Skip to content

07/07/13

كيف يمكن لتكنولوجيا النانو تلبية احتياجات الفقراء من المياه

أرسل إلى صديق

المعلومات التي تقدمها على هذه الصفحة لن تُستخدم لإرسال بريد إلكتروني غير مرغوب فيه، ولن تُباع لطرف ثالث. طالع سياسة الخصوصية.

عندما صاغ الخبير الاقتصادي فريتز شوماخر عبارة "الصغير جميل" منذ أكثر من ثلاثة عقود، كان يأمل تعزيزَ "التقنيات الوسيطة" التي تركّز على التقنيات والمعارف والمواد المحلية، بدلا من الحلول عالية التقنية للمشكلات التي تواجه فقراء العالم.

لكن في الآونة الأخيرة، اتخذت عبارته معنى مختلفًا، عندما طور العلماء والمهندسين تكنولوجيا النانو -وهي عمليات للتحكم في المادة على المستوى الذري أو الجزيئي- وأثبتت أن هذا المجال، أيضا، يمكنه تعزيز التنمية المستدامة.

ولن تجد وعدًا أقوى مما تحمله تكنولوجيا النانو في مجال معالجة المياه. إن تقنيات الترشيح النانوية والجسيمات النانوية يمكنها القضاء على الملوثات الموجودة في المياه أو تقليلها، وقد تسدي عونا لتحقيق أحد الأهداف الإنمائية للألفية، أي جعل عدد الذين لا بلاغ لهم لمياه شرب آمنة ينخفض إلى النصف بحلول عام2015 .

التحديات كثيرة، ولا تقتصر على الجوانب الفنية. بعضها يتعلق بالصحة والسلامة، وبالحاجة إلى قواعد وقوانين منظِّمة ملائمة للدفاع عن كليهما. والبعض يتعلق بالاعتبارات السياسية أكثر، مثل الحاجة إلى تسهيل الوصول إلى التقنيات الأساسية، وجعل التحكم فيها يكون من قِبل المجتمعات المحلية شديدة الاحتياج إليها. ومثل أية تكنولوجيا جديدة، فإن تقبّل المجتمع يعد أمرًا ضروريًّا إذا أردنا لتكنولوجيا النانو أن تعمل بفاعلية في القرى بجميع أنحاء العالم النامي، حيث تكون مشكلات المياه أشد حدة غالبا.

لكن ثمة دواعٍ كثيرة للتفاؤل؛ إذ بمقدورنا التغلب على تلك التحديات، ولو فعلنا، يمكن لتكنولوجيا النانو أن تقوم بدور رائد في صياغة نموذج جديد لتطبيق التكنولوجيا الحديثة لتلبية الاحتياجات التنموية. تُظهر التطبيقات الحالية لتكنولوجيا النانو كيف يمكن الدمج بنجاح بين العلوم والتقنيات الحديثة مع الحرص على صحة الإنسان والبيئة من ناحية، والالتزام بإشراك المجتمع المحلي في عملية الابتكار التكنولوجي من الناحية الأخرى.

وتبين أيضا ما يمكن تحقيقه عندما يعمل الباحثون -والشركات- ليس فقط لنقل منتجاتها من مختبرات البلدان المتقدمة إلى البيئات المحلية في العالم النامي فحسب، ولكن أيضا بالتعاون مع أصحاب المصلحة في بلدان العالم النامي أنفسهم.

تطبيقات تكنولوجيا النانو

هذا الأسبوع، ننشر مجموعة من المقالات لاستكشاف هذه الجوانب من تطبيقات تكنولوجيا النانو المعنية بالمياه النقية.

تعطينا مقالة تمهيدية لمحة عامة عن القضايا الرئيسية، وتلخّص العقبات التي يواجهها العالم لتأمين المياه النقية للفقراء، وكيف يمكن أن تساعد تكنولوجيا النانو، بما في ذلك استعراض للمبادرات الرئيسية الجارية (انظر: 'تكنولوجيا النانو للمياه النقية.. حقائق وأرقام').

ثم نسلط الأضواء على تطوير الإسفنج النانوي الذي يمتص الماء ويحتجز الشوائب، كمثال على الكيفية التي يمكن بها لتكنولوجيا النانو حل مشكلات تنقية المياه في بلدان مثل جنوب أفريقيا- إذا أمكن التغلب على صعوبات الفحص والتسويق التجاري (انظر: 'الإسفنج النانوي.. آمال كبرى بجنوب أفريقيا لمياه نقية').

أما أشوك رايشور، من معهد العلوم الهندي في مدينة بانجالور، فيذكرنا بالتحديات المقبلة، ويسوق حججا بأن مفتاح حلّها يكمن في هندسة منتج صالح للاستخدام. لكن غالبًا ما يكون القول أسهل من الفعل، فالقفزة إلى التطبيقات التجارية لا تزال هدفا بعيد المنال بالنسبة لمعظم البلدان النامية (انظر: 'معالجة المياه نانويا تحتاج هندسية مبتكرة').

ماليني بالاكريشنان ونيدهي سريفاستافا -من معهد الطاقة والموارد في الهند- تتناولان المخاطر البشرية والبيئية المحتملة، وتحاجَّان بأنه رغم أهمية هذه المخاطر، فإن القوانين المنظِّمة لاستخدام تكنولوجيا النانو من أجل مياه نقية يجب أن تكون من خلال قوانين الصحة والسلامة الحالية، لا بسن تشريعات جديدة (انظر: 'تكنولوجيا النانو لمياه نقية.. تكنولوجيا جديدة، وقواعد جديدة؟').

أما الباحثان البرازيليان، باولو سيرجيو دي باولا هيرمان الابن، وخوسيه أنطونيو بروم، فيوضحان كيف يسهم التعاون بين بلدان الجنوب في بحث تكنولوجيا النانو وتطويرها بمجال معالجة المياه، من خلال وصف برنامج مشترك بين الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا (انظر: 'العالم النامي يطرح تكنولوجيا النانو للحصول على مياه نقية').

ومن جانبه، يوضح محمد م. عبد المطلب -رئيس الشركة الاستشارية SabryCorp لتكنولوجيا النانو في مصر- كيف أن التعاون بين البحث والأعمال التجارية يمكنه المساعدة في تسخير تكنولوجيا النانو للحصول على مياه نقية، مجادلا بأن تكنولوجيا النانو تزود كلا من الشركات الكبرى والصغرى في العالم النامي بفرصة للابتكار والنمو، ومن ثم "اللحاق بركب" البلدان الصناعية (انظر: 'يمكن لتكنولوجيا النانو في مجال المياه مساعدة الشركات التجارية على الابتكار والنمو').

وأخيرا، فإن ثمبيلا هيلي ومبوتي هلوفي من جنوب أفريقيا تؤكدان أهمية بناء شراكات قوية بين العلماء القائمين على ابتكار الحلول التقنية وبين المجتمعات المحلية التي تستخدمها، مع تسليط الضوء على بعض الأمثلة اللافتة لباحثين في تكنولوجيا النانو، وكيف جعلوها وثيقة الصلة بالاحتياجات المحلية في بلدانهم (انظر: 'ملكية المجتمع هي مفتاح نجاح مشروعات المياه بتكنولوجيا النانو').
 
خطوة نانوية، تليها أخرى

عندما بدأ العلماء للمرة الأولى في ترويج تكنولوجيا النانو من أجل التنمية، أصدرت الجماعات البيئية المختلفة تحذيرات متشائمة، مفادها أنه ما لم تُعالج بعناية، فإن المخاطر البيئية والصحية المحتملة يمكن أن تخلق لدى الجمهور نفس ردة الفعل العنيفة التي أحدثتها المحاصيل المعدلة وراثيا.

ولحسن الحظ، لم يتحقق رد الفعل هذا، وفشل حتى الآن. ربما كان هذا لسبب واحد، وهو أنه لا توجد شركات كبرى متعددة الجنسيات يمكن دمغها بوصفها تمثل "الأشرار". لكن مما لا شك فيه، أن تحذيرات المنتقدين جعلت الحكومات في جميع أنحاء العالم تُدرك ضرورة الترحيب بهذه التكنولوجيا الجديدة بصورة حذرة، ودافئة في الوقت نفسه.

وكما توضح المقالات التي سلطنا عليها الضوء، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تكتنف استخدام تكنولوجيا النانو بشكل فعال لتحسين إمدادات المياه. ولكن إذا كانت التحديات كبيرة، فكذلك ستكون المكاسب التي سنجنيها من خلال التصدي لها بنجاح.

قبل بضع سنوات، قامت المنظمة التي أسسها شوماخر، وهي مجموعة التكنولوجيا الوسيطة للتنمية، بتغيير اسمها إلى Practical Action أو 'الإجراءات العملية'، مما يشير إلى رغبة جديدة في الدمج بين التكنولوجيا الحديثة والممارسات التقليدية. ومن خلال القيام بذلك، فقد أتاحت لتكنولوجيا النانو -رغم أن أصولها تعود للمختبرات البحثية في العالم المتقدم- احتلال موقع الصدارة على أجندات نشطاء مبدأ 'الصغير جميل'.

ديفيد ديكسون مدير  SciDev.Net