Skip to content

21/09/22

عائلة غزاوية تصمم وحدة لإنتاج وقود رخيص من البلاستيك

2
حقوق الصورة:Basel Alatar/ SciDev.Net

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

منذ حوالي ثمانية أشهر لم تتوقف عائلة الكفارنة عن زيارة مزرعتهم شرق قطاع غزة، لإدارة مشروعهم الذي بات حديث العامة في القطاع، حيث صممت العائلة وحدةً لإنتاج الوقود من مخلفات البلاستيك، بهدف استخدامه وبيعه بأسعار أقل من نظيره في محطات الوقود.

كانت محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزة قد توقفت عن العمل مطلع الشهر الماضي بعد نفاد وقودها، ليصبح المتاح من الكهرباء 120 ميجاوات فقط، في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع إلى أكثر من 500 ميجاوات.

وتأتي فكرة العائلة الغزاوية منقذًا لأهالي القطاع من وضعٍ متأزم ترتفع فيه أسعار الوقود، ويعاني الأهالي من أزمة اقتصادية ونسبة بطالة مرتفعة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر للقطاع.

بدأت الفكرة من حرص أحد أبناء العائلة على البحث عن فرصة عمل، إذ عكف أنس الكفارنة -خريج كلية تكنولوجيا المعلومات- على البحث عن طريقة لتحصيل مصدر دخل له ولأسرته في ظل ارتفاع نسب البطالة في قطاع غزة، التي بلغت 47% وفق تقرير الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، الصادر في الربع الأول من العام الجاري 2022.

وخلال بحثه عثر أنس على مقطع فيديو بموقع ’يوتيوب‘ لتجربة أجراها سوريون لإنتاج الوقود من البلاستيك، يحكي أنس في حديثه لشبكة SciDev.Net: ”عرضت الفكرة على والدي، الذي يعمل حدادًا، فأعجبته الفكرة، وبدأنا في جمع معلومات أكبر حولها، وصممنا نموذجًا أوليًّا في منزلنا لوحدة تعمل على صهر البلاستيك وتحويله إلى وقود، ونجحنا في إنتاج أول بضعة لترات من الوقود، ما شجعنا على التوسُّع وتصميم وحدة أكبر في مزرعتنا“.

وعن آلية العمل يوضح أنس أن الوحدة عبارة عن خزان كبير مصنوع من الحديد لاستيعاب طن ونصف من البلاستيك، ”ويعتمد إنتاج الوقود على تسخين البلاستيك وصهره في تلك الوحدة، باستخدام درجات حرارة عالية ما بين 200 إلى 250 درجة“، مشيرًا إلى أنهم يعتمدون على شراء البلاستيك المفروم من أحد المصانع في غزة.

وتنتج الوحدة عدة أنواع من الوقود، يقول أنس: ”نحصل في البداية على الجزيئات الثقيلة من خلال عملية التبخير التي ينتج عنها مادة تشبه الشحم، تُستخدم في تشحيم الآلات، بعدها تبدأ عملية التبريد من خلال خزان ماء كبير يسير في وسطه البلاستيك المنصهر عبر مواسير، لينتج عن هذه العملية غاز يمكن استخدامه كغاز للطهي سريع الاشتعال، وفي نهاية عملية الإنتاج نحصل على مادتي البنزين والسولار“.

يؤكد أنس أن طن البلاستيك ينتج ما بين 900 إلى 1200 لتر من الوقود، ”وهذه الكمية قابلة للزيادة في حال توافُر البلاستيك بكميات أكبر وزادت سعة الخزان المستخدم في عملية التصنيع“.

يعتمد موسى -وهو مالك لدراجة نارية- على البنزين المنتج من هذه الوحدة، لتشغيل دراجته النارية منذ 6 أشهر، حاله كحال غالبية أصحاب الدراجات النارية في بلدة بيت حانون، حيث يسكن أصحاب المشروع.

يقول موسى الذي يعمل على توصيل الطلبات إلى المنازل باستخدام دراجته: ”نشتري لتر البنزين بثلاثة شواكل (أقل من دولار)، بينما يصل سعر اللتر في محطات الوقود إلى 6.38 شواكل (حوالي دولارين)، وهو ما يمثل فارقًا كبيرًا في التكلفة“.

أما السولار فيتم بيعه لمجموعة من الصيادين بتكلفة 2.5 شيكل، بينما يصل سعره في محطات الوقود 5.95 شواكل.

يقول أحمد بكر -أحد الصيادين- للشبكة: ”نعتمد على السولار المنتَج من هذه الوحدة لتشغيل محركات مراكب الصيد؛ إذ نشتري كميات تصل إلى ألف لتر كل 3 أيام تقريبًا“.

ويضيف: ”محركات القوارب حساسة، ولو أن هذا السولار غير مناسب للاستخدام لتعطَّل المحرك“، مشيرًا إلى أنه يعتمد على هذا السولار منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

يعلق أسامة خضر -أستاذ مساعد بكلية العلوم في جامعة الأزهر بغزة- بأن ”البلاستيك يُصنع أساسًا من البترول، فإعادته إلى مكوناته الأولية الأساسية من خلال هذه التقنية أمرٌ ممكن، فتسخين البلاستيك يُسهم في تحلله تمامًا لينتج حوالي %60 من السولار و%16 من البنزين، والباقي يوزع بين غازات ومواد أخرى“.

”ورغم هذه المعطيات، إلا أننا بحاجة إلى إجراء تحاليل دقيقة حول ما يتم إنتاجه من وقود من هذه الوحدة، وهو أمرٌ يصعب في قطاع غزة، الذي لا يتوافر فيه تحاليل دقيقة لهذه المواد، مما يجعل الاعتماد على التجارب أفضل خيار للتعرُّف على مدى نجاح الفكرة“، وفق خضر.

ومع الاعتراف بأن مثل هذه المشروعات تدعم أهالي القطاع في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها، إلا أن خضر لم يُخفِ مخاوفَه من تأثير البخار والغازات الناتجة عن عملية الحرق أو في أثناء غليان البلاستيك على البيئة المحيطة وكذلك على صحة الإنسان، لما تنتجه هذه العملية من غازات سامة تسبب أمراضًا خطيرةً لمَن يدير المشروع أو للأراضي الزراعية المجاورة.

يوافقه الرأي عطا القيسي، أستاذ الصحة العامة المساعد بالكلية الجامعية للعلوم والتكنولوجيا في خان يونس، فهناك أدخنة وغازات سامة وخطيرة تنتج عن عملية الاحتراق، لها تأثير سلبي خطير ومباشر على العاملين بالمشروع وعلى المقيمين حوله أيضًا. 

ويستطرد القيسي: “تشتمل الأدخنة والغازات الضارة على رماد سام ملوث بالديوكسينات وثاني أكسيد الكبريت والزئبق وثنائي الفينيل متعدد الكلور، وجميعها مركبات تؤثر سلبًا على البيئة وصحة الإنسان، إذ تؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي بالمقام الأول، وقد تتطور إلى سرطان الرئة”.

وينصح القيسي العاملين في المشروع -باعتباره حلًّا سريعًا- بأن يتخذوا إجراءات السلامة الشخصية، مثل ارتداء الكمامات وتوفير أجهزة التنفس والفلترة، إلى جانب العمل على إيجاد مكان معزول عن المناطق السكنية والغطاء النباتي، لتجنُّب فقدان السيطرة على الغازات الصادرة عن المشروع وتقليل الأضرار.

من جانبه يصف عبد الفتاح عبد ربه -أستاذ العلوم البيئية في الجامعة الإسلامية بغزة- المشروع بأنه “سلاح ذو حدين”، فمن ناحية يصدر عنه ملوثات ضارة بالبيئة المحيطة وبصحة الإنسان، “لكنه في المقابل يخلق وعيًا حول إمكانية إعادة تدوير النفايات بما يُسهم في استخدامها بشكل إيجابي وخلق مركبات تُسهم في حل أزمة الوقود الخانقة، بالإضافة إلى تحقيق مصدر دخل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة”.

ويرى عبد ربه أنه في حالة تطوير المشروع من خلال إيجاد آلية تقلِّل من كمية الدخان الناتج عن حرق البلاستيك فإن المشروع سيكون أكثر فاعليةً بيئيًّا.

“لو قارنَّا بين إيجابيات المشروع وسلبياته فإن كفة إيجابياته سترجح، نظرًا إلى الفائدة التي تعود على شريحة كبيرة من الغزيين الذين يعيشون تحت وطأة ظروف قاسية”، وفق عبد ربه.

في حين يطالب القيسي بضرورة تدخُّل أصحاب القرار لمتابعة هذا المشروع، بما يتفق مع مقاييس الجودة الفلسطينية.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا