Skip to content

22/12/20

أطباء لبنان يهجرونه

nurses MENA
حقوق الصورة:MedGlobal Org. CC license: Attribution-NonCommercial-NoDerivs 2.0 Generic (CC BY-NC-ND 2.0)

نقاط للقراءة السريعة

  • ضيق المعايش وضياع الأمان وانقطاع الأمل، أحوال تدفع أطباء لبنان إلى هجرانه
  • الدولة في لبنان غير قادرة على توفير الحلول والحد من هجرة الأطباء
  • هجرة الأطباء ضربة للقطاع الصحي في البلد

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[بيروت] ينقسم الكثير من أطباء لبنان بين مَن يقطع تذكرة ذهاب إلى المهجر بلا إياب، ومَن يتحين الفرصة، ومَن يسعى إليها، ومَن فارق الوطن بالفعل.

أحدهم يبث همه بعد أن اتخذ القرار: ”لن أُمضي ليلة الميلاد مع ابنتي الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها ستة أشهر، وسأودع عائلتي الصغيرة وأهلي وأهاجر إلى فرنسا قبل حلول موسم الأعياد، وهذا يُشعرني بالحزن والضيق“.

بهذه الكلمات يصف الطبيب اللبناني المتخصص في الجهاز الهضمي روبير سلامة شعوره لمغادرة لبنان والهجرة.

اتخذ سلامة قرار الهجرة رغبةً منه في أن يجنِّب ابنته الصغيرة ما عاشه هو من مآسٍ وأزمات في هذه البلاد، فيحاول البحث عن مستقبل أفضل لها.

يعدد سلامة الأسباب الكثيرة التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار، ومنها الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يمرّ بها لبنان، وهبوط سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي، وحجز المصارف أموال المودعين، ومأساة الانفجار الذي شهده لبنان في شهر أغسطس الماضي، والذي ذهب ضحيته المئات من قتلى وجرحى، ما أفقد المواطن اللبناني الشعور بالأمان والطمأنينة.

وأيضًا ثمة مَن لم يزل يقلِّب النظر في الأمر، ويدرس العواقب، ويستشرف المآلات.

وها هي شيرين البظان، الطبيبة المتخصصة في طب العائلة ومكافحة الشيخوخة بلبنان، تفكر أيضًا في الهجرة، رغم أنه لم يخطر لها في السابق مغادرة البلاد، تقول شيرين لشبكة SciDev.Net: ”أفكّر للمرة الأولى في حياتي بمغادرة لبنان، خصوصًا بعد انفجار 4 آب، إذ كنت في فرنسا منذ فترة قصيرة، للبحث عن فرصة عمل“.

هجرة الأطباء لا تتوقف عند شيرين وسلامة، إذ يشير سلامة إلى أن نسبة 60% إلى 70% من الأطباء الذين يعرفهم في لبنان ينوون الهجرة إلى فرنسا أو البلدان العربية.

يقول نقيب أطباء لبنان شرف أبو شرف لشبكة SciDev.Net: ”عدد الأطباء في لبنان يبلغ نحو 15 ألف طبيب، ومؤخرًا وفي مدة قصيرة هاجر نحو 500 طبيب“.

يوضح أبو شرف أن الأطباء اللبنانيين مستمرون في الهجرة إلى الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، دون أي نية للعودة إلى لبنان.

من دوافع هجرة الأطباء للبنان يذكر أبو شرف: استحكام الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها البلد، وعدم قدرة الأطباء على صرف أموالهم المحجوزة في المصارف اللبنانية، ودمار عيادات بعض الأطباء إثر انفجار بيروت الأخير، الذي تسبَّب أيضًا في أضرار بالغة بأربعة مستشفيات في لبنان.

ويذكر أبو شرف أيضًا أن من الدوافع غياب القوانين التي تحمي الطبيب اللبناني وتحصنه، من غير مزيد إيضاح.

ناقوس خطر يدق منذرًا بخطر على القطاعين الصحي والتعليمي في لبنان. ستخسر المؤسسات الجامعية الأساتذة الأطباء الأكفاء، كما سيخسر المجتمع الطاقات الطبية ذات المستوى العالي، وسيفتقر لبنان إلى الأطباء المتخصصين في المجالات النادرة.

على سبيل المثال، ”هاجر ثلاثة أطباء متخصصون في طب قلب الأطفال، بينما لا يتجاوز عدد الأطباء في هذا المجال بلبنان، العشرة“، وفق أبو شرف.

يلحظ سلامة هجرة الفئات الشابة وحديثي التخرج خصوصًا، ما يؤثر على مستوى القطاع الصحي على نحو كبير في لبنان؛ إذ إنه سيخسر بذلك الكفاءات الشابة التي اكتسبت المعارف الحديثة، والتي تواكب التطورات التقنية والعلمية الحديثة في مجال الطب.

وتضيف شيرين أن لبنان سيفتقر -في ظل أزمة هجرة الأطباء- إلى الخدمات الطبية ذات النوعية الجيدة؛ إذ سيغادر الأطباء الأكْفاء الذين يرغبون في تطوير مسارهم المهني والعلمي.

كما سيفتقر المجتمع اللبناني إلى الأطباء الذين يؤدّون مهماتهم بإنسانية وبسعادة وأمل، فحين يفتقر الطبيب إلى الشعور بالأمل وبالسعادة سينعكس ذلك على نوعية الخدمة التي يوفرها للمرضى في علاجهم، وفق شيرين.

”العلاج لا ينحصر في الأدوية فحسب، بل أيضًا على العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض“.

كذلك يشير سلامة إلى أن هجرة الأطباء -في ظل تفشِّي فيروس كورونا المستجد- تُعد خسارة كبيرة للكادر الصحي وللمجتمع؛ إذ إن الأطباء يمثلون الجيوش الأساسية في مواجهة الوباء والتصدِّي له.

”في المقابل، فإن الدولة اللبنانية غير قادرة على توفير الحلول والحد من هجرة الأطباء، خصوصًا في ظل الأزمات الكثيرة والمتعددة التي تعيشها“، وفق شيرين.

ولا يرى سلامة -في الوقت الحاضر- بصيص أمل في معالجة التحديات وتوفير الحلول، غير أنه يتمنى أن تتحسَّن الأمور إلى الأفضل في المستقبل، خصوصًا إن كانت هناك فرصة لتغيير نظام الحكم في لبنان.

يأمل أبو شرف أن تدعم الدولة اللبنانية وضع الأطباء في لبنان، وأن يكون هناك محاولات لتحفيز الطبيب على البقاء في بلده.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا