ممارسات تدعي أنها صديقة للبيئة.

تبنَّت دول الخليج شعار ”لا تسألوني عن إنتاج النفط، ولكن اسألوني عن الانبعاثات“، وطرحت مبادرات قالت إنها ستحقق من خلالها صافي صفر من الانبعاثات، وذلك عبر زراعة الأشجار وتنويع مصادر الطاقة، والارتقاء ببرامج احتجاز الكربون وتخزينه وإعادة تدويره.

يتساءل الدروبي: ”في منطقة من أشد مناطق العالم جفافًا، كيف سيتم توفير مصادر المياه لزراعة الأشجار، فهل سيتم مثلًا الاعتماد على تحلية مياه البحر، وهو أمرٌ مكلف، ويستهلك كميةً كبيرةً من الطاقة، وبالتالي فإن ما ستمتصه تلك الأشجار من الانبعاثات سيتم إطلاقه من ناحية أخرى“.

”كما أن تقنيات احتجاز الكربون وإعادة تدويره لا تزال في مهدها، ولم يتم الاستقرار على كفاءتها، فضلًا عن أن تكلفتها مرتفعة للغاية“، وفق الدروبي.

يرد عضو من الوفد العماني بمفاوضات كوب27 طلب عدم ذكر اسمه: ”ربما تكون الملحوظة الوحيدة الدقيقة هي أن تلك التقنيات تكلفتها الاقتصادية مرتفعة، وهذا أدعى لنستمر في إنتاج النفط كي نتمكن من توفير التمويل المناسب لهذه التقنيات المدروسة جيدًا، والمستخدمة في عدة مناطق حول العالم“.

ويوضح أن تحلية المياه ليست المصدر الوحيد لري الأشجار، مشيرًا إلى أن معالجة مياه الصرف الصحي تتم عبر تقنيات أرخص، وغير مستهلكة للطاقة، ويمكن استغلالها لهذا الغرض.

ويضيف أن دول الخليج، مثلها مثل كل دول العالم، عانت آثار تغير المناخ، ولكن ليس من الحكمة أن يتم علاج مشكلة بتصدير مشكلات أخرى، فالتخلص من النفط من شأنه أن يؤثر بالسلب على الاقتصاد، ومن ثم قد يؤدي ذلك إلى توترات اجتماعية.

ثم يؤكد أنهم يدركون أن النفط مصدر غير متجدد، ومن ثم فإنهم أحرص من غيرهم على تنويع مصادر الطاقة، باستخدام بعض مصادر الطاقة المتجددة في إنارة المنازل وغيرها من الأنشطة التي يمكنها الاستغناء عن الوقود الأحفوري التقليدي، للحفاظ على استمرار وجود هذا المصدر لأطول مدة ممكنة.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا