Skip to content

06/12/21

أثاث من متبقيات النخيل بالجزائر.. صناعة تطلب الدعم

Screenshot_20211101-081706_Gallery[1]
حقوق الصورة:Riad Mazouzi/ SciDev.Net

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

من مصر إلى الجزائر مرورًا بالأردن ثم ليبيا، يواصل المصري ناصر أبو النصر مساعيه من أجل توسيع دائرة استعمال أثاث صديق للبيئة من جريد النخيل وسعفه.

يجسد أبو النصر في محله المتواضع الكائن بولاية برج بوعريريج شرق الجزائر كراسي ثابتة وهزازة، وطاولات بمختلف الأحجام، إضافة إلى ثريات وشمسيات، وعوازل تستخدم في المطاعم، وسلات للمهملات، وأرائك فخمة باتت تزين اليوم أفخم الفلل والفنادق والمحال التجارية وحتى الحدائق والمطاعم.

يروي أبو النصر أن بداياته كانت منذ سن السابعة بمحافظة البحيرة بمصر، عندما بدأت أنامله تغازل جريد النخيل رفقة أخيه، لصنع أثاث كان بسيطًا في البداية، ليتطور مع الوقت.

لم يرد ناصر أن يحصر فكرة صناعة الأثاث بجريد النخيل بمصر، فقضى 4 سنوات بالعاصمة الأردنية عمان، و10 سنوات بمحافظتي خمس وتاجوراء بليبيا، بعدها دخل الجزائر التي استقر بها منذ عام 2007 وإلى يومنا هذا، محاولًا ترقية الحرفة وتوسيع نطاقها خاصةً بالجنوب، حيث الواحات وحيث تنتشر زراعات نخيل التمور.

أشرف أبو النصر خلال هذه الفترة على تدريب المئات من الشباب وتعليمهم، من خلال الاندماج بورشته كيدٍ عاملة، أو من خلال الدورات التدريبية التي يشرف عليها بعض مؤسسات التدريب وتعليم الحرف بهذه البلدان.

يقول أبو النصر لشبكة SciDev.Net: ”هدفي الأسمى أن تبقى هذه الحرفة على مر الأجيال، وكم تكون سعادتي كبيرةً حينما أرى شبابًا في مقتبل العمر وهم يتنافسون لتعلُّم صناعة الأثاث من جريد النخيل“.

ويستطرد: ”فتعليم الشباب هذه الحرفة فتح بابًا آخر من الأبواب التي تمتص البطالة، وتوفر دخلًا للعائلات“.

بن تواتي أحمد ياسر (لم يتجاوز 19 عامًا) أحد الشباب الجزائريين الذين تعلموا الحرفة على يد أبو النصر، وعلى الرغم من كونه لا يزال طالبًا، إلا أنه يجتهد في الورشة كما في حجرة الدراسة، ولا يرى الأولى مؤثرًا سلبيًّا على الثانية، بل يعتبرها مكملًا، يوفر من خلالها ما يحتاجه للدراسة.

يقول ياسر للشبكة: ”نعمل هنا كأسرة من أفراد، يكمل الأول الثاني، وأنصح الشباب بالاهتمام بتعلُّم حرفة كهذه، خاصةً وأن صناعة الأثاث من جريد النخيل أمرٌ ممتع، يدخل في إطار الصناعات الصديقة للبيئة“.

ويأمل أبو النصر أن تقدم الجهات المعنية في الجزائر دعمًا معنويًّا لتحفيز الشباب على تعلم الحرفة، مؤكدًا فتحه الأبواب لورش التدريب بالتنسيق مع مختلف الجهات، ”فصناعة الأثاث من جريد النخيل لا تتطلب آلات بمبالغ مالية كبيرة، فجل العمل تقريبًا يدوي، كما لا تعتمد على الطاقة المضرة للبيئة كاستعمال الحرق والزيوت وغيرها“.

ويلفت أبو النصر إلى عقبة كبيرة تواجه هذه الحرفة؛ ”فرغم توافر المادة الأولية القادمة من الصحراء الجزائرية، نواجه صعوبات كبيرة في تكريس الفكرة وتطويرها، في ظل غلاء مصاريف النقل ونقص العمال بالواحات التي تزودنا بالجريد“.

يوضح أبو النصر: ”تغطي الصحراء في الجزائر 75٪ من مجمل مساحتها، لذا فالمادة الأولية وفيرة، لكن العمال بالواحات يشترطون دفع 500 دينار جزائري (4.5 دولارات) مقابل تقليم نخلة واحدة وتوفير الجريد، الذي يصطدم بعدها بمشكلة النقل وبُعد المسافة من الجنوب إلى الشمال الجزائري“.

ويأمل أبو النصر دعم الدولة من أجل الاستمرارية وترقية الحرفة، ”ولمَ لا تفتح ورشات بمختلف المحافظات الجزائرية لتعليم الشباب والاستثمار في ثروة الجريد، بدلًا من حرقه وسط الصحراء وتلويث البيئة“.

يثمن عبد الوهاب قاسي -أستاذ متفرغ بكلية علوم الأرض والجغرافيا والتهيئة العمرانية بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة شرق الجزائر- ما يقوم به أبو النصر، ويقول: ”بالإضافة إلى أن هذه الحرفة تحقق التنمية بمختلف المناطق من خلال امتهانها من قبل الشباب لإعالة عائلاتهم، فهي كذلك نوع من أنواع السلوك الإيجابي تجاه البيئة“.

ويستطرد: ”شأنه شأن صناعة الأواني من الفخار والطين، فهو شكل من أشكال العودة إلى الطبيعة“.

كما أن التخلص من هذه المنتجات بعد الاستعمال ”لا يشكل خطرًا على البيئة، إذا علمنا أن جريد النخيل سريع التحلُّل، ومع الوقت يصبح مادةً عضويةً تستفيد منها التربة في تغذية النباتات، عكس ما نراه من مخلفات كالزجاج والحديد والبلاستيك وغيرها“، وفق قاسي.

أضف إلى هذا أن حرق أطنان من الجريد بالواحات الجزائرية على نحوٍ متكرر سيؤدي -لا محالة- إلى زيادة الانبعاثات الضارة، شأنه شأن حرائق الغابات، وهو ما يؤثر سلبًا على البيئة والصحة.

لذا يأمل قاسي أن تحظى هذه المبادرات بدعم أكبر وتحفيز من قِبل السلطات، وتقديم التسهيلات لترقيتها وتوسيع نطاق استخدامها.

 

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا