Skip to content

20/09/20

التخطيط لمواجهة الجائحة العاقبة.. حقائق وأرقام

FnF UNDP Bangladesh Women - MAIN
مساهمون من المجتمعات المحلية تابعون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بنجلاديش يلصقون إرشادات التوعية بغسل اليدين والحفاظ على النظافة، في ظل انتشار فيروس كورونا في مادارتك، باسابو، دكا. حقوق الصورة:UN Women Asia and the Pacific, (CC BY-NC-ND 2.0)

نقاط للقراءة السريعة

  • مقاومة الأدوية تفاقم من مخاطر فاشيات الأمراض
  • بدأ فيروسي إيبولا وزيكا حقبة جديدة من الأوبئة شديدة الأثر التي يصعب احتواؤها
  • السمنة والأمراض المرتبطة بنمط الحياة ربما تمثِّل المشكلة العالمية القادمة

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

الإنفلونزا وفيروس كورونا والسمنة.. هل العالم مستعد للجائحة العاقبة؟
 
قبل أشهر قلائل من انتشار كوفيد-19، حذّرت مجموعة دولية من العلماء من أن العالم يواجه ”خطرًا فعليًّا“ ماثلًا في انتشار جائحة أحد العوامل المُمرِضة التنفسية التي تتسبب في وفاة 50 إلى 80 مليون شخص.

”جائحة عالمية بهذا الحجم ستكون كارثية… العالم غير مستعد لها“، هكذا جاء في التقرير الصادر عن ’المجلس العالمي لرصد التأهب‘، وهو الجهة التي شاركت البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية:

على الرغم من أن الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 بعيدة كل البعد عن هذه الأرقام -تجاوزت وفياته بالكاد 550 ألفًا حتى يوليو 2020- إلا أنها بمنزلة تحذير صارخ للمستقبل في مجتمعاتنا متزايدة الترابط. تسهم عوامل أخرى في زيادة المخاطر، منها زيادة السفر والنمو السكاني السريع في الأماكن ذات النظم الصحية الضعيفة.

مع تتبُّع منظمة الصحة العالمية ما يقرب من 1500 حدث وبائي في 172 بلدًا بين عامي 2011 و2018، أفاد المجلس العالمي لرصد التأهب أن أمراضًا مثل الإنفلونزا والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) وإيبولا وزيكا كانت ’نُذُر‘ بدء عهد جديد من الفاشيات شديدة الأثر التي يصعب احتواؤها.

كما أن فاشيات الأمراض المعدية تتزايد، سواء من حيث التنوع أو العدد، من أقل من 1000 في عام 1980 إلى أكثر من 3000 بحلول عام 2010. في العقد الماضي، ناهيك بوباء كوفيد-19، اعتبرت منظمة الصحة العالمية أن خمس فاشيات أمراض أخرى ”طوارئ صحية عمومية تثير قلقًا دوليًّا“: إيبولا مرتين، وإنفلونزا الخنازير، وفيروس شلل الأطفال، وزيكا.

ليس مستغربًا أن يكون لفاشيات الأمراض أثرٌ أشد وطأةً على المجتمعات منخفضة الموارد ذات القدرة المحدودة على الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية والمياه النظيفة والصرف الصحي، فضلًا عن ضعف البنية التحتية والحوكمة، كما أشار المجلس.

وفي الوقت نفسه، كشف مؤشر التأهب للأوبئة، المذكور في دراسة في دورية ’الصحة العالمية‘ التابعة للمجلة الطبية البريطانية في العام الماضي أن البلدان الأقل استعدادًا تركزت في وسط وغرب أفريقيا وجنوب آسيا، مع وجود ”تبايُن خطير محتمل“ بين ظهور الأمراض المعدية والقدرة على اكتشافها والتخفيف من آثارها.

الأمراض حيوانية المنشأ وأزمة المقاومة

يخشى العلماء أن يزيد النمو الحضري وتعكير الإنسان صفوَ النظم البيئية من حالات الإصابة بالأمراض المعدية والأمراض حيوانية المنشأ -تلك التي تعبر الحدود بين الحيوانات والبشر.

من المتوقع أن ينتقل حوالي 2.5 مليار شخص إضافي للإقامة بالمدن بحلول عام 2050، إذ تمثل آسيا وأفريقيا 90% من هذا النمو، بينما تجاوز عدد سكان الأحياء الفقيرة المليار شخص على مستوى العالم في عام 2018.

ووفق ’الصندوق العالمي للطبيعة‘، تظهر ثلاثة أو أربعة أمراض حيوانية المنشأ جديدة كل عام، ومن المرجح تفاقم المشكلة؛ بسبب الحاجة إلى إطعام عدد متزايد من السكان، والطلب المتزايد على اللحوم البرية بوصفها ضرورةً وطعامًا شهيًّا.

يشير الصندوق العالمي للطبيعة إلى أن عمليات صيد الخفافيش والشمبانزي وذبحها تُعدّ مصادر محتملة لفاشية فيروس إيبولا عام 2014.
ومما يفاقم خطر فاشيات الأمراض أزمة مقاومة مضادات الميكروبات المتزايدة، مما يجعل علاج الأمراض أكثر صعوبة. ومما يزيد الوضع تفاقمًا العجز المقلق في البحث والتطوير لمواجهة الأزمة، وفق تقارير.

فمن المتوقع أن تقع 90% من الوفيات المستقبلية المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات في أفريقيا وآسيا خلال السنوات المقبلة، في حين تتوقع الأمم المتحدة أن الوفيات العالمية قد تقفز من 700 ألف سنويًّا الآن إلى 10 ملايين بحلول عام 2050 إذا لم يجرِ التوصُّل إلى حلول فعالة.

من ناحية أخرى، أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا عن خطوة مهمة إلى الأمام: طفرة هائلة في عدد البلدان التي ترصد الآن مقاومة مضادات الميكروبات وتبلغ عنها. يعمل نظام المراقبة الخاص بها على تجميع البيانات من 64 ألف موقع في جميع أنحاء العالم، بزيادة عن 729 موقعًا في غضون عامين.

الآثار الاقتصادية

أكدت فاشية كوفيد-19 أن الآثار المباشرة للأوبئة على الصحة ليست هي المشكلة الوحيدة، فقد أضرت الجائحة بالاقتصادات بشدة، وأسقطت الناس في براثن الفقر.

جاء في تقرير حديث للأمين العام للأمم المتحدة حول التقدم المُحرَز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة أن ”الجائحة تعكس اتجاه الحد من الفقر“. وقدّر التقرير أن 40 إلى 60 مليون شخص سيسقطون من جديد في براثن الفقر المدقع هذا العام، وهي أول زيادة عالمية في الفقر منذ عقدين.

توقع تقرير سابق للأمم المتحدة أن 56% من أولئك الذين سينزلقون إلى هوة الفقر المدقع في عام 2020 سيكونون في أفريقيا، في حين تشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى أن 130 مليون شخص إضافي في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة قد يواجهون انعدام أمن غذائي حادًّا هذا العام.

تتحمل أزمات أخرى كذلك نصيبًا من التكاليف؛ إذ تشير التقديرات إلى أن فاشية فيروس إيبولا في غرب أفريقيا قد تسببت في خسائر بقيمة 2.2 مليار دولار أمريكي من الناتج المحلي الإجمالي في غينيا وليبيريا وسيراليون في عام 2015. ووفقًا للمجلس العالمي لرصد التأهب، فإن الانخفاض البالغ نسبته 20% في سيراليون كان كافيًا للقضاء على خمس سنوات من جهود التنمية.

مسألة التغذية

ولا يواجه العالم مخاطر الأمراض المُعدية فحسب، بل يواجه أيضًا الحالات غير المعدية بسبب التغيرات في نمط الحياة والتوسع الحضري.

تضاعف معدل الإصابة بالسمنة ثلاث مرات على مستوى العالم منذ عام 1975، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وصار في مسار تصاعدي في مناطق كان المعدل فيها منخفضًا في السابق. ففي أفريقيا، تشير تقديرات إلى أن عدد الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن وتقل أعمارهم عن خمس سنوات قد نما بنسبة 24% منذ عام 2000، بينما يقطن ما يقرب من نصف الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة في آسيا في عام 2019.

بالإضافة إلى ذلك، تشهد البلدان منخفضة الدخل على نحوٍ متزايد ”عبئًا مزدوجًا“ من نقص التغذية والسمنة داخل المجتمعات نفسها، بل في الأُسَر نفسها، وحتى في بعض الأفراد الذين قد يعانون من التقزم وزيادة الوزن على حدٍّ سواء. قدّر تقرير حديث في مجلة لانسيت أن أكثر من ثلث البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل قد عانت هذه الآثار المتداخلة -الناجمة عن الإفراط في تناول المأكولات المصنّعة والمشروبات منخفضة الجودة.

فيما يتعلق بالأمراض، هناك جانب آخر لقصة الطعام أيضًا؛ فالتغيرات التي تطرأ على البيئة والمجتمعات تشكل خطر إصابة المحاصيل بأمراض وكذلك البشر. تشير تقديرات إلى فقدان ما بين 10 إلى 40% من غلات المحاصيل الأساسية بسبب مسبِّبات الأمراض والآفات، وقد يؤدي تغيُّر المناخ إلى زيادة الخسائر في السنوات القادمة.

ففي العام الماضي، انتشرت سلالة من مرض الذبول الوعائي، الذي فتك بمزارع الموز في أجزاء من آسيا لعقود إلى أمريكا اللاتينية -وهي منطقة يقدّر أنها مصدر 80% من شحنات الموز العالمية. هذا المرض الذي أطلق عليه البعض ’كوفيد الموز‘ ليس له علاج معروف.

ويبدو أن الضغوط ستتزايد لاحتواء أمراض المحاصيل، وسط تزايُد عدد السكان في العالم وزيادة عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي من 23% في عام 2014 إلى 26% في عام 2018، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

توقعات تخفيف الآثار

ومع ذلك، لا داعي لليأس والتشاؤم إذا أمكن اتخاذ الخطوات الصحيحة. بينما يتهافت العالم على اكتشاف لقاح لكوفيد-19، تأَمل البعض نجاحات لقاحات سابقة. لقد تم القضاء على الجدري، وانخفضت حالات الكوليرا بنسبة 60% في عام 2018، وانخفضت حالات شلل الأطفال البري بأكثر من 99% في السنين الثلاثين الماضية -على الرغم من أن بعض برامج التحصين ضد شلل الأطفال يواجه تحديات تشغيلية، وشلل الأطفال الدوار الناجم عن اللقاح آخذٌ في ازدياد.

كان التقدم في الرعاية الصحية الشاملة أسرع في البلدان منخفضة الدخل، حيث أدت التحسينات في الجودة والوصول منذ عام 2000 إلى انخفاض وفيات الأطفال والأمهات. ومع ذلك، لا تزال أكثر البلدان فقرًا متخلفةً عن الركب، وتباطأت التحسينات في هذه البلدان منذ عام 2010.

تساعد الأدوات التكنولوجية المتطورة على نحوٍ متزايدٍ أيضًا في محاربة مجموعة متنوعة من الأمراض التي يواجهها العالم. على سبيل المثال يُستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة الذبول الوعائي، أما خرائط شبكة البيانات عن سكان العالم فتساعد على تحديد المناطق المعرضة لخطر تفشِّي المرض وانتشاره.

هناك أمل أيضًا أن انخفاض مستويات التلوث في أثناء الحظر سيجعل تفكيرنا ينصبّ على خلق بيئات أفضل صحةً واستدامة. ولكن ثمة العديد من الاعتبارات إذا كان العالم سيستخلص الدروس من كوفيد-19، ويتأهب على نحوٍ أفضل حينما تتفشى الجائحة القادمة.

التحليل جزء من إضاءة: الجائحة العاقبة، منشور بالنسخة الدولية، يمكنكم مطالعته عبر العنوان التالي:
https://www.scidev.net/nutrition/feature/planning-for-the-next-pandemic-facts-and-figures.html