Skip to content

20/01/14

في موريتانيا.. غش الأدوية تجارة ينعشها الجهل والجشع

Mauritania fake medicine
حقوق الصورة:Flicker/UNDP Mauritania/ Alain Olive 4 Recovery & DRR

نقاط للقراءة السريعة

  • غش الأدوية ينتشر في موريتانيا، والأدوية تجارة يمارسها التجار وأصحاب الحوانيت هناك
  • الدولة تبذل جهودا لمحاصرة هذه التجارة، لكن نشاطها لم ينقطع بعد، وإن خفت حدته
  • مقترحات عدة للقضاء على هذه التجارة نهائيا، أبرزها يتلخص في تكامل الجهود

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

سيدي محمد الإمام يلقي الضوء على هذا النشاط، وعلى آثاره، ويرصد بعض جهود الجهات المعنية للتصدي له.

رغم مساعي الجهات المعنية في موريتانيا للحد من انتشار الأدوية المغشوشة بالبلاد إلى حد الفوضى، لا يزال المواطن هناك ينظر بريبة إلى الخدمات الصحية المقدمة له، ومن ثم لا ينفك عن السفر إلى دول الجوار طلبا للعلاج إذا استطاع إلى ذلك سبيلا.

وبسبب من هذه المشكلة، فإن مصحات ومشافي في المغرب وتونس والسنغال تحقق مكاسب كبيرة، لا سيما وما من مسؤول موريتاني رفيع يتلقى العلاج داخل وطنه، بل لا يقبل به أصلا.

نقيب الصيادلة الموريتانيين، الشيخ إبراهيم التقي، يؤكد لشبكة SciDev.Net أن ”غش الأدوية يشمل الرخيص منها والغالي الثمن، بداية من المكملات الغذائية ومسكنات الآلام، مرورا بالمضادات الحيوية، ونهاية بموانع الحمل وأدوية علاج ضغط الدم والأورام وغيرها“.

والجهل وجه آخر للمشكلة، حيث يوفر تربة خصبة لنموها، ويشكل عاملا مساعدا في استشرائها، وهذا هو رأي محمد ياسر، البيولوجي في المعهد الوطني للبحث في مجال الصحة العمومية، حيث ينعدم الوعي بمخاطر الدواء، أو يكاد.

يقول ياسر لشبكة SciDev.Net: ”ليس غريبا في موريتانيا أن يشتري أحد العامة مضادا حيويا واسع المجال لعلاج التهاب الضرس مثلاً“.

 
أصل المشكلة وجهود حصارها

ووصلت فوضى سوق الأدوية إلى حد بيع المضادات الحيوية المغشوشة في الطرقات، بل ”يمتلك التجار وأصحاب الحوانيت رخص صيدليات“، على حد وصف حمود فاضل، مدير ’الصيدلة والمختبرات‘، وهي الجهة الحكومية المنظمة.

يقول الدكتور فاضل لشبكة  SciDev.Net: ”عام 2007 بدأنا في شن حملات ضد هذا النوع من الممارسات، وصارت أكثر جدية وصرامة مع بداية 2009؛ لتختفي نهائيا في الربع الأول من عام 2010“.

هناك نحو 120 صيدلانيا، في حين تقدم 650 صيدليةً ومستودعًا صيدليًّا خدماتها، لأقل من 3 ملايين موريتاني

لكن اختفاء البيع العشوائي من الشوارع لم يوقِف تدفق الأدوية المغشوشة، فالصيدليات التي وُزِّعَت تراخيصُها دون ضوابط مثلت بابا خلفيا لاستمرار تلك التجارة.

وأعداد الصيدليات في موريتانيا كبير جدًّا مقارنة بعدد الصيادلة؛ يوضح فاضل أن ”إدارة الصيدلة والمختبرات تحصي نحو 120 صيدلانيا، في حين تقدم 650 صيدليةً ومستودعًا صيدليًّا خدماتها، لأقل من ثلاثة ملايين موريتاني“.

يُرجع نقيب الصيادلة الدكتور التقي ذلك إلى ”تراكمات العهود السابقة“.

ولمحاصرة غش الأدوية تبذل الحكومة الموريتانية جهودا، بدأتها عام 2009 بإنشاء ’المختبر الوطني لمراقبة جودة الأدوية‘، وخلال المدة من عام 2010 وحتى عام 2013، قام المختبر بتحليل 510 أدوية مدرجة على لائحة الأدوية المرخصة من وزارة الصحة، البالغ عددها 2150 دواءً.

يقول الشيخ بتار سجان -مدير المختبر-: ”أثبتت نتائج التحاليل زيادة المادة الفعالة ونقصانها في 48 مضادًّا حيويًّا، ما أدى إلى سحبها من السوق فورًا بقرارات من وزارة الصحة“.

ويؤكد الدكتور سجان لشبكة  SciDev.Net أن ”المختبر لا يمتلك حتى الآن سلطة قانونية تخوله اتخاذ أي إجراء عقابي“.

ويضيف سجان: ”إلا أن قانون تمكين المختبر سيجري تفعيله في الربع الأول من عام 

أثبت المختبر الوطني لمراقبة جودة الأدوية زيادة المادة الفعالة ونقصانها في 48 مضادًّا حيويًّا

2014“.

ويبدو أن المختبر سبب إزعاجا وقلقا لدى من يهمه الأمر، حيث تعرض مقره للاقتحام في يونيه 2013، وجرى تفتيش مكاتبه بدقة دون أن يُسرق منها شيء، ولم يُعرف حينها الهدف وراء هذه العملية.

كذلك أصدرت السلطات قرارا سياديا نهاية مارس 2012 باحتكار استيراد المضادات الحيوية والإنسولين وبعض العقاقير المهمة الأخرى.

ورغم أن القرار لم يلق ترحيبًا من كارتل الشركات الخاصة المستوردة للأدوية في موريتانيا، إلا أنها رضخت له بعد مصادرة الجمارك شحنةً من المضادات الحيوية في ميناء نواكشوط المستقل منتصف يناير 2013.

ومنذ بداية 2013 أصبحت الشركة الحكومية ’كامك‘ هي الجهة الوحيدة المسموح لها بالاستيراد، ومن خلالها فقط يمكن للشركات الأخرى الاستيراد.

يرفض الشيخ أحمدو أحمد عبيد -المدير الفني لشركة ’شنقيط فارما‘- إلقاء المسؤولية على القطاع الخاص في أزمة الثقة التي تصِم المجال الصحي الموريتاني، وخاصة القطاع الدوائي فيها، لكنه لا ينفي لجوء بعض الشركات -التي يصفها بغير المحترمة- إلى التحايل في كمية الدواء.

يقول عبيد لشبكة  SciDev.Net: ”مثلا دواء الباكتريم الذي تحوي زجاجته 60 مل يستوردونه بزجاجة 40 مل، وعبوة الأقراص بها 10 فقط والأصل أن فيها 30 قرصا“.

الموريتانية عيشة محمد أبي تروي لشبكة SciDev.Net معاناتها عندما أُوعكت ابنتها، فتقول: ”لازمت وحيدتي حمى مدة شهر، تشتد تارة ثم تختفي لتعود مرة أخرى، فوصف لها الأطباء مضادا حيويا مرات دونما فائدة“.

وتكمل عيشة: ”ولحسن الحظ، عندما كنت في تونس برفقة خالتي لإجراء فحوص خاصة، عاودت الحمى طفلتي، وبعد أن وقع الأطباء هناك الكشف عليها، وأجروا بعض التحاليل، قالوا لها: إن سبب الحمى بكتيريا لها خصائص غير مألوفة، ربما اكتسبتها بفعل ضعف المضاد الحيوي الذي كانت تعطيه للطفلة“.

من هنا، يرى أستاذ الصحة العامة بكلية الطب جامعة نواكشوط، الدكتور أدومو محمد، أنه من الطبيعي أن يتسبب انتشار الأدوية المغشوشة في هز ثقة المواطن، هذا بالإضافة للضرر البالغ الذي يلحقه بمستقبل الصحة، فتنامي مقاومة البكتيريا للمضاد الحيوي كابوس حقيقي.
 

نحو حل نهائي

توعية المواطن، والجدية في تطبيق القانون هو الحل في رأي الدكتور فاضل، الذي يؤكد أنه ”من أكثر القوانين صرامة“ بين نظائره في دول المنطقة، ويدلل على هذا بأن ”واقع سوق الدواء الآن أبعد ما يكون عما كان عليه في السنوات الماضية“.

ويرى سجان ضرورة ”منح المختبر الوطني صلاحيات أوسع تخوله إجراء تفتيش مفاجئ ومعاقبة المخالفين“.

أما الدكتور أدومو فيؤكد أن ”المسؤولية مشتركة، وتتطلب تعاون كل من وزارات الصحة والمالية والداخلية وإدارة الجمارك، وخلق قنوات اتصال مع دول الجوار لتوحيد جهود مكافحة غش الأدوية بوصفها جريمة عابرة للحدود“.

ويقترح الصيدلاني الشيخ أحمد ”إنشاء هيئة مستقلة تمتلك كافة الصلاحيات اللازمة لحظر أي دواء أو صيدلية أو شركة استيراد“.

يتفق معه نقيب الصيادلة الموريتانيين، ويشدد على ضرورة ”تمكين الصيدلاني وإقصاء التاجر“.

كمن يسوق بشرى يقول الدكتور فاضل -الذي يترأس حاليا لجنة مشتركة من وزارات الصحة والمالية والداخلية-: طيلة عام 2013 والحكومة تدرس التقارير المرفوعة إليها لسد جميع الثغرات الملحوظة، وهي بصدد تفعيل ما لم يفعل من قوانين رادعة.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط