Skip to content

18/01/23

حوائط جاهزة من جريد النخل

Untitled
حقوق الصورة:Eman Darwish/ SciDev.Net

نقاط للقراءة السريعة

  • وحدات مسبقة التجهيز تمتعت بالجودة والمتانة عند استخدامها قواطيع حائطية هيكلية قائمة
  • لوح القاطوع يتمتع بخواص ميكانيكية وعزل حراري تضاهي المتوافر في الأسواق
  • صياغة المفهوم الجديد تمت، والإنتاج السوقي يحتاج إلى دعم مادي

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

[القاهرة] أثبت مصريان بالتجربة صلاحية الجريد لعمل قواطيع حائطية، مؤسسين مفهومًا جديدًا لاستخدامه في وحدات مسبقة التجهيز تتمتع بمواصفات إنشائية طيبة.

جريد نخيل التمر خام مبذول هملًا، ويتوافر بكثرة في ربوع المنطقة كافة، وتوظيفه على هذا النحو الجديد جدواه مرتفعة؛ فهو فعال من حيث التكلفة، ويعمر طويلًا، ويمثل بديلًا صديقًا للبيئة عوض الحوائط المستخدمة في  البناء حاليًّا.

توظيف يمنح مهنة القفاصة التراثية -التي توشك أن تندثر- قُبلة الحياة، ومن الضياع يحفظ مهارة وحرفية ’القفاص‘، الذي يقطع الجريد اليابس أعوادًا صغيرة، يعشق بعضها في بعض، صانعًا منها أثاثًا مثل أسرَّة وكراس، أو أقفاصًا صغيرة تحوي الثمار، وغيرها.

يجري إنتاج ألواح القواطيع الحائطية بآلية ’التعشيق‘ نفسها التي يتقنها القفاص، وفق إيمان عاطف درويش، المدرس بقسم الهندسة المعمارية بجامعة عين شمس في مصر.

الباحثان، إيمان وزميلها أيمن مصطفى، الأستاذ المساعد بقسم الهندسة الإنشائية، نشرا في يناير الجاري دراسة بمجلة ’كلية الهندسة جامعة الإسكندرية‘، برهنا فيها على أن الخام والمهارة نفسهما أنتجا قواطيع حائطية تضاهي الألواح الهيكلية المعزولة جودةً ومتانة.

تقول إيمان لشبكة SciDev.Net: ”سنويًّا، يقدر ناتج تقليم كل نخلة بنحو 20 جريدة على الأقل“، وتمتلك  مصر (حوالي 15 مليون نخلة)، ”لا يُستغل سوى 10% من جريدها فحسب، ويُحرق الباقي“.

لوح قاطوع الحائط الهيكلي، القائم وحده من دون تدعيم بأطر خشبية، ارتفاعه متران و40 سنتيمترًا، وعرضه متر و20 سنتيمترًا، وسُمكه 21 سنتيمترًا.

توضح إيمان: ”وجه اللوح مستوحى من الكرسي الذي يصنعه القفاص من الجريد، وجوانبه مثل جوانب أقفاص وأسِرّة الجريد، والمختلف فقط هو الأبعاد والتدعيمات الداخلية“.

استغرق إنتاج لوح القاطوع قرابة أسبوعين، وهو وقت طويل تعزوه الباحثة إلى كونه منتجًا جديدًا بالنسبة للقفاص، مؤكدةً أن الوقت سيقل في المرات المقبلة.

ولوح القاطوع الواحد أُنجز بتعشيق وجهين متراصين من الجريد الكثيف على هيكل مستطيل مدعم بعوارض من الجريد في الاتجاهات الثلاثة، مع إضافة أوجه جانبية ساندة وجانب علوي قوي من الجريد، لتعزيز متانة تحمل الحائط من الأعلى.

التحليل الذي أُجري على القاطوع الحائطي كشف عن أنه لا يقل في خواصه الميكانيكية عن حوائط أحد الألواح الشهيرة المتداولة في الأسواق، والمستخدمة في البناء والتشييد.

 تكشف نتائج التحليل المحوري أن ”الحائط لا يزال آمنًا عند 6.67 طن قوة/متر، وهو ما يزيد عن الحد الأدنى المسموح به لتحمُّل حوائط “SIP” والذي يقدر بحوالي 5.16 طن قوة/ متر“.

أما نتائج التحليل العرضي فأظهرت أن الحائط لا يزال آمنًا عند “1.73 طن قوة/ متر مربع”، و هو ما يزيد عن الحد الأدنى المسموح به لتحمُّل حوائط “SIP”، الذي يقدر بحوالي “0.62 طن قوة/ متر مربع”.

”هذه النتائج مرضية نسبيًّا نظرًا إلى أن الحائط في وضعه الحالي هو حائط هيكلي أجوف، ومن المتوقع أن يزيد تحمُّله إذا تم حشوه بمادة عازلة مضغوطة“، وفق إيمان.

وتعترف إيمان بأن النتائج، وإن كانت تعطي مؤشرات إيجابية، إلا أنها ليست كافية، والوضع المثالي في  إجراء تحليل معملي أكثر دقة؛ لتقييم الخواص الميكانيكية، وهو ما يحتاج إلى ستة حوائط على الأقل.

وما من مشكلة في إنتاج الحوائط الستة، ولكن عمل فريق من القفاصين يعكف عليها، يلزمه تمويل، وهذا غير متوافر.

والحوائط بوضعها الحالي يمكن استخدامها في بناء طابق واحد فقط، لكن عند جعلها بنفس مواصفات حوائط الألواح الهيكلية المعزولة، المصمتة [المكبوسة] المحشوة بعازل حراري مضغوط؛ المملوءة فراغاتها بمواد تشبه ’الفوم‘، تكون مناسبة لبناء ثلاثة طوابق، إذا كان المبنى بنفس مواصفات المباني التي تستخدم تلك الحوائط من حيث نوع السقف.

وعن التكلفة تقول إيمان: ”لا وجه للمقارنة؛ فحوائط الألواح الهيكلية المعزولة مصنوعة من أخشاب مستوردة لا تتوافر في بيئتنا المحلية، أما توفير الجريد فيكاد يكون دون مقابل، وسيكون الجانب الأكبر من تكلفة مدخلات الإنتاج متعلقًا بأجور الحرفيين“.

وإذا كان يروج لحوائط الألواح الهيكلية المعزولة على أنها عازلة للحرارة، بما يجعل استخدامها يوفر ما لا يقل عن 13% من استهلاك الطاقة سواء في التبريد والتدفئة، فإن خام جريد النخل الغني بألياف السليلوز الخشبي لن يقل فاعليةً عن تلك الحوائط في العزل الحراري بعد إضافة حشو عازل داخل الحائط الهيكلي، كما توضح إيمان.

من جانبه، يُثني محمد الميداني -الأستاذ المساعد في قسم هندسة المواد بالجامعة الألمانية بالقاهرة- على ما أثبتته الباحثة من إمكانية استغلال التراث التقني في إنتاج منتج له قيمة تسويقية كبيرة.

لكنه يؤكد في الوقت ذاته أنه لكي يتحول إلى منتج اقتصادي منافس، يحتاج أولًا إلى تجربة معملية وإنشائية تؤكد ذلك، كما يحتاج إلى دراسة جدوى، لكونه يعتمد على عمالة ماهرة ونادرة، وليست متوافرة بالقدر الكافي من أجل الإنتاج الكبير.

يقول الميداني لشبكة SciDev.Net: ”أميل إلى الجمع بين التراث والحداثة، بمعنى توفير تقنيات تساعد في عملية التعشيق التي يقوم بها القفاصون، وهذا من شأنه أن يجعل عملية الإنتاج أسهل وأسرع، ويمكن حينها تدريب عدد كبير من الحرفيين على هذا العمل، لتقديم منتج ينافس اقتصاديًّا“.

وتابع: ”لكن الاعتماد على القفاص التقليدي ربما يقصر تطبيق الفكرة على المجتمعات التي يوجد فيها هؤلاء الحرفيون، وهم قلة“.

رد إيمان على تعقيب الميداني، أنها منفتحة على كل الحلول، لكنها ترى أن أي تقنيات حديثة يمكن تدريب القفاصين أنفسهم عليها، وهذا من شأنه الحفاظ على تلك المهنة من الانقراض، ويخلق لها آفاقًا أوسع من مجرد إنتاج منتجات تقليدية.

وعلى أي حال، فإن خطوة إثبات المفهوم اتُّخذت، وفق إيمان، لكن إرساءه وترسيخه بالتحول إلى منتج اقتصادي منافس يلزمه خطوات أخرى تتلوها، تحتاج إلى دعم مادي.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا