Skip to content

02/11/22

تفشِّي الكوليرا في لبنان ناقوس خطر يقرع المنطقة

17
حقوق الصورة:MSF

نقاط للقراءة السريعة

  • منظمة الصحة العالمية تحذر من فاشية كوليرا فتاكة في لبنان مع تزايُد حالات الإصابة
  • ثمة نقص في اللقاحات المضادة، وإنتاج أكبر موردين له في العالم لن يكفي حال حدوث تفشٍّ واسع
  • لا يكترث صانعو اللقاحات الأغنياء بلقاح رخيص، والمرض بعيد عن بلدانهم لقوة بناها التحتية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] حذرت منظمة الصحة العالمية في بيان أصدرته أول نوفمبر من ”فاشية كوليرا فتاكة في لبنان“، مع تزايُد حالات الإصابة على نحوٍ غير مسبوق.

ورُصدت الإصابة الأولى المؤكدة في 5 أكتوبر 2022 الماضي، ومنذ ذلك الحين سُجلت أكثر من 1400 حالة اشتباه في مختلف أنحاء البلد، تأكد منها مختبريًّا 381 حالة، ووقعت 17 وفاة.

لم يشهد لبنان أي إصابات بالكوليرا منذ ثلاثة عقود تقريبًا، وآخر إصابة بالمرض فيه كانت عام 1993م.

اللافت أن التفشِّي الحالي جاء بعد تفشيات في دول عربية بالمنطقة، حيث سجلت الجارة سوريا 46 حالة وفاة و1097 إصابة مثبتة بالاختبار السريع، وفق آخر إحصاءات معلنة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، السبت الماضي 29 أكتوبر.

وقد اتضح بعد تحديد سلالة الضَّمَّة الكُوليريَّة المنتشرة حاليًّا في لبنان أنها من نمط مَصلي مشابه للنمط المنتشر في سوريا.

وقبلهما في يونيو ويوليو وأغسطس الماضين، شهد العراق تفشيًا للكوليرا تخطى مصابوه الألف حالة، ورفع إجمالي الحالات بالعام الحالي إلى3100  إصابة، منها 20 وفاة، وفق وزارة الصحة العراقية.

كما ابتُلي اليمن بأكثر من تفشٍّ في السنوات الأخيرة، كان أكبرها بالأشهر الثلاثة الأواخر من العام الماضي.

والقاسم المشترك بين البلدان الثلاثة أنها تعاني ويلات حروب وصراعات ممتدة أثرت على بنيتها التحتية، أما الوضع في لبنان، وإن كان يشهد عدم استقرار سياسي لم يصل إلى حد الصراع، فهو متأثر كثيرًا بالحرب الدائرة في سوريا.

ووفق فراس الأبيض، وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، فإن ”وضع البنية التحتية غير مُرضٍ على جميع الأراضي اللبنانية“.

وكذا إيفانز بوليفا، المسؤول بقسم الطوارئ الصحية، في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، حمَّل تدهوُر البنية التحتية المسؤولية الكبرى عن تفشِّي الكوليرا بالمنطقة.

يقول بوليفا لشبكة SciDev.Net: ”النزوح وحركة السكان داخل المنطقة زادت الضغط على خدمات مثل المياه والصرف الصحي، فزاد خطر الكوليرا“.

الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين في لبنان، الذين يعيشون في مخيمات مكتظة أو مستوطنات غير رسمية، في ظل خدمات أساسية غير كافية، أدت إلى زيادة التعرُّض للأمراض المعدية، وفق بوليفا.

ويضيف: ”هذا إلى جانب عدم الاستقرار السياسي الذي طال أمده والنزاعات الحادة، أضر بالبنى التحتية للمياه والصرف الصحي والصحة، وأفقر العديد من البلدان إلى الموارد اللازمة لتمويل ترميمها“.

ولا ينكر بوليفا دور التغيرات المناخية، التي هيأت لانتشار الكوليرا، ويقول: ”تميل حالات الإصابة إلى الزيادة بموسم الجفاف في دول، وبموسم المطر في أخرى؛ فتغير المناخ والتدهور البيئي من العوامل الرئيسة التي تزيد خطر انتشار المرض“.

ورغم ما سبق، إلا أن وجود بنية تحتية قوية، ووضع سياسي مستقر، يسمح بتجديدها دومًا، هو خط الوقاية من المرض، ولكن في غيابه ومع استمرار الصراعات وتدهور البنية التحتية، يخشى بوليفا من التفشي في دول أكثر.

مؤخرًا، شرعت دول في الاحتراز تحسبًا لوصول المرض إليها، ففي مصر وزعت وزارة الصحة دليلًا إرشاديًّا على المستشفيات لما يتعين عمله عند الشك في إصابة بالكوليرا.

وطمأنت وزارة الصحة الكويتية المواطنين باتخاذ ما يلزم لتأمين البلاد، ومراقبة الوضع في دول الجوار والمنطقة.

أما الأردن فقد حظر دخول الأطعمة غير المعلبة، ضمن إجراءات استثنائية عبر المعبر الحدودي مع سوريا -الذي يشهد حركة يومية- خشية تسجيل إصابات جديدة بالمرض لأول مرة منذ نحو 40 عامًا.

وتخشى منظمة الصحة العالمية من اتساع دائرة تفشِّي الكوليرا في ظل نقص كمية اللقاحات المتاحة، وذلك بعد خروج إحدى الشركتين المنتجتين من السوق العالمية.

يقول فيليب باربوزا، رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي بالمنظمة، في تصريحات صحفية: ”هناك موردان للقاحات الكوليرا، شركة كوريا الجنوبية إيوبيولوجكس، وشركة شانتا بيوتكنيكس الهندية، وهي مملوكة بالكامل لشركة سانوفي الفرنسية“.

وقد قررت الهندية إيقاف الإنتاج العام المقبل، أما إنتاج الكورية فمقيد بسبب توسعات في منشآتها.

”ثمة شركة أخرى ستبدأ قريبًا، لكن زيادة الإنتاج هذه ستكون منخفضة مقارنةً بالطلب“.

وتنتج هذه الشركات اللقاح الفموي، وهو أكثر فاعليةً من لقاح الخلية الكاملة الذي كانت هيئة المصل واللقاح المصرية تنتجه.

و”قد تعود لإنتاج اللقاح بالطريقة القديمة، رغم انخفاض فاعليته“، كما يتوقع نبيل الببلاوي، الرئيس الأسبق للشركة المصرية لإنتاج الأمصال واللقاحات والأدوية.

يقول الببلاوي لشبكة SciDev.Net: ”لم تعد الشركة تنتج لقاح الخلية الكاملة منخفض الفاعلية (لا تتعدى 30%)، ولديها كميات من لقاح شركة كوريا الجنوبية، لكن حال وقوع أي تفشٍّ لن تكفي الكميات المتاحة“.

والحل الذي يقترحه الببلاوي هو ضرورة الاتفاق مع الشركة الكورية لإنتاج كميات كبيرة من اللقاح محليًّا، مؤكدًا: “كان هناك اتفاق سابق معها، لكنه لم يُستكمل”.

كما يقترح الببلاوي أيضًا تدخُّل منظمة الصحة العالمية بالاتفاق مع صانعي الأدوية؛ لإيجاد شركات أخرى تقتحم هذا المجال.

لكن باربوزا يقول: ”صانعو الأدوية في بلدان الدخل المرتفع لا يهتمون كثيرًا للقاح يباع عادةً بدولار ونصف؛ فالكوليرا مرض ينتشر بسبب الضعف والفقر، ولن يؤثر أبدًا على بلد غني ليس في حالة حرب“.

أسباب الإحجام التي أشار إليها باربوزا قد لا تكون موجودةً في القريب العاجل، كما يقول الببلاوي، ”فالحرب الروسية الأوكرانية وتغيُّرات المناخ ربما تجعل العالم بأسره في المعاناة سواء، ولا فرق بين غني وفقير“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا