Skip to content

11/04/22

س و ج مع زكريا كحيل حول بنك جينات الإيكاردا

3851515439_acd4eeeb06_k

نقاط للقراءة السريعة

  • ’إيكاردا‘ من أوائل المودعين في ’قبو يوم القيامة‘ أو ’سفينة نوح النباتات‘، وأوائل الساحبين منه
  • للمركز بنكا جينات، أحدهما في لبنان لكنوز البراري، والآخر بالمغرب لأصناف النبات المزروعة
  • أصناف النبات البرية هي ورقتنا الرابحة لحل المشكلات التي خلفتها التغيرات المناخية

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

بنوك البذور أو بنوك الموارد الجينية هي مخازن للبذور أو الأنسجة النباتية، تحفظ في درجة حرارة ورطوبة منخفضة للمساعدة على الحفاظ على التنوع الجيني، وتأتي محتوياتها أساسًا من مجموعة واسعة من السلالات البدائية وأنواع المحاصيل البرية.

وفي فبراير الماضي، تجدد ذكر قبو البذور العالمي، الذي لا يفتح إلا بضع مرات في العام الواحد، بعد الإعلان عن استقباله لثمانية آلاف عينة من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة ’إيكاردا‘.

استودع المركز وديعته ’الحفظ والصون‘ على متن ’سفينة نوح النباتات‘ أو داخل ’قبو يوم القيامة‘ كما يُطلق عليه؛ إذ يُنظر إليه على أنه المنجى والملاذ لإطعام البشرية بعد حدثٍ كارثي كبير.

القبو الذي تم إنشاؤه عام 2008، نائيًا بعيدًا، في إحدى جزر أرخبيل سفالبارد النرويجي بالقطب الشمالي، تتأكد أهميته يومًا بعد يوم؛ إذ تأتي الأحداث والنوازل كاشفات عن حاجة البشرية إلى أمثال هذا القبو.

ولولا أن نقل ’إيكاردا‘ مقره من مدينة حلب السورية إلى العاصمة اللبنانية بيروت في عام 2012، وإيداعه الكثير من كنوزه في القبو سابقًا، قبل اندلاع الحرب في سوريا، لكان القصف والدمار الذي حاق بالمقر قد أتى على مخزونه فائق القيمة.

وكان المركز أول مَن يسحب من القبو في عام 2015 لتعويض مجموعته الخاصة ببنك الجينات التي تضررت بسبب القصف.

كما نُفذت عمليتا سحب إضافيتان في عامي 2017 و2019، لإعادة بناء مجموعة البنك الخاصة التي يحتفظ بها في لبنان والمغرب.

حول أسباب الإيداع الأخير، والدور الذي يؤديه البنك في مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية، وكيف يمكن أن يكون البنك ضمانًا للأمن الغذائي، سألت شبكة SciDev.Net زكريا كحيل، رئيس فريق أبحاث الموارد الوراثية والحفظ والتوصيف والاستخدام بالمركز.

حدثنا في البداية عن الإيداع الأخير، الذي وصفته بعض وكالات الأنباء بأنه الأضخم.

دعني أُبدي إعجابًا باستخدامك لكلمة ’إيداع‘؛ لأنها بالفعل تصف ما يحدث، فقبو البذور العالمي بالنسبة لنا أشبه ببنك نودع فيه مقتنياتنا، حتى نتمكن من استردادها وقت الحاجة، وما حدث إبان الأزمة السورية أظهر قيمة الإيداع المستمر بالقبو، والذي ساعدنا على استعادة المجموعات التي فُقدت بسبب الحرب هناك، لذلك جاء الإيداع الأخير لثمانية آلاف عينة، ليؤكد استمرارنا في نهج الاعتماد على القبو العالمي.

ما هي أبرز العينات التي وُضعت؟

عينات متنوعة، بعضها أصناف برية وأخرى مزروعة من محاصيل القمح والشعير والبقوليات.

وما الفرق بين الأصناف البرية والمزروعة؟

هذا السؤال مناسبة لأوضح أمرًا قد يُغفله البعض، فمركز إيكاردا يملك بنكين للجينات، وليس بنكًا واحدًا، أحدهما في لبنان، وهو الخاص بالأقارب البرية للمحاصيل، وهي النباتات البرية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالنباتات المستأنسة، فالقمح والشعير والحمص نباتات مستأنسة، لها أقارب برية، تنتشر في منطقة ’الهلال الخصيب‘ التي تشمل سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، والعراق، ولذلك فإن بنك الجينات في لبنان مخصص لهذه النوعية بحكم اقترابه من مناطق وجودها.

أما البنك الآخر فهو الخاص بأصناف النباتات المزروعة، التي يتم جمعها كل عام من المزارعين حول العالم، وتُنقل إلى هذا البنك ومقره في المغرب، مصحوبةً بملف خاص بكل صنف، يحوي معلومات مثل مقاومته للملوحة والجفاف ومحتوياته من العناصر الغذائية، وغيرها.

وما الذي تستطيع تلك البنوك تقديمه لحل مشكلة القمح السوري حاليًّا؟ إذ يعزو بعض الخبراء تراجُع إنتاجيته مقارنة بسنوات ما قبل الحرب إلى الجفاف وقلة هطول الأمطار وعدم توافُر بذور محسنة.

بنك الجينات لايملك عصا سحرية لحل المشكلة، هو يملك الأصناف التي تحمل مقومات علاج المشكلة، ولكن هذه الأصناف لا بد أن يتم العمل عليها من قِبل الباحثين لإنتاج البذور المحسَّنة للزراعة، وبحكم القانون الدولي نحن منفتحون على التعاون مع أي دولة أو جهة أو حتى شخص عادي يطلب إمداده بتلك الأصناف.

وما أكثرُ الطلبات التي يتلقاها بنكا الجينات التابعان لمركز إيكاردا؟

أكثر الطلبات التي نتلقاها تكون لأصناف تقاوم الأمراض، ثم أصناف مقاوِمة للحشرات، ثم أصناف تقاوم بعض تداعيات التغير المناخي مثل الجفاف.

ومؤخرًا بدأنا نتلقى طلبات تتعلق بعناصر غذائية معينة في المحصول، كأن يقول مقدم الطلب مثلًا إنه يبحث عن محصول غني بعنصر الزنك أو البروتين؛ لأن هناك أصنافًا تكون غير مربحة للمزارع بسبب قلة إنتاجيتها، لكنها متميزة في عناصرها الغذائية، وبعض الجهات تبحث عن الجودة أكثر من الكم.

وهل توجد أصناف تجمع بين الكم والكيف؟

كل صنف يكون له ملف خاص به، يتضمن معلومات عن إنتاجيته وخصائصه الغذائية ومدى قدرته على تحمُّل الجفاف والملوحة وغيرها من البيانات، ويبحث المنتجون عن الصنف الذي يعالج مشكلةً توجد لديه، ومن خلال عمليات إنتاج البذور المحسنة، يتم إنتاج أصناف تسعى للجمع بين أكثر من صفة جيدة.

أتصور أن بنك الجينات في لبنان هو المعنيُّ بدرجة أكبر بمواجهة تداعيات التغيرات المناخية؛ لكونه يضم الأصناف البرية التي نمت في ظروف مقاوِمة للجفاف والملوحة وغيرها من عناصر الإجهاد.

بالضبط، فهذه الأصناف البرية هي الورقة الرابحة التي نملكها في محاولة البحث عن حلول للمشكلات التي خلَّفتها التغيرات المناخية، والتي صارت واقعًا نعيشه ونتعايش معه، ولا يمكن لأحد أن ينكره، والهاجس الأساسي الآن لكل مراكز الأبحاث، لا إيكاردا فحسب، هو البحث باستمرار عن الأصناف البرية.

وأحب هنا أن أشير إلى أن التغيرات المناخية ليست فقط جفافًا وحرارة، بل إن التغيرات المناخية جلبت أمراضًا وحشرات أصبحت تهدد الأمن الغذائي.

من المؤكد أن في جعبتكم عشرات القصص الناجحة التي ساعدت خلالها مواردكم في بنك الجينات على حل مشكلات من هذا النوع.

بعض مَن يستعينون بمواردنا يكون حريصًا على التواصل معنا بنتيجة ما حصل عليه بعد استخدام الأصناف المسجلة في بنك الجينات، والبعض الآخر لا يهتم، لذلك فإن القصص التي نعلم تفاصيلها هي تلك التي تتعلق بمَن اهتموا بإبلاغنا أو مَن عملنا معهم.

وما أبرز تلك القصص؟

لدينا قصة تتعلق بنجاح مواردنا ببنك الجينات في مقاومة إحدى آفات الحبوب الرئيسية، والتي تسمى آفة السونة، ويُعتقد أن هذه الحشرة المدمرة، المنتشرة في وسط وغرب آسيا وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية، تصيب سنويًّا 15 مليون هكتار من القمح في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يتسبب ضغط الإصابة المرتفع بهذه الآفة في فشل المحاصيل، ولكن حتى الضغط المنخفض يمكن أن يفسد جودة الدقيق؛ لأن الآفة تضخ مواد كيميائية في الحبوب.

وخلال 10 سنوات من العمل المتواصل نجحنا في حل تلك المشكلة جزئيًّا بنسبة 40% باستخدام أصناف مقاوِمة لهذه الآفة عُثر عليها في أفغانستان وأرمينيا.

كما أن لدينا أيضًا قصة نجاح في المغرب، حيث نجحنا في استخدام موارد بنك الجينات لحل مشكلة ذبابة هس، التي تصيب محاصيل القمح والشعير والشوفان والشيلم بالتلف والضرر، وتتأثر كثيرًا بتلك الآفة إنتاجية القمح الصلب أو ما يُعرف بقمح المعكرونة، وهو محصول رئيسي في شمال أفريقيا.

وللسيطرة على هذه الذبابة يتعين استخدام أصناف قمح مقاوِمة تحمل جينات مقاومة محددة، غير أن جينات مقاومة القمح لذبابة هس تتأثر بدرجة الحرارة، وهي المشكلة التي نجحت موارد بنك الجينات الخاص بمركز إيكاردا في حلها، وجرت التوصية بأصناف أكثر تكيفًا مع درجات الحرارة المرتفعة يمكن للمزارعين استخدامها.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا