Skip to content

30/03/23

فرن شمسي.. مشروع يمني لإنتاج الخبز بطاقة نظيفة

4
حقوق الصورة:Abdulkader Othman/ SciDev.Net

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

منذ قرابة العام، يعكف منير القرماني (38 سنة) على تجهيز فرن يعمل بالطاقة الشمسية، لإنتاج الخبز بكفاءة عالية مستفيدًا من الطاقة النظيفة في إيجاد حل لأزمات الوقود المتتالية التي يشهدها اليمن منذ اندلاع الحرب في ربيع 2015، ويدعم في الوقت ذاته الأمن الغذائي، في بلد بات مهددًا بالمجاعة.

في حي شعبي وسط العاصمة اليمنية صنعاء، استطاع القرماني –دبلوم صيانة من المعهد التقني الصناعي، ذهبان– الحصول على مساحة لتنفيذ مشروعه، في مخبز خيري متوقف عن العمل تملكه المؤسسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب، وذلك بدعم من الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بصنعاء.

يقول القرماني لشبكة SciDev.Net: ”جاءتني الفكرة من واقع المعاناة التي عشتها وشاهدتها ككل اليمنيين، بسبب أزمات الوقود الناتجة عن الحرب وما ترتب عليها من ارتفاع في الأسعار وتهديد بالمجاعة لآلاف الأسر، فحاولت تسخير معرفتي في مجال صيانة وهندسة الأجهزة الإلكترونية، والاستفادة من الطاقة الشمسية لتخفيف المعاناة“.

عن البدايات يقول القرماني: ”واجهت الفكرة الكثير من الرفض وعدم التعاون من التجار الذين عرضتها عليهم وكذا الجهات العامة والخاصة، إلا أن ذلك لم يحبطني“.

وفي عام 2022 وجد القرماني فرصة في المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية التي تنفذها الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، فتقدم إليها، لكن بمشروع آخر.

يعلل القرماني ذلك بالقول: ”كنت متخوفًا من رفض الفرن الشمسي، ثم حاولت التسويق لأفكاري لدى الهيئة فوجدت تفهمًا مبدئيًّا من المسؤولين لفكرة الفرن، وأحالوني إلى فريق هندسي متخصص لديهم“.

يوضح عبد العزيز الحوري –نائب رئيس الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار- أن الفرن الشمسي يُعَدُّ فكرةً جيدةً لحل مشكلة الطاقة التي تضعها الحكومة اليمنية (حكومة صنعاء)، ضمن أولوياتها في ظل استمرار الحصار.

ويضيف لشبكة SciDev.Net: ”أسهمت الهيئة بتقديم الدعم المادي والفني، فشكَّلت فريقًا هندسيًّا متخصصًا لمعاينة الفرن التقليدي وإمكانية تحويله إلى فرن كهربائي يعمل بالطاقة الشمسية“، وبالفعل تمكَّن الفريق خلال أربعة أشهر من تحويله إلى فرن شمسي.

ووفقًا لتقرير المشروع، الذي حصلت الشبكة على نسخة منه، يتكون الفرن من إطار داخلي دائري بمساحة 4.19 أمتار مربعة، يتراوح فيه ارتفاع القبة الفارغة المخصصة لوضع الخبز بين 40 و80 سنتيمترًا، أما سُمك طبقة الفخار المكونة للإطار الداخلي فيبلغ 10 سنتيمترات والمادة العازلة 10 سنتيمترات، وفي داخل الفخار تدور مادة ’التنجستن‘ بشكل حلزوني لتوفير الحرارة اللازمة.

ولتشغيله، احتاج الفرن إلى 48 لوحًا شمسيًّا بقدرة 200 واط لكل لوح، كان القرماني قد حصل عليها من المؤسسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب، لإجراء التجارب على الفرن.

تصل درجة حرارة الفرن إلى 450 درجة فهرنهايت، ويعمل الفرن بقدرة إنتاجية تصل إلى 1250 رغيفًا في 90 دقيقة، وتبلغ التكلفة التقديرية الأولية للفرن ومستلزمات تشغيله ما يعادل 12 ألف دولار أمريكي.

يعدد القرماني مزايا الفرن، مشيرًا إلى أنه صديق للبيئة وفكرته مُجدية للحفاظ على الغطاء النباتي والحد من الاحتطاب الجائر الذي ازداد زيادةً كبيرة مع انعدام المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها، كما أنه متنقل يمكن تفكيكه بسهولة ونقله من مكانٍ إلى آخر، بعكس الأفران التقليدية، علاوةً على أن مكوناته محلية الصنع، بما في ذلك المادة العازلة التي تحتفظ بالحرارة مدةً أطول من العوازل التقليدية.

ورغم جدوى المشروع وفقًا للمعطيات، فإن اعتماده على طاقة الشمس بدرجة أساسية يعوق عمله في المساء؛ فكفاءته تقل تدريجيًّا من الخامسة عصرًا، كما أنه لم يُختبر بعدُ في الأجواء الغائمة.

يقول القرماني: ”ندرس مع الفريق الهندسي إمكانية تحويله إلى فرن مدمج الطاقة من خلال إضافة الغاز كطاقة ثانوية للعمل في المساء والأجواء الغائمة“.

كما يعمل الفريق حاليًّا على تطوير نموذج آخر للوصول إلى إنتاج 1500 رغيف في الساعة.

من جانبه يرى محمد التام -مسؤول اجتماعي في الحي- أن الفرن سيساعد على خفض أسعار الخبز على المواطنين بناءً على تخفيفه تكاليف الإنتاج على أصحاب الأفران ومنتجي الخبز.

يقول التام لشبكة SciDev.Net: ”عندما اشتدت الأزمة في 2015 توقفت الكثير من المخابز عن الإنتاج وارتفعت أسعار الخبز إلى الضِّعف وكنّا نجده بصعوبة، لكن مثل هذا المشروع قد يوفر للمواطن ستة أرغفة من الخبز (تزن 150 جرامًا) بمئة ريال يمني بدلًا من حصوله على أربعة من المخابز التقليدية بالثمن نفسه، فضلًا عن عدم التوقف في الأزمات“.

حاليًّا، يساعد الفرن في توزيع الخبز -كلما تم تشغيله- بشكل مجاني للحي؛ لكون الدقيق والحبوب التي تُستخدم لتجربة كفاءته تقدم من مؤسسة الحبوب، بينما تتكفل الهيئة بدفع تكاليف المواد المستخدمة والأيادي العاملة.

يعلق محمد عادل -من أهالي الحي- بأن الخبز الذي يحصلون عليه من الفرن له مذاق متميز عن غيره؛ لأن بعض المخابز التي تستخدم الوقود أو الحطب قد تبقى آثار الديزل أو الدخان في منتَجها.

ويضيف عادل: ”في حال حصل المشروع على الدعم وأصبحت مخابز المدينة كلها تعمل بالطاقة الشمسية فإن ذلك سيحد من الأدخنة المتصاعدة من المخابز في الأحياء“، آملًا أن تتكفل الجهات المعنية بتعميم الفكرة أو إنشاء مصنع لإنتاج الأفران الشمسية، يكون للقرماني حظ من عائداتها.

يؤكد الحوري: ”سيتم افتتاح المشروع للعمل بشكل دائم خلال الأيام القليلة المقبلة“، مشيرًا إلى أن الهيئة تسعى لنشر الفكرة وتحويلها إلى فرصة استثمارية مستدامة.

يظل الفرن الشمسي مشروعًا مهمًّا، فرَضته الحاجة للإسهام في التخفيف من المعاناة ودعم الأمن الغذائي في بلد لم تنقشع عنه غبار الحرب منذ ثماني سنوات.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا