Skip to content

29/12/13

البحث العلمي العربي.. داء معروف ودواء موصوف

Scientific-research-in-Arab-world-available-funds-with-no-spending-priorities
حقوق الصورة:Hazem Badr/ Arab forum for scientific research and development

نقاط للقراءة السريعة

  • البحث العلمي العربي تحول إلى عملية بلا إبداع، والحديث عن إصلاحه صار جعجعة بلا طحين
  • والعلاج في سياسات حكومية تحفز القطاع الخاص على تمويله، والباحث على الابتكار
  • العلل مشخصة، والعلاج موصوف، المهم مغادرة التشخيص إلى العلاج

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

كوكبة من المختصين يشخصون علل البحث العلمي في العالم العربي، ويصفون الدواء، حازم بدر ينقل لنا عنهم الداء والدواء

”تمويل التعليم العالي والبحث العلمي“.. يكفي هذه العبارة أن تكون عنوانا لجلسة في منتدى، كي يستقبل مديروها شكاوى الباحثين العرب من ندرة الموارد المادية، وتأثيرها على حال البحث العلمي.

ولكن، خلافا للمتوقع، دارت الجلسة التي نظمت ضمن المنتدى العربي الأول للبحث العلمي والتنمية، الذي عقد في تونس العاصمة في المدة 20-22 ديسمبر الجاري، واتجه الحوار بها نحو استغلال المتاح قبل الحديث عن الزيادة.

الدكتورة موزة الربان رئيس مجلس أمناء ’منظمة المجتمع العلمي العربي‘ تحدثت بلغة الأرقام، وقالت: ”لدينا 2 مليون مهندس في الوطن العربي يزيدون سنويا بمعدل 100 ألف، ولا نستغلهم، بل نلجأ للشركات الأجنبية عند تنفيذ أي مشروع“.

وأضافت: ”وتخرُج من مراكز الأبحاث العربية 30 ألف ورقة بحثية سنويا، حتى بلغ إجمالي الأوراق البحثية من عام 1993 إلى الآن 270 ألفا، ومعظمها لا طائل من ورائه“، متسائلة في استنكار: ”ألهذا الكم من الأبحاث أي مردود في عالمنا العربي؟“.

حول السؤال وما يتصل بموضوع الجلسة، فإن الدكتور محمود نصر الدين، مدير ’مركز دراسات الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية‘ تحدث لشبكة SciDev.Net مؤكدا أن البطالة هي العلة التي تحول بها البحث العلمي في العالم العربي إلى كم بلا كيف.
 

علل وأدوية

نعم، البطالة هي السبب الرئيس في هذا الكم الذي تنعدم قيمته المضافة تقريبا، كما يفسر نصر الدين، ويقول: ”من لم يجد عملا من أرباب الشهادات الجامعية، يشغل وقته بالسعي لشهادة عليا، علها تفيده حال الحصول على عمل مستقبلا“.

من ثم، يؤدي طرفا العملية البحثية -الأستاذ والطالب- وظيفة بلا إبداع أو ابتكار، كما يعلل نصر؛ إذ يقول: ”الأستاذ الذي يعمل مع طلاب كثر لن يقدر على متابعتهم بشكل فعال، ومن ناحية أخرى لا يهم الطالب الإبداع بقدر حرصه على الشهادة“.

من هنا، يشترط نصر الدين: ”إذا لم يرتبط البحث العلمي بالتنمية، ومهما زادت موازنته فلا تنتظر له أثرا حقيقيا“.

”الكلام“، جانب آخر من جوانب إهدار الموارد والطاقات، بيَّنه لشبكة SciDev.Net الدكتور حسن السلوادي، عضو مجلس ’البحث العلمي الفلسطيني‘، وعميد البحث العلمي والدراسات العليا بجامعة القدس المفتوحة.

فقد انتقد السلوادي إنفاق العالم العربي ”3 مليارات دولار سنويا“ على المؤتمرات في كل المجالات، و”لا تؤتي هذه المؤتمرات ثمارا“ في أغلب الأحوال، على حد تعبيره.

وأضاف السلوادي:”إنني أحضر منذ ثلاثة عقود مؤتمرات، وأسمع الكلام نفسه عن ضرورة زيادة موارد البحث العلمي، وربطه بالقطاع الخاص، ولم يتحقق أي شيء“.

خلال هذه العقود الثلاثة، شقت تجربة كوريا الجنوبية في البحث العلمي طريقها نحو النجاح، لذا يطالب الدكتور سلطان أبو عرابي -أمين عام ’اتحاد الجامعات العربية‘- بمحاكاتها.
 

حديث عن الجدوى

حجر الزاوية في تلك التجربة -التي يحبذ أبو عرابي نقلها إلى العالم العربي، وتطبيق مثلها على أراضيه- ما وصفه لشبكة SciDev.Net أنه: ”إدراك القطاع الخاص أهمية البحث العلمي؛ فأصبح كل دولار ينفقه يعود إليه 199 دولارا“.

 من جهته، يبدي مدير إدارة العلوم والبحث العلمي في ’المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‘؛ الدكتور أبو القاسم البدري، قلقا من المكث والمراوحة عند الحديث عن أهمية الربط بين البحث العلمي والقطاع الخاص، دون البحث في العوامل التي تهيئ لربط قوي بينهما.

يقول البدري لشبكة SciDev.Net: ”دائما ما أسمع مناشدات للقطاع الخاص بالمبادرة لتمويل البحث العلمي، وأتمنى ألا نناشدهم، بل ما أرجوه أن يسعوا بأنفسهم إلينا، عندما يشعرون بحجم الإفادة التي يمكن تحصيلها“.

وردد ما قاله سابقوه: ”لن يتحقق هذا طالما ظل البحث العلمي قاصرا على كونه وسيلة للترقي، بغض النظر عن جدواه“.

أما رئيس ’المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا‘، الدكتور عبد الله النجار؛ فيرى أن الحكومات تتحمل جانبا كبيرا من المسؤولية في غياب ذلك الربط.

يقول النجار لشبكة SciDev.Net: ”حصول الباحث على عائد مادي كبير نظير الخدمة التي يقدمها للقطاع الخاص ضمان لإقباله على الإبداع والابتكار، وهذا أمر تتحمله الحكومات العربية“.

ولفت النجار الانتباه إلى سياسة معوقة لإحراز تقدم على هذا الصعيد، وهو ”تحصيل الحكومات ضرائب من الوحدات الخاصة بمراكز الأبحاث نظير خدماتها للقطاع الخاص“.

واستشهد بحالة مركز أبحاث مصري -لم يُسَمِّه النجار- اشتكى له مديره من ”تحصيل الدولة لضريبة تجعل المركز خاسرًا من بيع الخدمة، ولا يجني مكسبًا، وهو ما اضطره إلى الإحجام عن تقديمها“.
 

من التشخيص للعلاج

الخلاصة، يصوغها النجار بقوله: ”نحن لا نعاني نقص الموارد المادية، قدر معاناتنا من افتقاد السياسات التي تخدم البحث العلمي، وتربطه بالقطاع الخاص“.

تتفق الدكتورة حنان عيسى -الأستاذ بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية- مع تشخيص المشكلة على هذا النحو، لكنها تخوفت ألا نغادر مرحلة التشخيص.

وقالت حنان لشبكة SciDev.Net: ”نريد أن نتجاوزها إلى مرحلة العلاج، ولن يتحقق هذا إلا بإدارة فاعلة للبحث العلمي، تراعي الربط بينه وبين القطاع الخاص، وتوفير الحوافز اللازمة للباحثين عند تقديم خدمة للقطاع الخاص“.

كذلك رأت حنان ضرورة ”تغيير آلية قبول الطلاب بالدراسات العليا، بحيث تصبح أكثر ضبطا، وأن تراعي حاجة المجتمع؛ بوضع أولويات واضحة للأبحاث التي يجرونها“.

أيتحقق هذا.. أم يسمع السلوادي الكلام نفسه في المنتدى المقبل للبحث العلمي والتنمية المستدامة؟

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط