Skip to content

28/06/21

مشروع طاقة يخلص صنعاء من نفايات ’الأزرقين‘

29097718787_a5dfc51b5c_o
حقوق الصورة: GFDRR / World Bank Disast. CC license: (CC BY-NC-ND 2.0).

نقاط للقراءة السريعة

  • معاناة اليمنيين مع الطاقة مستمرة منذ بدء الحرب
  • مشروعات الطاقة التي تعتمد على النفايات قد تكون حلًّا
  • جبل نفايات ’الأزرقين‘ يمثل البداية التي يمكن تعميمها إذا نجحت

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[صنعاء] تتجه سلطات الحوثيين باليمن إلى التخلص من العشرة ملايين طن نفايات، القريبة من العاصمة، عبر الاستفادة منها في مشروع طاقة.

جبل النفايات التي تكدست على مدى أكثر من خمسة وأربعين سنة بارتفاع مئة متر تقريبًا شمال صنعاء، قد يكون ملجأ الكثير من اليمنيين لتجاوز تداعيات أزمة الوقود والطاقة المتفاقمة منذ سنوات، وفق ما ذكره لشبكة SciDev.Net مدير عام مشروع النظافة، إبراهيم الصرابي.

يتحدث الصرابي بتفاؤل عن مشروع بدأ العمل فيه بموجب اتفاق بين أمانة العاصمة والهيئة العامة للتأمينات، لإنتاج غاز الميثان وتوليد الكهرباء من مقلب النفايات الرئيس الواقع بمنطقة الأزرقين، والذي يستقبل النفايات من ثلاث محافظات هي أمانة العاصمة وصنعاء وعمران، بواقع ألفي طن يوميًّا.

تسببت الحرب المستمرة منذ نحو سبع سنوات في أكبر أزمة إنسانية في العالم جعلت الملايين يعيشون في ظلام تام وعجز شديد في الطاقة يقدر بنسبة 100% في الشمال، وأكثر من 50% في الجنوب، خصوصًا مع توقف محطة مأرب الغازية الأولى التي كانت تنتج نصف الطاقة في اليمن بنحو 341 ميجاوات، وتعثُّر العمل بمحطة مأرب الثانية والتي كان متوقعًا أن تنتج نحو 400 ميجاوات.

على مدى السنوات الماضية طُرحت دراسات عدة للاستثمار في هذا المجال وبمشاركة خبراء أجانب، وتقدمت لذلك العديد من الشركات.

يقول الصرابي: ”كانت شروطهم مجحفة ولم يستوفوا الاشتراطات اللازمة“، حتى استقر الأمر بأمانة العاصمة والهيئة، وكلتاهما جهة حكومية لاستثمار المقلب، ووفق الصرابي فإن العمل الآن في مراحله الأولى، ويتم خلالها تهيئة البنى الرئيسية وإجراء التجارب الطبيعية.

ثمة تكتُّم من بعض الجهات المعنية حول تفاصيل المشروع، لكن القليل منها ذكره خالد الحاج، ممثل الهيئة العامة للتأمينات في المشروع والمسؤول المباشر عنه.

يبين الحاج أن المشروع يهدف إلى الحصول على غاز الميثان من خلال حفر آبار عميقة واستخدامه وقودًا، وأيضًا لتشغيل مولدات خاصة لإنتاج الكهرباء.

يقول لشبكة SciDev.Net: ”يتوقع أن يمنح الكهرباء مبدئيًّا لمديرية بني الحارث، وهي المنطقة التي يقع في إطارها المقلب المركزي، كما يخطط الخبراء للاستفادة من المواد العضوية، وخصوصًا عصارة النفايات لإنتاج السماد العضوي“.

وخلافًا لما سبق ذكره يرفض المعنيون في الهيئة العامة للتأمينات الحديث عن المشروع، ويحيطونه بسرية كبيرة وحراسة مشددة؛ بسبب تخوُّفهم من كشف الموقع ومن ثم تعرُّضه للقصف الجوي من قِبل طيران ’التحالف العربي‘؛ إذ سبق أن تعرَّض المقلب لست غارات، دمرت إحداها محطةً لإعادة تدوير النفايات.

أحد أعضاء فريق الباحثين والخبراء المكلفين بالمشروع هو علي الذبحاني، وقد تحدث للشبكة عن دراسة جدوى المشروع، والتي توقعت أن يتم الحصول على أكثر من 100 متر مكعب من الغاز من كل طن من الفضلات العضوية.

ويضيف الذبحاني: ”هذا في المرحلة الثانية، والتي ستجري خلالها تهيئة مساحة كبيرة لاستقبال النفايات الجديدة وفرزها، وعمل مهاضم خاصة ومن ثم التعامل معها وفق الأسس العملية المتبعة في العالم، كما سيتم إنشاء محطة خاصة لإعادة تدوير المخلفات الصلبة“.

ويستدرك: ”أما حاليًّا فإننا نتعامل مع المقلب القديم الذي يستحيل فرز مكوناته، وبناءً عليه ستكون كمية الغاز المنتَجة قليلة“.

فكرة إنتاج الوقود والكهرباء من النفايات جاءت متأخرة كثيرًا، وفق عبد الباقي الزعيمي، أستاذ الهندسة الصناعية بجامعة صنعاء؛ فالمعطيات على الأرض تؤكد أن معظم اليمنيين -إن لم يكن كلهم- يعيشون منذ عام 2011 أزمة متفاقمة ارتفعت معها أسعار الوقود والطاقة بشكل جنوني، إذ تبلغ حاليًّا قيمة أسطوانة الغاز المنزلي نحو 8 دولارات، في حين يُباع جالون البنزين بقرابة 20 دولارًا، أما الكهرباء المتوافرة فهي تجارية بحتة، ويباع الكيلووات الواحد بما يعادل 50 سنتًا تقريبًا.

يقول الزعيمي لشبكة SciDev.Net: ”كان أحرى بالمسؤولين والمستثمرين التحول نحو إنتاج الطاقة من النفايات قبل التفكير في الخلايا الشمسية، فمن المعروف أن معظم المدن تنتج كميات مهولة من النفايات المنزلية تقدر بـ65%، وتذهب كلها إلى المكبات، أو تتكدس أو تحرق في الشوارع، وفي كلتا الحالتين تشكل أزمة بيئية وصحية كبيرة“.

يعدد مدير مشروع النظافة في صنعاء الفوائد غير المباشرة لهذا المشروع، بالتخفيف من كميات النفايات التي ضاقت بها الأرض وتخفيف آثارها السلبية على البيئة، فضلًا عن حماية الموارد الطبيعية من التلوث وخصوصًا المياه الجوفية، وتقليل نسبة الإصابات بالأمراض الناجمة عن التلوث بأنواعه، أما على المستوى الاقتصادي فإن المشروع في حال نجاحه سيوفر الغاز والكهرباء لآلاف المنازل في صنعاء ومدن أخرى، وسيمنح المزارعين أسمدةً عضويةً بتكلفة زهيدة جدًّا.

كمية ما يمكن الحصول عليه من الغاز والكهرباء والأسمدة أيضًا لا تزال كلها أرقامًا تقريبية استمدتها دراسة الجدوى من التجارب العملية والعلمية المماثلة التي أُجريت في العديد من الدول.

وفق الذبحاني فإن متوسط كمية النفايات العضوية التي يمكن الحصول عليها من إجمالي ما يصل إلى المقلب هو 1200 طن، بواقع 60%، ومن كل طن نفايات عضوية يمكن استخلاص 100 متر مكعب على الأقل من غاز الميثان، والذي بدوره -والكلام للذبحاني- يمكنه إنتاج 1.8 كيلو وات/ ساعة من الكهرباء، أي أن العملية في تمامها يمكن الحصول منها على 216.000 كيلو وات/ ساعة.

أما بخصوص التكلفة التقديرية فإن المشروع يرعاه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لكن القائمين عليه يرفضون بشكل قطعي الإبانة عن أيٍّ من المعلومات المتعلقة بهذا الجانب، وذلك مخافة أن يتحول المشروع إلى نقطة خلاف وبؤرة صراع بين أطراف السلطة الحالية وأصحاب المصالح، ومن ثم إفشاله أو تحوله إلى هدف لطيران التحالف وتدميره كليًّا.

تُعد عملية إنتاج الطاقة من النفايات أحد الحلول الناجعة للتخلص منها، وتخفيف التلوث البيئي والتقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وإنتاج الطاقة محليًّا، وفي مثل هذا المشروع يتم استخلاص غاز الميثان عبر وضع أنابيب عمودية من قلب المكب إلى سطحه، ويتم تمديد أنابيب إلى محطة خاصة لتعبئته أو تحويله إلى مولدات خاصة لإنتاج الكهرباء.

ورغم جدوى مثل هذه العمليات، تشوبها مخاطر كبيرة، تتمثل في عدم التعامل بشكل صحيح مع غاز الميثان في مكبات النفايات، والذي قد يؤدي إلى كارثة بيئية ويتسبب بانفجارات وحرائق وانهيارات، وهو أمر حدث في عدة مدن حول العالم، لذا يشدد الخبراء على التعامل بحذر في مثل هذه المشروعات لتجنُّب وقوع أي خسائر.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا