Skip to content

25/11/18

’البصمة الوراثية‘.. خلاف بلا حسم في مؤتمر التنوع البيولوجي

COP 14
حقوق الصورة:SciDev.Net/ Hazem Badr

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

بعد أن غزت الذُّرة الأمريكية المعدلة وراثيًّا العالمَ في السبعينيات لإنتاجيتها العالية، تعرضت لانتكاسة قضت عليها تمامًا؛ إذ هددها أحد أنواع الفطريات التي لم تكن تقترب من الذرة، ليكتشفوا أنهم في أثناء التعديل الوراثي دمروا الجين المسؤول عن مقاومة هذا الفطر، وعندها بدأت أمريكا تبحث عن منتجات الذرة التقليدية في البلدان الأخرى لاستعادة هذا الجين.
 
 أدركت أمريكا منذ ذلك الوقت أهمية الاحتفاظ بهذه الجينات في بنوك الجينات الوطنية لديها، ولكن بقي السؤال: ما الذي استفادته الدول التي منحتها هذا الحل؟ الأمر الذي استدعى التفكير في ضرورة وجود اتفاقية للتنوع البيولوجي تحمي حقوق الدول الفقيرة.
 
ورغم وجود اتفاقية للتنوع البيولوجي أُقرت في عام 1992، وما تلاها من بروتوكول ينظم تَقاسُم المنافع الخاصة بالموارد الوراثية في عام 2010، معروف باسم ’بروتوكول ناغويا‘، إلا أن حمد الله زيدان، رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، المنعقد خلال الفترة من 17 إلى 29 نوفمبر الجاري بمدينة شرم الشيخ، يرى أن الأمر لا يزال غيرَ كافٍ؛ إذ إن كلمة الموارد الوراثية ’عائمة‘، ولا توفر الحماية الكافية.
 
ونقطة الخلاف الدائرة في أروقة المؤتمر –حاليًّا– بين الدول النامية والمتقدمة حول رغبة الأولى في إقرار مواد تتعلق بالبصمة الوراثية، للتخلُّص من عمومية كلمة الموارد الوراثية، في حين تتمسك الدول المتقدمة بكلمة الموارد الوراثية، التي تمنح شركاتها الفرصة لاستغلال التنوُّع البيولوجي في الدول الفقيرة دون أن تتحمل أي أعباء أو التزامات تجاه تلك الدول.
 
وتستطيع الدول المتقدمة –مثلًا- في ظل وجود كلمة ’موارد وراثية‘، ادعاء أن النبات الذي استخدمته إحدى شركاتها لإنتاج دواء من الأدوية ليس ملكًا للدولة التي تدَّعي ملكيتها له، وأنه يخص دولةً أخرى، ولكن مع وجود نص يتضمن كلمة ’البصمة الوراثية‘ ينتفي هذا الادعاء؛ إذ إنها تحدد –وبدقة- المكان الذي أُخذ منه النبات، فالأمر حينها أشبه بالبصمة الوراثية الخاصة بالبشر، التي لا يمكن أن تتطابق في شخصين.
 
وبخلاف المثال الأمريكي الذي يتردد في أروقة المؤتمر، فثمة أمثلة أخرى كثيرة، ذكرها زيدان في تصريح خاص لشبكة SciDev.Net، وقال إنها تمثل تاريخًا من الاستغلال لموارد الدول النامية ومعارفها التقليدية، بما يجعل هناك ضرورة للتخلُّص من المفرادات العائمة.
 
يذكر حمدان على سبيل المثال أن دواء الملاريا الشهير ’الكينين‘ كان أساسه قصة وقعت أحداثها في بيرو، حيث نما إلى علم منتجي هذا الدواء أن هناك بحيرةً يقصدها أهل بيرو المصابون بالملاريا، ليشربوا من مائها، ومن ثم يُشفوا من المرض، وأُطلقَ عليها ’البحيرة المقدسة‘، ومع دراسة الأمر وجدوا أن ماء البحيرة يتشبع بمادة توجد في أوراق شجرة تنبت على جسرها، وقادتهم الأبحاث إلى أن السر يكمن في تلك المادة، وكانت هي ’الكينين‘.
 
وتكرر الأمر ذاته في مدغشقر، التي أعطت للعالم المادة التي تُستخدم في علاج اللوكيميا عند الأطفال، والتي اكتُشفت أيضًا من حكايات الأهالي حول فاعلية أوراق شجرة تُستخرج منها تلك المادة في العلاج.
 
وتضع الدول النامية هذا التاريخ في الحسبان وهي تطالب بحقوقها في ضرورة الاعتراف بمصطلح ’البصمة الوراثية‘، غير أن الأمر ليس سهلًا، ويجد مقاومة كبيرة جدًّا، كما يؤكد خالد البديوي، الباحث السوداني في الجمعية السودانية لحماية البيئة.
 
يقول البديوي لشبكة SciDev.Net: ”الأمر على ما يبدو لن يكون سهلًا، وسيكون من الصعب على الدول النامية حرمان الغرب من الدجاجة التي تبيض لهم ذهبا“.
 
ويتفق مع هذا الرأي الباحث البيئي المصري عبد المنعم إسماعيل، عضو جمعية سانت كاترين للنباتات الطبية، الذي أضاف للأمثلة التي ذكرها زيدان مثالًا مصريًّا، يقول للشبكة: ”الأصول الوراثية الخاصة بالملوخية المصرية دخلت إلى اليابان، ولم تعد نباتًا مصريًّا، كما هو معروف عنها“.
 
وتدرك الدول النامية المشاركة في المؤتمر هذا التحدي، وستعمل على إقرار بند يتعلق بالنظر في هذه القضية في الاجتماعات المقبلة. يقول زيدان: ”أن نترك القضية معلقة غير محسومة، أفضل من أن نغلقها إلى الأبد، على الأقل إذا نجحنا في ذلك ستكون لدينا فرصة للتفاوض في الاجتماعات المقبلة“.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقعSciDev.Net  بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا