Skip to content

30/10/22

مقالع الحجر تنغص حياة النازحين إلى شمال سوريا

photo11
حقوق الصورة:Sonya Alali/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • المقالع القريبة من المخيمات في سوريا، ضاعفت معاناة النازحين الفارين من القصف، ونكدت عيشهم
  • وصارت خطرًا يهدد أمنهم وسلامتهم، وملأت الأرض بركام الحجر، والجو بالغبار
  • وانعكست آثارها سلبًا على صحة الإنسان والنبات والبيئة عامة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[إدلب] تشتكي السورية عهود البم وتقول: ”أعاني وأسرتي ضجيج الآلات المرتفع المزعج طوال النهار، والحجارة المتطايرة من تفجير الصخور ووصولها إلى خيامنا، ما يتسبب لنا في الذعر والخوف والقلق“.

عهود (36 عامًا) نازحة من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي إلى دير حسان، حيث يوجد عدد كبير من مقالع الحجر بالمنطقة، شأنها شأن سائر مناطق شمال غرب سوريا، التي انتشرت فيها المقالع بكثافة.

تقول عهود لشبكة SciDev.Net: ”ابني ذو السنوات الأربع يصاب بنوبات هلع، ويختبئ معتقدًا أنه يسمع أصوات قصف بالصواريخ والقذائف“.

العمل في تلك المقالع يعتمد على استخدام المتفجرات لتفتيت الصخر، ثم استخدامه في البناء وترميم المباني ورصف الطرقات.

وحيثما كانت المقالع، يتصاعد الغبار ويعلو وينتشر، مثلما هو الحال في بلدة كفر لوسين على الحدود السورية التركية.

بسبب ذلكم الغبار المنتشر دومًا في جو المنطقة، تعرَّض زيدان الديوب (25 عامًا) لحادثة سير؛ فالمقالع موجودة بكثرة في البلدة وعلى أطرافها.

يروي الديوب: ”كنت أستقل دراجتي النارية حين اصطدمت بأخرى كانت في الاتجاه المعاكس، ولم أرها إذ حجب الغبار الرؤية“.

ولا يقف ضرر الغبار عند هذا الحد، بل تتضرر رئات المجاورين من غبار المقالع أيضًا، ويُحدث مشكلات أخرى في العيون، ويؤثر على الأطفال وكبار السن خاصة.

”العمل في المقالع أو السكن على مقربة منها له عدة تأثيرات ضارة أخرى، تزيد على التلوث السمعي“، هكذا يمهد نقيب الأطباء في الشمال السوري، محمد وليد تامر.

يقول تامر لشبكة SciDev.Net: ”يتسبب الغبار في أمراض تنفسية حادة مع مرور الوقت، منها السحار السيليسي، وهو التهاب في الرئة ينشأ بسبب استنشاق جزيئات غبار السيليكا، وقد يسبب أيضًا النفاخ الرئوي المزمن، وهو اضطراب رئوي ناتج عن حدوث انسداد في المجاري التنفسية أو ضيقها، ما يؤثر على كمية الأكسجين الواصل إلى الدم“.

من المتضررين سلام الطعمة (32 عامًا)، نازحة من ريف حلب إلى منطقة سرمدا الحدودية مع تركيا، وهي أم لطفلين، أصيب أحدهما بمرض الربو التحسسي بسبب أغبرة المقالع.

تقول سلام: ”أقيم مع 40 عائلةً أخرى في مخيم عشوائي يبعد عن المقلع نحو 30 مترًا، لذا مرض ابني بسبب استنشاق الغبار باستمرار، وحالته تسوء في فصل الشتاء خاصة، وكثيرًا ما أضطر إلى إسعافه بالمشفى من جرَّاء نوبات ضيق التنفس الحادة والسعال المتصل“.

وبطبيعة الحال، العاملون في المقالع أشد المتضررين، مثل نعيم العيدو (31 عامًا)، وهو نازح من مدينة سراقب إلى منطقة مخيمات الكرامة شمال إدلب.

يقول العيدو للشبكة: ”الغلاء والنزوح وشح فرص العمل والأوضاع المعيشية المتردية تدفعني للقبول بأي عمل رغم خطورته، لتحصيل لقمة العيش لأسرتي المكونة من خمسة أفراد“.

ويؤكد نعيم أن أصحاب المقلع الذي يعمل به لا يتقيدون بإجراءات السلامة، ولا يمنحون العمال أي تأمينات صحية في حال المرض أو الإصابة.

خلال شهر سبتمبر الماضي، وقع حادث في مقلع ’البردقلي‘ شمال إدلب؛ إذ انهارت قطع حجرية ضخمة من أحد الجبال المحيطة بالمقلع، ما أسفر عن دفن عدد من عمال المقلع تحت الحجارة المتساقطة، مع آلات الحفر خلال عملهم في المنطقة.

وتتكرر هذه الحوادث وتتكرر معها الإصابات الناجمة، ليس هذا فحسب، بل تمتد تأثيرات تلك المقالع إلى البيئة، كما يبين الجيوفيزيائي خالد حمصي.

مثلًا جزيئات الغبار الكثيف الناتج عن عمليات التفجير في الهواء تستقر على الأشجار والنباتات مشكِّلةً طبقةً بيضاء تغطي سطح الأوراق، وتعوق عمليتي التنفس والتمثيل الضوئي، ما يؤدي إلى عرقلة نمو الغطاء النباتي، وهذا أثرٌ مباشر، لكن هناك تأثيرًا غير مباشر في طبقات الأرض يلفت الحمصي إليه النظر.

يقول الحمصي لشبكة SciDev.Net: ”ينتج عن التفجيرات المستمرة اللازمة لتكسير الحجارة صدوعٌ في تلك الطبقات وتشققات، وتحدث تصدعات تؤثر على الأبنية السكنية القريبة منها، ما قد يؤدي إلى انهيارها بعد فترة من الزمن“.

المسؤولية عن هذا الأمر تقع على عاتق حكومة الإنقاذ؛ فهي التي تبسط سيطرتها على المنطقة، وقد صرح مصدر –رفض الكشف عن هويته، يعمل بالهيئة المركزية للتخطيط في وزارة التنمية التي تتبع هذه الحكومة في إدلب- بأنها تدرك مدى خطورة المقالع الحجرية المتوزعة في المنطقة على الأهالي والنازحين، وسوف تسعى لضبط الظاهرة وتنظيم عمل المقالع ومعالجة الأمر في وقت قريب.

تجدر الإشارة إلى أن عدد المخيمات في شمال غرب سوريا بلغ 1633 مخيمًا حتى تاريخ 26 أغسطس من العام الحالي، وفق فريق ’منسقو استجابة سوريا‘، يعيش فيها مليون و811 ألف نازح.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا